الفاتيكان والمسيحية الأرثوذكسية


من موقع ( فرصة العالم الأخيرة ) أنقل لكم هذا التقرير بدون تصرف، ودوري في التقرير فقط كان ينحصر في تحقيقي للنصوص المستشهد بها ومن ثم أثبتها بالتشكيل لأنها في التقرير مكتوبة غير مشكلة.. ومن آثارهم تعرفونهم.. وشهد شاهد من أنفسهم على أنفسهم..
وتبقى مشكلة فنية عندي مؤداها أن التقرير مدعم بالصور والمستندات ولكنني أفتقر إلى كيفية وضع الصورة داخل المشاركة..كبر السن وعدم الخبرة عوامل أساسية وراء ذلك..
يقول غبطة القس الأرثوذكسي المبجل كاتب التقرير:
يُظهر الكتاب المقدس أن البابا القادم والأخير سيكون شيطاناً منتحلاً شخصية يوحنا بولس الثاني
المحتويات:
أولاً: رؤيا..
ثانياً:مشهد البرية..
ثالثاً: سبعة ملوك..
رابعاً: الملك الثامن..
خامساً: فترة الوحش..
سادساً: ماذا عساني أفعل؟..

قادنا الله، مِن خلال دراسة رؤيا 17، إلى حدث مُذهل يؤيِّد ويدعم حقيقة أننا نقترب من نهاية كل شيء بأسرع مما يتصوَّر أي شخص. وقد حثَّنا إلهنا المُحب على مشاركة هذه النبوة مع الآخرين حتى لا يؤخذ أحد في أشراك الأحداث الشاملة التي ستكتنف العالم قريباً في أعظم خدعة يبتكرها الشيطان.
ويتجرأ موقع فرصة العالم الأخيرة هذا على شبكة المعلوماتية على أن يُعلن هذا التفسير على العالم أجمع لأننا نتقيَّد ونلتزم فقط بالتفسير الكتابي الدقيق والموثوق. وهذا يعني أننا نفسِّر نبوات الكتاب المقدس باستخدام الكتاب ذاته، أي أننا نجعل الكتاب يُفسرِّ نفسه بنفسه. وبهذا الإجراء، نتأكَّد مِن صحَّة الرؤيا.
وإذ ندرك بكل وضوح أننا نعيش في العصر الذي يسبق مُباشرة المجيء الثاني لربنا يسوع المسيح في سحب السماء، نلتمس مِن الله أن يلهم قلبك بمدى قصر الوقت المتبقي الذي يتقرَّر بعده مصير كل إنسان. وليت روحه القدوس يمنحك الفطنة والبصيرة والحكمة اللازمة إذ تبدأ في هذه الدراسة الجدية. آمين.
أولاًـ رؤيا..

1. أي جزء من الكتاب المقدس قادكم إلى هذه النتيجة؟.
[1ثُمَّ جَاءَ وَاحِدٌ مِنَ السَّبْعَةِ الْمَلاَئِكَةِ الَّذِينَ مَعَهُمُ السَّبْعَةُ الْجَامَاتُ وَتَكَلَّمَ مَعِي قَائِلاً لِي:«هَلُمَّ فَأُرِيَكَ دَيْنُونَةَ الزَّانِيَةِ الْعَظِيمَةِ الْجَالِسَةِ عَلَى الْمِيَاهِ الْكَثِيرَةِ، 2الَّتِي زَنَى مَعَهَا مُلُوكُ الأَرْضِ، وَسَكِرَ سُكَّانُ الأَرْضِ مِنْ خَمْرِ زِنَاهَا». 3فَمَضَى بِي بِالرُّوحِ إِلَى بَرِّيَّةٍ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةً جَالِسَةً عَلَى وَحْشٍ قِرْمِزِيٍّ مَمْلُوءٍ أَسْمَاءَ تَجْدِيفٍ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ. 4وَالْمَرْأَةُ كَانَتْ مُتَسَرْبِلَةً بِأُرْجُوانٍ وَقِرْمِزٍ، وَمُتَحَلِّيَةً بِذَهَبٍ وَحِجَارَةٍ كَرِيمَةٍ وَلُؤْلُؤٍ، وَمَعَهَا كَأْسٌ مِنْ ذَهَبٍ فِي يَدِهَا مَمْلُوَّةٌ رَجَاسَاتٍ وَنَجَاسَاتِ زِنَاهَا، 5وَعَلَى جَبْهَتِهَا اسْمٌ مَكْتُوبٌ:«سِرٌّ. بَابِلُ الْعَظِيمَةُ أُمُّ الزَّوَانِي وَرَجَاسَاتِ الأَرْضِ». 6وَرَأَيْتُ الْمَرْأَةَ سَكْرَى مِنْ دَمِ الْقِدِّيسِينَ وَمِنْ دَمِ شُهَدَاءِ يَسُوعَ. فَتَعَجَّبْتُ لَمَّا رَأَيْتُهَا تَعَجُّبًا عَظِيمًا!7ثُمَّ قَالَ لِي الْمَلاَكُ:«لِمَاذَا تَعَجَّبْتَ؟ أَنَا أَقُولُ لَكَ سِرَّ الْمَرْأَةِ وَالْوَحْشِ الْحَامِلِ لَهَا، الَّذِي لَهُ السَّبْعَةُ الرُّؤُوسِ وَالْعَشَرَةُ الْقُرُونِ: 8الْوَحْشُ الَّذِي رَأَيْتَ، كَانَ وَلَيْسَ الآنَ، وَهُوَ عَتِيدٌ أَنْ يَصْعَدَ مِنَ الْهَاوِيَةِ وَيَمْضِيَ إِلَى الْهَلاَكِ. وَسَيَتَعَجَّبُ السَّاكِنُونَ عَلَى الأَرْضِ، الَّذِينَ لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُمْ مَكْتُوبَةً فِي سِفْرِ الْحَيَاةِ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ، حِينَمَا يَرَوْنَ الْوَحْشَ أَنَّهُ كَانَ وَلَيْسَ الآنَ، مَعَ أَنَّهُ كَائِنٌ. 9هُنَا الذِّهْنُ الَّذِي لَهُ حِكْمَةٌ! اَلسَّبْعَةُ الرُّؤُوسِ هِيَ سَبْعَةُ جِبَال عَلَيْهَا الْمَرْأَةُ جَالِسَةً. 10وَسَبْعَةُ مُلُوكٍ: خَمْسَةٌ سَقَطُوا، وَوَاحِدٌ مَوْجُودٌ، وَالآخَرُ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ. وَمَتَى أَتَى يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى قَلِيلاً. 11وَالْوَحْشُ الَّذِي كَانَ وَلَيْسَ الآنَ فَهُوَ ثَامِنٌ، وَهُوَ مِنَ السَّبْعَةِ، وَيَمْضِي إِلَى الْهَلاَكِ. 12وَالْعَشَرَةُ الْقُرُونِ الَّتِي رَأَيْتَ هِيَ عَشَرَةُ مُلُوكٍ لَمْ يَأْخُذُوا مُلْكًا بَعْدُ، لكِنَّهُمْ يَأْخُذُونَ سُلْطَانَهُمْ كَمُلُوكٍ سَاعَةً وَاحِدَةً مَعَ الْوَحْشِ. 13هؤُلاَءِ لَهُمْ رَأْيٌ وَاحِدٌ، وَيُعْطُونَ الْوَحْشَ قُدْرَتَهُمْ وَسُلْطَانَهُمْ. 14هؤُلاَءِ سَيُحَارِبُونَ الْخَرُوفَ، وَالْخَرُوفُ يَغْلِبُهُمْ، لأَنَّهُ رَبُّ الأَرْبَابِ وَمَلِكُ الْمُلُوكِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ مَدْعُوُّونَ وَمُخْتَارُونَ وَمُؤْمِنُونَ». 15ثُمَّ قَالَ لِيَ:«الْمِيَاهُ الَّتِي رَأَيْتَ حَيْثُ الزَّانِيَةُ جَالِسَةٌ، هِيَ شُعُوبٌ وَجُمُوعٌ وَأُمَمٌ وَأَلْسِنَةٌ. 16وَأَمَّا الْعَشَرَةُ الْقُرُونِ الَّتِي رَأَيْتَ عَلَى الْوَحْشِ فَهؤُلاَءِ سَيُبْغِضُونَ الزَّانِيَةَ، وَسَيَجْعَلُونَهَا خَرِبَةً وَعُرْيَانَةً، وَيَأْكُلُونَ لَحْمَهَا وَيُحْرِقُونَهَا بِالنَّارِ. 17لأَنَّ اللهَ وَضَعَ فِي قُلُوبِهِمْ أَنْ يَصْنَعُوا رَأْيَهُ، وَأَنْ يَصْنَعُوا رَأْيًا وَاحِدًا، وَيُعْطُوا الْوَحْشَ مُلْكَهُمْ حَتَّى تُكْمَلَ أَقْوَالُ اللهِ. 18وَالْمَرْأَةُ الَّتِي رَأَيْتَ هِيَ الْمَدِينَةُ الْعَظِيمَةُ الَّتِي لَهَا مُلْكٌ عَلَى مُلُوكِ الأَرْضِ». ].رؤيا 17 : 1ـ 18
2. هل لك أن تُقدِّم تفسيراً موجزاً لهذا كله؟
باختصار، كشفت ليوحنا الدينونة الأخيرة للزانية العظيمة، نتيجة لمسلك أفعالها وهذه الزانية العظيمة يُشار إليها على أنها بابل العظيمة. وظهرت ليوحنا وهي في البرية (عد3). وهذا مشهد مهم كما سنرى لاحقاً.
ووصف الزانية يتوازى مع الوحش المذكور في رؤيا 13 فهذا أيضاً له سبعة رؤوس وعشرة قرون (عد7). مما يدل على أن الرمزين يمثلان الشخصية أو المنظمة ذاتها، وهي النظام البابوي الكاثوليكي. وفضلاً عن ذلك، وُصِفت الزانية على أنها جالسة على سبعة جبال (عد9). وكثيراً ما عُرفت روما منذ قديم الزمان وحتى وقتنا هذا على أنها المدينة ذات التلال السبعة.
وفي حين دُمِجت وحدة الكنيسة والدولة في رمز واحد في رؤيا 13، فقد صوَّرهما الله في رؤيا 17 بشكل منفصل. والمرأة ترمز دائماً إلى كنيسة في الكتاب المقدس، وفي هذه الحالة فإن الزانية تشير إلى كنيسة دنسة. والوحش يُشير دائماً إلى مملكة أو أمة تضطهد شعب الله. فأمامنا هنا امرأة دنسة تجلس على (تسيطر) وحش قرمزي (دموي). وهذا، مرة أخرى، يعزز ويدعم حقيقة كون النظام الكاثوليكي هو النظام الوحيد الذي يعمل ككنيسة وكمملكة أرضية في آن واحد. وقد وُصِفـَت هذه الزانية على أنها عظيمة الغنى ومتكبرة. والأهم من هذا وذاك أنها فاسدة جداً (العددان 4 و5). وهي حتماً تمثل أداة الشيطان الفائقة الأخيرة للخداع.
والآيات التالية تعتبر آيات أساسية:[ 10وَسَبْعَةُ مُلُوكٍ: خَمْسَةٌ سَقَطُوا، وَوَاحِدٌ مَوْجُودٌ، وَالآخَرُ لَمْ يَأْتِ بَعْدُ. وَمَتَى أَتَى يَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى قَلِيلاً. 11وَالْوَحْشُ الَّذِي كَانَ وَلَيْسَ الآنَ فَهُوَ ثَامِنٌ، وَهُوَ مِنَ السَّبْعَةِ، وَيَمْضِي إِلَى الْهَلاَكِ.] (رؤيا 17 : 10 و11).
وقد توسع الله في الحديث عن السبعة الرؤوس التي للوحش وعرَّفها على أنها سبعة ملوك. ومن المهم الإشارة إلى أن أحداث النبوة التي رآها يوحنا هنا كانت تتم خلال حكم الملك السادس. وهذا الملك كان سيعقبه الملك السابع، الذي يحكم لفترة قصيرة. ولكن الملك الثامن سيكون واحداً من الملوك السبعة السابقين، وأنه عندما يظهر من الهاوية (عد8) فلن يكون مجرد ملك (قوة حاكمة)، بل وحشاً (قوة مضطهدة)، ثم يمضي أخيراً إلى الهلاك.
عندما يظهر واحد من الملوك السبعة من الهاوية بوصفه الملك الثامن، ولكن على هيئة وحش، فإن ملوك الأرض العشرة (عد12) [عشرة رقم كوني شامل ويدل على أن هذا يتضمن كافة حكام الأرض؛ مثلما هو الحال بالنسبة لمثل العذارى العشرة]، ستصيبهم الهيبة والرهبة بشكل كبير بسبب الوحش، ويُخضعون قوتهم طواعية للوحش لفترة قصيرة (العددان 12 و13). وكل من الوحش والملوك العشرة سيحكمون ويحاربون المسيح في شخص أتباعه لفترة قصيرة ولكنهم لن يتغلبوا عليهم (عد14).
قبل نهاية كل شيء بقليل، يكتشف الملوك العشرة أنهم قد وقعوا في الشرك وخُدِعوا بواسطة الوحش (الملك الثامن الصاعد من الهاوية) فيصبُون جام انتقامهم على نظام الوحش، ويدمرونه (عد16) لأنهم في هذه المرة وإن يكن متأخراً، سينفذون إرادة الله (عد17).

ثانياًـ مشهد البرية
3. اُخِذ يوحنا إلى البرية حيث رأى الزانية العظيمة تجلس على وحش
3فَمَضَى بِي بِالرُّوحِ إِلَى بَرِّيَّةٍ، فَرَأَيْتُ امْرَأَةً جَالِسَةً عَلَى وَحْشٍ قِرْمِزِيٍّ مَمْلُوءٍ أَسْمَاءَ تَجْدِيفٍ، لَهُ سَبْعَةُ رُؤُوسٍ وَعَشَرَةُ قُرُونٍ. (رؤيا 17 : 3).
هذه نقطة مهمة لأنه ليس بمحض الصدفة أن تكون "الزانية العظيمة التي تجلس على وحش قرمزي" قد شوهِدت في البرية. ففي رؤيا 17 يُظهر الله الفترة الزمنية التي شوهِدت فيها كنيسة الروم الكاثوليك. ولكي نفهم ماذا سيحدث للعالم عندما تخرج مِن اختبار البرية هذا، علينا أن نستوعب أولاً كيف دخلت كنيسة الورم الكاثوليك إلى هذا الاختبار.
4. ماذا تعني البرية في نبوات الكتاب المقدس؟.
ولنا مثل آخر في سفر الرؤيا عن كنيسة ذهبت إلى البرية. كانت تلك هي كنيسة الله الحقيقية خلال العصور الوسطى، عندما تعرَّضت الكنسية للاضطهاد البابوي:
[6وَالْمَرْأَةُ *********) هَرَبَتْ إِلَى الْبَرِّيَّةِ، حَيْثُ لَهَا مَوْضِعٌ مُعَدٌّ مِنَ اللهِ لِكَيْ يَعُولُوهَا هُنَاكَ أَلْفًا وَمِئَتَيْنِ وَسِتِّينَ يَوْمًا.] (رؤيا 12 : 6). نعلم أنَّ هذه الكنيسة كانت طاهرة، لأنَّ الله هو الذي قادها إلى البرية، بعيداً عن الاضطهاد البابوي الذي اشتعل لمدَّة 1260 سنة، مِن 538 إلى 1798م. كان التنين (الشيطان) يُحارب الكنيسة خلال تلك الفترة، مُستخدماً في ذلك، أداته الأرضية، كنيسة الروم الكاثوليك:[ 14فَأُعْطِيَتِ الْمَرْأَةُ جَنَاحَيِ النَّسْرِ الْعَظِيمِ لِكَيْ تَطِيرَ إِلَى الْبَرِّيَّةِ إِلَى مَوْضِعِهَا، حَيْثُ تُعَالُ زَمَانًا وَزَمَانَيْنِ وَنِصْفَ زَمَانٍ، مِنْ وَجْهِ الْحَيَّةِ.] (رؤيا 12 : 14). البرية، إذاً، في نبوة الكتاب، هي استعارة مجازية تُصوِّر الأحوال والظروف القاسية التي تُواجه الكنيسة في فترة مُعيَّنة مِن التاريخ.
5. متى خرجَت كنيسة الله الحقيقية مِن اختبار البرية هذا؟.
الجواب المنطقي لهذا السؤال هو: عندما انتهى الاضطهاد البابوي. وقد انتهى الاضطهاد بشكل رسمي سنة 1798م، عندما أرسل نابليون بونابرت الجنرال "برتيه" إلى روما وأسر البابا بيوس السادس ونفاه في فلينس بفرنسا. وفي الوقت ذاته أعلن "برتيه" نهاية السيطرة الزمنية على معظم أوربا التي استمتعت بها الكنيسة الكاثوليكية حتى ذلك الوقت. ووضع ذلك نهاية مفاجئة ومذلّة لحكم طويل من فرض القوة استمر 1260 سنة. وبعد ذلك بقليل، انتشرت جمعيات الكتاب المقدس عبر العالم أجمع دون أن يعيق عملها أي عائق ودون أن يواجهوا أي تهديد أو موانع بابوية. وهكذا فإن سنة 1798م تحدد التاريخ الذي خرجت فيه الكنيسة من اختبار البرية هذا. والآن أصبحت كنيسة حرة لتركز طاقاتها على ترجمة ونشر الكتاب المقدس في أكبر عدد ممكن من اللغات، ولتدير نشاطات كرازية في شتى أنحاء العالم.
6. هل دخلت الكنيسة الكاثوليكية عندئذ في اختبار البرية في الوقت الذي خرجت فيه كنيسة الله الحقيقية منه؟.
ذلك ما حدث تماماً. ففي سنة 1798م، لم تفقد فقط الكنيسة الكاثوليكية قوتها الزمنية على معظم ملوك وحكام وأمراء أوربا، بل ولم تعد حرة للاستمرار في التمتع بامتيازاتها الإكليريكية مثل اختيار البابا الذي يخلف بيوس السادس. وقد احتاج ممثلوها الآن الحصول على الإذن من نابليون بونابرت قبل تعيينهم للبابا بيوس السابع سنة 1800م ليخلف البابا الذي مات في المنفى قبل ذلك بسنة.
وفضلاً عن ذلك، فإن اختبار البرية بالنسبة للكنيسة الكاثوليكية كان له التأثير الأكبر عليها من جهة غير متوقعة على الإطلاق ، من فنائها الخلفي أي من إيطاليا ذاتها. هنا تكمن الخلفية لوقائع الحياة القاسية والجافة التي واجهت الكنيسة الكاثوليكية في إيطاليا في القرن التاسع عشر.
بعد الهزيمة الثانية والأخيرة لنابليون سنة 1815م، وجد الإيطاليون أنَّ شبه جزيرتهم قد قسِّمت إلى دويلات أو ولايات وإمارات بابوية. وقد اعتاد القائد النمساوي القوي، في ذلك الوقت، ويُدعى ميتيرنخ، أن يُشير إلى إيطاليا على أنها مُجرَّد "تعبير جغرافي"، وهو قول يعكس الافتقار إلى الدولة الموحدة. وهذه الحالة الغريبة أفسحت المجال لظهور محاولات قومية لتوحيد إيطاليا في دولة واحدة، ولكن هذه المحاولات واجهت الكثير من الشك والريبة والمُقاومة من قبل الكنيسة الكاثوليكية. وبمرور الوقت تزايد الاقتناع في عقول أولئك القادة القوميين بأن الكنيسة الكاثوليكية كانت بالحقيقة عقبة خطيرة أمام تحقيقهم لطموحاتهم وتطلعاتهم الوطنية.
ولكن التوجه صوب توحيد إيطاليا وتكوين أمة متحدة جاز في مَعْلَم أو حدث تاريخي هام، عندما اغتُصبت الولايات والإمارات البابوية بالقوة سنة 1860م. ومع ذلك بقيت عقبة واحدة أساسية أمام تكوين دولة إيطالية واحدة. فقد أراد الإيطاليون أن تكون روما هي عاصمة دولتهم الموحدة. والمعروف أن روما كانت هي مقر أو كرسي الكنيسة الكاثوليكية وآخر ما بقي للكنيسة من ممتلكات. وقد تحقق هذا الحلم الإيطالي عندما احتلت القوات الإيطالية روما في 20 أيلول (سبتمبر) 1870، أثناء حكم البابا بيوس التاسع. ثم اُعلنت مملكة إيطاليا بعد ذلك بقليل.
تفهَّم البابا خطورة الأمر فرفض الاعتراف بالمملكة الجديدة وقام بنفي نفسه طواعية احتجاجاً على هذا الإعلان. هذه الحالة التي لم يسبق لها مثيل عُرفت تاريخياً فيما بعد بالمسألة أو القضية الرومانية. وظلت هذه المسألة أو القضية بلا حل على مدى 59 سنة، كان كافة الباباوات اللاحقين خلالها، يحصرون تحركاتهم على مجرد التنقل بين عدَّة مبانٍ قليلة بالفاتيكان في روما، رافضين مُغادرة روما. من المؤكد أن الكنيسة الكاثوليكية في القرن التاسع عشر كانت مكتنفة بمحيط أشبه بالبرية الشديدة العداء.
وباختصار، فقد رأينا حتى الآن أنه منذ عام 1798م (عندما نُفي البابا بيوس السادس إلى فلينس بواسطة الجنرال الفرنسي)، وحتى عام 1870 (عندما اغتُصِبَت روما بواسطة الجيش الإيطالي)، غاصت كنيسة الروم الكاثوليك عميقاً في اختبار البرية، وهو اختبار أبعد ما يكون عن وضعها السابق كوحش، والذي استمتعت به خلال 1260 سنة لسيادتها عندما كانت قوة كونية مضطهدة تسببت، إما مباشرة أو من خلال تأثيرها الطاغي على حكام أوربا، في استشهاد ما يقرب من 100 مليون من أتباع المسيح الأمناء.
7. كيف تمَّ حل المسألة أو القضية الرومانية بين إيطاليا والكنيسة الكاثوليكية سنة 1929؟.
كان الأمر غير معقول ويستحيل فهمه على بابا روما، أن يكون رأساً للكاثوليك عبر أنحاء العالم، وفي الوقت ذاته أن يكون خاضعاً في وطنه لرئيس آخر هو رئيس الدولة. فوفقاً لاعتقاد الكنيسة الكاثوليكية أن البابا بفضل دعوته، له الحق الذي لا يُمكن أن يتحوَّل أو يتغيَّر، في أن تكون له السيادة الزمنية المُطلقة. فعندئذ فقط يمكنه أن يمارس بحرية وبشكل كامل، واجباته بوصفه رأساً للكنيسة الكاثوليكية الجمعاء. ولكن هذه المطالبة تعارضت وتضاربت مع رغبة الإيطاليين الطبيعية في أن تكون لهم دولة متحدة وعاصمتها روما. وهكذا وجد الإيطاليون أنفسهم بعد سنة 1870م، ممزقين بين ولائهم وإخلاصهم للكنيسة الكاثوليكية بوصفهم كاثوليك أنفسهم، وبين ولائهم وإخلاصهم لدولتهم التي أنشأت حديثاً. وهذا التوتر، الذي لم يجد حلاً، بين الجانبين أضعف الدولة الحديثة التكوين على المستوى العالمي والمحلي على حد سواء. فكان يجب إيجاد حل للمسألة أو القضية الرومانية.
كان طرفا النزاع يتوقان لوضع حد لهذه المعضلة التي طال أجلها. وفي سنة 1922، تبوَّأ مركز القيادة والقوة كل من الدوق بينيتو موسوليني، والبابا بيوس الحادي عشر. وبحلول عام 1929، وجدا أخيراً الحل للمسألة أو القضية الرومانية الشائكة التي استمرت 59 سنة. وفي 11 شباط (فبراير)، 1929، تمَّ في روما توقيع ثلاث مجموعات من الوثائق والمستندات عُرفَت في مجموعها بلقب "اتفاقيات لاتيران"، نسبة إلى قصر لاتيران الذي تمَّ فيه التوقيع بواسطة كل من الكاردينال جاسباري، مُمثلاً للبابا بيوس السادس عشر، وموسوليني، ممثلاً للملك فيكتور عمانوئيل الثالث.