لجميع من شارك بالموضوع !

هذا ما كنت أريده بالضبط ..... إثبات أن القتل تم بالفعل قبل الصلب !

فالقتل هو إزهاق الروح ..... أما الصلب فالغرض منه ليس القتل بل التجريس و الفضيحة أو التمثيل بالشخص المقتول ......

و حاضر لدينا قصة صلب الطاغية الحجاج الثقفى للصحابى الجليل عبد الله بن الزبير بعد مقتله و تركه على إحدى الطُرق عبرة لغيره من الخارجين على سلطة الدولة الأموية ..... و فيه أطلقت أسماء بنت أبى بكر كلمتها الشهيرة للحجاج : أما آن للراكب أن ينزل ! ..... أى إنزاله من على الصليب ..... و الصلب هو ما كان يُشفق منه عبد الله بن الزبير قبل ذهابه لمُحاربة الأمويين ..... و عندما ذكر هذا لأمه اسماء بنت ابى بكر ، قالت فى ذلك كلمتها الخالدة : لا يُضير الشاه سلخها بعد ذبحها !

إذن فالصلب عقوبة تختلف عن القتل و قد تكون تكميلية للقتل .....

و هذا الترتيب ...... و ما ذكره اخوينا سعد و السيف البتار يؤكذ أن القتل قد تم قبل الصلب ......

و نجد إختلافاً بيناً بين الأناجيل فى ذكر هذه الحادثة:

متى 27 : 31 - 34


31وبعدما استهزئوا به نزعوا عنه الرداء والبسوه ثيابه ومضوا به للصلب
32وفيما هم خارجون وجدوا انسانا قيروانيا اسمه سمعان فسخروه ليحمل صليبه.
33ولما أتوا الى موضع يقال له جلجثة وهو المسمى موضع الجمجمة
34اعطوه خلا ممزوجا بمرارة ليشرب. ولما ذاق لم يرد ان يشرب.


مرقس 15 : 20 - 23


20وبعدما استهزأوا به نزعوا عنه الارجوان والبسوه ثيابه ثم خرجوا به ليصلبوه.
21فسخّروا رجلا مجتازا كان آتيا من الحقل وهو سمعان القيرواني ابو ألكسندرس وروفس ليحمل صليبه.
22وجاءوا به الى موضع جلجثة الذي تفسيره موضع جمجمة.
23واعطوه خمرا ممزوجة بمرّ ليشرب فلم يقبل.



لوقا 23 : 26 - 33


26ولما مضوا به امسكوا سمعان رجلا قيروانيا كان آتيا من الحقل ووضعوا عليه الصليب ليحمله خلف يسوع.
27وتبعه جمهور كثير من الشعب والنساء اللواتي كنّ يلطمن ايضا وينحن عليه.
28فالتفت اليهنّ يسوع وقال. يا بنات اورشليم لا تبكين عليّ بل ابكين على انفسكنّ وعلى اولادكنّ.
29لانه هوذا ايام تأتي يقولون فيها طوبى للعواقر والبطون التي لم تلد والثدي التي لم ترضع.
30حينئذ يبتدئون يقولون للجبال اسقطي علينا وللآكام غطينا.
31لانه ان كانوا بالعود الرطب يفعلون هذا فماذا يكون باليابس.
32وجاءوا ايضا باثنين آخرين مذنبين ليقتلا معه
33ولما مضوا به الى الموضع الذي يدعى جمجمة صلبوه هناك مع المذنبين واحدا عن يمينه والآخر عن يساره.


فمن الواضح أن المصلوب لم يستطع أن يحمل صليبه بنفسه ...... فجاءوا بسمعان القيروانى ليحمله عنه !

ثم هذا التضارب بين يوحنا ..... و بين باقى تلك الأناجيل ..... إذ يقول يوحنا أن المصلوب هو الذى حمل الصليب بنفسه إلى موضع الصلب أو الجمجمة!

يوحنا 19 : 16 - 18


16فحينئذ اسلمه اليهم ليصلب فأخذوا يسوع ومضوا به.
17فخرج وهو حامل صليبه الى الموضع الذي يقال له موضع الجمجمة ويقال له بالعبرانية جلجثة
18حيث صلبوه وصلبوا اثنين آخرين معه من هنا ومن هنا ويسوع في الوسط



فالنتيجة هنا 3 إلى 1 ..... فمن حمل الصليب ..... سمعان أم اليسوع ؟ ..... و نجد هنا أن يوحنا يُصر أنه حمل (هو.... أى اليسوع) الصليب إلى موضع الجمجمة ...... بينما فى الأناجيل الأخرى .... فحامل الصليب هو سمعان القيروانى !

و نجد هذا اليسوع ، المُساق كسجين للصلب و المحكوم عليه بالإعدام ...... و الذى لا يقوى على حمل صليبه فى ما أوردناه من إستشهادنا فى لوقا ..... يلتفت إلى النائحين الباكين من حوله و يُلقى فيهم خطبة عصماء إستغرقت ثلاث آيات (من 28 إلى 31) ...... و كأنه كان ما زال فيه نَفَس لكى يُلقى خطبته العصماء تلك و يُهدد و يتوعد الجميع بالويل و الثبور و عظائم الأمور ! .... هل يُمكن لأحد أن يُصدق هذا الكلام ..... ألم يلكزه جندى رومانى من الحرس المُرافق له ليستحثه على السير بدلاً من أن يستموت فيها !!!! و لا يقوى على حمل صليبه ......و مع ذلك لديه الوقت و المجهود لكى يُلقى خطبته تلك فى أولئك الجموع المُتحلقة من حول موكبه الدامى !

إذن فمنطقياً و عقلياً ..... و بحساب الأغلبية .... نرفض أقوال يوحنا فى حادثة الصلب لأنه يختلف مع باقى الأناجيل ...... و نرفض أقوال لوقا لأنه يفتعل خطبة عصماء لم يكن مُمكناً لها أن تحدث و لا فى الخيال من ميّت مضروب حتى الموت و معدوم العافية ، ثم يقف ليُلقى خطبة عصماء فى الحشود المُلتفة من حوله!

و نجد هذا التطابق الغريب بين مُرقس و متى ...... مما يؤكد أن كاتبهما إما واحد ..... أو أن أحد الكاتبين إستقى من الآخر !

إذن ...فالمصلوب لم يقوى على حمل الصليب ..... إما لأنه قد مات بالفعل ..... أو أنه فاقد للوعى .... و هذا يتضح من مُحاولة الإفاقة التى حاولها معه المُرافقون بإعطاءه الخل (متى) أو الخمر (مرقس) الممزوج بالمُر ...... و هذا فضح آخر للتضارب بين إنجيلين من المُفترض أن كاتبهما واحد أو مُتحدى المصدر أو الإقتباس .... فهل المشروب خل أم خمر ...... و الفرق كبير ..... فنحن كمُسلمين نتناول الخل .... فهو حلال .... و لقد أوصى به الرسول (عليه الصلاة و السلام) حين أوصى به كإدام قائلاً : خير الإدام الخل ...... أما الخمر فهى حرام قطعياً ..... و لا حُجة فى الخلط بينهما فى الإنجيلين .... بأن مصدرهما واحد ، و هو عصير العنب ..... فهناك فرق كبير بين نبات الأفيون مثلاً و الجرجير أو السريس و كلهم نباتات أو أعشاب !!!!

و واحد من الإنجيلين (متى) يقول أنه ذاق منه و لم يُعجبه طعمه .... فلم يتناوله ..... أما الإنجيل الثانى فيقول أنه لم يقبل أن يتناوله من الأصل ..... و لم يتطرق إلى مسألة طعمه أو أنه قد تذوقه !

عموماً ..... سنتغاضى عن هذه التضاربات الصارخة ..... و نخلـُص إلى أن إعطاء المصلوب لهذا المشروب هو مُحاولة للإفاقة ..... حيث يُمكن للطعم اللاذع الممزوج بالمرارة أن يُنبه حواس الفاقد للوعى ..... تماماً كما نستخدم مسحوق النشادر فى إفاقة المغشى عليهم ...... و فى كلتا الحالتين لم يتناوله المصلوب!

أما ما تلى ذلك فهو من باب المط و التطويل ..... مثلما يحدث فى المُسلسلات العربية العقيمة ..... حيث يتم المط و التطويل فى قصة يُمكن تقديمها فى سهرة تمثيلية ..... إلى مُسلسل لأكثر من ثلاثين حلقة لأنه يبيع الحلقة الواحدة للفضائيات بالشيئ الفلانى !

و هكذا المط و التطويل فى الأناجيل فى الصلب ..... كتبرير لإتخاذ الصليب كرمز للفداء و التصالح مع الرب ..... و نجد أن التضارب يستمر بينها فى السرد لما حدث على الصليب بصورة تفقدها مصداقيتها كلية :

فنجد فى متى 27 .... أن المصلوب لم يتحدث قط إلى حوالى الساعة التاسعة.... قبيل موته فى صرخته الشهيرة على إيلى ..... و بالمُناسبة فإن إيلى هذا هو إله وثنى للكنعانيين الفلسطينيين ..... إذ يبدو أن المصلوب قد فقد إيمانه بالله الذى خلقه و إستجار بالإله إيلى الكنعانى علـّه يُنقذه من مصيره المُظلم


46ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ايلي ايلي لما شبقتني اي الهي الهي لماذا تركتني.
47فقوم من الواقفين هناك لما سمعوا قالوا انه ينادي ايليا.
48وللوقت ركض واحد منهم واخذ اسفنجة وملأها خلا وجعلها على قصبة وسقاه.
49واما الباقون فقالوا اترك. لنرى هل يأتي ايليا يخلّصه.
50فصرخ يسوع ايضا بصوت عظيم واسلم الروح


و نفس الموضوع مع مُرقس 15 ..... إذ نجد أيضاً أن المصلوب صامت تماماً فيما عدا الإستجارة بإيلى ثم صرخته التى أسلم فيها الروح


34وفي الساعة التاسعة صرخ يسوع بصوت عظيم قائلا ألوي ألوي لما شبقتني. الذي تفسيره الهي الهي لماذا تركتني.
35فقال قوم من الحاضرين لما سمعوا هوذا ينادي ايليا.
36فركض واحد وملأ اسفنجة خلا وجعلها على قصبة وسقاه قائلا اتركوا. لنر هل يأتي ايليا لينزله
37فصرخ يسوع بصوت عظيم واسلم الروح.


أما فى لوقا 23 .... فنجد المصلوب ...... الذى يهوى إلقاء المُحاضرات و العظات ...... حتى و هو فى طريقه إلى الصلب ..... و لا ينهره أحد أو يقول له أحد إخرس أو أصمت ! ..... يُمارس هوايته فى إلقاء المُحاضرات و العظات حتى و هو على الصليب ...... هذا على الرغم من أن متى و مُرقس أصرا على كون المصلوب صامتاً فيما عدا إستغاثته بالإله الوثنى ثم صرخنه الأخيرة ..... ففى لوقا .... المصلوب لم يصرخ ..... بل يفعل كما يفعل المُسلمون و يتشاهد على روحه بمُنتهى الإطمئنان و السكينة ! .... هذا إلى جانب مُحاضرته التى ألقاها على زملاءه على الصليب :


39وكان واحد من المذنبين المعلقين يجدف عليه قائلا ان كنت انت المسيح فخلّص نفسك وإيانا.
40فاجاب الآخر وانتهره قائلا أولا انت تخاف الله اذ انت تحت هذا الحكم بعينه.
41اما نحن فبعدل لاننا ننال استحقاق ما فعلنا. واما هذا فلم يفعل شيئا ليس في محله.
42ثم قال ليسوع اذكرني يا رب متى جئت في ملكوتك.
43فقال له يسوع الحق اقول لك انك اليوم تكون معي في الفردوس
44وكان نحو الساعة السادسة. فكانت ظلمة على الارض كلها الى الساعة التاسعة.
45واظلمت الشمس وانشقّ حجاب الهيكل من وسطه.
46ونادى يسوع بصوت عظيم وقال يا ابتاه في يديك استودع روحي. ولما قال هذا اسلم الروح.


و على رأى المُمثلة شويكار : شيئ لا يُصدكه عكل ..... و أنا أكتبها باللغة الشويكارية لمن يظن أننى أخطئ فى الهجاء !

أما يوحنا ..... فبشيئ من النرجسية المقيتة .... لا ينسى أن يذكر نفسه فى إنجيله ...... و أن يحشر نفسه فى موت (إلهه!) ليُبين أنه ذو مكانة خاصة عنده ..... فيذكر أن المصلوب لم يتكلم على الصليب إلا ليوصيه بأمه (أم المصلوب) ..... و ليوصى أم المصلوب بالولد حبيب قلبه! ..... و بعدين يقول أنا عطشان قبل أن يموت فى ميتة تراجيدية يعجز عن أداء مثلها ملك التراجيديا يوسف (بك) وهبى !


25وكانت واقفات عند صليب يسوع امه واخت امه مريم زوجة كلوبا ومريم المجدلية.
26فلما رأى يسوع امه والتلميذ الذي كان يحبه واقفا قال لامه يا امرأة هوذا ابنك.
27ثم قال للتلميذ هوذا امك. ومن تلك الساعة اخذها التلميذ الى خاصته
28بعد هذا رأى يسوع ان كل شيء قد كمل فلكي يتم الكتاب قال انا عطشان.
29وكان إناء موضوعا مملوّا خلا. فملأوا اسفنجة من الخل ووضعوها على زوفا وقدموها الى فمه.
30فلما اخذ يسوع الخل قال قد اكمل. ونكس راسه واسلم الروح


و مع التضارب بين كل هذه الروايات ..... نجد نفسنا عاجزين عن إقناع أنفسنا بمدى مصداقية أى منها فى تناول حدث جوهرى و محورى فى صلب العقيدة المسيحية و هو الصلب و الموت ...... و ماذا حدث فى الطريق إلى الصلب و عند الصلب إلى لحظة الموت !!!! .... فالعقيدة كلها تتمحور حول هذه النقطة التى بُنيت عليها ديانة كاملة ...... نصدق مين أم مين فيهم!

و هكذا أجد نفسى لا أصدق أى منهم ..... و أصدق ما قاله القرآن .... أن المصلوب كان بالفعل ميتاً عن تعليقه على الصليب ...... و الشواهد من الأناجيل المُتضاربة تؤيد ذلك كما سبق و أن قلنا .... و لم تُفلح مُحاولات الإفاقة التى تمت بشرب المادة اللاذعة الممزوجة بالمُر .... و تم تعليق المصلوب ميتاً على الصليب لتجريسه و فضيحته ...... أما ما تم على الصليب من حوارات و صرخات .... فهى كلها محض فبركة كل الغرض منها هو تبرير إتخاذ الصليب رمزاً للعقيدة الجديدة ..... و أنه رمز للفداء و التكفير الذى حمله اليسوع كبديل عن البشر فى حمل الخطايا ..... تلك الخطايا التى تبددت بإزهاق روحه على الصليب .... و أن روحه قد خرجت و هو على الصليب و ليس قبل ذلك ! ...... آخذين فى الإعتبار أن الصليب كان ذو مغزى دينى للكثير من الشعوب التى إنتشرت المسيحية بينها فيما بعد ..... فهو رمز الحياة لدى المصريين و إسمه عنخ أو كا ...... و هو رمز للخصوبة او للعضو الذكرى لدى كل من الرومان و الإغريق القدامى .... و بعض الشعوب تتخذه كرمز لإلتقاء الخط العمودى الذى يرمز إلى السماء ( المطر أو الذكورة) بالخط الأفقى الذى يرمز إلى الأرض (أو الأنوثة و الخصوبة) ......و له العديد من المدلولات الأخرى لدى غيرهم من الشعوب ....

و بالتالى لم تجد اليسوعية الصليبية مُشكلة فى الإنتشار بين الكثير من الشعوب الوثنية إذ أنها أتت برموز (الصليب مُقارنة بمفتاح الحياة لدى المصريين) و تماثيل (تمثال اليسوع و أمه مريم أو اللوجوس ..... مُقارنة بحورس و إيزيس ..... و كذلك الخروف مع الإله آمون الذى كان يُرمز له برمز الخروف أو الكبش .... و لعلنا نذكر طريق الكباش الطويل الذى يمتد إلى عدة كيلومترات بين معبدى الأقصر و الكرنك ...... و هما المُخصصان لعبادة الإله آمون!) و طقوس (الركوع و السجود لأصنام و تماثيل اليسوع ، و مريم و أجساد القديسين) و رموز (الأيقونات و التماثيل و رموز الصليب التى تنتشر فى كل الكنائس !) لا تختلف كثيراً عن المعبودات الأصلية لتلك الشعوب و التى عبدتها لآلاف السنين من قبل.

و هكذا نجد أن القرآن أصدق من كل اساطير الأناجيل و يخلو من تلك التضاربات التى تحفل بها تلك الأناجيل و يؤكد أن الموت أو القتل سبق الصلب .