الصوفية الوجودية

تعتبر هذه المرحلة من أخطر مراحل الصوفية , حيث تسربت إليها الفلسفة اليونانية فابتعدت بها عما سبقها من مراحل التصوف بل جعلتها من الصوفية الخارجة عن الإسلام فكانت شبيهة بالنصرانية عندما دخلها الروم ومزجوها بالتثليث والفلسفة ولذلك قيل إن النصرانية ترومت ولم يتنصر الروم , بل نستطيع أن نجزم من خلال استقراء ما طرأ على الرسالات السماوية التي بدلت وحرفت كاليهودية والنصرانية أن للفلسفة دوراً كبيراً في هذا التبديل ؛ فبسبب نقد الفلاسفة للنصوص التوراتية واتهامها بأنها ساذجة أو أساطير , تحت هذا الضغط راح علماء اليهود يؤولن النصوص تأويلات رمزية كما فعل (فيلون) اليهودي , فأولوا إبراهيم عليه السلام بأنه النور , وزوجته سارة بأنها الفضيلة وهكذا فعلوا بقصة آدم وحواء وقصة بني آدم وقصة يوسف عليه السلام .
ومن ( فيلون انتقلت طريقة التأويل الرمزي إلى النصرانية خصوصاً عندما هاجمها رجال الأفلاطونية المحدثة وممثلو الثقافة اليونانية , وأقر رجال اللاهوت النصراني على أنه ورد في الأناجيل أشياء غير معقول فأولوها تأويلاً يرضى عنه الفلاسفة [ انظر البحث الذي كتبه د . عبد الرحمن بدوي عن التأويل بالباطل وأثره في التوراة والإنجيل في كتابه مذاهب الإسلاميين الجزء الثاني].

وفي الإسلام جاء الفلاسفة بعد ترجمة الكتب اليونانية ككتاب " التاسوعات" لأفلاطين الإسكندري , نقله إلى العربية عبد المسيح بن ناعمة الحمصي بعنوان " الأثولوچيا" أي الربوبية [ أحمد أمين : ظهور الإسلام 4/156.].

كما ترجم كتاب " أثولكوچيا " للأرسطوطاليس وفيه نظرية الفيض والإشراق التي ستلعب دوراً خطيراً في التصوف خصوصاً عند السهروردي [ يحيى بن حبش بن أميرك السهروردي من مؤيدي فلسفة الإشراق التي من زعمائها أفلوطين , ثبت عليه الانحلال من الدين وادعاء النبوة فأفتى علماء حلب بكفره وقتل سنة 587هـ . انظر الذهبي : سير أعلام النبلاء 21/201 وبدوي : شخصيات قلقة /95. ابن تيمية : درء تعارض العقل والنقل 5/82 .].
وابن عربي [ هو أبو بكر محي الدين محمد بن علي بن محمد الحاتمي الطائي الأندلسي ولد ( بمرسية ) سنة 560هـ ونشأ بها ثم ارتحل وطاف البلدان فجاء بلاد الشام والروم والمشرق ودخل بغداد , كان يكتب الإنشاء لبعض ملوك المغرب , اختلف الناس في شأنه فذهب طائفة إلى أنه زنديق وقال آخرون إنه ولي ولكن يحرم النظر في كتبه , والصحيح أنه اتحادي خبيث , ولم يشتهر أمره وكتبه إلا بعد موته لأنه كان منقطعاً عن الناس إنما يجتمع به آحاد الاتحادية ولهذا تمادى في أمره ثم فضح وهتك , توفي سنة 637هـ . انظر : شذرات الذهب لابن عماد 5/190 والبقاعي / 178 , وبدوي : تاريخ التصوف / 41 . ابن تيمية : درء تعارض العقل والنقل 5/82 .]

وتحت ضغط الفلسفة قام المعتزلة بحذف أو تأويل كل نص يناقض العقل – بزعمهم – كما غرقوا في الجدل العميق الذي يدور حول ألفاظ ( الجوهر – والجزء الذي لا يتجزأ – والجسم – والمتحيز و .... الخ ) , ومثلوا دور الترف الفكري أحسن تمثيل , فانحرفوا بذلك عن الإسلام العملي الإيجابي .

وأما الصوفية فقد دخلت عليهم الفلسفة من باب ( التشبه بالإله على قدر الطاقة ) فحاولوا إثبات تشبه العبد بالرب في الذات والصفات والأفعال , كما فعل الغزالي ومن تبعه في كتابه : ( المضنون به على غير أهله )[ ابن تيمية : درء تعارض العقل والنقل 5/82 .].

ثم جاء ابن عربي وتلامذته فقالوا بالوحدة المطلقة , لأن الفلاسفة يقولون: الوجود الحقيقي هو للعلة الأولي ( الله ) لاستغنائه بذاته , فكل ما هو مفتقر إليه فوجوده كالخيال . ومن هنا نشأت نظرية " وحدة الوجود " عند ابن عربي وقد انطلقت ابتداء مما يردده الصوفية بشكل عام من أن الموجود الحق هو الله سبحانه , ويعنون بذلك أن الموجودات والكائنات إنما هي صور زائفة ومجرد أوهام وليست ذاتاً منفصلة قائمة بنفسها , فمثلها لا يستحق أن يطلق عليه الوجود الحقيقي[ بعض المفكرين في هذا العصر ـ وهم من أهل السنة ـ من أطلق عبارة : أن الموجود والحق هو الله سبحانه وإنما قصد بذلك معنى لا يصادم الشرع وهو أن الله سبحانه وهو الباقي السرمدي بخلاف الموجودات الغائبة التي لا تستطيع القيام بنفسها بل هي مستندة إلى وجود الله سبحانه و وهو معنى وإن لم يصادم الشرع إلا أنه مدخل لكثير من التصورات التي قد تؤدي للوقوع في البدعة , والالتزام بالألفاظ الشرعية أولى وأهل السنة يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى حق قيوم على مخلوقاته , وأنه خلق الكائنات وجعل لها ذواتاً منفصلة لا علاقة لها بذاته , وهي موجودة حقيقة وليست صوراً أو أوهاما وأنها تفني في هذه الحياة الدنيا , وأن وجودها مستقل عن الخالق المعبود .].
ولكنها حرفت عند ابن عربي عن مفهومها لدى الصوفية بحيث انتهى إلى القول بوحدة الوجود فقال أن الوجود الحقيقي هو الله سبحانه , ولكننا نرى هذه الكثرة والتعدد قائمة أمام أعيننا فلا يمكن إنكارها ومن ثم فهذه الموجودات كلها ليست سوى الله ذاته ـ تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً ـ وكلها مظهر من مظاهره وتجل من تجلياته , وليست آية من آياته كما مفهوم أهل السنة فحقيقة الرب إذن أنه وجود مطلق لا اسم له ولا صفة ولا يرى في الآخرة , وليس له كلام ولا علم ولا غير ذلك ولكن يُرى في الكائنات [ انظر البقاعي في كتابه : تنبيه الغبي 19/40 وابن تيمية في الإيمان الأوسط /132 والشوكاني في قطر الولي /190 .].
فكل كائن هو الله والله هو كل كائن, فاتحد بذلك الوجود مع الخالق المعبود, وتم له ما أراد من هدم صرح التوحيد وكان هذا القول أشد شركاً من قول النصارى, إذ أن الكل في هذا التصور المريض إله يعبد.

ويحاول ابن خلدون شرح فكرة ابن عربي , إذ أن هذه التصورات الباطلة عادة ما تكون غامضة ومتناقضة حتى على أصحابها , يقول ابن خلدون : يعنون بهذه الوحدة أن الوجود له قوى ذاتية فالقوة الحيوانية فيها قوة المعدن وزيادة , والقوة الإنسانية فيها قوة الحيوان وزيادة , والفلك يتضمن الإنسانية وزيادة , وكذلك الذوات الروحانية (الملائكة ) ثم القوة الجامعة التي انبثت في جميع الموجودات , فالكل واحد هو نفس الذات الإلهية " [ المقدمة /471 .].

وحين يرد السؤال: كيف يقال بوحدة الوجود ؟ وهناك خالق ومخلوق ومؤمنون وكفار والكفار يعذبون في النار فمن الذي يعذبهم ؟ ... حتى لا يرد هذا السؤال راح ابن عربي يحرف كل آيات القرآن الكريم ويطبق باطنيته وكفره في كتاب ( فصوص الحكم ) فموسى عليه السلام لم يعاقب هارون عليه السلام إلا لأن هارون أنكر على بني إسرائيل عبادة العجل , وهم ما عبدوا إلا الله لأن الله قضى ألا نعبد إلا إياه , ولذلك كان موسى أعلم من هارون[ البقاعي / 120 نقلاً عن فصوص الحكم – فص 192 .].

والريح التي دمرت عاد هي من الراحة لأنها أراحتهم من أجسامهم المظلمة وفي هذه الريح عذاب وهو من العذوبة[ المصدر السابق / 95 – فص رقم 109.].

ويحكم ابن عربي بإيمان فرعون بقوله تعالى : " قرة عين لي ولك " فكان قرة عين لفرعون بالإيمان الذي أعطاه الله عند الغرق[ المصدر السابق 128 وفي هذا المقام لا بد من القول بأن اعتذار البعض عن ابن عربي بأنه يقصد كذا أو كذا ويؤولون كلامه , هذا غير مقبول . قال العراقي " لا يقبل ممن اجترأ على مثل هذه المقالات القبيحة أن يقول أردت بكلامي هذا خلاف ظاهره ولا يؤول كلامه ولا كرامة " . ].
وهكذا راح يعيث فساداً في بقية قصص الأنبياء ومن شاء فليرجع إلى كتبه ففي كل سطر سيجد رائحة ( وحدة الوجود) . وكلامه هذا في الحقيقة هو إبطال للدين من أصله لأن وعيد الله للكفار لا يقع منه شيء فهو وتلامذته يتسترون بإظهار شعائر الإسلام وإقامة الصلاة والتزي بزي النسك والتقشف وتزويق الزندقة باسم التصوف [ انظر تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي للشيخ برهان الدين البقاعي .].

فالفلاسفة لم يقولوا بوحدة الوجود على طريقة ابن عربي ولكنهم هم الذين مهدوا الطريق لهذه النظرية الباطنية بقولهم على الله مالا يعلمون ووصفهم إياه بصفات من نسج خيالهم , وهذا كله بسبب بعدهم عن الشرائع السماوية والأخذ من نور الأنبياء , ولذلك تخيلوا الإله ذاتاً بسيطة منزهة عن أي شائبة من شوائب التركيب , والصفات مثل العليم القدير السميع البصير هي عندهم تركيب , فقالوا أن من أحق صفاته ( الوجود ) وإذا قيل لهم وجود أي شيء ؟ فالجواب ليس بوجود شيء , فهو هكذا وجود بلا أية صفة فليس هذا الوجود هو الله سبحانه الذي نعرفه نحن المسلمين والذي أرسل الأنبياء ونزل الكتب وإنما هو عندهم وجود مطلق بلا أية صفة وطبعاً هذا لا يكون إلا تصورات باطلة في أذهانهم وهو غير الواقع . وبما أن هذه الصفة ( الوجود ) هي أخص وصف لله , تركب في عقولهم أن كل وجود هو واجب مثل وجود لله , وبما أن العالم موجود فهو الله , تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً[ انظر تنبيه الغبي إلى تكفير ابن عربي للشيخ برهان الدين البقاعي .].

هذا الكلام من الفلاسفة كان الإرهاص الذي أدى بابن عربي إلى القول بوحدة الوجود , وإن كان مذهبه أكثر شراً من مذهب الفلاسفة , خاصة وأنه آيات القرآن لتنسجم مع نظريته الباطلة وخاصة أن كثيراً من المسلمين المغفلين من يعظمه ويسميه " الشيخ الأكبر " .

طبعاً هناك روافد أخرى أوصلت هؤلاء الناس إلى هذا القول الشنيع الذي يعتبر من أشد المخالفات للإسلام وعقيدة التوحيد , و من هذه الروافد الفناء الذي تحدثنا عنه في المبحث السابق , كما أن نفي صفات الله التي قالت بها الجهمية وانتشر شيء من أثرها في صفوف المسلمين , يمكن أن يساعد على نظرية الوحدة , إن نفي صفة العلو مثلاً يؤدي إلى القول بأنه سبحانه في كل مكان , ثم وزعوه في الموجودات كلها , مع ذلك فسيبقى للفلسفة الدور الأكبر في محاولة تخريب العقيدة الإسلامية الصافية السهلة , بل بتخريب المجتمعات الإنسانية , لأنها تقوم على نظريات في الذهن وليست في الواقع , وهذا مما حدا بعالم كبير كابن تيمية أن يقول محذراً منها بعد أن نفذ إلى أعماقها : " ولا شك أن كل من كان أقرب إلى الشرائع السماوية كان اقرب إلى العقل ومعرفة الحقيقة . وهل رأيت فيلسوفاً أقام مصلحة قرية من القرى " [ درء تعارض العقل والنقل 5/65 وابن تيمية هنا يقصد الفيلسوف الذي يعيش بنظريات بعيدة جداً عن الواقع ويعيش بعيداً عن واقع الناس , ومشكلة الفلاسفة أنهم يعالجون أموراً ليست من اختصاصهم , وقد جاء الأنبياء والرسل بحلها بأقرب السبل وأيسرها .].
وهو هنا يلتقي مع مفكر غربي هو الدكتور ألكسس كاريل الذي يرى أن الفلسفة أساءت كثيراً للمجتمعات الغربية حين كانت تنظر في الكتب فقط دون معرفة الواقع العملي , ويقول: " ليس هناك مذهب فلسفي قد استطاع أن يحظى بقبول جميع الناس , وكل استنباطات الفلاسفة ما هي إلا فروض " [ تأملات في سلوك الإنسان 1/47 .].
و يتابع نقده للفلسفة : " كان من الممكن للعلم أن يكفل لنا نجاح حياتنا الفردية والاجتماعية ولكننا فضلنا نتائج التفكير الفلسفي فارتضينا أن نأسن وسط المعاني المجردة .
ولا شك أن فلاسفة عصر النور هم الذين مكنوا لعبادة الحرية بصورة عمياء في أوروبا وأمريكا "[ المصدر السابق 1/7 .] .

إذا المشكلة واحدة في القديم والحديث , فعندما يبتعد الناس عن الشرائع السماوية التي جاءت لخير الإنسان في الدنيا والآخرة , تأتيهم الأزمات تلو الأزمات , أزمات اجتماعية وسياسية واقتصادية , نتيجة هذا الفصام النكد بين ما فطر الإنسان عليه من التوجه إلى بارئه وبين شياطين الإنس وما يوحون به ويبدو أن النفس الإنسانية يصعب عليها الاستمرار في طريق الاعتدال فهي إما أن تميل إلى التشدد والغلو أو إلى التساهل والترخص والخروج عن التكاليف وقد يسول الشيطان لمن أحس من نفسه زيادة فهم أنه إن رضي في علمه ومذهبه بظاهر السنة كان مثل العامة ولذلك لا بد من التنطع والتبدع والإتيان بالغرائب وهذه شهوات خفية لا يدركها ولا يبتعد عنها إلا العلماء الربانيون .

ولعله من المناسب قبل أن ننهي هذا المبحث أن نذكر رأي بعض العلماء في ابن عربي وتلامذته باعتباره زعيم هذه المدرسة الوجودية .

قال الشيخ أبو محمد بن عبد السلام في ابن عربي هو شيخ سوء مقبوح كذاب , يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجاً " [ الفتاوى لا بن تيمية 2/240 .].

ويروي ابن تيمية عن الشيخ إبراهيم الجعيري أنه كان يقول : " رأيت ابن عربي هو شيخ نجس يكذب بكل كتاب أنزله الله, وبكل نبي أرسله الله " [ نفس المصدر 2/240 .].
وقال ابن تيمية[الفتاوى 2/242 .]. : ورأيت بخطه في كتابه ( الفتوحات المكية ) هذين البيتين :
الرب حق , والعبد حق
ياليت شعري من المكلف


إن قلــت عـبد, فــذاك رب أو قـلـت رب أنـي يكلـــف
ولما كان الله في نظر (ابن عربي) هو المخلوقات والمخلوقات هي الله فحينئذ تكون العبادة عنده متبادلة.. ويعبر عن ذلك بقوله:
" فيحمدني وأحمده ....
ويعبدني وأعبده " ...
ثم يذهب شيخ الصوفية الأكبر بعد هذا إلى القول بوحدة الأديان، لا فرق لديه بين سماويها، وغير سماويها فيقول في ذلك:
وقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إذا لم يكن ديني إلى دينه داني

فأصبح قلبي قابلاً كل حالة
فمرعى لغزلان ودير لرهبان

وبيت لأوثان وكعبة طائف
وألواح توراة ومصحف قرآن

وفي كتاب "الفتوحات المكية).. هاهو يعبر عن اعتقاده بوحدة الوجود بقوله: "سبحان من خلق الأشياء وهو عينها".

ثم ماذا يقول الحلاج وهو يشرح لنا عقيدة الحلول: "من هذب نفسه في الطاعة لا يزال يصفو ويرتقي في درجات المصفاة حتى يصفو عن البشرية فإذا لم يبق فيه من البشرية حظ حل فيه روح الإله الذي حل في عيسى ابن مريم وكان جميع فعله فعل الله تعالى"، وفي كتاب (النفحات القدسية) يقول محمد بهاء الدين البيطار أحد مشايخ الصوفية:
وما الكلب والخنـزير إلا إلهنا
وما الله إلا راهب في كنيسة


ويقول البقاعي قاطعاً الطريق على من يؤول لابن عربي :
" قال الأصوليون : لو نطق بكلمة الردة وزعم أنه أضمر تورية , كفر ظاهراً وباطناً "[ تنبيه الغبي /23 .].
ومن تلامذة ابن عربي : ابن الفارض الذي يؤكد وحدة الوجود دون خجل أو مواربة , وفي قصيدته المشهور ( بالتائية )
يعيد هذه الفكرة ويكررها حتى لا يبقى شك عند القارئ أو السامع مثل قوله :

لها صلاتي بالمقام أقيمهـا
وأشهـد أنها لي صلـت

كلانا مصل عابد ســاجد إلــى حقيـقة الجمـع في كـل ســجدة
وما كـان صلي سواي فـلم تكـن صلاتي لغيري في أداء كل ركعـة
ومـازلت إيـاها وإيـاي لـم تزل ولا فرق بل ذاتي لذاتي أحــبت

فهل بعد هذا من تصريح , صلاته لنفسه لأنها هي الله والعياذ بالله , وحتى لا يظن أحد أن هذا ( سكر) الصوفية , يؤكد أنه في حالة صحو:

ففي الصحو بعد المحو لم أك غيرها
وذاتي بذاتي إذا تحلت تجلت


ولا يزال الصوفية إلى الآن يعجبون بهذه التائية ويسمون صاحبها ( سلطان العاشقين ) رغم ما فيها من كفر , ورغم ما يقولون عنه أنه كان يحب الجمال , وأنه كان يذهب إلى قرية ( البهنسا) فيرقص على الدف مع النساء وهكذا يدجلون على الناس ويقولون بأن هذا الرقص من الدين والحقيقة أنها مواخير يخجل منها أي مسلم استروح رائحة الإسلام , لقد ابتلي المسلمون بمن فسد من هؤلاء الصوفية فبثوا فيهم أوهاماً قد تملك الجاهل وتربك العاقل إذا لم يغلبها بالتمسك بمنهج أهل السنة من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم .
إن "الجيلي" وهو من كبار مشايخ الصوفية – يعلن في صراحة أو وقاحة – أنه إله الكون الأعظم فيقول في كتاب "الإنسان الكامل 1/22":

لي الملك في الدارين لم أر فيهما
سواي فأرجو فضله أو فأخشاه

وقد حزت أنواع الكمال، وأنني
جمال جلال الكل، ما أنا إلا هو

إلى أن يقول:
وإني رب للأنام وسيد
جميع الورى اسم، وذاتي مسماه


أما "الحلاج" – وهو إمام من أئمة الصوفية – فإنه يقول في كتاب (الطواسين/34) :
أنا من أهوى ومن أهوى أنا
نحن روحان حللنا بدنا

فإذا أبصرتني أبصرته
وإذا أبصرته أبصرتنا