بسم الله الرحمن الرحيم

هذا الموضوع هو نموذج مثالي لبيان كيف يمزج المنصرون بين فنون الجهل و التدليس . فالمنصر عابد يهوه كتب موضوعا يحاول ان يثبت فيه ان العلماء غير مجمعين على عدم تحريف القران و ان قوله تعالى : (( انا نحن نزلنا الذكر و انا له لحافظون )) لا يدل على حفظ القران من التحريف

و الحقيقة ان بداية الكلام كارثة و نهايته مضحكة فقد بدا المنصر كلامه بل كتب اسم موضوعه بشكل خاطئ !!! تخيلوا انه كتب الاية الريمة هكذا " انا انزلنا الذكر وانا له لحافظون" !!!!

و هذا كما قال المثل : لكل داء دواء يستطب به الا الحماقة اعيت من يداويها

و سنبدا الرد على النحو التالي :

اولا : بيان اجماع علماء اهل السنة و الجماعة على عدم تحريف القران .

نبدا بما قاله اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قول ابن عمر رضي الله عنه :
نقرا من تفسير الطبري رحمه الله الجزء الخامس عشر لسورة يونس :((17759 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية عن أيوب عن نافع قال : أطال الحجاج الخطبة ، فوضع ابن عمر رأسه في حجري ، فقال الحجاج : إن ابن الزبير بدل كتاب الله! فقعد ابن عمر فقال : لا تستطيع أنت ذاك ولا ابن الزبير . لا تبديل لكلمات الله! فقال الحجاج : لقد أوتيت علما إن نفعك! قال أيوب : فلما أقبل عليه في خاصة نفسه سكت))
واورده الحاكم في مستدركه الجزء الثاني كتاب التفسير الصفحة 339-340 وعلق عليه الذهبي في تعليقه على مستدرك الحاكم : ((على شرط البخاري و مسلم ))
وقال الشيخ احمد شاكر رحمه الله في تحقيقه لتفسير الطبري رحمه الله :
(( الأثر: 17759 - رواه الحاكم في المستدرك 2: 339، 340، من طريق أبي النعمان، عن إسماعيل بن علية، عن أيوب، بمثله، ليس فيه كلمة أيوب. وقال: " هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه "، ووافقه الذهبي. وهذا خبر عظيم القدر فيه أخلاق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ظاهرة كما علمهم رسولهم، من ترك هيبة الجبابرة، ومن إنكار المنكر من القول والعمل، ومن اليقظة لمعاني الكلام ومقاصد الأعمال، ومن تعليم الناس جهرة أخطاء أمرائهم والولاة عليهم، ومن الصبر على أذى هؤلاء الجبابرة إذا كان الأذى يمسهم في خاصة أنفسهم.))

قول ابن عباس رضي الله عنه :
صحيح البخاري كتاب فضائل القران
((4731 حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا سفيان عن عبد العزيز بن رفيع قال دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس رضي الله عنهما فقال له شداد بن معقل أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء قال ما ترك إلا ما بين الدفتين قال ودخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه فقال ما ترك إلا ما بين الدفتين))
قال بن حجر في فتح الباري :
((قوله : ( باب من قال : لم يترك النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا ما بين الدفتين ) أي ما في المصحف ، وليس المراد أنه ترك القرآن مجموعا بين الدفتين لأن ذلك يخالف ما تقدم من جمع أبي بكر ثم عثمان . وهذه الترجمة للرد على من زعم أن كثيرا من القرآن ذهب لذهاب حملته))

و نقرا من صحيح البخاري كتاب التوحيد
7124 حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ وَرْدَانَ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : كَيْفَ تَسْأَلُونَ أَهْلَ الكِتَابِ عَنْ كُتُبِهِمْ ، وَعِنْدَكُمْ كِتَابُ اللَّهِ ، أَقْرَبُ الكُتُبِ عَهْدًا بِاللَّهِ ، تَقْرَءُونَهُ مَحْضًا لَمْ يُشَب .

قول سمرة ابن جندب رضي الله عنه :في مستدرك الحاكم الجزء الثاني كتاب التفسير
2857 - أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ، ثنا علي بن عبد العزيز البغوي ، بمكة ، ثنا حجاج بن المنهال ، قال : ثنا حماد بن سلمة ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة رضي الله عنه ، قال : «عرض القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضات » فيقولون : إن قراءتنا هذه هي العرضة الأخيرة .
حسن اسناد الرواية الامام بن حجر رحمه الله في فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب فضائل القران باب كان جبريل يعرض القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وقال (( اسناده حسن))


و من اقوال اهل العلم :

قال بن الجزري رحمه في النشر في القراءات العشر الجزء الاول المقدمة :
(( وذهب جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين إلى أن هذه المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط جامعة للعرضة الأخيرة التي عرضها النبي - صلى الله عليه وسلم - على جبرائيل - عليه السلام - متضمنة لها لم تترك حرفا منها .
( قلت ) : وهذا القول هو الذي يظهر صوابه ; لأن الأحاديث الصحيحة والآثار المشهورة المستفيضة تدل عليه وتشهد له..... ثم إن الصحابة - رضي الله عنهم - لما كتبوا تلك المصاحف جردوها من النقط والشكل ليحتمله ما لم يكن في العرضة الأخيرة مما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وإنما أخلوا المصاحف من النقط والشكل لتكون دلالة الخط الواحد على كلا اللفظين المنقولين المسموعين المتلوين شبيهة بدلالة اللفظ الواحد على كلا المعنيين المعقولين المفهومين ، فإن الصحابة - رضوان الله عليهم - تلقوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أمره الله تعالى بتبليغه إليهم من القرآن لفظه ومعناه جميعا ، ولم يكونوا ليسقطوا شيئا من القرآن الثابت عنه - صلى الله عليه وسلم - ولا يمنعوا من القراءة به .))

قال القاضي عياض في الشفا الجزء الثاني القسم الرابع في تصرف وجوه الاحكام فيمن تنقصه او سبه عليه الصلاة و السلام :
(((فصل) وأَعْلَم أن مِن اسْتَخَفّ بالْقُرْآن أَو الْمُصَحف أَو بشئ مِنْه أَو سَبَّهُما أَو جَحَدَه أَو حَرْفًا مِنْه أَو آيَة أَو كَذَّب بِه أَو بشئ مِنْه أَو كَذّب بشئ مِمَّا صُرّح بِه فِيه من حُكْم أَو خَبَر أَو أثْبَت مَا نَفاه أَو نَفَى مَا أثْبَتَه عَلَى عِلْم مِنْه بِذَلِك أَو شك في شئ من ذَلِك فَهُو كَافِر عِنْد أَهْل الْعِلْم بإجْماع قَال اللَّه تَعَالَى (وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) حَدَّثَنَا الْفَقِيهُ أَبُو الْوَلِيدِ هِشَامُ بْنُ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ حَدَّثَنَا ابْنُ دَاسَةَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن عمرو عن أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم قال (الْمِرَاءُ فِي الْقُرْآنِ كفر) تؤول بِمَعْنَى الشَّكّ وَبِمَعْنَى الْجِدَال، وَعَن ابن عَبَّاس عن النبي صلى الله عليه وَسَلَّم (مَنْ جَحَدَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَقَدْ حَلَّ ضَرْبُ عُنُقِهِ) وَكَذَلِكَ إِنْ جَحَدَ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَكُتُبَ اللَّهِ المُنَزَّلَة أَو كَفَر بِهَا أَو لَعَنَهَا أَو سَبَّهَا أَو اسْتَخَفّ بِهَا فَهُو كَافِر وَقَد أَجْمَع الْمُسْلِمُون أَنّ الْقُرْآن الْمَتْلُوّ فِي جَمِيع أَقْطَار الأَرْض الْمَكْتُوب فِي الْمُصْحَف بِأَيْدِي الْمُسْلِمِين مِمَّا جَمَعَه الدَّفَّتَان من أَوَّل (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالمين - إِلَى آخِر - قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) إِنَّه كَلَام اللَّه وَوَحْيُه المُنَزَّل عَلَى نَبِيّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْه وَسَلَّم وَأَنّ جَمِيع مَا فِيه حَقّ وَأَنّ من نَقَص مِنْه حَرْفًا قَاصِدًا لِذَلِك أَو بَدَّلَه بِحَرْف آخَر مَكَانَه أَو زَاد فِيه حَرْفًا مِمَّا لَم يَشْتَمِل عَلَيْه المُصْحَف الَّذِي وَقَع الإِجْمَاع عَلَيْه وأُجْمِع عَلَى أَنَّه لَيْس مِن الْقُرْآن عَامِدًا لِكُلّ هَذَا أَنَّه كَافِر ))

و نقرا من كتاب شرح لمعة الاعتقاد الجزء الثامن :
(([حكم من كفر بحرف من القرآن الكريم]


ثم قال المصنف: [وقال علي رضي الله عنه: (من كفر بحرف فقد كفر به كله) ] .


هذا الكلام لـ علي بن أبي طالب مروي عنه بسند صحيح، رواه عنه ابن أبي شيبة في المصنف، وأيضاً رواه عنه ابن جرير في مقدمة تفسيره، وهو أثر موقوف صحيح إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وما دل عليه قول علي رضي الله عنه وأرضاه صحيح.


ولهذا قال المصنف رحمه الله تعالى بعد ذلك: [واتفق المسلمون على عد سور القرآن وآياته وكلماته وحروفه، ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفاً متفقاً عليه أنه كافر، وفي هذا حجة قاطعة على أنه حروف] .


فقول علي رضي الله عنه وأرضاه: (من كفر بحرف فقد كفر به كله) قد أجمع العلماء على أن من كفر بحرف من القرآن متفق عليه -أي: اتفق عليه العلماء- ثم أنكره فهو كافر، وهذا يشبه من أنكر القرآن كله أو سورة من سوره أو جزءاً من أجزائه، وهذه قضية واضحة جداً شبيهة بقولنا: من كفر برسول ورد ذكره في القرآن فقد كفر بجميع الرسل، فلو أن إنساناً آمن بالرسل جميعاً وصدق بهم واتبع محمداً صلى الله عليه وسلم ثم إنه قال: أنا لا أؤمن برسالة نبي الله صالح أو نبي الله هود أو غيرهما من الأنبياء فإنه يكون كافراً، بل هو كافر بجميع الرسل؛ لأن السبب الذي من أجله آمن ببقية الرسل موجود في صالح أو في هود، فإذا كفر بواحد فكأنه كفر بالبقية، وكذلك هنا من كفر بحرف من كتاب الله تعالى مجمع عليه فقد كفر بالقرآن كله؛ لأن السبب الذي من أجله أيقن بأن بقية حروف في القرآن كلام الله موجود في هذا الحرف الذي أنكره، فإذا أنكر هذا الحرف فكأنه أنكر القرآن كله، وهذا بإجماع المسلمين، ولم يخالف في ذلك أحد.))

نقرا من الانتصار للباقلاني رحمه الله باب ما روي من الاي المنسوخة :
(([(فصل)]
ومما يدلُ عملى أنه جميع هذه القراءات، والقرآن الذي يُدّعى إنزالهُ
والكلمات الزائدة ليست بمثابة القرآن المتيقن المعلوم، إجماعُ الأمةِ على أن
من جحد الحمدَ والبقرةَ أو بعض القرآن، وقال: إنها ليست بقرآن، أو قال: لستُ أدري أنها قرآن أم لا، وجبَ إكفارهُ والحكمُ بردّته وخروجه عن جملة المسلمين، ولا سيّما إذا كان ممن ينسبُ إلى العلم وحفظ القرآن وسماع
النقل والأخبار، وأن من جحد قوله: (وهي العصرُ) ، (والسارقُ والسرقةُ
فاقطعوا (أبدانهم)) ، (ويأخذُ كل سفينة (صحيحةٍ) غصبا) ، (وأن تبتغوا فضلاً من ربكم في (مواسم الحج)) ، (والشيخُ والشيخةُ، ولو أن لابن آدم وادٍ من ذهب) ، (ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كُفْر بكم أن ترغبوا عن آبائكم) ، وأنكر أن يكون ذلك قرآناً، وقال: إني لستُ أدري أقرآن هو أم لا،، وقال: أقرأهُ كما رُوي على الظاهر دون القطع عليه، لم يكفُر بذلك ولم يكن خارجاً عن جملة المسلمين باتفاق، فوجب لذلك جهلُ من اعتقد أنّ هذه الشواذّ جارية في ظهورها وثبوتها وحصولِ العلم بها، مجرى الحمدِ والنمل والكهف، وبعض سور القرآن، وثبت بذلك افتراقُ الأمر فيهما. ))

يتبع غدا باذن الله