قال الإمام سيد قطب
{ تبت يدا أبي لهب وتب }.. والتباب الهلاك والبوار والقطع. { وتبت } الأولى دعاء. و { تب } الثانية تقرير لوقوع هذا الدعاء. ففي آية قصيرة واحدة في مطلع السورة تصدر الدعوة وتتحقق، وتنتهي المعركة ويسدل الستار!


قال الإمام ابن عطية

و { تبت } معناه: خسرت، والتباب: الخسار والدمار، وأسند ذلك إلى اليدين من حيث اليد موضع الكسب والربح وضم ما يملك، ثم أوجب عليه أنه قد تب أي حتم ذلك عليه


قال الموردي في تفسير النكت والعيون

في " تبّتْ " خمسة أوجه:

أحدها: خابت، قاله ابن عباس.

الثاني: ضلّت، وهو قول عطاء.

الثالث: هلكت، قاله ابن جبير.

الرابع: صفِرت من كل خير، قاله يمان بن رئاب.

حكى الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء أنه لما قتل عثمان بن عفان سمع الناس هاتفاً يقول:
لقد خلّوْك وانصدعوا ***** فما آبوا ولا رجعوا
ولم يوفوا بنذرِهمُ ******* فيا تبَّا لما صَعنوا


والخامس: خسرت، قاله قتادة، ومنه قول الشاعر:

تواعَدَني قوْمي ليَسْعوْا بمهجتي ***** بجارية لهم تَبّا لهم تبّاً

فأين السب واللعان ياأمة
ضحكت من جهلها الأمم ؟



والسورة تحمل إعجاز قرآني وتحدي يثبت أنه كتاب الله وليس كتاب لا مصدره له مثل البايبل وما شابهه .

{ تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ } * { مَآ أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ } * { سَيَصْلَىٰ نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ } * { وَٱمْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ ٱلْحَطَبِ } * { فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ }

هذه السورة موجهة لأبو لهب وزوجته وأعلن فيها الله عز وجل أن لهم عذاب أليم بسبب كفرهم .

وقد كان بإمكان أبو لهب وزوجته نسف الدين الإسلامي من جذوره وتكذيب هذه السورة عن طريق إعلان إسلامهم ولو بالكذب والنفاق ليثبتوا بأن هذه الآيات القرآنية ليست من السماء علماً بأن هذه السورة مكية ونزلت في أول البعث برسالة الإسلام أي كان لدى ابو لهب وزوجته فرصة ووقت يسمح لهم لكي تخطر على بالهم هذه الفكرة .

فكيف غفل أبو لهب وزوجته ومن حولهم من اهل الجزيرة جمعاء عن هذه الفكرة الجهنمية .

الرد : لأنه كتاب الله ولأنه دين الله الحق .

انظر ماذا كان يفعل غير أبو لهب من المشركين ، فقد كانوا يدعون الإسلام امام المسلمين ثم إذا انصرفوا انكروا الإسلام .. فلماذا غفل ابو لهب وزوجته وغفلت أهل الجزيرة أجمعهم في هذا الأمر .


وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُونَ

والله أعلم
.