أول مستشفى “إسلامي” بأوروبا.. في روتردام

تشهد هولندا في غضون عامين ميلاد أول مستشفى إسلامي في تاريخها بمدينة روتردام، سيكون الأول من نوعه على مستوى أوروبا بأكملها.

لكن المشروع أثار جدلاً واسعًا، فالفريق المؤيد اعتبر أنها خطوة تمنح المسلمين من أصول مهاجرة حقوقًا مماثلة لغيرهم من المواطنين وتساعدهم على الاندماج في المجتمع، بينما يرى الفريق المعارض أن الفكرة تعود إلى عصر “الأبارتهايد”، حيث ستؤدي إلى مزيد من العزل للمسلمين وتعزيز فكرة “الجيتوهات” الإسلامية في الدول غير المسلمة.

وبحسب تقرير لصحيفة “لو فيجارو” الفرنسية فإن مشروع المستشفى الذي تبناه من منظور تجاري بول ستيركانبوم رجل الأعمال المدير السابق لمستشفى (سلوترفارت) بأمستردام، لاقى انتقادًا ورفضًا شديدًا متوقعًا من قبل ممثلي الأحزاب اليمينية في المجلس المحلي لمدينة روتردام، لكن ممثلي حزب العمل اليساري الذين يشكلون الأكثرية في المجلس أقروا المشروع بدعم من أصوات المهاجرين.

ومن المقرر أن يخرج المشروع إلى النور خلال عامين، حيث سيضم المستشفى أقسامًا مخصصة للرجال وأخرى للسيدات، كما يتولى استقبال وعلاج ومتابعة الرجال ممرضون وأطباء ذكور، فيما تتولى الممرضات والطبيبات معالجة النساء.

وسيتكون فريق عمل المستشفى من 45 طبيبًا وطبيبة، إضافة إلى 275 من الممرضين والممرضات، تكون الأفضلية في اختيارهم لذوي الأصول العربية، ورغم أنه لن يشترط أن يكون فريق العمل بالكامل من المسلمين فإن الأهم هو أن يلتزموا في تعاملهم مع المرضى بتعاليم الإسلام.

وسيقدم مستشفى روتردام الإسلامي الطعام الحلال، كما سيخصص قاعات للصلاة ودروس وعظ للعاملين بها.

ويبلغ عدد المسلمين في مدينة روتردام نحو 800 ألف مواطن، أي 13% من إجمالي عدد السكان.

انتقادات
فريق المعارضة للمشروع تقدمه المستشار المحلي اليميني رونالد بويجيه الذي أطلق على المشروع “مستشفى الأبارتهايد” أو “مستشفى العزل العنصري”.

وقال بوجيه: “لقد أعطيناهم (المسلمين) مساحة كبيرة من الحرية الدينية.. انظروا إلى المسيحيين الذين يشكلون 32% من سكان روتردام.. لديهم ما يقل عن 50 كنيسة فقط”.

وأضاف متحدثًا لـ”لوفيجارو” أن: “المستشفى تمثل لي خطوة جديدة من أجل إنشاء مجتمع مسلم منعزل عن عالمنا الغربي”.

وتوقع المستشار اليميني أن تضم روتردام في 2010 أغلبية من أصول غير غربية، مضيفًا: “لذلك علينا أن نفيق ونقول لهم من الآن توقفوا.. ليس لأنكم ستكونون الأغلبية في المستقبل فسيحق لكم أن تصنعوا القوانين في مدينتنا”.

أما ماتهيز فإن مويجان المستشار المحلي بلجنة الصحة في بلدية روتردام رأى أنه: “يوجد نحو 30 مسجدًا (الكثير منها مصليات صغيرة) ونحو 10 مدارس إسلامية والعديد من المؤسسات الثقافية التابعة للمسلمين، وبالنظر إلى العدد الكبير للمسلمين بالمدينة فإنه يحق أن يكون لهم مستشفى إسلامي”.

وأضاف فان مويجان: “لكني أرى أن المسألة ليست ضرورية، فمستشفيات المدينة تعمل على راحة المسلمين ومستعدة لبذل المزيد من الجهود لتحقيق هذا الهدف.. إذن لا داعي لمثل هذه المستشفى”.

“مشروع تجاري”
“مشروع تجاري” يحقق ربحية كبيرة.. كان هذا رأي صاحب مشروع المستشفى الإسلامي بول ستيركانبوم.

ودافع بول، وهو هولندي كاثوليكي، عن مشروعه قائلاً: “يوجد الآن 40 مستشفى من بين 100 تديرها هيئات كاثوليكية أو بروتستانتية، فلماذا لا يكون للمسلمين الذين يقدر عددهم بأكثر من مليون (7% من عدد السكان) مستشفى خاص بهم”.

ومضى يقول: “منذ 30 عامًا يوجد لليهود والكاثوليك والبروتستانت مستشفياتهم ومدارسهم ومراكزهم الخاصة، ويجب أن ينطبق الوضع أيضًا على المسلمين فإن هذه الاستقلالية تحقق اندماجًا أفضل في المجتمع، كل حسب نظامه الخاص”.

وأصبح المسلمون محل اهتمام من قبل الكثير من رجال الأعمال في الآونة الأخيرة، حيث إن الخدمات التي تتعلق بهم تضمن ربحًا أكيدًا. فعلى سبيل المثال يُعَدّ بنك “رابو بنك” أحد البنوك الرئيسية في هولندا؛ لتقديم خدمة “القرض الحلال” بلا فوائد. ويتوقع البنك أن يستفيد نحو 200 ألف مسلم من هذه الخدمة بما يضمن ربحية مؤكدة للبنك.

كما بدأ المسلمون أنفسهم يدخلون إلى هذا المجال، فمنذ أشهر تم افتتاح مؤسسة مالية أطلقت على نفسها اسم “بلا ربا”.

حق للمسلمين
أما عن رأي المسلمين أنفسهم في المستشفى فيقول أحمد الكندوز عميد الجامعة الإسلامية في روتردام: “أنا حقًّا لا أشعر بأي مشاكل حينما أتوجه إلى أي مستشفى في المدينة، ولكن من المؤكد أن المستشفى المزمع بناؤه ستحقق لنا متطلبات أكثر”.

حكيمة ديني مسئولة العلاقات العامة في مؤسسة “بلا ربا” تقول: “هذا البلد يراعي ما يسمى حقوق الشواذ، وبالتالي يجب ألا يتم رفض مشروع المستشفى الإسلامي، فهنا يوجد شعارات المساواة، وفي حال الرفض فعلى المسئولين أن يوضحوا لنا كيف يطلبون منا الاندماج، بينما لا نحصل على حقوقنا كمواطنين في الدولة”.

ويوجد للمسلمين في هولندا 450 قاعة صلاة ومسجدًا ومصلى و48 مدرسة إسلامية وجامعتين ومركزين لإعداد الأئمة، والعديد من المراكز الثقافية.

ويعيش في هولندا حوالي مليون مسلم من بين إجمالي عدد السكان البالغ نحو 16 مليونًا ونصف المليون نسمة. وينحدر 80% من الأقلية المسلمة من أصول تركية ومغربية، أما الـ20% الباقية، فلهم أصول قومية وعرقية وطائفية مختلفة.

http://www.islamonline.net/Arabic/ne...11/27/08.shtml