
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبيده
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ...
يا أبا أنس , عندنا الأتي :
1- مرتد ضمر في نفسه الردة عن الإسلام ولم يصرح بذلك , فهذا لا يقام عليه الحد , لأننا لا نعلم أنه مرتد أصلاً إذ لم يصرح بذلك لأحد . ونحن لنا الظاهر ولم نؤمر بشق القلوب لمعرفة النوايا , ولذلك قلتُ : ( فلو أن هذا المرتد قصر خروجه على نيته ولم يصرح به , فلا حرج عليه, فالإسلام لا يحارب الناس على نياتهم ) .
2- مرتد صرح أنه ارتد عن دين الله بسبب شبهة معينةأو هوى في نفسه أو من أجل غرض معين , فهذا مرتد فتقام عليه الحجة وتُكشف شبهته على النحو الذي ذكرناه , فإن أبى يقام عليه الحد , ولذلك قلت في تتمة الكلام : ( أما إذا صرح وأراد زعزعة الدولة , فتصريحه محاربة للدولة والمجتمع , ولا بد من اقتلاع هذه البذرة الفاسدة من المجتمع ) .
3- مرتد صرح أنه ارتد عن دين الله , ولم يكتف بهذا , بل حارب الإسلام وطعن في مصادره الأصيلة , ولربما حارب الإسلام فقتل وشرد المسلمين , فهذا يقام عليه الحد من باب أولى .
أصحاب الحرية الفكرية العوجاء يزعمون أن الحكم يقام على المرتد المحارب , وهذا خطأ , الحكم يقام على المرتد المصرح لردته , حتى ولو لم يحارب الإسلام , لأن تصريحه محاربة للإسلام كما بينا في المقال الأصلي , وكذا يقام على المرتد المحارب من باب أولى , وليس في ذلك قتلاً للحرية الفكرية , بل لا نعرف أمة تركت أفرادها يسلبوا الأمن من دولتها باسم الحرية الفكرية , الحرية الفكرية شيء , والحفاظ على أمن وإستقرار الدين في نفوس الرعايا شيء أخر , فليراجع المقال الأصلي رجاء .
أما بخصوص الأية : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ }البقرة178 .
فهذا في القصاص , أي قتل القاتل , وليس في الحدود !! والفارق بينهما كالفارق بين التبر والتراب , والطباشير والجبن !!
فمعنى الأية كما ذكر المفسرون بالإجماع : يا أيها الذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه فرض الله عليكم أن تقتصوا من القاتل عمدا بقتله, بشرط المساواة والمماثلة: يُقتل الحر بمثله, والعبد بمثله, والأنثى بمثلها. فمن سامحه ولي المقتول بالعفو عن الاقتصاص منه والاكتفاء بأخذ الدية -وهي قدر مالي محدد يدفعه الجاني مقابل العفو عنه- فليلتزم الطرفان بحسن الخلق, فيطالب الولي بالدية من غير عنف, ويدفع القاتل إليه حقه بإحسان, مِن غير تأخير ولا نقص. ذلك العفو مع أخذ الدية تخفيف من ربكم ورحمة بكم; لما فيه من التسهيل والانتفاع , فمَن قتل القاتل بعد العفو عنه وأَخْذِ الدية فله عذاب أليم بقتله قصاصًا في الدنيا, أو بالنار في الآخرة.
هذا معنى الأية , وهى كما ذكرت عن القصاص في القتل , أما أن تستدل بقوله تعالى : ( فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ ) بترك المرتد , فهذا ما يضرب المرء كفًا بكف لتصوره , إذ لا علاقة بين الردة والآية , فما هو الذي عفى له من أخيه في موضوع الردة ؟!!
أنا أهيب بك أن تعبث في كتاب الله , فالقرآن لا يرحم من يعبث فيه !
المفضلات