منذ عام مضى وهو يقف فى شرفة منزله ليراها ، أيام تمر تلو أيام وهي قليلا ما تظهر ..
لكنه فى هذه المرة عزم على أن يراها ، انتظر وطال انتظاره لكنها ـ كعادتها ـ لم تظهر
فأحس بضيق و ملل ، فقد كان ينوي أن يكلمها ، أو يناديها أو يشير إليها بيده ..
وفى يأس ارتمى فوق كرسي فى شرفته وأركز رأسه إلى الخلف وأغمض عينيه
محاولاً أن يلملم ملامح وجهها الذى لم تكتمل ملامحه أبداً لا فى خياله ولا فى واقعه .
لا يدرى كم من الوقت مر عليه وهو نائم فوق كرسيه وفى شرفته.. ؟
استيقظ ليراها واقفة أمامه ـ يا إلهي ـ إنها تنظر إليه ، عيناها فى عينيه ..!
لم يصدق نفسه أما زال نائما .. ؟
كلا ، فهو فى كامل يقظته .
حاول أن يكلمها ، يناديها ، أو يشير بيده لكنها لم تمهله
فقد أخذت تتراجع بظهرها إلى الداخل وهى ترمقه بنظرات يغلفها الغموض
حاول أن يفهم معنى نظراتها لكنه لم يفهم واكتفى برؤيتها فهذه أقصى أمانيه
ومرة أخرى رآها كانت خارجة من منزلها، تتجه بخطوات هادئة ناحية الطريق العمومى
فأخذ يرقبها ، رآها تتوقف ثم تستدير لتنظر إلى منزلها تارة ثم إلى شرفته تارة أخرى
وفى خطوات مسرعة اتجهت حيث كانت ذاهبة ، وعند مفترق الطرق أوقفتها نقطة تفتيش
وراح الجنود يفتشونها ..
دوي انفجار ،
تصاعدت النيران ،
هبط مسرعاً وأخذ يعدو ناحية النيران باحثا عنها ، عن أطرافها ، عن بقاياها !
لكن أنى له ذلك فقد اختلطت أشلاؤها ببقايا أشلاء الجنود
. ومن بعيد رأى دبابات العدو ومدرعاته تقترب فغادر المكان عازماً على أن يلتقيا قريبا ً.

انتهت