

-
إنهم عنصريون عرقيون
(2\3)
بقلم :د . يحيى هاشم حسن فرغل
yehia_hashem@ hotmail .com
يتساءل الدكتور كافين رايلي ، المؤرخ الأمريكي ورئيس جمعية التاريخ العالمي ( 1982-
1983) وعضو الجمعية التاريخية الأمريكية " في كتابه " الغرب والعالم " :
متى ظهرت العنصرية العرقية ؟
: لماذا سمح المجتمع الغربي الحديث دون سائر المجتمعات بأن تصبح جرثومة العنصرية – بافتراض وجودها في المجتمعات القديمة وفقا لنظرية ليفي شتراوس – وباء اجتاح كل مؤسساته الثقافية تقريبا وكثيرا من مؤسسات العالم ؟ ص 106
يجيب : إن جزءا من الجواب يكمن في الرق ، وبخاصة ذلك النوع العنصري الذي طورته الدول الغربية بعد اتصالها بأفريقيا واكتشافها للأمريكتين . فلقد بنت انجلترا وفرنسا واسبانيا والبرتغال – وليست هذه إلا أبرز الحالات – مجتمعات عبودية من الصفر في العالم الجديد . وعلى خلاف ما فعل الرومان بنى الأوربيون هذه المجتمعات العبودية مستخدمين جنسا واحدا مميزا من العبيد الأفارقة وبنوها بعيدا عن أوطانهم ، بعيدا عن أعين الجمهور وفي ظروف " الريادة " ، ففي أوربا ذاتها لم يكن هناك سوى عدد محدود من الرقيق وكان من الممكن أن يظهر نقاد كثيرون للرق ، وبخاصة الكنيسة ، فلو لم يكتشف الأوربيون الأمريكتين ويستعمروها لما قيض للرق والعنصرية أن يتسعا ويتغلغلا إلى هذا الحد .
وهكذا نجد – وفقا لكافين رايلي – أن جزءا آخر من الجواب هو في أن الأوربيين هم الذين فتحوا مساحات شاسعة من الأرض التي يمكن استثمارها من خلال الرقيق . فبعد عام 1450 كان الأوربيون قد توصلوا إلى التكنولوجيا البحرية والعسكرية الأكثر تقدما في العالم وفي خلال قرن استطاع الأوربيون إلحاق الهزيمة بالأفارقة واسترقاقهم بسبب هذا التفوق
ومع هذا فليس من الدقة –– القول بأن القوة وحدها هي التي ميزت الأوربيين عن غيرهم إذ كانت لدى الأوربيين مؤشرات ثقافية تتجه بهم نحو المزيد من السلطة والإنتاجية لم تكن لدى الأفريقيين .
إن الجواب يكمن في الثقافة الأوربية
فأفلاطون في جمهوريتة الأكثر مثالية !! حكم بحرمان العبيد من حق المواطنة ، وبإجبارهم على الخضوع للأحرار من سادتهم ، أو من سادة الغرباء
وتقضي فلسفة أرسطو بأن فريقا من الناس مخلوقون للعبودية لأنهم يعملون عمل الآلات التي يتصرف فيها الأحرار ذوو الفكر ، فهم آلات حية تلحق في عملها بالآلات الجامدة ، ويحمد من السادة الذين يستخدمون تلك الآلات الحية أن يتوسموا فيها القدرة على الاستقلال فيشجعوها ويرتقوا بها من منزلة الأداة المسخرة إلى منزلة الكائن العاقل . .
وشرعت الحضارة اليونانية نظام الرق العام كما شرعت نظام الرق الخاص أو تسخير العبيد في خدمة البيوت والأفراد
وعند نشأة المسيحية لم تحرم الرق المصحوب بإبادة الآخر عنصريا ، وتسلمته كما جاء في الكتاب المقدس في العهد القديم في الإصحاح العشرين من كتاب التثنية كالآتي : ( حين تقرب من مدينة لكي تحاربها استدعها للصلح فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكل الشعب الموجود يكون لك للتسخير وتستعبد لك وإن لم تسالمك بل عملت معك حربا فحاصرها . وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف ، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة ، وكل غنيمتها فتغنمها لنفسك ، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك ، هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة عنك جدا التي ليست من مدن هؤلاء الأمم هنا . أما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبا فلا تستبق منها نسمة بل تحرمها تحريما )
وكما جاء في الإصحاح الثالث عشر من كتاب التثنية عن تدمير مدن العدو ( فضربا تضرب بحد السيف ، وتحرم بكل ما فيها مع بهائمها بحد السيف ، تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتها وتحرق بالنار المدينة وكل أمتعتها كاملة للرب إلهك فتكون تلا إلى الأبد لا تبنى بعده )
وهذا مستمر تطبيقيا حتى اليوم بيد الصهيونية والعنصرية العرقية اللونية الأمريكية في فلسطين وأفغانستان العراق
وإذا كان هذا تراثا في العهد القديم فإنه صار جزءا من الكتاب المقدس ، واستمر دون تحريم ، فهاهو بولس """الرسول""" يأمر العبيد بطاعة سادتهم كما يطيعون المسيح ، فقال في رسالته إلى أهل أفسس ( أيها العبيد أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة ، في بساطة قلوبكم كما للمسيح . ولا بخدمة العين كمن يرضي الناس ، ولكن كعبيد المسيح ، عاملين مشيئة الله من القلب ، خادمين بنية صالحة كما للرب ، ليس للناس ، عالمين أنه مهما عمل كل واحد من الخير فذلك يناله من الرب )
وأوصى القديس بطرس بمثل هذه الوصية . وأوجبها آباء الكنيسة ، لأن الرق كفارة من ذنوب البشر يؤديها العبيد لما استحقوه من غضب السيد الأعظم
وأضاف القديس الفيلسوف توما الأكويني رأي الفلسفة الأرسطية إلى رأي الرؤساء الدينيين فلم يعترض على الرق ، بل زكاه .
نعم ؛ لقد وصلت العنصرية الأوربية إلى أبعاد متطرفة -- كما يقول كافين رايلي --- لأن ثقافتهم الأوربية شجعت الأفكار العنصرية عن الأفارقة
لقد بلغت العنصرية الأوربية أبعادا مذهلة في ظل الرق غير أن جذورها تعود إلى ما قبل اصطياد أول عبد أفريقي
ولكي نفهم لماذا كان الأوربيون هم الذين جعلوا من العنصرية وباء اجتاح العالم بأسره – كما يقول كافين رايلي – علينا أن نبحث أولا في تلك الجذور الثقافية ص 108
وهنا نجد أنفسنا أمام ثقافة اللون : اللون الأبيض
فقبل أن يستعبد الأوربيون الأفارقة بوقت طويل كانوا قد طوروا ثقافة مسيحية ترمز باللون الأبيض إلى الخير والأسود للشر، فالخطيئة سواد يصيب الروح ، والفضيلة والطهارة والتوبة بيضاء ، والملائكة والقديسون يسبحون في نور أبيض ، وعيسى الذي كان ينتمي إلى الشرق الأوسط أصبح في لوحات العصور الوسطى أوربيا أبيض أشقر اللون أزرق العينين ، وعلى النقيض من ذلك كان الشيطان يتشح بالسواد فقد كان أمير الظلام
ومع نهاية القرن الخامس عشر – قبل استرقاق الأفارقة – كانت المعاني الكامنة في كلمة " اسود " – كما جاء في قاموس أكسفورد للغة الإنجليزية : تدور حول : " ملطخ للغاية بالقذارة / ملوث / قذر / ينتمي إلى الموت / مميت / مهلك / مسبب للكوارث / والنحس / فاسد / فاسق / أثيم / مرعب / شرير / يدل على الخزي والاستهجان والجرم " ص 108
وكان المسيحيون يستعيرون صورة الصراع الزرادشتي بين النور والظلام ، ووجد زعماء الإصلاح البروتستانتي الصورة الزرادشتية للصراع أكثر اتفاقا مع إحساسهم بان قوى الشر قد لا تكون اقل أهمية من قوى الخير ، ولم يكن الشماليون الأوربيون أكثر خوفا من قوى الظلام التي تسعى لامتلاك العالم وحسب ، بل كانوا أيضا من الناحية الجسمانية أكثر بياضا وشقرة من سكان البحر الأبيض ، وأصبح البياض علامة على الجمال لأولئك الذين كانت جلودهم باهتة بشكل خاص . وقد امتدح الإنكليز الملكة إليزابيث بسبب بشرتها البيضاء الشاهقة قائلين :
إن يديها بيضاوان مثل عظام الحوت
وطرف أصبعها مغمس في البياض
وصدرها الأملس كجص باريس
تبرز منه آنيتان من المرمر
وربط شكسبير هو وبنو جلدته بين البياض والعفة عندما كانوا يفكرون في ملكتهم وزوجاتهم وبناتهم المسيحيات ، كما ربطوا بين السواد والجنس ، ولما كانت الخطيئة سوداء فإن الجنس أسود لأن الفسق هو أسوأ الخطايا المميتة .
وثمت ثقافات أخرى ربطت بين السواد والجنس لكنها لم تربط بينهما وبين الشر بل بالعكس ربطت بينهما وبين الخصوبة والإنتاج ومصدر الحياة
أما الثقافات اليهودية والمسيحية فإنها – كما يقول كافين رايلي – بصفة عامة عبدت البياض ، وخافت من القوة الجنسية الكامنة في السواد ، وكان الجنس عندهم شرا محضا ص 112 - كما كان أسود اللون ، وكان معظم الإنجليز قبل أن تقع أعينهم على إفريقي واحد مقتنعين بأن هؤلاء المغاربة أو " الأثيوبيين " أشد فحولة منهم ومن ثم أشد إثما ، ومن الجهة الأخرى كان النساء البيضاوات يجردن من صفاتهن الجنسية حينما كان رجالهن البيض ينظرن إليهن نظرة مثالية ، وكان أخشى ما يخشاه سادة المجتمع أن يقوم الأفارقة السود باغتصاب أو إغواء نسائهم البيضاوات الجميلات والضعيفات في الوقت ذاته ، ومع هذا كانت أحلام السادة الجنسية تدور حول الفتيات السوداوات لأنهم أقنعوا أنفسهم بأن نساءهم البيض أطهر من أن يكن قادرات على الغواية الجنسية .
وتدل مسرحية عطيل -- التي يرجح أنها كتبت في بداية القرن السابع عشر وهي من اعظم مسرحيات شكسبير -- دلالة واضحة على ردود الفعل لدى مسيحيي العصر الإليزابيثي تجاه السواد والبياض ص 112 - 113. إن مسرحية شكسبير- التي كتبت قبل استجلاب أوائل الرقيق الأفريقيين إلى أمريكا الشمالية - ليست بالمسرحية العنصرية ولكنها تكشف عن عنصرية المجتمع الإليزابيثي ، وتقدم إلينا صورة للعنصرية في انجلترا قبل انخراط الإنجليز في مشروعات استرقاق الأفريقيين الضخمة .
ويذهب كافين رايلي إلى أن مجتمع الرق الذي أوجده المسيحيون الأوربيون من القرن السابع عشر حتى القرن التاسع عشر لم يكن إلا نتيجة منطقية للأفكار العنصرية التي كانت قد نشأت في حضن المسيحية ولا سيما المسيحية البروتستانتية ، وكان الرق بمعنى آخر تطبيقا عمليا للتقسيمات اللونية التي وضعتها عقيدة مسيحية طعمت بديانة اقدم منها بكثير تنتمي إلى العصر الحجري أو إلى البيئات الزراعية ص 115
ومن المؤكد ان الأوربيين أصبحوا أكثر قدرة على تحمل استغلالهم الوحشي للأفارقة حينما صوروا لأنفسهم أن هؤلاء الأفارقة هم جنس أدنى أو حتى أنهم ليسوا ببشر ، فالرق بهذا المعنى قد شجع العنصرية الأوربية ص 119
إنه لمن( العسير – كما يقول كافين رايلي - تخيل الصورة التي كان يمكن أن تكون عليها الولايات المتحدة اليوم لو أن الأفارقة قد دخلوها بالشروط التي دخل بها سائر المهاجرين ، ولكن من المؤكد أن المشكلة العنصرية كانت ستخف وطأتها عما هي عليه . فتاريخنا في استرقاق الأفارقة وتفريق شمل عائلاتهم وحرمانهم من الكثير من ثقافتهم القديمة وإكراههم على الاتكال التام على سطوة البيض خلق ألوانا من التفاوت والتحامل لبثت قرونا
فتركة الرق عززت المخاوف التي عرقلت تحرير العبيد .
وعندما أعتق الرقيق في أمريكا الشمالية والجنوبية في القرن التاسع عشر وأصبحوا أحرارا بحكم القانون في كل أرجاء الأمريكتين عام 1900 لم يصبحوا مواطنين من الدرجة الأولى ، وصار أبناء العبيد وأحفادهم لا يتمتعون بكل الحقوق والمزايا السياسية بسب لون بشرتهم . وظل لونهم عقبة تحول دون المساواة بسبب التاريخ السابق للرق .) ص 120
ويقرر الباحث أنه كان هناك قدر كبير من التحامل الثقافي – في انجلترا على الأقل – ضد الأفارقة قبل استرقاقهم ، الأمر الذي يمكن أن نفترض معه أنه لو لم يكن الأوربيون الذين هاجروا إلى الأمريكتين قد استعبدوا الأفارقة قط لكان من الممكن وجود قدر معين من التحامل على أحرار السود .
الأمر الذي يؤكد مركزية اللون في العنصرية بالإضافة لعامل الرق
يزيد الأمر تأكيدا أن هناك اختلافا بين تحامل أوربيي الشمال وأوربيي الجنوب ضد الأفارقة ، ويصبح هذا الاختلاف لافتا للنظر بصفة خاصة إذا ما قارنا بين تحامل الأسبان والبرتغاليين ( في شبه جزيرة أيبيريا ) بتحامل الأوربيين الشماليين ، و ذلك لأسباب :
منها – كما يقول كافين – ( أنهم – أي الأسبان والبرتغاليين - عاشوا مع الأفارقة في شبه جزيرة أيبيريا منذ الفتح الإسلامي عام 711 . وعند ما حل عصر كولمبوس كان سكان شبه جزيرة أيبيريا قد قضوا قرونا يتعاملون مع المغاربة السمر في شمال أفريقيا ، فتعلم الأسبان والبرتغاليون أن ينظروا بإعجاب إلى الثقافة الإسلامية الثرية في شبه جزيرة أيبيريا وكبريات المدن الأفريقية ولذا كان من المستحيل على المتعلمين من أهالي شبه جزيرة أيبيريا أن يوحدوا بين السواد والتخلف . اما الإنجليز فقد فعلوا ذلك لأن جهلهم بالحضارة الإسلامية كان كاملا أو يكاد .) ص 121
ويقول : ( وقد استطاعت الكنيسة الكاثوليكية في شبه جزيرة أيبيريا عبر القرون أن تخفف من حدة بعض جوانب الرق الوحشية ، وكرست قائمة طويلة من الواجبات والمسئوليات على المالك تجاه العبيد . وهذا يصدق في جانب كبير منه على الثقافة الإسلامية بدورها . فالمسيحيون والمسلمون الأثرياء كانوا يعاملون عبيدهم في الغالب كأعضاء في أسرة كبيرة يعتمدون عليها اعتمادا كاملا . فكان ملاك العبيد لا يحكمون على أنفسهم من منظور كم النقود الذي يحصلون عليه من استغلال البشر الآخرين وإنما من منظور السخاء ، كما لم يكن هناك خط لوني واضح يفصل بين العبيد وسكان أيبيريا الأحرار ، وكان الأغنياء من نصارى ومسلمين يملكون الرقيق البيض أو السمر أو السود تبعا للظروف . ) ص 121
وهذا ما ألغى الكثير من فاعلية عنصر اللون وشيئا من عنصر الرق في تكريس نوع من العنصرية في الجنوب الأمريكي ( أمريكا اللاتينية ).
ولهذا كانت نسبة الرقيق الذين أعتقوا في المستعمرات الأسبانية والبرتغالية أعلى بكثير منها في المستعمرات البريطانية ص 123، ولم يكن القانون في البرازيل حيث استقر البرتغاليون وفي أمريكا الأسبانية يقضي بان يعد العبد عبدا طيلة حياته ، أو أن يكون أولاده عبيدا بالضرورة كما كان الحال من الناحية القانونية في الولايات المتحدة الأمريكية بعد سنوات 1660
وكانت في أمريكا اللاتينية عدة وسائل يحرر بها العبيد : منها الخروج للعمل أيام العطلات البالغ عددها 85 يوما في التقويم الكاثوليكي ، ومنها شراء الحرية على أقساط تسمح للعبد بالانتقال بعد القسط الأول من منزل سيده ، وهناك على الأقل حالات لبعض العبيد الذين دفعوا كل شيء ما عدا القسط الأخير لكي يتحاشوا الحرية الكاملة وما يقترن بها من ضرائب وخدمة عسكرية ص 123
وكانت هناك وسائل أخرى فقد اعتق سيمون بوليفار آلاف الرقيق في فنزويلا وكولومبيا عندما انخرطوا في الجيش في حروب الاستقلال ، كما أعتق الكثير من الرقيق الذين انضموا إلى جيوش البرازيل والأرجنتين
وكانت كوبا تصدر قرارات دورية يتم بموجبها عتق الرقيق الذين يفرون إلى شواطئها ويعتنقون المسيحية ، تلقائيا ، وكان من سلطة القاضي أن يحكم بإعتاق العبد الذي وقع عليه عقاب ظالم، وكان من حق الرقيق البرازيلي إذا أنجب عشرة أن يطالب بحريته شرعا ، وكانت المناسبات السعيدة كمولد ابن أو زواج ابنة وتعميد الطفل الرقيق والأعياد الدينية والقومية والاحتفالات العائلية فرصا لعتق عبد أو عدد من العبيد احتفاء بالمناسبة . وهكذا كان الإلزام الخلقي في أمريكا اللاتينية أكثر تأثيرا بوجه عام من حرفية القانون ، وكان القانون أكثر تشجيعا على عتق العبيد منه في الولايات المتحدة الأمريكية .
وفي معظم المستعمرات البريطانية بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية كان يفترض بصفة آلية أن كل أسود أو داكن البشرة من أأأأأأاصل أفريقي هو عبد إلى أن يثبت العكس ، بخلاف الوضع في أمريكا اللاتينية إذ كان يعتبر حرا حتى يثبت العكس .
بل إن بعض التشريعات في ولايات جورجيا في كارولينا الجنوبية كما في قانون 1740 ينص على أن ( جميع الزنوج أو الخلاسيين أو المهجنين الموجودين أو الذين سيوجدون في الإقليم وكل نسلهم وذريتهم المولدين منهم والذين سيولدون هم بموجب هذا القانون من العبيد وسيكونون كذلك في المستقبل وسيظلون إلى الأبد من الآن فصاعدا عبيدا بشكل كامل )
وكانت ولاية فرجينيا تلزم العبد المعتق بمغادرة الولاية في مدى سنة وإلا بيع مرة أخرى لصالح " الصندوق الأدبي " !! ،
وفي كثير من الولايات المتحدة الجنوبية يرد المعتق إلى الرق إذا لم يتمكن من سداد دين أو غرامة . ولم تكن قوانين جزر الهند الغربية البريطانية والولايات المتحدة الأمريكية تفسح باب الأمل للرقيق في شراء حريته فقد كانت تلك القوانين تفترض أن العبودية دائمة .ص 124- 125
وبحلول عام 1860 كان عدد السود الأحرار في الولايات المتحدة الأمريكية لا يتعدى 10% من بين السكان السود الذين يعيشون بها ، بينما أنه في وقت تحرير العبيد في البرازيل كان 75 % من السكان السود قد أعتق بالفعل .
ولقد اعترفت مجلة يونايتد ستيتس ماجازين آند ديموكراتيك ريفيو عام 1844 بالفرق الشاسع بين معاملة الأفارقة في الولايات المتحدة الأمريكية وأمريكا اللاتينية ، وقد لاحظت المجلة أن الزنجي في المكسيك وفي أمريكا الوسطى ومناطق شاسعة أبعد تجاه الجنوب أصبح حرا اجتماعيا وسياسيا على السواء ، ويقف على قدم المساواة مع الأبيض ، وأن تسعة أعشار السكان هناك من الأجناس الملونة وأن العسكريين وأعضاء المجالس النيابية والرؤساء هناك أناس من دم مختلط . ص 128
ولقد اعترف الكثيرون في أمريكا الشمالية بأن تعصبهم ضد السود في الولايات المتحدة الأمريكية أكبر مما هو في الجنوب . إن أمريكا اللاتينية كانت أكثر انفتاحا بالنسبة للمنحدرين من اصل أفريقي وكانت الحرية أيسر منالا ، وكان التعصب ضئيلا ، ولم يكن هناك إلا القليل من تلك التفرقة العنصرية في الأحياء السكنية والمدارس والفنادق والمنشآت العامة التي أصبحت من السمات المميزة للتجربة العنصرية في الولايات المتحدة الأمريكية ، ولم يكن هناك أي وجود في تجربة أمريكا الجنوبية لقانون الإعدام بغير محاكمة والمظاهرات ضد الزنوج التي أصبحت من معالم تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية في القرنين التاسع عشر والعشرين .
ما مصدر هذا الاختلاف ؟ وما تفسير عنف العنصرية البريطانية في أمريكا الشمالية إذا ما قورنت بالتحامل المعتدل نسبيا في أمريكا اللاتينية ؟
بالإضافة لما ذكره كافين سابقا من أثر الثقافة الإسلامية في أمريكا اللاتينية فإنه يعزى ذلك الاختلاف أساسا : إلى لون الرجل الأبيض حيث إن بياض بشرة البريطانيين والأوربيين الشماليين الآخرين بالمقارنة بلون البرتغاليين والأسبانيين الزيتوني جعل من الأيسر على هؤلاء الشماليين أن ينموا في أنفسهم على مر الزمن شغفا بالبياض
كما أنه كان هناك بعد " جنسي " في علاقات الأوربيين الشماليين : المتوافقة مع البياض حيث يعتبر رفيقا للطهارة والعفة ، من جهة ، والمتوترة مع السواد حيث يعتبر رمزا للشهوانية الأسطورية التي لا ترتوي من جهة أخرى . ص 129-130
وفي حين أن معظم الولايات المتحدة الأمريكية سنت قوانين صارمة ضد ممارسة الجنس بين الأفراد من أجناس مختلفة ، بسبب مجيء الأوربيين الشماليين برفقة زوجاتهم البيضاوات غالبا ، مما كرس الحواجز بين الفريقين … كانت مجتمعات أمريكا اللاتينية قد شجعت صراحة التمازج بين الأجناس نتيجة مجيء الأوربيين إليها من شبه جزيرة أيبيريا بدون زوجاتهم غالبا مما شجع صراحة التمازج بين الأجناس بوصفه أسلوبا اضطراريا للحياة ص131 ، وأدى بالتالي إلى ظهور نوعية من السكان ومجموعة من القيم جعلت فكرة العرق لا معنى لها تقريبا إذ كيف يتأتى للمرء أن يتحدث عن أعراق نقية أو حتى عن عرق عندما تكون الغالبية العظمى من السكان ليست سوداء وليست بيضاء بل هي تدرجات للون الزيتوني والبني ؟ وأصبح من المستحيل عند هؤلاء الجنوبيين إطلاق تعميمات عن الزنوج ، وهو أقل ما ينبغي على العنصري المتعصب أن يفعله كيما يمارس عنصريته .
أما في الولايات المتحدة الأمريكية فكلمة زنجي كانت قبل حرب استقلال الجنوب التي عادة ما يسميها المنتصرون الحرب الأهلية تعني العبد ، وكان الجنوبيون في الولايات المتحدة الأمريكية يرون في السود الأحرار تهديدا مميتا لنظام الرق ، وأن مجرد وجود سود ناجحين أحرارا إنما هو تحد للعقيدة العنصرية الرسمية القائلة بأن الأفارقة أحط بطبيعتهم .
وحتى دعاة إلغاء الرق من الشماليين فقد كانوا يسعون إلى إبعاد الزنوج وداعبت خيالهم أفكار خاصة بإعادة توطين العبيد الأحرار في أفريقيا أو سعوا مثل جورج بانكروفت إلى تهجير السود إلى المكسيك أو أمريكا الجنوبية
إن الولايات المتحدة شمالها وجنوبها – كما يقول كافين رايلي ص133 - مجتمع ينقسم إلى جماعتين : العبيد السود والبيض الأحرار ، ومن المفروض أن السود عبيد .( ولقد كان هذا الإصرار على مجتمع فيه طبقتان مغلقتان من القوة بحيث إن الأمريكيين الشماليين ما زالوا حتى اليوم يصنفون أي شخص فاتح اللون يرجع بعض نسبه إلى أفريقيا بأنه زنجي ، وينبغي حتى اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية أن يكون الناس إما بيضا وإما زنوجا – بعد استبعاد الأجناس الأخرى - وهم لا يكونون بيضا إلا إذا كانت أصولهم كلها بيضاء ، أما الزنجي فهو كل من لم يكن أبيض خالصا )
وهل من المستغرب بعد ذلك أن نعرف أن أمريكا تصدر بكل صفاقة توجيها في 24\2\2004 إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي – بعدم إصدار حكم في قضية " جبل الفصل العنصري " التي حولتها إليها الجمعية العامة للأمم المتحدة ، وهو الجبل الذي بنته إسرائيل للفصل بينها وبين الشعب الفلسطيني ولكن في عمق الأراضي الفلسطينية نفسها ؟
مرة أخرى : إنها العنصرية العرقية التي أبدعتها أمريكا والتي انبثقت من اعماق ثقافتها والتي هي مستمر حتى اليوم كما يقول كافين رايلي
فليهنا الأمريكيون والمتأمركون والأوربيون والمتأوربون بهكذا حضارة وهكذا إنسانية وهكذا حداثة وهكذا حرية وهكذا تقدم
وليعلموا أن هكذا حضارة لا يمكن ان تنجح في هكذا " عولمة " !!!
وليشهدوا أننا إذ نبلغهم رسالة ربهم في دين الإسلام فإنا ندعو إلى عالمية لا إلى كيان مشوه بواو العولمة ولونها الباهت الميت
وأنا نبرأ إلى الله من حضارتهم وحداثتهم وتقدمهم وتطورهم
يرءاء إلى أن نقوم بالشهادة عليهم حيث نقوم بالشهادة على الناس ويكون محمد " صلى الله عليه وسلم " شاهدا علينا جميعا
وليتابعوا مقالنا القادم عن كافين رايلي أيضا
أد : يحيى هاشم حسن فرغل
التعديل الأخير تم بواسطة قيدار ; 22-11-2007 الساعة 03:09 AM
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة عمرو بن العاص في المنتدى من ثمارهم تعرفونهم
مشاركات: 3
آخر مشاركة: 08-08-2010, 11:14 PM
-
بواسطة عمرو بن العاص في المنتدى من ثمارهم تعرفونهم
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 19-10-2007, 01:42 AM
-
بواسطة عبد الرحمن احمد عبد الرحمن في المنتدى المنتدى العام
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 13-11-2006, 02:24 PM
-
بواسطة ياسر جبر في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 8
آخر مشاركة: 19-08-2006, 12:50 AM
-
بواسطة Xx_Youri_xX في المنتدى من ثمارهم تعرفونهم
مشاركات: 7
آخر مشاركة: 16-12-2005, 08:15 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات