كم من شاب رغب من الزواج من فلانة ففعل الافاعيل فلم يتمكن منها فعاش حياة النكد و الشقاء

كم من انسان شفع الشفاعات و ذهب و جاء من اجل تلك الوظيفة فلم يحصل عليها فماذا حصل له

كم من زوج ربما لم يرزق بالولد و رزق بالبنيات متتاليات قليل او كثير فتبرم و ضاق ربما هدد و توعد

كم من امرأة و رجل عقيم تحسر و تأثر

كم من فتاة تأخرت بالزواج فأصابها الخوف و القلق و ربما الحسد و الحقد

كم من طالب جزع و غضب لأنه لم يكمل دراسته او لأنه لم يقبل في التخصص الفلاني او في الكلية التي يرغب

كم من شاب او فتاة اصابه الاحباط و الضيق و ربما فكر بالهم و الانتحار

لماذا اصبحنا نسمع ربما في اليوم واحد كثيراً من الاصوات ربما حتى الرسائل عبر الجوال ( افكر بالانتحار )

او ( انني سأنتحر ) او غيرها من الالفاظ

سبحان الله .. يا الله .... يا الله

اذا فقد الايمان

يا الله

اذا اصبح الانسان لوحده امام ربما سيل من الازمات و الفتن و المصائب و الآلام و الكربات

كم من ساهم تسخط و تبرم و ربما انهار بسبب خسارته لبعض الاموال او حتى الدريهمات

سبحان الله و لا اله الا الله

كيف يعلم المخلوق بضعفه

كيف يعلم الانسان بعجزه

كيف يعلم العبد بقلة حيلته و فقره

ثم في الجهة الاخرى

كيف يعلم بسعة رحمة الله عز وجل و عدله و شفقته عليه و بره به بل و ربما توفيقه له و حفظه

ثم لا يسلم الامر اليه و لا ينطرح بين يديه و يرضى به و عنه

كم من مصيبة في طياتها منح و عطايا

لكنها النفس البشرية

انها نفس مطرودة بعيدة عن الله

انها نفس ممتحنة مبتلاه

نعوذ بالله من التبرم و التسخط و من التذمر و كثرة التشكي فهو سوء الظن بالله

و الله تعالى يقول ((انا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء ))

انا عند حسن ظن عبدي بي فليظن بي ماشاء

فما هو ظنك بالله ؟

ما هو ظنك بالله يا عبدالله ؟

احسن الظن بالله ، اعلن الرضا بما قسم لك الله

الله تعالى اعلم

الله تعالى احكم

الله تعالى اجل و اعلى

لأنه عالم الغيب المطلع على السرائر العالم بعواقب الامور . فتكل على حسن اختيار الله لك

((وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ )) الاحزاب 36

قال الثوري: ( كنا نعود زبيد اليامي فنقول له استشفي الله ، ادعوا الله ان يشفيك )

فكان يقول لنا : ( اللهم خر لي )

يعني اختر الخير الذي ترضاه خير لي.

توكل و ثقة بالله و اطمئنان و ثقة بما يختاره الله



( قال انس : لأحدثنكم بحديث لا يحدثكم به احد بعدي ، كنا عند رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) جلوساً فضحك قال :اتدرون مما ضحكت ؟

قالوا : الله و رسوله اعلم.

قال : عجبت للمؤمن ان الله تبارك و تعالى لا يقضي له قضاءاً إلا كان خيراً له)

إلا كان خيراً له

يا الله كم نتحسر

كم نتحسر على شيء وقع

كم نلوم انفسنا و ربما اولادنا على خطء مضى و انتهى.

اسمعوا لمنهج الحبيب ( صلى الله عليه و سلم ) عن انس قال : خدمت رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) عشرة سنين و انا ابن ثماني سنين فما لامني لام من اهله إلا قال :

( دعوه ، دعوه فأنه لو قضي شيء كان )

الله اكبر دعوه دعوه فأنه لو قضي شيء كان

تأملوا تدبروا هذه الكلمة انها اخلاق النبوة

انه التسليم و الاذعان و الرضا لأمر الله بما كتب و قضى

دعوه دعوه فأنه لو قضي شيء كان

ليس من شرط الرضا ان لا يحس العبد بالآلام و المكاره ، لا بل ان من شرط الرضا ان لا يعترض الحكم و لايتسخطه


عن عطاء قال : قال لي ابن عباس ( رضي الله عنهما ) ألا أريك امرأة من اهل الجنة ؟ قلت بلى. قال : هذه المرأة السوداء أتت الى رسول الله (صلى الله عليه و سلم ) فقالت يا رسول الله اني اصرع فادعوا الله لي. فقال : ان شئتي صبرتي و لكي الجنة و ان شئتي دعوت الله ان يعافيك. فقالت : بل اصبر يا رسول الله . ثم استدركت فقالت : اني اتكشف فادعوا الله لي ان لا اتكشف (يعني اثناء صرعها). فادعوا الله لي ان لا اتكشف. فدعا لها (صلى الله عليه و سلم ). رضي الله عنها و ارضاهاصبرت رضيت بالصرع و نالت الجنة ما اعقلها و ما اصبرها.
ثم تأملن يا نساء المؤمنين كيف ان هذه المرأة تحمل هم تكشفها و هي صريعة و هي لا تشعر فكيف بالمرأة المسلمة التي تتعمد التكشف و هي صحيحة طيبة
فما اعقلها و ما اصبرها
هكذا المؤمن مع الله رضا و طمأنينة و يقين بالله جل جلاله
قال مغيرة ذهبت عين احنف بن قيس فقال ذهبت من اربعين سنة ما شكوتها الى احد. ما شكوتها الى احد. رحمه الله لسان حاله يقول :
و اذا شكوت الى ابن آدم انما
تشكو الرحيم الى الذي لا يرحم


كان امام احمد يأن في مرضه فلما اخبروه ان طاوس يقول ( ان انين المريض شكوى ) قالوا فما ان حتى مات رحمه الله.
لو مات عدد لك من بهيمة الانعام بأي جائحة من الجوائح ماذا عساك ان تقول ؟
لو خسرت الكثير من المال بأي مصيبة من المصائب كيف ستتقبل هذا الامر ؟
اسمع لبشير الطبري
اغارت الروم على اربع مئة جاموس له و هي ما يملك، قال ابو عمر الكندي الراوي ( فاستركبني انا و ابن له فلقينا عبيده الذي كانوا مع الجواميس
فقالوا: يا مولانا ذهبت الجواميس
فقال لهم : و انتم ايضا فاذهبوا معها فانتم احرار لوجه الله .
فصرخ ابنه معترضاً : افقرتنا يا ابتاه ، افقرتنا يا ابتاه.
فقال : اسكت يا بني ان الله عز وجل اختبرني فأحببت ان ازيده.


انه الايمان بالقضاء

انه الرضا بالقضاء

انه اليقين بالله جل و علا.
كان بالبصرة رجل يقال له ( شداد ) اصابه الجذام فتقطع فدخل عليه عواده فقالوا له : كيف تجدك
قال : بخير اما انه ما فاتني جزئي من الليل منذ سقطت و ما بي ( يعني شيء الذي اتألم له و اتحسر)
و ما بي إلا اني لا اقدر ان احضر صلاة الجماعة.
لا اقدر على ان احضر صلاة الجماعة . رجل اصابه شلل قطعه يتحسر و يتألم ان تفوته صلاة الجماعة
فأين ذلك الصحيح المعافاة اين من يسمع النداء
اين من هو جار للمسجد و هو يتقبل بنعم الله صحة و عافية و مال و عطاء و راحة و طمأنينة ثم يناديه المنادي لله الذي اعطاه ( حي على الصلاة حي على الفلاح )
لو لم يكن فلاحا فماذا سيكون ؟
ينادي للفلاح فيأبى. فلا يستجيب و ما كأنه سمع.
همم تحيي الامم

و عزائم تعلو القمم

و ربما اليوم ظهرت صور من الرضا على فئة مؤمنة صابرة لها في هؤلاء قدوة و أسوة.
شاب مؤمن يصيبه شلل كامل إلا في رأسه ندخل عليه نعزيه و نواسيه . فنعجب من حسن كلماته و من توكله على الله و رضاه حتى لا يفطر لسانه من كثرة ذكر الله و من الثناء على الله و ان الله تعالى اعطاه و اعطاه حتى احتقرنا انفسنا فقلنا له : يا عبدالله سبحان الله كيف تقول ذلك و انت على هذه الحال لا يكاد يتحرك فيك شيء إلا رأسك.
فاذابه يفاجئنا بأجابته و يقول : الحمد لله الذي ابقى لي لسانا ذاكرا و عقلا فاكرا.
الحمد لله الذي ابقى لي لسانا ذاكرا و عقلا فاكرا
آخر يحترق كثيراٌ من ماله و ربما ذهب نصفه او اكثر فيخبر
فيقول : الحمد لله ذهب القليل و بقي الكثير.
الحمد لله ذهب القليل و بقي الكثير

هذا هو الرضا
هذه العقيدة متى استقرت حقا في قلبك صارت البلية عطية