

-
دخلت سنة ثنتين وثلاثين وثلاثمائة
وفي ربيع الاول منها جاء الدمستق ملك الروم الى راس العين في ثمانين الفاً، فدخلها ونهب ما فيها وقتل وسبى منهم نحواً من خمسة عشر الفاً، واقام بها ثلاثة ايام، فقصدته الاعراب من كل وجه فقاتلوه قتالاً عظيماً حتى انجلى عنها.
ثم دخلت سنة اربع عشرة وثلاثمائة
فيها كتب ملك الروم، وهو الدمستق لعنه الله، الى اهل السواحل ان يحملوا اليه الخراج، فابوا عليه فركب اليهم في جنوده في اول هذه السنة، فعاث في الارض فساداً، ودخل ملطية فقتل من اهلها خلقاً واسر واقام بها ستة عشر يوماً، وجاء اهلها الى بغداد يستنجدون الخليفة عليه.
ثم دخلت سنة احدى وخمسين وثلاثمائة
فيها: كان دخول الروم الى حلب صحبة الدمستق ملك الروم لعنه الله، في مائتي الف مقاتل، وكان سبب ذلك: انه ورد اليها بغتة فنهض اليه سيف الدولة بن حمدان بمن حضر عنده من المقاتلة، فلم يقو به لكثرة جنوده، وقتل من اصحاب سيف الدولة خلقاً كثيراً، وكان سيف الدولة قليل الصبر ففرّ منهزماً في نفر يسير من اصحابه.
فاول ما استفتح به الدمستق قبحه الله ان استخوذ على دار سيف الدولة، وكانت ظاهر حلب، فاخذ ما فيها من الاموال العظيمة والحواصل الكثيرة، والعدد والات الحرب، اخذ من ذلك ما لا يحصى كثرة، واخذ ما فيها من النساء والولدان وغيرهم. (ج/ص: 11/ 273)
ثم حاصر سور حلب فقاتل اهل البلد دونه قتالاً عظيماً، وقتلوا خلقاً كثيراً من الروم، وثلمت الروم بسور حلب ثلمة عظيمة، فوقف فيها الروم فحمل المسلمون عليهم فازاحوهم عنها، فلما جنّ الليل جد المسلمون في اعادتها فما اصبح الصباح الا وهي كما كانت، وحفظوا السور حفظاً عظيماً.
ثم بلغ المسلمون ان الشرط والبلاحية قد عاثوا في داخل البلد ينهبون البيوت، فرجع الناس الى منازلهم يمنعونها منهم قبحهم الله، فانهم اهل شر وفساد، فلما فعلوا ذلك غلبت الروم على السور فعلوه ودخلوا البلد يقتلون من لقوه، فقتلوا من المسلمين خلقاً كثيراً وانتهبوا الاموال واخذوا الاولاد والنساء.
وخلصوا من كان بايدي المسلمين من اسارى الروم، وكانوا الفاً واربعمائة، فاخذ الاسارى السيوف وقاتلوا المسلمين، وكانوا اضر على المسلمين من قومهم، واسروا نحواً من بضعة عشر الفاً ما بين صبي وصبية، ومن النساء شيئاً كثيراً، ومن الرجال الشباب الفين، وخربوا المساجد واحرقوها، وصبوا في جباب الزيت الماء حتى فاض الزيت على وجه الارض، واهلكوا كل شيء قدروا عليه، وكل شيء لا يقدرون على حمله احرقوه.
واقاموا في البلد تسعة ايام يفعلون فيها الافاعيل الفاسدة العظيمة، كل ذلك بسبب فعل البلاحية والشرط في البلد قاتلهم الله.
وكذلك حاكمهم ابن حمدان كان رافضياً يحب الشيعة ويبغض اهل السنة، فاجتمع على اهل حلب عدة مصائب، ثم عزم الدمستق على الرحيل عنهم خوفاً من سيف الدولة، فقال له ابن اخيه: اين تذهب وتدع القلعة واموال الناس غالبها فيها ونساؤهم؟
فقال له الدمستق: انا قد بلغنا فوق ما كنا نامل، وان بها مقاتلة ورجالاً غزاة.
فقال له: لا بد لنا منها.
فقال له: اذهب اليها، فصعد اليها في جيش ليحاصرها فرموه بحجر فقتلوه في الساعة الراهنة من بين الجيش كله، فغضب عند ذلك الدمستق وامر باحضار من في يديه من اسارى المسلمين، وكانوا قريباً من الفين فضربت اعناقهم بين يديه لعنه الله.
ثم كر راجعاً وقد دخلوا عين زربة قبل ذلك في المحرم من هذه السنة، فاستامنه اهلها فامنهم وامر بان يدخلوا كلهم المسجد ومن بقي في منزله قتل، فصاروا الى المسجد كلهم ثم قال: لا يبقين احد من اهلها اليوم الا ذهب حيث شاء، ومن تاخر قتل.
فازدحموا في خروجهم من المسجد فمات كثير منهم، وخرجوا على وجوههم لا يدرون اين يذهبون، فمات في الطرقات منهم خلق كثير.
ثم هدم الجامع وكسر المنبر وقطع من حول البلد اربعين الف نخلة، وهدم سور البلد والمنازل المشار اليها، وفتح حولها اربعة وخمسين حصناً بعضها بالسيف وبعضها بالامان، وقتل الملعون خلقاً كثيراً، وكان في جملة من اسر ابو فراس بن سعيد بن حمدان نائب منبج من جهة سيف الدولة، وكان شاعراً مطيقاً، له ديوان شعر حسن، وكان مدة مقامه بعين زربة احدى وعشرين يوماً. (ج/ص: 11/ 274)
ثم سار الى قيسرية فلقيه اربعة الاف من اهل طرسوس مع نائبها ابن الزيات، فقتل اكثرهم وادركه صوم النصارى فاشتغل به حتى فرغ منه، ثم هجم على حلب بغتة، وكان من امره ما ذكرناه.
وفيها: كتبت العامة من الروافض على ابواب المساجد: لعنة معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه، وكتبوا ايضاً: ولعن الله من غصب فاطمة حقها، وكانوا يلعنون ابا بكر ومن اخرج العباس من الشورى - يعنون عمر - ومن نفى ابا ذر - يعنون عثمان - رضي الله عن الصحابة، وعلى من لعنهم لعنة الله، ولعنوا من منع من دفن الحسن عند جده - يعنون مروان بن الحكم -.
ولما بلغ ذلك جميعه معز الدولة لم ينكره ولم يغيره، ثم بلغه ان اهل السنة محوا ذلك وكتبوا عوضه: لعن الله الظالمين لال محمد من الاولين والاخرين، والتصريح باسم معاوية في اللعن، فامر بكتب ذلك، قبحه الله وقبح شيعته من الروافض، لا جرم ان هؤلاء لا ينصرون.
وكذلك سيف الدولة بن حمدان بحلب فيه تشيع وميل الى الروافض، لا جرم ان الله لا ينصر امثال هؤلاء، بل يديل عليهم اعداءهم لمتابعتهم اهواءهم، وتقليدهم سادتهم وكبراءهم واباءهم وتركهم انبياءهم وعلمائهم، ولهذا لما ملك الفاطميون بلاد مصر والشام، وكان فيهم الرفض وغيره، استحوذ الفرنج على سواحل الشام بلاد الشام كلها، حتى بيت المقدس، ولم يبق مع المسلمين سوى حلب وحمص وحماة ودمشق وبعض اعمالها، وجميع السواحل وغيرها مع الفرنج، والنواقيس النصرانية والطقوس الانجيلية تضرب في شواهق الحصون والقلاع، وتكفر في اماكن الايمان من المساجد وغيرها من شريف البقاع.
يتبع
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة الترجمان في المنتدى حقائق حول الكتاب المقدس
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 07-09-2007, 03:36 AM
-
بواسطة المهتدي بالله في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 01-02-2007, 03:20 PM
-
بواسطة شبكة بن مريم الإسلامية في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 04-01-2007, 05:02 PM
-
بواسطة ali9 في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 5
آخر مشاركة: 01-11-2006, 12:29 AM
-
بواسطة دفاع في المنتدى من ثمارهم تعرفونهم
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 05-07-2005, 10:11 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات