الـــــــــــــــــرد


فتح الباري بشرح صحيح البخاري




‏قوله : ( ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد ) ‏
‏في رواية سعيد بن المسيب عن أبي هريرة الماضية في " باب صفة إبليس " بيان المس المذكور لفظه " كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد , غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب " أي في المشيمة التي فيها الولد قال القرطبي : هذا الطعن من الشيطان هو ابتداء التسليط (علماً بأن بالأناجيل نجد أن إبليس تمكن بالتسلط على يسوع 40 يوماً ثم في باقي حياته وقد استخدمها في أذى الناس بقوله : يوحنا 13: اجاب يسوع هو ذاك الذي اغمس انا اللقمة و اعطيه فغمس اللقمة و اعطاها ليهوذا سمعان الاسخريوطي ، فبعد اللقمة دخله الشيطان فقال له يسوع ما انت تعمله فاعمله باكثر سرعة, (فحفظ الله مريم وابنها منه ببركة دعوة أمها حيث قالت : ( إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) ولم يكن لمريم ذرية غير عيسى . ووقع في رواية معمر عن الزهري عند مسلم " إلا نخسه الشيطان " بنون وخاء معجمة ثم مهملة . ‏

‏قوله : ( فيستهل صارخا من مس الشيطان ) ‏
‏في رواية معمر المذكورة " من نخسة الشيطان " أي سبب صراخ الصبي أول ما يولد الألم من مس الشيطان إياه , والاستهلال الصياح . ‏

‏قوله : ( غير مريم وابنها ) ‏
‏فيحتمل أن يكون هذا بالنسبة إلى المس وذاك بالنسبة إلى الطعن في الجنب , ويحتمل أن يكون ذاك قبل الإعلام بما زاد , وفيه بعد لأنه حديث واحد , وقد رواه خلاس عن أبي هريرة بلفظ " كل بني آدم قد طعن الشيطان فيه حين ولد , غير عيسى وأمه جعل الله دون الطعنة حجابا فأصاب الحجاب ولم يصبهما " والذي يظهر أن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ الآخر , والزيادة من الحافظ مقبولة , وأما قول بعضهم يحتمل أن يكون من العطف التفسيري والمقصود الابن كقولك أعجبني زيد وكرمه فهو تعسف شديد . ‏