حديث أمرت أن أقاتل الناس: خالد بن سعود البليهد..
http://www.saaid.net/Doat/binbulihed/22.htm


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،


فهذا رد على من يقول أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل كل الناس الذين كانوا على غير دين الإسلام..


في مكة انتشر الإسلام بدون قتال، وكان كفار قريش هم الذين يعذبون المسلمين وقتلوا بعضهم، وحاصروا بيت النبي صلى الله عليه وسلم ليقتلوه إذا خرج.. فاين قول من قال بأن الإسلام انتشر بالقتال؟، وأين الذين يقولون بأن الإسلام دين الإرهاب والقتل؟ لماذا لا يقولون بأن الوثنية كانت تنتشر بالإرهاب والتعذيب كما حصل في مكة...؟
وبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، يثرب سابقا، مصعب بن عمير ليدعو أهلها إلى الإسلام. فدخل الأوس والخزرج كلهم في الإسلام.. ومن لم يدخل في الإسلام أظهر الإسلام وأبطن الكفر وهم المنافقون... فانتشر الإسلام في المدينة المنورة بدون قتال أيضا، وبدون سيف...
في مكة كان الكفار يعذبون المسلمين وقتلوا سمية وياسر، فأراد المسلمون أن يستخدموا السيف، للرد على عدوان كفار قريش وليدافعوا عن أنفسهم، فنهاهم الله عز وجل ونهاهم النبي صلى الله عليه وسلم، وأمرهم بالصبر وبالهجرة إلى الحبشة.. كما في الاحاديث المشرفة.، مثل حديث: [ خباب بن الأرت:] شَكَوْنا إلى رَسولِ اللَّهِ ﷺ وهو مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً له في ظِلِّ الكَعْبَةِ فَقُلْنا: ألا تَسْتَنْصِرُ لنا ألا تَدْعُو لَنا؟ فقالَ: قدْ كانَ مَن قَبْلَكُمْ، يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فيُحْفَرُ له في الأرْضِ، فيُجْعَلُ فيها، فيُجاءُ بالمِنْشارِ فيُوضَعُ على رَأْسِهِ فيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ، ويُمْشَطُ بأَمْشاطِ الحَدِيدِ، ما دُونَ لَحْمِهِ وعَظْمِهِ، فَما يَصُدُّهُ ذلكَ عن دِينِهِ، واللَّهِ لَيَتِمَّنَّ هذا الأمْرُ، حتّى يَسِيرَ الرّاكِبُ مِن صَنْعاءَ إلى حَضْرَمَوْتَ، لا يَخافُ إلّا اللَّهَ، والذِّئْبَ على غَنَمِهِ، ولَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ.
البخاري (ت ٢٥٦)، صحيح البخاري. الباحث الحديثي...


وكما قال تعالى:
{ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا} [النساء : 77]
فنهاهم الله عز وجل ونهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن الدفاع عن أنفسهم. وامرهم بالصبر وأن يغفروا للكفار الذين كانوا يعذبونهم..
..كما قال تعالى:
{قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله ليجزي قوما بما كانوا يكسبون} [الجاثية : 14]


فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة وهو في طريقه إلى المدينة، أذن الله عز وجل في الدفاع عن أنفسهم وعن الإسلام دين الله الحق.. فليست الصورة الصحيحة فقط أنهم لم يكونوا يستخدمون السيف في مكة ثم نسخ الحكم إلى الأمر بالقتال... ولكن الحقيقة انهم كانوا قد نهوا عن الدفاع عن أنفسهم ثم أذن الله عز وجل لهم بالدفاع عن أنفسهم. يعني إذا حاول كفار قريش وغيرهم أن ينالوا منهم ليقتلوهم ويمحو الإسلام من على وجه الأرض، فعليهم أن يدافعوا عن أنفسهم وعن الإسلام.. ولولا هذا الإذن أي بقتال من يعتدي عليهم، ما كان هناك مسلم واحد على ظهر الأرض الآن، ولا من ألف وأربعمائة سنة...


قال تعالى:
{أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير (39) الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز (40) الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور (41)} [الحج : 39-41]
وقال تعالى :
{ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور} [الحج : 60]
فالآيات السابقة ذكر الله عز وجل أن المسلمين ظلموا، ظلمهم كفار قريش بالتعذيب والاضطهاد مما جعلهم يفرون من مكة تاركين أموالهم وبيوتهم وأسرهم.. وأنه سبحانه سينصرهم..
وأنهم إذا عاقبوا من عاقبهم بنفس مقدار وطريقة العقوبة ثم بغي عليهم لينصرنهم الله...


وأخبر سبحانه بأنه فرض على المسلمين الجهاد في سبيله، كما فرضه على الموحدين الذين يعبدونه في الأمم السابقة، لأنه لولا الجهاد في الأمم السابقة ضد أعداء لاستطاع الوثنيون في كل عصر أن يهدموا أماكن العبادة التي كانت يعبد الله عز وجل فيها مثل بيع اليهود وصوامع النصارى التي كان الموحدون يذكرون اسم الله فيها ،قبل ان يحرفوا دينهم، وكان الوثنيون ومن يعبد غير الله عز وجل يريدون هدمها والقضاء على عبادة الله في الأرض.. وهذا ثابت في التاريخ لا يستطيع أحد أن يجادل فيه.. كجهاد سيدنا سليمان وسيدنا داود وغيرهم من أنبياء بني إسرائيل ضد الوثنيين ومن يعبد غير الله عز وجل حتى لا يقضي أعداء الله على عبادة الله عز وجل.. والأمثلة على ذلك كثيرة في كتب التاريخ وخاصة في العهد القديم في الكتاب الذي بين يدي النصارى المسمى بالكتاب المقدس..


لما هاجر المسلمون إلى المدينة، عاشوا فيها ووجدوا فيها البساتين والآبار والبيئة المريحة.. وكانوا لا يريدون الحروب والجهاد والقتال، بل كانوا يريدون الراحة والعيش تحت الأشجار والنخيل.. فلما كتب الله
عز وجل القتال كان ذلك على عكس ما يريدونه من الراحة والدعة في المدينة.. والله عز وجل سطر هذا في كتابه، يعني أنهم كانوا يكرهون القتال.. قال تعالى: {كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون} [البقرة : 216]
كما قال تعالى في سورة النساء:
ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال لولا أخرتنا إلى أجل قريب قل متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا


فلما كان بعض الصحابة يؤثرون الراحة والدعة في المدينة بدلا من مشقة ومخاطر الجهاد والقتال، نزل قول الله تعالى:
{يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل} [ 38] {إلا تنفروا يعذبكم عذابا أليما ويستبدل قوما غيركم ولا تضروه شيئا والله على كل شيء قدير (39} [التوبة : 39-40]
وكذلك في بدر لم يكن الصحابة يرغبون في القتال، كما ذكر عز وجل:
{وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين} [الأنفال : 7]




وهذا خلاف ما يذكره اعداء الإسلام من أن الصحابة كانوا يحبون القتال والقتل...
والقتال والحرب يعني أنهم يعرضون حياتهم للخطر، ويضحون بأرواحهم وينفقون اموالهم في الحرب وادوات الحرب.، فلما كره الصحابة ذلك، نزلت آيات كالآيات السابقة، وقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث ترغبهم في الجهاد وما فيه من ثواب وأن جزاء من يقتل الجنة، وهكذا، حتى يرغبهم الله عز وجل والنبي صلى الله عليه وسلم في الدفاع عن الدين الذي يريد أعداءه القضاء عليه... ولو تصورنا في عصرنا أن أقوى دولة في العالم أعلنت الحرب على دولة فقيرة ضعيفة ، فإنه فبالطبع يكون كل شعبها خائفا مرعوبا من قتال هذه الدولة ويلجأ إلى الصلح والموافقة على طلبات الدولة القوية ليجتبوا دخول الحرب معهم.. ولا يتصور أن تعلن دولة فقيرة ضعيفة الحرب على أقوى دولة في العالم... هذا ما حصل زمن الصحابة.. أقوى دولتين في العالم وهما الفرس والروم أعلنتا الحرب على دولة المدينة المنورة.. كان التفكير الطبيعي أن الدولة الضعيفة سوف ترضخ لكل شروط الدولين القويتين لمنع الحرب أو إيقاف الحرب...
فلما أعلن الفرس والروم الحرب على النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة.. لم يكن عندهم أي أمر أو أي توجيه للرد الفعل الذي يريده الله عز وجل حتى نزلت الآية:
{قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون} [التوبة : 29]
فهذا كان خلاف ما كان يريده الصحابة بالطبع. واستشهد الآلاف من الصحابة في هذه الحروب، لو لم يكونوا يرجون الجنة ما تجرأ واحد منهم ويقول أنا على استعداد لقتال أقوى دولتين في العالم.. ولم يكن للصحابة أي احتمال للانتصار في الفتوحات بل وفي قتال المشركين من قبل إلا بوعد غيبي من الله عز وجل بأنه سينصرهم كما في الآيات الكريمة، وهذا الوعد الغيبي غير المحسوس وغير المشاهد وغير الملموس وغير المتوقع من الناحية العقلية، لا يمكن لأي منافق أو ضعيف الإيمان أن يضحي بنفسه وماله من أجله.. قال تعالى:
{ ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز} [الحج : 40]