

-
اختلف الرأي في أمر يوحنا الدمشقي و إن لم يختلف في أنه أكبر علماء اللاهوت في الكنيسة الأرثوذكسية (680/749) و أنه حاول إيقاف الدعوة الإسلامية فألف رسالتين على شكل محاورة بين مسيحي و مسلم في شأن ألوهية المسيح و حرية الإرادة الإنسانية الغرض منها تبرير النصرانية و الاستناد إلى أفكارها في مواجهة مفهوم التوحيد و قد طعن في عقيدة المسلمين و ألف الكتب في الرد عليهم و جادل علماءهم في أمور كثيرة ، و كان قد برع في المنطق و الفلسفة اليونانية و اتخذ من هذا المنطق سلاحا يدافع به عن الكنيسة ، وقد فلسف المعارف الإغريقية الوثنية و أخضعها لمفاهيم المسيحية ،و جادل المسلمين عن طبيعة المسيح ووضع للمسيحيين خطة للبحث و المناظرة استهلها بقوله : إذا سألك العربي ماذا تقول في المسيح فقل إنه كلمة الله ، ثم ليسأل النصراني المسلم بعد ذلك ، بم سمي المسيح في القرآن و ليرفض أن يتكلم بشيء حتى يجد المسلم فإنه سيطر إلى أن يقول : كلمة الله ألقاها إلى مريم وروح منه ، فإن أجاب بذلك فاسأله هل كلمة الله و روحه مخلوقة أم غير مخلوقة فإن قال مخلوقة فليرد عليه بأن الله إذا كان ولم يكن له كلمة و لا روح فإن قلت لك فسيفحم العربي لأن من يرى هذا الرأي زنديق في نظر المسلمين .
و قد استدرج يوحنا المسلمين إلى خلق الأفعال و خلق القرآن و مشكلة صفات الله و أضرابها ، وهي مسائل لم يكن المسلمون يخوضون فيها ، وكان المسلمون يتباحثون في صفات الله أهي قديمة أزلية أم حادثة ، و من جملة ذلك كلام الله و المعروف أن جعد بن أدهم الذي قتله خالد بن عبد الله العشري من القائلين بخلق القرآن ، وكان من زملائه غيلان الدمشقي و معبد الجهني .
و من فتنة يوحنا الدمشقي ظهرت هذه الفئة الباغية التي وصفها المستشرقون و الغربيون و الشعوبيون العرب بأنهم أحرار الفكر و هو القائلون بالجبرية و الخارجون عن مفهوم التوحيد الخالص.
يقول الأوزاعي : إن أول من نطق بالقدر رجل من أهل العراق يقال له سوسن كان نصرانيا فأسلم ثم تنصر فأخذ عنه معبد الجهني و أخذ غيلان عن معبد ، ويكشف صاحب سرح العيون عن اسم ثالث هو طالوت بن أعظم اليهودي الذي أخذ عنه الجعد بن درهم و أبان بن سمعان القول بخلق القرآن و الواقع أن معبدا و غيلان و الجعد لم يبتكروا هذا القول بالقدر و تعطيل الصفات وخلق القرآن من عندهم و لكنهم تأثروا في هذه الأقوال بكتابات يوحنا الدمشقي و الصابئة الحرانين و المانوية .
و قد قدم الشعوبيون غيلان الدمشقي على أنه من الثوار المسلمين و أنه المسيح المعتزلي الذي صلب في حكم الأمويين و قالوا إنه دفع حياته ثمنا لموقفه من خلافة هشام بن عبد الملك وقيل إنه مؤسس المدرسة القدرية التي انطلقت منها المعتزلة . و قيل إن الخليفة عمر بن عبد العزيز وكل إليه رد المظالم و الأموال التي اغتصبها الأمويون و حقيقة الأمر أن غيلان الدمشقي لم يقتل إلا بتهمة واضحة صريحة هي خيانة الدولة الإسلامية و أنه اتخذ الكلام في القدر وسيلة إلى تزييف مفهوم العقيدة الإسلامية كمدخل إلى إسقاط الدولة الإسلامية .
و كذلك فقد استشهد يوحنا الدمشقي في الفصول التي كتبها عن المسيحية التي كانت تحتضر في سورية ومصر وفلسطين بآيات ن القرآن وكثير من الأحاديث لإثبات وجهة نظره ولمناقشة المسلمين بسلاح المنطق اليوناني .
و يؤكد المستشرقون أن يوحنا بكتاباته قد أثار مشاكل خطيرة منها خلق الأفعال و خلق القرآن وصفات الله استدرج المسلمين إلى أمور لم يكونوا يخوضون فيها .
و المعروف أن نظرية القدر دخلت عن طريق النصرانية وحدها إلى الإسلام بدليل ظهور هذه المشكلة في الشام و الشام ملتقى النصرانية في الجزيرة العربية ،و كان المجوس يقولون بالجبر و تتصل هذه الآراء التي بثها يوحنا بجذور في اليهودية و المجوسية و ما حمل لواءه عبد الله بن سبأ .
من كتاب : الشبهات و الأخطاء الشائعة في الفكر الإسلامي
للمفكر الإسلامي : أنور الجندي

يمكنك تغير التوقيع الإفتراضي من لوحة التحكم
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة kholio5 في المنتدى حقائق حول الكتاب المقدس
مشاركات: 7
آخر مشاركة: 07-02-2009, 10:25 PM
-
بواسطة صُبح في المنتدى منتديات الدعاة العامة
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 30-05-2007, 02:54 PM
-
بواسطة احمد العربى في المنتدى الرد على الأباطيل
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 26-05-2007, 01:57 AM
-
بواسطة السيف البتار في المنتدى حقائق حول التوحيد و التثليث
مشاركات: 7
آخر مشاركة: 19-03-2006, 01:32 AM
-
بواسطة bahaa في المنتدى منتدى غرف البال توك
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 03-10-2005, 09:23 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات