سابعا : ادعاؤه التصحيف في قوله تعالى " و استوت على الجودي " .

اقول ذكر خالد بلكين قول المستشرق المتطرف مينجانا ان الجودي هو تصحيف لكلمة سريانية و هي قردو ذكرت انها مكان استقرار سفينة نوح في ترجمة البشيطا السريانية .

واقول هذا مردود لوجوه :
1. امية انبي عليه الصلاة و السلام و استحالة اقتباسه من مصادر اليهود و النصاري كما فصلنا سابقا و من شاء فليراجع.
2. ان اسماء الاعلام و الكلمات تتغير في النطق من لغة الى اخرى حسب لغة المتلقي و هذا امر طبيعي و معروف . نقرا من جلاء الافهام لابن القيم رحمه الله الفصل الثالث :
((فَإِذا نظرت فِي حُرُوف مُحَمَّد وحروف مماد باد وجدت الْكَلِمَتَيْنِ كلمة وَاحِدَة فَإِن الميمين فيهمَا والهمزة والحاء من مخرج وَاحِد وَالدَّال كثيرا مَا تَجِد موضعهَا ذالاً فِي لغتهم يَقُولُونَ إيحاذ للْوَاحِد وَيَقُولُونَ قوذش فِي الْقُدس وَالدَّال والذال متقاربتان فَمن تَأمل اللغتين وَتَأمل هذَيْن الاسمين لم يشك أَنَّهُمَا وَاحِد وَلِهَذَا نَظَائِر فِي اللغتين مثل مُوسَى فَإِنَّهُ فِي اللُّغَة العبرانية موشى بالشين وَأَصله المَاء وَالشَّجر فَإِنَّهُم يَقُولُونَ للْمَاء مو وشا هُوَ الشّجر ومُوسَى التقطه آل فِرْعَوْن من بَين المَاء وَالشَّجر فالتفاوت الَّذِي بَين مُوسَى وموشى كالتفاوت بَين مُحَمَّد ومماد باد ))

وهذه عبارة استقره فارسية عربتها العرب قبل الاسلام استبرق
نقرا من معجم لسان العرب لابن منظور الجزء العاشر :
((استبرق: قَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ
، قَالَ: هُوَ الدِّيباج الصَّفِيقُ الْغَلِيظُ الحسَن، قَالَ: وَهُوَ اسْمٌ أَعجمي أَصله بِالْفَارِسِيَّةِ اسْتَقْره وَنُقِلَ مِنَ الْعَجَمِيَّةِ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ كَمَا سُمي الدِّيباجُ وَهُوَ مَنْقُولٌ مِنَ الْفَارِسِيَّةِ، وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَا غلُظ مِنَ الْحَرِيرِ والإِبْرَيْسَم؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ ذَكَرَهَا الْجَوْهَرِيُّ فِي الْبَاءِ مِنَ الْقَافِ فِي بَرَقَ عَلَى أَن الْهَمْزَةَ وَالتَّاءَ وَالسِّينَ مِنَ الزَّوَائِدِ، وَذَكَرَهَا أَيضاً فِي السِّينِ وَالرَّاءِ، وَذَكَرَهَا الأَزهري فِي خُمَاسِيِّ الْقَافِ عَلَى أَن هَمْزَتَهَا وَحْدَهَا زَائِدَةٌ، وَقَالَ: إِنَّهَا وأَمثالَها مِنَ الأَلفاظ حُرُوفٌ غَرِيبَةٌ وَقَعَ فِيهَا وِفاق بَيْنَ الْعَجَمِيَّةِ وَالْعَرَبِيَّةِ، وَقَالَ: هَذَا عندي هو الصواب. ))

3. ان ذكر استقرار سفينة نوح على جبل قردو موجودة في ترجوم يوناثان و ترجوم اونوكليس وترجوم اونوكليس او الترجوم على التوراة يرجع تدوينه الى القرن الثاني .
نقرا من الموسوعة اليهودية :
((These peculiarities, however, justify only the assumption that the final redaction of the Targum Onḳelos was made in Babylonia; for its diction does not resemble in any other respects the Aramaic diction found in the Babylonian Talmud; indeed, as Nöldeke has shown ("Mandäische Grammatik," p. xxvii.), "the official Targum, although redacted in Babylonia, is composed in a dialect fundamentally Palestinian." This statement is confirmed by the text of the Targum Onḳelos, by the results of historical investigations of its origin, and by a comparison of it with the Palestinian Targum. These researches into its history show that the Targum which was made the official one was received by the Babylonian authorities from Palestine, whence they had taken the Mishnah, the Tosefta, and the halakic midrashim on the Pentateuch. The content of the Targum shows, moreover, that it was composed in Palestine in the second century; for both in its halakic and in its haggadic portions it may be traced in great part to the school of Akiba, and especially to the tannaim of that period (see F. Rosenthal in "Bet Talmud," vols. ii.-iii.; Berliner, l.c. p. 107). The Targum Onḳelos can not be compared unqualifiedly with the Palestinian Targum, however, since the latter has been preserved only in a much later form; moreover the majority of those fragments which are earliest seem to be later than the redaction of the Targum Onḳelos. Yet even in this form the Palestinian Targum to the Pentateuch furnishes sufficient evidence that the two Targumim were originally identical, as is evident from many verses in which they agree word for word, such as Lev. vi. 3, 4, 6-7, 9, 11, 18-20, 22-23.))
https://www.jewishencyclopedia.com/a...s/14248-targum

ونقرا في ترجوم اونوكليس لسفر التكوين الاصحاح الثامن :
((And the ark rested on the seventh month, on the seventeenth day of the month, upon the mountains of Kardu. ))
https://www.sefaria.org/Onkelos_Genesis.8.4-5?lang=en

و اقول : هذا من التراث الشفهي الذي احتفظ به حاخامات اليهود بل هو من التراث الشفهي المشترك ايضا مع شعوب بلاد وادي الرافدين حسب قول ارثر جفري فهو اذا قديم اقدم حتى من عبارة اراراط كما هي الان في سفر التكوين
.
نقرا من كتاب ارثر جفري The Foreign Vocabulary Of The Quran الصفحة 106- 107:
(( The commentators know that it is a name of a mountain in mesopotamia near Mosul and in this they are follwing Judeo Christian tradition. As early as the Targums we find that the apobaterian of Noah was Mt. Judi ie the Gordayene mountain in Mesopotamia which Onkelos calls and Jonathan ben Uzziel, the Peshita agreeing with he Onkelos...... This tradition that Gardu and not Arrarat is the resting place of the ark is a very old Mesopotamian tradition and doubtless goeas back to some ancient Babylonian story . The Jewish tradition passed on to the Christians and from them to the Mandaeans and Arabs. ))

وقد نقل ارثر جيفري في الصفحة 107 ما اقترحه مينجانا الا انه لم يؤيده و لكنه نقل قولا لنودلكه ان جبل الجودي اختلط على النبي عليه الصلاة و السلام - حسب زعمه ! - بجبل اسمه الجودي في الجزيرة العربية !! وقد احال ارثر جيفري الى معجم البلدان لياقوت الحموي و الي شعر منسوب لابي صعترة البولاني في ديوان الحماسة الذي جمعه ابو تمام !!!

وهذا مردود اذ رجعنا الى معجم البلدان فلم نجد المذكور بل العكس .
نقرا من معجم البلدان لياقوت الحموي الجزء الثاني :
(( الجُوديُّ:
ياؤه مشددة: هو جبل مطلّ على جزيرة ابن عمر في الجانب الشرقي من دجلة من أعمال الموصل، عليه استوت سفينة نوح، عليه السلام، لما نضب الماء، وفي التوراة: أمر الله، عز وجل، نوحا، عليه السلام، أن يعمل سفينة طولها ثلاثمائة ذراع وعرضها خمسون ذراعا وسمكها ثلاثون ذراعا وكانت من خشب الشمشاد مقيّرة بالقار، وجاء الطوفان في سنة الستمائة من عمر نوح، عليه السلام، في الشهر الثاني في اليوم السابع عشر منه، وأقام المطر أربعين يوما وأربعين ليلة، وأقام الماء على الأرض مائة وخمسين يوما، واستقرّت السفينة على الجوديّ في الشهر السابع في اليوم السابع عشر منه، ولما كان في سنة إحدى وستمائة من عمر نوح في اليوم الأول من الشهر الأول خفّ الماء من الأرض، وفي الشهر الثاني في اليوم السابع والعشرين منه جفّت الأرض وخرج نوح ومن معه من السفينة وبنى مسجدا ومذبحا لله تعالى وقرّب قربانا، هذا لفظ تعريب التوراة حرفا حرفا ومسجد نوح، عليه السلام، موجود إلى الآن ))

ونقرا من نفس المصدر :
((قَرْدَى:
بالفتح ثم السكون ثم دال مهملة، والقصر، قردى وبازبدى: قريتان قريبتان من جبل الجوديّ بالجزيرة وبقربها قرية الثمانين قرب جزيرة ابن عمر وعندها رست سفينة نوح، عليه السّلام، قال الشاعر
بقردى وبازبدى مصيف ومربع، ... وعذب يحاكي السلسبيل برود ))

ورجعنا الى ديوان الحماسة فما وجدنا ما يلزم قوله !!
نقرا من ديوان الحماسة لابي تمام شرح التبريزي الجزء الثاني :
((وَقَالَ أَبُو صعترة البولاني
(فَمَا نُطْفَة من حب مزن تقاذفت ... بِهِ جنبتا الجودي وَاللَّيْل دامس)
3 - (فَلَمَّا أقرته اللصاب تنفست ... شمال لأعلى مَائه فَهُوَ قارس)
4 - (بأطيب من فِيهَا وَمَا ذقت طعمه ... ولكنني فِيمَا ترى الْعين فَارس ....
1 - إِذا لعذرتني جَوَاب لَو وَمعنى الْبَيْتَيْنِ يَا عاذلة لَو أكثرت فِي الشّرْب حَتَّى يكون لكل أُنْمُلَة حَرَكَة إِذا لقبلت عُذْري وَعلمت أَنِّي مَا أَخْطَأت فِي إِتْلَاف مَالِي
2 - النُّطْفَة المَاء النقي الَّذِي لَا كدورة فِيهِ وَأَرَادَ بحب المزن الْبرد والمزن السَّحَاب فِيهِ الْمَطَر وَأَرَادَ بجنبتا الجودي الكنف والناحية والجودي اسْم جبل والدامس المظلم
3 - اللصاب جمع لصب وَهِي شقوق فِي الْجَبَل والقارس الْبَارِد الشَّديد الْبُرُودَة
4 - فَارس أَي متفرس وَمعنى الأبيات لَيْسَ مَاء مزن سَالَتْ بِهِ نَاحيَة جبل الجودي فِي اللَّيْل المظلم فَلَمَّا قر ذَلِك المَاء فِي الشقوق هبت ريح الشمَال عَلَيْهِ فبرد بأعذب من رضاب فَم هَذِه الْمَرْأَة وَلَا أَقُول هَذَا عَن ذواق واختبار وَلَكِن عَن صدق فراسة ))

و لا ادري اي لازم اقتضاه نودلكه ان يكون جبل الجودي موجود في جزيرة العرب لمجرد ان ابا صعترة البولاني ذكره ؟؟؟ فهو لم يصرح ان الجودي في الجزيرة العربية و لا حتى في شمال العراق !!!
هل كان يستحيل على ابي صعترة وسكان الجزيرة العربية ان يعلموا اسماء الجبال و الاودية و المدن و القرى في الشام و العراق مثلا ؟؟؟؟ و ما الدليل على المنع اصلا !!!

و بنو بولان من طيء فهل هناك مانع ان يعلم احد منهم اسماء الجبال و المدن و القرى !!!

و اما ما قاله خالد بلكين بخصوص الكنزا ربا فهذا مما يثير العجب فالكنزا ربا فلا علاقة لها بالاقتباس حتى و ان افترضنا الاقتباس و العياذ بالله فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يذهب للعراق و لم يخالط المندائيين و قد ذكر ارثر جيفري ان المندائيين اخذوها من اليهود و النصارى و ان الكلمة ترجع الى تراث بابلي قديم فاغنانا عن الرد .

يتبع