

-
مشاركة: مواجهة الشر المستطير حول مسألة رضاع الكبير
وأما ما ذهب إليه ابن حزم من جواز مس الأجنبي ثدي الأجنبية ، وإلتقام ثديها ، إذا أراد أن يرتضع منها مطلقا استدلالا بقصة سالم فهو رأي شاذ منبثق من الخصوصية الظاهرية لمذهب ابن حزم التي كثيرا ما تتعارض مع مقاصد الشريعة واجتهاد جمهور العلماء ، وهو هنا اعتمد على ما ظنه حقيقة لغوية في معنى الرضاع فشرط أن يكون بالتقام الثدي ، لكن الحقائق اللغوية تطيش أمام الحقائق الشرعية ، وقد أضحى معلوما لكل من له صلة بالدراسات الإسلامية أن الحقيقة الشرعية مقدمة على اللغوية لأنها اصطلاح كما مر التنويه عن ذلك عما قريب. وعليه فلست على ابن حزم بجانٍ حيث حكمت عليه بأن التكلف قد بلغ به مداه حين قال ( في المحلى10 / 23 ):
وقال بعض من لا يخاف الله تعالى فيما يطلق به لسانه: كيف يحل للكبير أن يرضع ثدى امرأة أجنبية ؟ ثم أجاب بقوله: هذا اعتراض مجرد على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أمر بذلك أ.هـ فهذا تكلف من ابن حزم لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرشد إلى إرضاع ولم يأمر بأن يكون ذلك بمباشرة الثدي فأين الاعتراض إذن إلا ما كان في ذهن ابن حزم من تصور الإرضاع وأنه لا يكون إلا بالمباشرة؟
ومن ثم كان ابن قتيبة أكثر احتراسا ووعيا بمقصود الشارع وإدراكا لما عليه مجتمع الصحابة من صبغة دينية وإباء عربي حين قال: قال – صلى الله عليه وسلم - لها: " أرضعيه " ولم يرد ضعي ثديك في فيه كما يفعل بالأطفال ، ولكن أراد احلبي له من لبنك شيئا ثم ادفعيه إليه ليشربه ... لأنه لا يحل لسالم أن ينظر إلى ثدييها إلى أن يقع الرضاع ، فكيف يبيح له ما لا يحل له وما لا يؤمن معه من الشهوة ؟!!!!!
4- أيضا القول بأن سالما قد ارتضع ثديها مباشرة لا يساعده ما جاء في الرواية نفسها من امتعاض أبي حذيفة من دخول سالم بيته فقد قالت سهلة: " يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَرَى فِي وَجْهِ أَبِي حُذَيْفَةَ مِنْ دُخُولِ سَالِمٍ وَهُوَ حَلِيفُهُ " فكيف يمتعض لمجرد دخوله البيت ثم هو يرضى أن يكشف عن عورتها ؟
فإن قيل: كان هذا لازما لحصول الإرضاع الذي يسوغ معه لسالم أن يدخل البيت دون حرج قلنا: إن حصول الإرضاع لا يتوقف على مباشرة الثدي بل على حصول اللبن في المعدة بأي وسيلة سوى التقام الثدي ، لأنها عليه حرام قبل أن يحصل الرضاع بالفعل.
5- أيضا القول بهذا كان يستلزم أن تستنكر سهلة تكشفها أمام سالم لكنها لم تسأل عن هذا بل استغربت نفس الإرضاع حالة كونه كبيرًا فقالت " وَكَيْفَ أُرْضِعُهُ وَهُوَ رَجُلٌ كَبِيرٌ " لأنها تعي جيدا أن الإرضاع ملابس لحال الصغر وهو المعتد به شرعا والأحاديث التي تقيده بما كان في الحولين أو المجاعة أشهر من أن نعمد هنا إلى جمعها وسردها.
6- كذلك سالم نفسه لِمَ لَمْ يستغرب أمر ملامسته جسد أجنبية وفيما لا يظهر للأجانب عادة ، ومن سالم هذا ؟ إنه من أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يأخذوا عنه القرآن حين قال: " خذوا القرآن من أربعة من بن أم عبد فبدأ به ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب وسالم مولى أبي حذيفة" صحيح مسلم حديث رقم 2464 ، وهو الذي كان يؤم المهاجرين الأولين بمسجد قباء لأنه كان أكثرهم قرآنا وغير ذلك من مآثره الكثيرة الكثيرة ، إضافة إلى ما هو معلوم عن الصحابة رضي الله عنهم من الحيطة والحذر حتى إنهم كانوا يبادرون بالسؤال عن الحلال والحرام ويستعجلون التشريع فيما يرتابون منه كما حدث في قصة تحريم الخمر حيث قال عمر وبعض الصحابة: اللهم بيِّن لنا في الخمر بينا شافيا، في قصة معلومة التفاصيل إلى أن نزل أمر تحريمها فقال الصحابة: انتهينا.
والشاهد أنهم لم يكونوا رضي الله عنهم يستمرئون المعاصي ويتلمسون لها الرخص كما نفعل نحن في أيامنا هذه بل كانوا يسألون ويستفسرون وآيات " يسألونك عن " في القرآن الكريم شاهدة على ذلك ، وكذلك الأخبار شهدت على اهتمام الصحابة بالاستفهام عن حكم الله فيما يلم بهم أكثر من أن تحصى ، وأعصى من أن تستقصى. فكيف يسوغ مع ذلك القول بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أبطال قصة الرضاعة ومجتمع الصحابة قد قبلوا هذه الفكرة التي يروج لها المشتبهون ؟
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة مجاهد في الله في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 63
آخر مشاركة: 13-08-2015, 11:48 PM
-
بواسطة واثق بالله في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 24-09-2014, 05:18 PM
-
بواسطة faridabdin في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 27-12-2006, 09:45 AM
-
بواسطة محمد مصطفى في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 24-12-2005, 03:37 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات