وشهد شاهد من أهلها:
يقول الراهب جروم في كشفه عن منابع الفساد في مراكز الديانة النصرانية:
أن عيش القسوس ونعيمهم كان يزري بترف الأغنياء والأمراء ولقد أنحطت
أخلاق البابوات انحطاطاً عظيماً واستحوذ عليهم الجشع وحب المال وعدو
أطوارهم حتى كانوا يبيعون المناصب والوظائف في المزاد العلني ويؤجرون
الجنة بالصكوك ويأذنون بنقص القوانين، ويمنحون شهادات النجاة وإجازة حل
المحرمات والمحظورات ولايتورعون عن التعامل بالربا وأخذ الرشوة، ولقد بلغ
من تبذيرهم للمال أن البابا أينوسنت الثامن اضطر أن يرهن تاج البابوية.... ويذكر
عن البابا ليو العاشر أنه أنفق ماترك سلفه من ثروة بالإضافة إلي دخله وإيراد خليفته
المنتظر.
وكانوا يفرضون الإتاوات علي الناس، ويستخدمون أبشع الوسائل في استيفائها
من الأغنياء والفقراء على السوء ولا يأنفون من استفاء هذه الإتاوات والضرائب
حتى من البغايا اللواتي يستخدمن أعراضهن للحصول علي المعيشة. بل كانوا يشجعون
علي البغاء العلني بإعطاء التراخيص والأجازات لمن يريد من العاهرات ممارسة مهنة البغاء



وقد أحصي عدد من حصلن علي التراخيص في عهد أحد البابوات فوجد أن عددهن يتجاوز
1600 امرأة من مدينة روما وحدها


ولقد أورد مؤلف كتاب الفاريق حقائق مذهلة عن شيوع الفساد بين
البابوات منها:
أن البابا يوحنا الثاني عشر كان خليعاً ماجناً أتهم من قبل أربعين أسقفاً وسبعة عشر كردينالاً
بأنه فسق بعدة نساء وأنه قلد مطرانيه طودي لغلام كان سنه عشر سنين ثم قتل وهو متلبس
بجريمة الزنا مع امرأة وكان القاتل له زوجها.
وأن البابا أينوسنت الرابع كان متهماً بالرشوة والفساد.
وأن البابا أكليمنضوس الخامس عشر كان يجول في فينا وليون لجمع المال ومعه عشيقته
وأن البابا يوحنا الثالث والعشرين متهم بأنه سم سلفه وأنه باع الوظائف الكنيسة وأنه كان كافر ولوطياً


وأن الأمير سيزار بورجيا الذي أتخذ منه مكيافلي مثلاُ للحاكم الناجح وصوره أقبح صورة
قد كان أبناً غير شرعي للبابا إسكندر السادس إلي غير ذلك مما لا يتسع المجال لذكره

أما شيوع الفساد والإباحية في الأديرة فأعظم من أن تحيط بسرده المجلدات ولكني
أكتفي بقليل منها:
ومن سيرتهم أن النساء الديرانيات العابدات يطفن علي الرهبان الذين انقطعوا
في الأديرة ويبحن لهم أعراضهم رحمة بهم، ومن يفعل هذا منهن كان عندهم
مشكوراً محموداً ويدعى له بالخير ويقال للفاعلة لا ينسي لك المسيح الرحمة والرأفة


وقد وجد المنقبون عن الآثار في بعض الأديرة في فرنسا عظام أطفال وئدوا بعد ولادتهم
إذا الأمهات مشغولات بالعبادة أما الآباء فهم كالبهائم لا يعنيهم إلا فعل الرذيلة، وليكن بعد ذلك ما يكون


ولعل سماحهم بفعل الرذيلة في الأديرة هو أحد أسرارهم المقدسة التي لا يبحون بها إلا لمن أرتقي
الدرجات العليا في سلم الكهانة

والآن:
قارن أيها المسيحي بين هذه الفضائح المخزية التي يرتكبها محترفوا الكهانة ممن يزعمون أنهم
سدنة النصرانية في صميمها وحولت عدداً لا يحصي من الرهبان إلي قطعان هائمة علي وجوهها:

منهم من قضي حياته عارياً، ومنهم من كان يمشي علي يديه ورجليه كالأنعام
ومنهم من كان يعتبر طهارة الجسم منافية لطهارة الروح. وكان أتقي الرهبان أكثرهم نجاسة
وقذارة. حتى أن أحدهم يتباهي بأنه لم يقترف أثم غسل الرجلين طول عمره
وآخر يقسم أنا الماء لم يمس وجهه ولا يديه ولا رجليه مدى خمسين عاماً وكان الكثير منهم لا يسكنون إلا المقابر والآبار المنزوحة والمغارات والكهوف

وكان تعذيب الجسم عندهم مثلاً كاملاً ،وقد روى بعض المؤرخين
من ذلك العجائب:
فذكروا أن الراهب مكاريوس نام في مستنقع آسن ستة أشهر ليعرض جسمه للدغ البعوض
والذباب والحشرات وكان يحمل دائماً قنطاراً من الحديد

وكان آخر يحمل قنطارين من الحديد وهو مقيم في بئر مهجورة مدة ثلاثة أعوام قائماً
علي رجل واحدة ، فإذا أنهكه التعب أسند ظهره إلى صخرة

وكانوا يعدون اختطاف الأطفال لتربيتهم علي الرهبنة من القربات.وكانوا يفرون من النساء
ولو كن من أقاربهم لاعتقادهم أن مجرد النظر إلي المرأة محبط للأعمال

هذا التناقض بين الفاضح بين الانحلال البابوي الجامع وبين هذه الرهبانية العاتية

وهذا يعطينا أقوي الأدلة على أن الديانة النصرانية قد أخفقت إخفاقاً تاماً في إعطاء
أتباعها وأنصارها صورة محددة لواجباتها وأهدافها وتعاليمها وأنها أفلست في كل
مضمار


ولعل من أغرب التناقضات هذه الديانة التي لا تقع تناقضات تحت حصر إيمانكم
بنبوة قيافا رئيس الكهنة الذي أفتي بأن عيسى قد جدف وحكم بقتله

ثم إصراركم علي أن عيسى لاغيره هو الذي صلب في الوقت الذي تنص فيه
التوراة على أن كل "من علق على خشبه فهوا ملعون"

والأدهى من كل ذلك اعتقادكم بأن عيسى عليه السلام قد دخل جهنم كأنه
لم يكفيكم الإدعاء بأن سفلة اليهود، وفجارهم قد بصقوا في وجهه ، وألبسوه تاجاً
من الشوك ، وسمروا يداه ورجلاه على الصليب ، وسقوه المر ممزوجاً بخل بعد
أن أشبعوه ضرباً فأرادوا أن تقر أعين أعدائه اليهود بالزعم بأنه دخل جهنم
ماذا قال الكتاب المقدس فيهم:
(11لأَنَّ الأَنْبِيَاءَ وَالْكَهَنَةَ تَنَجَّسُوا جَمِيعاً بَلْ فِي بَيْتِي وَجَدْتُ شَرَّهُمْ يَقُولُ الرَّبُّ.) إرمياء 23: 11
(13وَقَدْ رَأَيْتُ فِي أَنْبِيَاءِ السَّامِرَةِ حَمَاقَةً. تَنَبَّأُوا بِالْبَعْلِ وَأَضَلُّوا شَعْبِي إِسْرَائِيلَ.) إرمياء 23: 13
بل قال الرب عن أنبياء بنى إسرائيل إنهم أنبياء للضلالة والكذب، أى أتباع الشيطان، (11لَوْ كَانَ أَحَدٌ وَهُوَ سَالِكٌ بِـالرِّيحِ وَالْكَذِبِ يَكْذِبُ قَائِلاً: أَتَنَبَّأُ لَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمُسْكِرِ لَكَانَ هُوَ نَبِيَّ هَذَا الشَّعْبِ!) ميخا 2: 11
ويُنسب إلى عيسى عليه السلام القول: (8جَمِيعُ الَّذِينَ أَتَوْا قَبْلِي هُمْ سُرَّاقٌ وَلُصُوصٌ وَلَكِنَّ الْخِرَافَ لَمْ تَسْمَعْ لَهُمْ.) يوحنا 10: 8
(15هُوَذَا قِدِّيسُوهُ لاَ يَأْتَمِنُهُمْ وَالسَّمَاوَاتُ غَيْرُ طَاهِرَةٍ بِعَيْنَيْهِ) أيوب 25: 15