الفصل الثاني
المطلب الأول
الفرع الأول
البقرة الحمراء ضمن أدبيات اليهود والمسلمين
פרה אדומה עבור היהודים
في عام 1920م، وعندما بدأت المباحثات بين الاتحاد الصهيوني والإنجليز من أجل التوصل إلى صيغة لتسليم فلسطين لليهود بعد انتهاء الانتداب، كان من بين الموضوعات المطروحة للبحث: (ملكية جبل الهيكل). وطرح الجانب الإنجليزي في المباحثات سؤالاً: هل هذا المطلب مطلب عاجل أم آجل؟ وما مدى اجتماع الشعب اليهودي حول هذا المطلب؟ فأجابهم الحاخام (راف كوك) قائلاً: " يؤمن الشعب اليهودي كله إيماناً لا يتزعزع أن هذا المكان المقدس، وكل جبل الهيكل هو مكان العبادة الأبدي للشعب اليهودي، ورغم أنه في حكم غيرنا الآن، إلا أنه في النهاية سيقع تحت أيدينا، ويوم تقع أرض الهيكل في أيدينا ستأتي إشارة من الرب (البقرة الحمراء) وبعدها نبدأ فوراً في البناء؛ حيث تنبأ بذلك أنبياء بني إسرائيل “. انتهى.
والنبوءة التي أشار إليها الحاخام، هي معنى ما ورد في الإصحاح التاسع عشر من سفر العدد بالتوراة، ونصها بالعبرية:
1 וַיְדַבֵּ֣ר יְהוָ֔ה אֶל־מֹשֶׁ֥ה וְאֶֽל־אַהֲרֹ֖ן לֵאמֹֽר׃ 2 זֹ֚את חֻקַּ֣ת הַתֹּורָ֔ה אֲשֶׁר־צִוָּ֥ה יְהוָ֖ה לֵאמֹ֑ר דַּבֵּ֣ר׀ אֶל־בְּנֵ֣י יִשְׂרָאֵ֗ל וְיִקְח֣וּ אֵלֶיךָ֩ פָרָ֨ה אֲדֻמָּ֜ה תְּמִימָ֗ה אֲשֶׁ֤ר אֵֽין־בָּהּ֙ מ֔וּם אֲשֶׁ֛ר לֹא־עָלָ֥ה עָלֶ֖יהָ עֹֽל׃ 3 וּנְתַתֶּ֣ם אֹתָ֔הּ אֶל־אֶלְעָזָ֖ר הַכֹּהֵ֑ן וְהֹוצִ֤יא אֹתָהּ֙ אֶל־מִח֣וּץ לַֽמַּחֲנֶ֔ה וְשָׁחַ֥ט אֹתָ֖הּ לְפָנָֽיו׃ 4 וְלָקַ֞ח אֶלְעָזָ֧ר הַכֹּהֵ֛ן מִדָּמָ֖הּ בְּאֶצְבָּעֹ֑ו וְהִזָּ֞ה אֶל־נֹ֨כַח פְּנֵ֧י אֹֽהֶל־מֹועֵ֛ד מִדָּמָ֖הּ שֶׁ֥בַע פְּעָמִֽים׃ 5וְשָׂרַ֥ף אֶת־הַפָּרָ֖ה לְעֵינָ֑יו אֶת־עֹרָ֤הּ וְאֶת־בְּשָׂרָהּ֙ וְאֶת־דָּמָ֔הּ עַל־פִּרְשָׁ֖הּ יִשְׂרֹֽף׃ 6 וְלָקַ֣ח הַכֹּהֵ֗ן עֵ֥ץ אֶ֛רֶז וְאֵזֹ֖וב וּשְׁנִ֣י תֹולָ֑עַת וְהִשְׁלִ֕יךְ אֶל־תֹּ֖וךְ שְׂרֵפַ֥ת הַפָּרָֽה׃ 7 וְכִבֶּ֨ס בְּגָדָ֜יו הַכֹּהֵ֗ן וְרָחַ֤ץ בְּשָׂרֹו֙ בַּמַּ֔יִם וְאַחַ֖ר יָבֹ֣וא אֶל־הַֽמַּחֲנֶ֑ה וְטָמֵ֥א הַכֹּהֵ֖ן עַד־הָעָֽרֶב׃ 8 וְהַשֹּׂרֵ֣ף אֹתָ֔הּ יְכַבֵּ֤ס בְּגָדָיו֙ בַּמַּ֔יִם וְרָחַ֥ץ בְּשָׂרֹ֖ו בַּמָּ֑יִם וְטָמֵ֖א עַד־הָעָֽרֶב׃ 9 וְאָסַ֣ף׀ אִ֣ישׁ טָהֹ֗ור אֵ֚ת אֵ֣פֶר הַפָּרָ֔ה וְהִנִּ֛יחַ מִח֥וּץ לַֽמַּחֲנֶ֖ה בְּמָקֹ֣ום טָהֹ֑ור וְ֠הָיְתָה לַעֲדַ֨ת בְּנֵֽי־יִשְׂרָאֵ֧ל לְמִשְׁמֶ֛רֶת לְמֵ֥י נִדָּ֖ה חַטָּ֥את הִֽוא׃ 10 וְ֠כִבֶּס הָאֹסֵ֨ף אֶת־אֵ֤פֶר הַפָּרָה֙ אֶת־בְּגָדָ֔יו וְטָמֵ֖א עַד־הָעָ֑רֶב וְֽהָיְתָ֞ה לִבְנֵ֣י יִשְׂרָאֵ֗ל וְלַגֵּ֛ר הַגָּ֥ר בְּתֹוכָ֖ם לְחֻקַּ֥ת עֹולָֽם׃ ) NUM-19:1-10
ونصها بالعربية
(1وَكَلَّمَ الرَّبُّ مُوسَى وَهَارُونَ قَائِلاً: 2«هذِهِ فَرِيضَةُ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الرَّبُّ قَائِلاً: كَلِّمْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يَأْخُذُوا إِلَيْكَ بَقَرَةً حَمْرَاءَ صَحِيحَةً لاَ عَيْبَ فِيهَا، وَلَمْ يَعْلُ عَلَيْهَا نِيرٌ، 3فَتُعْطُونَهَا لأَلِعَازَارَ الْكَاهِنِ، فَتُخْرَجُ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ وَتُذْبَحُ قُدَّامَهُ. 4وَيَأْخُذُ أَلِعَازَارُ الْكَاهِنُ مِنْ دَمِهَا بِإِصْبِعِهِ وَيَنْضِحُ مِنْ دَمِهَا إِلَى جِهَةِ وَجْهِ خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ سَبْعَ مَرَّاتٍ. 5وَتُحْرَقُ الْبَقَرَةُ أَمَامَ عَيْنَيْهِ. يُحْرَقُ جِلْدُهَا وَلَحْمُهَا وَدَمُهَا مَعَ فَرْثِهَا. 6وَيَأْخُذُ الْكَاهِنُ خَشَبَ أَرْزٍ وَزُوفَا وَقِرْمِزًا وَيَطْرَحُهُنَّ فِي وَسَطِ حَرِيقِ الْبَقَرَةِ، 7ثُمَّ يَغْسِلُ الْكَاهِنُ ثِيَابَهُ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ، وَبَعْدَ ذلِكَ يَدْخُلُ الْمَحَلَّةَ. وَيَكُونُ الْكَاهِنُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 8وَالَّذِي أَحْرَقَهَا يَغْسِلُ ثِيَابَهُ بِمَاءٍ وَيَرْحَضُ جَسَدَهُ بِمَاءٍ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. 9وَيَجْمَعُ رَجُلٌ طَاهِرٌ رَمَادَ الْبَقَرَةِ وَيَضَعُهُ خَارِجَ الْمَحَلَّةِ فِي مَكَانٍ طَاهِرٍ، فَتَكُونُ لِجَمَاعَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي حِفْظٍ، مَاءَ نَجَاسَةٍ. إِنَّهَا ذَبِيحَةُ خَطِيَّةٍ. 10وَالَّذِي جَمَعَ رَمَادَ الْبَقَرَةِ يَغْسِلُ ثِيَابَهُ وَيَكُونُ نَجِسًا إِلَى الْمَسَاءِ. فَتَكُونُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَلِلْغَرِيبِ النَّازِلِ فِي وَسَطِهِمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً.).
ثم بيَّن النص العلة من ممارسة هذا الطقس: ( .. فَتَكُونُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ وَلِلْغَرِيبِ النَّازِلِ فِي وَسَطِهِمْ فَرِيضَةً دَهْرِيَّةً).
ولكن: لماذا حوَّل اليهود تلك (الفريضة) إلى نبوءة و (إشارة) من الرب؟! في الواقع أنهم يربطون بين تنفيذها وبين إعادة بناء الهيكل؛ فالفريضة.. أو النبوءة.. أو البقرة الحمراء ستكون دلالة عندهم على أن الزمن الذي ظهرت فيه هو نفسه زمان الهيكل الثالث بعد إعادة بنائه. ولعل هذا يفسر لنا استمرار غياب الكلام عن مثل تلك الطقوس خلال أزمنة اليهود الخالية التي لم يكن لهم فيها تمكين.
ويعتقد اليهود المتدينون أنه قبل ألفي عام مضت، في حقبة المملكتين اليهوديتين، الأولى والثانية؛ تم مزج رماد بقرة حمراء صغيرة ذبحت في عامها الثالث، وخلط دمها بالماء، واستخدم في (تطهير) الشعب اليهودي، ليصبح مهيأً للدخول إلى الهيكل المقدس، ويعتقدون أيضاً أنه لم تولد طوال التاريخ اليهودي بقرة بتلك الأوصاف منذ دمر الهيكل الثاني عام 70 للميلاد، وعلى حسب التاريخ الديني اليهودي، فإنه قد جرت التضحية ببقرة حمراء واحدة في زمن الهيكل الأول، وبثماني بقرات في زمن الهيكل الثاني.. واليوم، يستعدون لمرحلة الهيكل (الثالث) وزمان البقرة (العاشرة).
هذه هي البقرة في أدبياتهم في حين أنها وردت في القرآن الكريم في سورة كاملة تحمل اسمها وبمناسبة تختلف عن تلك التي يروجون لها. ولكن بعض الجماعات منهم يعتقدون أن الله سبحانه وتعالى سوف يبعث هذه البقرة الوارد ذكرها في القرآن الكريم مرة أخرى لتكون علامة على نزول الماسيح.