فيقول الكاتب جورج برسوم : فحوصات النبوة الصادقة
حدثت في التاريخ الكتابي منازعات حول " من هو النبي الصادق ؟ وكان حل النزاع عمليا أكثر منه أكاديميا ! ، فإن هناك صفات تظهر النبي الكاذب من الصادق .
ويستمر الكاتب جورج برسوم بقوله : ومن صفات النبي الكاذب " النشوة الصوفية النبوية " وهي حالة تظهر بدون إنذار سابق وفي حالات خاصة ، خصوصا بعد سماع نوع خاص من الموسيقى ! . وقد ظهر مع مثل هذه الحالات خروج عن الشعور ، مع ضياع الإحساس ولكن ليست هذه الصفة فيصلا في الحكم على النبي الكاذب
رغم أنها ظهرت على أنبياء البعل الكنعانيين .. فإن النبي إشعياء ( في رؤياه في الهيكل ) وحزقيال النبي اختبرا ما نسميه " نشوة صوفية ".
فبهذا أقر الكاتب أن نبي الله إشعياء كاذب وكذا نبي الله حزقيال .
ويستمر الكاتب جورج برسوم بقوله : وهناك صفة أخرى للنبي الكاذب ، أنه عادة مأجور من الملك " ليتنبأ" بما يريده الملك . لكن هذه الصفة أيضا ليست فيصلا في الحكم على النبي الكاذب ، فإن الأنبياء صموئيل وناثان وحتى عاموس ، كانوا يعتبرون لحد ما أنبياء رسميين للدولة ، ولكنهم كانوا أنبياء صادقين !!!!!!!!!!!!!!!!!! .
فبهذا أقر الكاتب بأن أنبياء الله صموئيل وناثان وعاموس أنبياء كذبه ...... فقول الكاتب { لحد ما أنبياء رسميين للدولة ، ولكنهم كانوا أنبياء صادقين } ، فمن يضمن أنهم كانوا صادقين إذ أنك ذكرت قبلها { صفة أخرى للنبي الكاذب ، أنه عادة مأجور من الملك } ، فصفة الكذب طالما توفر منها بند واحد على أي شخص فأصبح بذلك كاذب >>>>>>> فالكاتب يصف الأنبياء بأنهم مأجورين وتوفرت فيهم صفة الأنبياء الكذبة ثم يقول ( ولكنهم كانوا أنبياء صادقين }.. فكيف صادقين وقد توافرت فيهم صفات الأنبياء الكذبة وذلك على حد قولك ؟
ولكننا الآن خرجنا من هذه المشاركة بالآتي :
1) النبي إشعياء ( في رؤياه في الهيكل ) وحزقيال النبي لهم " نشوة صوفية ".
2) الأنبياء صموئيل وناثان وحتى عاموس ، كانوا يعتبرون لحد ما أنبياء رسميين للدولة مأجورين .
فقد توفرت صفات الأنبياء الكذبة في : اشعياء ـ حزقيال ـ صموئيل ـ وناثان ـ عاموس
فهنا ستجد اكثر من ذلك
https://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=3015
والمعروف أن من صفات الأنبياء الكذبة هو التنبؤ
سفر إرميا23: 21
لم ارسل الانبياء بل هم جروا لم اتكلم معهم بل هم تنباوا
فوجدنا أن يسوع هو من الأنبياء الكذب: ففي إنجيل متى الإصحاح 24
عندما كان يسوع يتجول مع تلاميذه فى الهيكل , فاجئهم جميعا بان هذا الهيكل سيهدم ولن يبقى منه حجر على حجر .
وكان من الطبيعي أن يسأل التلاميذ معلمهم عدة أسئلة مرتبطة بهذه النبؤة المثيرة مثل :
متى سيحدث هدم الهيكل ؟
وما هي علامة مجيئه الثاني والذي بعدها سينتهي العالم ؟
سألوه قائلين :
" فيما هو جالس على جبل الزيتون تقدم اليه التلاميذ على انفراد قائلين قل لنا متى يكون هذا و ما هي علامة مجيئك و انقضاء الدهر "
فاخبرهم بما سيحدث :
- سيأتي كثيرين يزعمون أنهم المسيح
- ستحدث حروب ومجاعات واوبئة وزلازل
- سيتعرض اتباعه المؤمنون للاضهاد والقتل بسبب ايمانهم
- سيكرز بالمسيحية فى جميع انحاء العالم
- تنبا لهم ان انتهاء العالم يسبقه عدة ايام تبدأ بمشاهدة رجسة الخراب فى المكان المقدس , ثم يمر العالم بضيق عظيم ليس له مثيل , ويلى ذلك سقوط النجوم على ارض واظلام الشمس والقمر واضطراب الفضاء وانفجاره بمجراته ونجومه وكواكبه
- فى هذا المشهد الكونى المرعب سيأتى يسوع فى السحاب مع ملائكته التى يرسلها لجمع المؤمنين به من كل انحاء العالم
ويختتم تنبؤاته باجابة سؤال : متى سيحدث كل هذا , فيقول :
"
الحق اقول لكم لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله " !!!!!
وفى الاصحاح 16 من نفس الانجيل . انجيل متى يقول يسوع لتلاميذه ان بعض منهم لن يذوق الموت حتى يرى بعينيه هذه الامور , يروا مجئ يسوع مع ملائكته فى اللحظات الاخيرة التى تسبق نهاية العالم :
27
فان ابن الانسان سوف ياتي في مجد ابيه مع ملائكته و حينئذ يجازي كل واحد حسب عمله
28
الحق اقول لكم ان من القيام ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الانسان اتيا في ملكوته
بحسب هذه النبؤة فان بعض من المعاصرين ليسوع كان حتما سيشهد هذه الامور , سيشهد نهاية العالم : انفجار الكون وتساقط النجوم على الارض واظلام الشمس والقمر ومجئ يسوع وملائكته على السحاب
هذا ما جاء على لسان يسوع من تنبؤات بحسب الانجيل .
بحسب هذه النبؤات لقد انتهى العالم وانفجر الكون ولم يعد للحياة على الارض وجود منذ ما لا يقل عن 1900 سنة !!
يزعم يسوع ان نبؤته حق بقوله " الحق اقول لكم "
وما هى نبؤته الحقه تلك ؟
انها : "
لا يمضي هذا الجيل حتى يكون هذا كله "
والجيل 100 عام
وانها " ان من القيام ههنا قوما لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الانسان اتيا في ملكوته "
وليس لنا الا ان نقول :
لقد مضى هذا الجيل الذى كان يتحدث عنه يسوع وجميعهم ماتوا منذ ما لا يقل عن 1900 عام ولم يحدث شئ مما تنبأ به !!
لا هو جاء مع ملائكته , ولا اظلمت الشمس والقمر , ولا انفجر الكون والفضاء وانتهى العالم
كما لا يوجد واحد من جيله ومن معاصريه حيا بيننا وانما جميعهم ماتوا .
ولقد اعتقد المسيحيون الاوائل بما فيهم التلاميذ وكتبة اسفار العهد الجديد بان منهم من سيبقى على قيد الحياة وسيرى تحقق هذه النبؤات , اى انهم اعتقدوا ان عودة المسيح ونهاية العالم كانت وشيكة الوقوع فى زمنهم , لذلك نرى بولس فى رسالته الأولى الى مؤمني كورينثوس الاصحاح 7 :29-31 يقول :
"
فَأَقُولُ هَذَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ: الْوَقْتُ مُنْذُ الآنَ مُقَصَّرٌ لِكَيْ يَكُونَ الَّذِينَ لَهُمْ نِسَاءٌ كَأَنْ لَيْسَ لَهُمْ وَالَّذِينَ يَبْكُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَبْكُونَ وَالَّذِينَ يَفْرَحُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَفْرَحُونَ وَالَّذِينَ يَشْتَرُونَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَمْلِكُونَ وَالَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ هَذَا الْعَالَمَ كَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَعْمِلُونَهُ. لأَنَّ هَيْئَةَ هَذَا الْعَالَمِ تَزُولُ".
وفي رسالته الأولى الى مؤمنى تسالونيك 4 :13-18 يقول :
"
ثُمَّ لاَ أُرِيدُ أَنْ تَجْهَلُوا أَيُّهَا الإِخْوَةُ مِنْ جِهَةِ الرَّاقِدِينَ، لِكَيْ لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ. لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا نُؤْمِنُ أَنَّ يَسُوعَ مَاتَ وَقَامَ، فَكَذَلِكَ الرَّاقِدُونَ بِيَسُوعَ سَيُحْضِرُهُمُ اللهُ أَيْضاً مَعَهُ. فَإِنَّنَا نَقُولُ لَكُمْ هَذَا بِكَلِمَةِ الرَّبِّ: إِنَّنَا نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ إِلَى مَجِيءِ الرَّبِّ لاَ نَسْبِقُ الرَّاقِدِينَ. لأَنَّ الرَّبَّ نَفْسَهُ سَوْفَ يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ بِهُتَافٍ، بِصَوْتِ رَئِيسِ مَلاَئِكَةٍ وَبُوقِ اللهِ، وَالأَمْوَاتُ فِي الْمَسِيحِ سَيَقُومُونَ أَوَّلاً. ثُمَّ نَحْنُ الأَحْيَاءَ الْبَاقِينَ سَنُخْطَفُ جَمِيعاً مَعَهُمْ فِي السُّحُبِ لِمُلاَقَاةِ الرَّبِّ فِي الْهَوَاءِ، وَهَكَذَا نَكُونُ كُلَّ حِينٍ مَعَ الرَّبِّ. لِذَلِكَ عَزُّوا بَعْضُكُمْ بَعْضاً بِهَذَا الْكَلاَمِ."
فيتضح ان بولس كان يعتقد انه سيعيش وسيشهد مجئ المسيح الثانى , وليس هو فقط بل وبعض تلاميذ المسيح , وبعض الذين كتب لهم هذه الرسالة من المؤمنين .
ولقد مات بولس وجميع معاصريه منذ ما لا يقل عن 1900 عام ولم يحدث ما توهمه .
وكاتب سفر الرؤيا كان يعتقد ان المسيح سيعود قريبا وان الذين قاموا بطعنه اثناء الصلب , الجنود الرومانيين , سيكون منهم من على قيد الحياة عند مجئ المسيح مع ملائكته فى السحاب قبل انتهاء العالم .
الرؤيا 1 :7
هوذا ياتي مع السحاب و ستنظره كل عين و الذين طعنوه و ينوح عليه جميع قبائل الارض نعم امين
ولقد مات الجنود الذين طعنوه اثناء الصلب ولم يعد لهم وجود !!
ان العهد الجديد يجعل – دون ان يقصد – يسوع من الكاذبين , او من الانبياء الكذبة
جعله نبيا كاذبا تنبأ بنهاية العالم وحدد موعد هذه النهاية بان جعلها فى زمن بعض المعاصرين له , وبناء عليه اعتقد كتبة الاسفار المسيحية بصدق هذه النبؤة وسجلوا فيها ان منهم من سيشهد تحقق هذه النبؤات فى زمنهم
ولقد رحل يسوع , ورحل معاصريه جميعا بما فيهم تلاميذه منذ اكثر من 1900 سنة , ولم يحدث ما زعمه العهد الجديد !!
https://www.ebnmaryam.com/vb/showthread.php?t=1229
وأخيرا نقول :-
ما هي أسماء الأنبياء الكذبة الذين آتوا قبل يسوع وكانوا لصوص وسارقين ؟
فبالبحث وجدت قاموس الكتاب المقدس يقول : الانبياء الكذبة: صدقيا (1 ملو 22: 11 وارميا 29: 21) وبار يشوع _اع 13: 6).
وعندما دخلت على سفر الملوك وجدت أن " صدقيا " لم يكن لص أو حرامي بل كان ملك .
المصيبة الأكبر هي أن سفر الملوك الأول أثبت أن الرب هو الذي ينطق أنبيائه بالكذب وهو المسئول الأول عن ذلك .. فكل من قال أن هناك انبياء كذبة جاءوا قبل يسوع نقول له : أنت تجهل قراءة العهد القديم ولم تفهم منه البتة لأن العهد القديم أشار أن الرب هو الذي يضلل أنبيائه فيجعل منهم الكذبة ، وبذلك نفهم أن كل الأنبياء هو أنبياء رب العهد القديم حتى ولو كانوا كذبة لقوله
سفر الملوك الأول22
20 فقال الرب من يغوي اخاب فيصعد و يسقط في راموت جلعاد فقال هذا هكذا و قال ذاك هكذا 21 ثم خرج الروح و وقف امام الرب و قال انا اغويه و قال له الرب بماذا 22 فقال اخرج و اكون روح كذب في افواه جميع انبيائه فقال انك تغويه و تقتدر فاخرج و افعل هكذا 23 و الان هوذا قد جعل الرب روح كذب في افواه جميع انبيائك هؤلاء و الرب تكلم عليك بشر 24 فتقدم صدقيا بن كنعنة و ضرب ميخا على الفك و قال من اين عبر روح الرب مني ليكلمك .
يقول القمص تادرس يعقوب ملطي : ورد هذا النص في مزمور 82: ٦ عن القضاة العبرانيين بكونهم يمثلون الله.
إذن التعبير مجازي حيث أن يسوع ما كان يتحدث مع اليهود إلا بالأمثال فقط
مت 13:34
هذا كله كلم به يسوع الجموع بامثال . وبدون مثل لم يكن يكلمهم
فلو أخذنا أسلوب الأمثال على أنه حقيقة لانقلبت الأناجيل واختلفت معانيه وضاع أكثر من الضياع الذي هو يعاني منه .
فبذلك نقول :
أولاً : ان الواجب فهمه من قول المسيح : (( أَنَا وَالآبُ وَاحِدٌ )) إنما يريد أن قبولكم لأمري هو قبولكم لأمر الله ، كما يقول رسول الرجل : أنا ومن أرسلني واحد ، ويقول الوكيل : أنا ومن وكلني واحد ، لأنه يقوم فيما يؤديه مقامه ، ويؤدي عنه ما أرسله به ويتكلم بحجته ، ويطالب له بحقوقه .
ثانياً: هذا التعبير الذي أطلقه المسيح على نفسه ، بأنه والآب واحد، أطلقه بعينه تماما على الحواريين عندما قال في نفس إنجيل يوحنا : " وَلَسْتُ أَسْأَلُ مِنْ أَجْلِ هَؤُلاَءِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً مِنْ أَجْلِ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِي بِكَلاَمِهِمْ، لِيَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِداً، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً وَاحِداً فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي. وَأَنَا قَدْ أَعْطَيْتُهُمُ الْمَجْدَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ، وَلِيَعْلَمَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي، وَأَحْبَبْتَهُمْ كَمَا أَحْبَبْتَنِي ". إنجيل يوحنا 17/ 20 ـ 23 ( ترجمة فاندايك )
إذن فالوحدة هنا ليس المقصود منها معناها الحرفي ، أي الانطباق الذاتي الحقيقي ، و إنما هي وحدة مجازية أي الاتحاد بالهدف و الغرض و الإرادة، و هذا ظاهر جدا من قوله ( لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضاً وَاحِداً فِينَا ) و قوله : ( لِيَكُونُوا وَاحِداً كَمَا أَنَّنَا نَحْنُ وَاحِدٌ. أَنَا فِيهِمْ وَأَنْتَ فِيَّ لِيَكُونُوا مُكَمَّلِينَ إِلَى وَاحِدٍ ) ، حيث أن المسيح دعى الله تعالى أن تكون وحدة المؤمنين الخلَّص مع بعضهم البعض مثل وحدة المسيح مع الله ، و لا شك أن وحدة المؤمنين مع بعضهم البعض و صيروتهم واحداً ليست بأن ينصهروا مع بعض ليصبحوا إنساناً واحداً جسماً و روحاً !! بل المقصود أن يتحدوا مع بعضهم بتوحد إرادتهم و مشيئتهم و محبتهم و عملهم و غرضهم و هدفهم و إيمانهم…الخ أي هي وحدة معنوية ، فكذلك كانت الوحدة المعنوية بين الله تعالى و المسيح .
و يؤكد ذلك أن المسيح دعا الله تعالى لوحدة الحواريين المؤمنين ليس مع بعضهم البعض فحسب بل مع المسيح و مع الله تعالى أيضاً ، بحيث يكون الجميع واحداً ، فلو كانت وحدة المسيح مع الله هنا تجعل منه إلـهاً، لكانت وحدة الحواريين مع المسيح و مع الله تجعل منهم آلهة أيضا!! و للزم من ذلك أن المسيح يدعو الله تعالى أن يجعل تلاميذه آلهة، و خطورة ذلك ـ كما يقول الإمام أبي حامد الغزالي ـ ببال من خلع ربقة العقل، قبيح، فضلا عمن يكون له أدنى خيار صحيح، بل هذا محمول على المجاز المذكور، و هو أنه سأل الله تعالى أن يفيض عليهم من آلائه و عنايته و توفيقه إلى ما يرشدهم إلى مراده اللائق بجلاله بحيث لا يريدون إلا ما يريده و لا يحبون إلا ما يحبه و لا يبغضون إلا ما يبغضه، و لا يكرهون إلا ما يكرهه، و لا يأتون من الأقوال و الأعمال إلا ما هو راض به، مؤثر لوقوعه، فإذا حصلت لهم هذه الحالة حسن التجوز .
و يدل على صحة ذلك أن إنسانا لو كان له صديق موافق لغرضه و مراده بحيث يكون محباً لما يحبه و مبغضاً لما يبغضه كارهاً لما يكرهه، جاز أن يقال : أنا و صديقي واحد. و يتأكد هذا المعنى المجازي لعبارة المسيح إذا لا حظنا الكلام الذي جاء قبلها و أن المسيح كان يقول أن الذي يأتي إلي و يتبعني أعطيه حياة أبدية و لا يخطفه أحد مني، لأن أبي الذي هو أعظم من الكل هو الذي أعطاني أتباعي هؤلاء و لا أحد يستطيع أن يخطف شيئا من أبي، أنا و أبي واحد، يعني من يتبعني يتبع في الحقيقة أبي لأنني أنا رسوله و ممثل له و أعمل مشيئته فكلانا شيء واحد. و هذا مثل قول الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم عن سيدنا محمد ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) ، و أعتقد أن قصد الوحدة المجازية واضح جداً .
و قد جاء نحو هذا التعبير بالوحدة المجازية مع الله ، عن بولس أيضا في إحدى رسائله و هي رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس ( 6 / 16 ـ17 ) حيث قال : " أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ مَنِ الْتَصَقَ بِزَانِيَةٍ هُوَ جَسَدٌ وَاحِدٌ لأَنَّهُ يَقُولُ: يَكُونُ الاثْنَانِ جَسَداً وَاحِداً. وَأَمَّا مَنِ الْتَصَقَ بِالرَّبِّ فَهُوَ رُوحٌ وَاحِدٌ ". ( ترجمة فاندايك ) ، و عبارة الترجمة العربية الكاثوليكية الجديدة : " ومَنِ اتَّحَدَ بِالرَّبّ فقَد صارَ وإِيَّاهُ رُوحًا واحِدًا " .
فكل هذا يثبت أن الوحدة هنا لا تفيد أن صاحبها هو الله تعالى عينه ـ تعالى الله عن ذلك ـ و إنما هي وحدة مجازية كما بينا .
و يشبه هذا عندنا في الإسلام ما جاء في الحديث القدسي الشريف الصحيح الذي رواه أبو هريرة عن خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه و آله و سلم أنه قال : إن الله تعالى يقول (... و ما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها و رجله التي يمشي بها... الحديث )
و لا شك أنه ليس المقصود من الحديث أن الله تعالى يحل بكل جارحة من هذه الجوارح، أو أنه يكون هذه الجوارح بعينها !! لأن هذا من المحال، بل المقصود أنه لما بذل العبد أقصى جهده في عبادة الله و طاعته، صار له من الله قدرة و معونة خاصتين، بهما يقدر على النطق باللسان، و البطش باليد.. وفق مراد الله عز و جل و طبق ما يشاؤه الله تعالى و يحبه .
أولاً : ان في الكتاب المدعو مقدس عدة فقرات بحق الحواريين والمؤمنين تشبه عبارة ((
أنا في الآب والآب في )) ومع ذلك فالمسيحيين لا يفسرونها كما فسروا قول المسيح : ((
أنا في الآب والآب في )) .
فلو كان قول المسيح ((
أنا في الآب والآب في )) دليل على الاتحاد والحلول لأصبح جميع الحواريين والمؤمنين مثله سواء بسواء ذلك لأن المسيح قال لهم في إنجيل يوحنا [ 14 : 20 ] :
1 - (( في ذلك اليوم تعلمون أني أنا في أبي و أنتم في وأنا فيكم ))
2 - وورد في رسالة يوحنا الأولى في الاصحاح الثاني قوله : (( إن ثبت فيكم ما سمعتموه من البدء
فأنتم أيضاً تثبتون في الابن وفي الآب ))
3 _ وأيضاً جاء في نفس الرسالة [ 4 : 13 ] قوله : (( بهذا تعرف أننا نثبت فيه وهو فينا )) أي الله
4 _ ونفس المعنى أيضاً جاء في [ 3 : 24 ] من نفس الرسالة .
فمن هنا عزيزي القارىء نرى كيف أننا لا نستطيع الأخذ بظاهر الكلام ، وإلا لأصبح المسيح والحواريون وجميع المؤمنين آلهه كذلك ، حسب ظاهر ما قيل .
مت 13:34
هذا كله كلم به يسوع الجموع بامثال . وبدون مثل لم يكن يكلمهم
فيسوع لا يتكلم إلا بالأمثال فقط ، لذلك وجب علينا في تفسير الأناجيل أن نراعي هذه النقطة ولا نأخذ بطاهر الكلام .
فيفهم عزيزي القارئ أن معنى كون المسيح في الأب أي ثبوته فيه بالمحبة والرضا ، ومعنى كون المؤمنين في المسيح أي ثبوتهم فيه بالمحبة والطاعة لما جاء به من عند الله ويكون الهدف والقصد واحد وهو هداية الناس إلي الله .
وبهذا نعلم بأن الحديث عن الروابط بين الله والمسيح ، أو بين المسيح والمؤمنين ، أو بين الله والمؤمنين لا يسمح بالحديث عن (( روابط بين جواهر )) أو (( اتصال ذات بذات )) وإنما غاية القول فيه أن يكون حديثاً عن صلات روحية معنوية . والله المستعان .
ثانياً : تطرف النصارى بالفهم بعد تشبعهم بفكرة الاتحاد والحلول :
وتطرف النصارى في فهمهم للأتحاد والحلول أدى إلي القول بأن المسيح هو الله ، وليس نبياً كسائر الانبياء ، لأن الآب ( وهو الله ) حسب قولهم حال فيه ومتحد معه ، ويستدلون على ذلك بما ورد بإنجيل يوحنا [ 14 : 10 ، 11 ] من قول منسوب للمسيح :
((
الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الآب الحال في هو يعمل الأعمال ))
لذلك يقول النصارى إن عبارة _ الحال في _ تفيد اتحاد المسيح بالآب مما يدل على حسب قولهم إن المسيح هو الله .
الــرد :
ويرد على ذلك بأن :
هذا الحلول في المسيح هو حلول رضا الله ومحبته وقداسته ورضاه في المسيح ، ومواهبة القدسية فيه ، ويستدل على هذا بالآتــي :
أولاً : في العهد الجديد :
1 _ ورد في رسالة يوحنا الاولى [ 3 : 24 ] في وصف الله :
(
من يحفظ وصاياه يثبت فيه وهو فيه ، وبهذا نعرف أنه يثبت فينا ، من الروح الذي أعطانا )
2 _ وورد في رسالة يوحنا الاولى [ 4 : 12 ، 13 ] :
(
إن أحب بعضنا بعضاً فالله يثبت فيه ، ومحبته قد تكلمت فينا ، بهذا نعرف أننا نثبت فيه وهو فينا )
ثانياً : في العهد القديم :
1 _ ورد في المزمور [ 68 : 16] :
(
ولماذا أيتها الجبال المسنمة ترصدن الجبل الذي اشتهاه الله لسكنه ، بل الرب يسكن فيه إلي الأبد )
2 _ وورد في مزمور [ 135 : 21 ] :
(
مبارك الرب من صهيون الساكن في أورشليم )
وهنا طبقاً للنصوص السابقة نجد أنفسنا بين أحد أمرين :
الأمر الاول :
إن من يؤمن بالمسيح ويحفظ وصاياه وأحب المؤمنين به يثبت الله فيه ، ويثبت هو في الله ، وهذا الحلول بعينه بلا مزية أو فرق بين المسيح وبينه ، وبذلك يتحد الجميع بالله وبحلولهم في الله ، والله يحل فيهم ، ويكون كل واحد من هؤلاء المؤمنين بالمسيح أو ممن يحفظ وصاياه ، هو الله شأنه شأن المسيح نفسه طبقاً لمنطق النصارى في الحلول .
وكذلك الامر بالنسبه لأتحاد الله وحلوله في بالجبل أو بمدينة أورشليم ، فيكون الجبل ا ومدينة أورشليم هو الله طبقاً للمنطق السابق .
وهذا بالبداهة منطق خاطىء بالنسبة لمادة الحلول ، ومادة الثبوت ، ومادة السكن ، والتي جاءت مترادفة في النصوص السابقة متحدة في معناها .
الأمر الثاني :
هو الجنوح إلي التأويل في معنى الألفاظ السابقة وذلك بأن نؤول ثبوت الله فيمن يحفظون وصاياه ، وفيمن يحبون المؤمنين به ، أو فيمن يحبون بعضهم بعضاً ، أو فيمن يؤمنون بالمسيح بثبوته فيهم بالمحبة والرضا .
كذلك سكنى الله في الجبل أو في مدينة أورشليم ، وتأويل ذلك هو وضع اسم الله المقدس عليها ، وجرياً على قاعدة المساواة في التأويل ، يجب تأويل ما ورد من حلول الله في المسيح بحلوله فيه بالمحبة والقداسة والطاعة والرضا وهذا هو المعنى الذي يجب الأخذ به .
ثالثاً : ورد في الكتاب لمقدس أن روح الله حلت على حزقيال وألداد وميداد كما ان روح الله تحل في المؤمنين ، ولم يقل أحد إن واحداً من هؤلاء متحد مع الله ، أو أنه هو الله طبقاً للآتــي :
1 _ ورد في سفر حزقيال [ 11 : 5 ] : قول حزقيال النبي :
(
وحل علي روح الرب )
2 _ ورد في سفر العدد [ 11 : 26 ] عن ألداد وميداد :
(
فحل عليهما الروح )
3 _ ورد برسالة يعقوب [ 4 : 5 ] قول يعقوب :
(
الروح الذي حل فينا يشتاق إلي الغيرة والحسد )
4 _ ورد في رسالة بطرس الأولى [ 4 : 14 ] قول بطرس :
(
لأن روح المجد والله يحل عليكم )
فإذا كانت روح الله حلت على حزقيال وألداد وميداد وتحل على النصارى وفيهم ولم يقل أحد بأن واحد من هؤلاء متحد مع الله أو أنه الله ، فلماذا القول بذلك في المسيح ، لمجرد الأخذ بظاهر كلمة متشابهة دون البحث وإجراء التأويل الذي يتفق مع باقي النصوص ؟
http://groups.yahoo.com/group/alkale...q/message/2153
المفضلات