نقلا من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة
استئجار المرأة للزنا
الحنفية- قالوا: إذا استأجر الرجل امرأة للزنا - قبلت، ووطئها، فلا يقام الحد عليهما ويعزران بما يرى الإمام، وعليهما إثم الزنا يوم القيامة. لما روي أن امرأة طلبت من راعي غنم في الصحراء أن يسقيها، لبناً - فأبى أن يعطيها اللبن حتى تمكنه من نفسها، ونظراً لضرورتها وحاجتها إلى الطعام قبلت المرأة.. ووطئها الراعي - ثم رفع الأمر إلى سيدنا عمر بن الخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فدرأ الحد عنهما وقال: ذلك مهرها، وعد هذا استئجار لها. ولأن الإجارة تمليك المنافع، فأوردت شبهة عندهما. ولأن اللَّه تبارك وتعلى قد سمى المهر أجراً في كتابه العزيز فقال تعالى: {فأوتوهن أجورهن فريضة} فهو كمن قَالَ: أمهرك كذا فهو نكاح فاسد.
وسواء كان المؤجر لها، وليها، أم سيدها، حرة كانت، أو أمة، إذا لم تكن في عصمة رجل.
ولأن عقد الإجارة عنده شبهة تدرأ الحد عنه، مع أنه يحرم الإقدام على ذلك.
الصاحبان قالا: يجب إقامة الحد عليهما. لأن منافع البضع لا تملك بالإجارة فأصبح وجود الإجازة، وعدمها سواء، فلا تعد شبهة تدرأ الحد عنهما. وصار الرجل كأنه وطأها، من غير شرط، وذلك الرأي هو الراجح المعمول به في المذاهب.
المالكية، والشافعية، والحنابلة- قالوا: يقام الحد عليهما، ولا يصير الاستئجار شبهة تدرأ الحد عنهما، لأن حد الإجارة لا يستباح به الفرج شرعاً، وعرفاً، فصار كما لو استأجرها، للطبخ ونحوه من الأعمال، ثم زنا بها، فإنه يقام عليه الحد في هذه الحال. من غير خلاف من أحد من العلماء.
( يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة )
ثم وصف تعالى ذكره نفسه بأنه المتوحد بخلق جميع الأنام من شخص واحد ، معرفا عباده كيف كان مبتدأ إنشائه ذلك من النفس الواحدة ، ومنبههم بذلك على أن جميعهم بنو رجل واحد وأم واحدة وأن بعضهم من بعض ، وأن حق بعضهم على بعض واجب وجوب حق الأخ على أخيه ، لاجتماعهم في النسب إلى أب واحد وأم واحدة وأن الذي يلزمهم من رعاية بعضهم حق بعض ، وإن بعد التلاقي في النسب إلى الأب الجامع بينهم ، مثل الذي يلزمهم من ذلك في النسب الأدنى وعاطفا بذلك بعضهم على بعض ، ليتناصفوا ولا يتظالموا ، وليبذل القوي من نفسه للضعيف حقه بالمعروف على ما ألزمه الله له (تفسير الطبرى)
المفضلات