

-
هنا تجميع موسوعة فتاوى العقيده الطحاويه الشيخ صالح ال الشيخ تجميع وليد الماخى الدمياطى
هنا تجميع موسوعة فتاوى العقيده الطحاويه الشيخ صالح ال الشيخ
تجميع وليد الماخى الدمياطى
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.
اللهم نسألك علما نافعا وعملا صالحا وقلبا خاشعا ودعاء مسموعا، اللهم لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا بك، أما بعد:
فنجيب عن بعض الأسئلة.
س1/ ما هي عقيدة أبا العتاهية؟
ج/ رحم الله أبا العتاهية، فهو من الصالحين، ولا تسل عن شيء ليس فيه مصلحة، أبو العتاهية شاعر من الشعراء الزهّاد وديوانه مطبوع.
س2/ هل يوجد في القرآن ألفاظ أعجمية، وما معنى ?حم?، ?المر?؟
ج/ الجواب: الكلمات الأعجمية في القرآن أعجمية الأصل لكنها عربية الاستعمال، ومعلوم أنّ العرب لما استعملوا هذه الكلمات صارت عربية كالسندس والإستبرق وأشباه ذلك؛ لأنها لم تأت على أوزان العرب.
فأهل العلم في هذه المسألة لهم قولان:
* منهم من ينفي وجود الكلمات الأعجمية أصلا.
* ومنهم من يقول هي موجودة لكنها بالاستعمال صارت عربية، وهذا هو الصحيح.
وأما الأحرف المقطّعة في أوائل السور ?الم?، ?الر?، ?حم? فهي دالة على إعجاز القرآن، فالحجة فيها عظيمة، ?الر?، ?الم? فصيحة ألفاظُها؛ يعني هذه الأحرف من حيث الاستعمال، ودالّة على أعظم أنواع الإعجاز، أو على دليل عظيم من أدلّة الإعجاز، كيف ?المر?، ?حم?، ?كهيعص? هذه الأحرف هي الأحرف التي بها يتكلَّم العرب وينشئون بها الكلام الذي يفاخرون به، فأشعار العرب من هذه الأحرف، وكلمات العرب وخطب العرب من هذه الأحرف، وما تفاخروا فيه من البيان والبلاغة والخطب والفصاحة إنما هو مكوَّن من هذه الأحرف، فالله جل وعلا في بعض السور -في أول بعض السور- افتتحها بالأحرف المقطعة لينبّه أنّ هذا القرآن كلماته وآياته من هذه الأحرف التي بها تنشئون كلامكم البليغ الذي تتحدون به، فَهَيَّا استعملوا هذه الأحرف في إنشاء كلام مثل هذا القرآن، ولهذا تجد أنَّ الأحرف المقطّعة في افتتاح السور أغلبها والغالب منها يكون بعد ذِكر الأحرف المقطعة يكون ذِكر الكتاب والقرآن، لا تجد سورة فيها ذكر الأحرف المقطعة إلا وفيها ذكر القرآن، والأغلب أن تكون بعد الحرف المقطعة مباشرة.
خُذ مثلا ?الم(1)ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ?[البقرة:1-2]، ?ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ?[ق:1]، ?حم(1)وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ?(50)، ?يس(1)وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ?[1-2]، ?حم(1)تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ?[فصلت:1-2]، ?الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ?[هود:1]، ?المر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ?[الرعد:1] (51)، إذن فلما ذكر الكتاب كلما ذكرت الأحرف ذكر بعدها الكتاب، وتارة تكون بعد ذلك كسورة مريم ?كهيعص? يأتي ذكر القرآن بعدها.
فإذن إيراد هذه الأحرف المقطعة في أوائل السور لتحدي العرب لتكوين كلام من هذه الأحرف التي يكونون منها كلامهم وينشئون بها خطبهم وأشعارهم وأن يعارضوا القرآن بمثل هذا الكلام.
س3/ ما رأيكم بمن يقول: إن الله ليس له لغة بدليل أنه يخاطب جميع البشر كلاًّ حسب لغته؟
ج/ نقول: لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللغة اصطلاحية، اللغة من آيات الله ?وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ?[الروم:22]، البشر احتاجوا للغات ليتفاهموا فيما بينهم، الله جل وعلا هو الذي خلق البشر وخلق لغات البشر وجعل اختلاف الألسن دليلا على عِظم الباري جل وعلا.
الله سبحانه أعظم من أن يقال فيه إنّه يتكلم بكل اللغات، أو أنه ليس له لغة الله جل وعلا أعظم وأجل من ذلك أو نحو ذلك، وما قدروا الله حق قدره سبحان ربي وتعالى، سبحان ربي وتعالى.
س4/ ما رأيك بقول الشخص الآخر –هذا مُو متعلق بالدرس لكن الجواب عليه مهم- قول الشخص الآخر: لك خالص شكري؟
ج/ الجواب: هذا نبهنا عليه مرارا أنّ الشكر عبادة؛ الشكر عبادة لله جل وعلا، أمر الله بها ?أَنْ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ?[لقمان:14]، ?وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ?[البقرة:152]، ولما أمر الله جل وعلا به فهو عبادة عظيمة من العبادات التي يتقرب إلى الله جل وعلا بها، والعبادات من الدين، والدين الخالص لله جل وعلا، ?أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ?[الزمر:3]، فلا يجوز أن يقال لأحد: لك خالص شكري. لأن خالص الشكر لله سبحانه وتعالى، أو: لك خالص تحياتي. مع خالص تحياتي أو: خالص تقديري. هذه كلها لله جل وعلا، خالص التحيات وخالص التقدير والقدر والتعظيم، وخالص الرجاء، ومثل ما يقول وفيك خالص رجائي، الرجاء والشكر، ومثل هذه الأشياء هي عبادة وخالصها لله جل وعلا.
فلا يجوز أن يقول القائل مثل ما هو شائع في كثير من الرسائل والمؤلفات: وتقبّل خالص شكري وتقدري؛ لأن هذا إنما هو لله جل وعلا.
فالشكر الخالص لله، يقال للبشر: لك عظيم شكري، أو يقال له مع عظيم شكري لك، مع جزيل شكري، ونحو ذلك، نعم يُشكر البشر على ما يقومون به من أنواع الخير، وذلك لقول النبي ( «لا يشكر الله من لا يشكر الناس»، الذي لا يشكر الناس لا يشكر الله جل وعلا.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل مني ومنكم، وأن يزيدنا من العلم النافع والعمل الصالح.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد. (52)
??(??
الدرس الثاني عشر
بسم الله الرحمن الرحيم
[الأسئلة]
أما بعد: نجيب على بعض الأسئلة والاستفسارات.
س1/ يقول: قول الرسول ( «إنما أبيتُ عند ربي يطعمني ويسقيني» في الوصال، هل الإطعام حقيقي؟ وما هي الأقوال في ذلك؟
ج/ الجواب: أن الأمور المضافة إلى الله جل وعلا من الأفعال، الأصل فيها -ككلّ فهمٍ للغة- أن يُفهم ظاهر الكلام، وظاهر الكلام هو ما يتبادر إلى الذهن -ذهن العربي- من سماع الكلام.
والظاهر تارة يكون بإفراد الكلام، وتارة يكون بتركيبه.
والصحابة رضوان الله عليهم واصلوا الصيام، فنهاهم النبي عليه الصلاة والسلام، وسبب نهيه عليه الصلاة والسلام الصحابةَ عن المواصلة الإبقاء عليهم وعدم تكليفهم؛ لأنّ في الوصال مشقة ترك الطعام الذي به قوام الإنسان، فقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث حينما نهاهم قالوا: يا رسول الله إنّك تواصل، قال «إني لست كهيأتكم، إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني» فدل هذا على أن ظاهر الكلام: أن الله جل وعلا يطعم الرسول ( ويسقيه، معلوم أن الإطعام والسقيا ليست بالأكل والشرب المعتاد؛ لأن هذا يُفَطِّر.
فإذن يكون ظاهر الكلام دلّ على شيئين:
الأول: أن الإطعام والسقيا هذا حقيقي على ظاهره، وأنه طعام به يقوى البدن ولكن ليس عن طريق الفم.
والثاني: أنّ النبي عليه الصلاة والسلام ليس إطعامه من ربه جل وعلا بالأكل والشرب المعروف؛ لأنه بهذا يُفطِر الصائم.
الأقوال في هذا متعددة؛ لكن هذا القول هو الذي يوافق ظاهر الحديث، والحديث ليس من أحاديث الصفات؛ لكن هذا هو الذي يوافق الحديث.
س2/ إذا تضرر الناس من المطر واضطروا إلى الاستصحاء، هل يصلى لها صلاة أو يدعو الإمام في الجمعة؟
ج/ الاستصحاء هو طلب الصحو، والنبي عليه الصلاة والسلام جاءه رجل وهو يخطب فشكا إليه الحال فدعا واستغفر، فخرجت سحابة مثل التُّرس فملأت السماء فأمطروا إلى الجمعة القادمة، ثم أتى رجل-قيل لأنس هل هو ذلك الرّجُلُ الأَوّلُ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي-، فقال: يا رسول الله انقطعت السّبل، إلى آخره. فدعا النبي عليه الصلاة والسلام بقوله «اللّهُمّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا. اللّهُمّ عَلَى الآكامِ وَالظّرَاب، وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشّجَرِ» وأشار بيده هكذا وهكذا وهكذا، فصار ما فوق المدينة كالجوبة؛ يعني كسبحة من إشارة أن تفرق السحاب، وهذا من دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام.
فإذا احتيج على ذلك دعا الإمام بهذا، وهذا مشروع كما دلت عليه السنة.
س3/ ما حكم تعليق المشيئة على أمر متأكد أنه واقع كقوله هذا فلان الواقف أمامك إن شاء الله، كذلك حكم تعليقها على أمر قد حصل وانتهى؛ كقوله أكلتم إن شاء الله؟
ج/ المشيئة في استعمال المسلم لها على درجتين:
الأولى: أنه يقصد بها حقيقة التعليق؛ يعني أن ما سيفعله معلق بمشيئة الله كما قال جل وعلا ? وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ?[التكوير:29]، ?وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا?[الإنسان:30]، وقال ?وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا(23)إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ?[الكهف:23-24]، فإذا كان الأمر يُعلق على المستقبل فإنه يتأكد استعمال المشيئة، يعني أن يعلَّق الأمر على مشيئة الله؛ لأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن.
والدرجة الثانية: أن تقول إن شاء الله لتحبيب تحقق الأمر بمشيئة الله؛ لأن الأمر وقع ووقوعه ليس بمشيئتي ولكن بمشيئة الله، ولا بأس أن يؤكد أي أمر وقع بكلمة (إن شاء الله) ويقصد بها أنه تحقق ووقع بمشيئة الله جل وعلا، وعلى هذا جاء في القرآن قول الله جل وعلا ?وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ?[يوسف:99]، بعد أن دخلوا، وكقوله جل وعلا ?لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ?[الفتح:27].
بالمناسبة بتعليق المشيئة: الكلمة المعروفة التي تروى عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنه لما حض الناس على جهاد التتر فقال: إنكم منصورون. فقال: له أحد القضاة قل إن شاء الله. قال: إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا؛ يعني أنتم منصورون والنصر بمشيئة الله يتحقق، وهذا لأجل أن الله جل وعلا وعد عباده -ووعده حق- أن ينصرهم ?إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ?[غافر:59]، وقال جل وعلا ?كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي?[المجادلة:21]، وقال سبحانه ?وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ(171)إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ(172)وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمْ الْغَالِبُونَ?[الصافات:171-173]، ونحو ذلك من الأدلة.
س4/ ما حكم الاحتجاج بالقدر على فعل المكروهات وترك المستحبات، مثل أن يترك الإنسان النوافل بعد الصلاة، فإذا حاجه أحد قال: هذا بقضاء الله وقدره؟
ج/ القدر لا يجوز الاحتجاج به على المعايب، فإذا كان ثم فعل لإنسان فيه عيب من ترك فريضة أو فعل محرم، أو من ترك نافلة أو فعل مكروه، فإنه لا يجوز أن يحتج على ذلك بالقدر.
وإنما يجوز الاحتجاج بالقدر على المصايب؛ إذا أُصيب الإنسان بمصيبة علق ذلك بقدر الله جل وعلا؛ لأنه في تعليقه للقدر تطمئن النفس ويكمل الإيمان والهدى ?وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ?[التغابن:11]، ما شاء الله كان، قدّر الله وما شاء فعل، هذا في المصائب.
أما في المعايب فإن هذا من وسائل الشيطان؛ لأن الاحتجاج بالقدر على المعايب ليس فيه في الحقيقة حجة بل حجة على صاحبه الذي احتج به؛ لأن الإنسان مخيّر هل يعمل هذا أو يعمل الأمر الثاني؟ فكونه اختار أحد الأمرين بإرادته التي توجّهت إلى أحد الأمرين، وبقدرته التي توجّهت إلى أحد الأمرين، فإن احتجاجه بالقدر حينئذ احتجاج للخروج من التبعة؛ لأنّه كان عنده إرادة، ولو صحّ الاحتجاج بالقدر في المعايب ما بقي معنى للتكليف ولا للحساب؛ لأنّ هذا هو معنى قول الجبرية.
س5/ ما الفرق بين معجزات الأنبياء ومعجزة القرآن؟ وهل معجزات الأنبياء معجزة بنفسها كالقرآن أم لا؟
ج/ معجزات الأنبياء ومنها معجزات المصطفى (، ذكرنا لكم أنها آيات وبراهين ودلائل، فلفظ المعجزة لفظ حادث، ولهذا تارة يقع الإشكال في توجيه بعض الأمور؛ لأنّه يُنتقل من استعمال العلماء لها في أحد معانيها أو في كثير من معانيها إلى أن تُجعل حقيقة شرعية عامة، وهذا يُنتبه له، فإن كلام العلماء تقرير للحقائق فإذا كان الاستعمال الاصطلاحي لهم في الألفاظ لم يأت في القرآن ولا في السنة فينبغي أن يُجعل بقدره، وألا يزاد على ما استعملوه فيه، فلهذا لفظ المعجزة -كما ذكرنا لكم- لم يأتِ في القرآن ولا في السنة، وإنما فُهم ذلك فهما وهذا الفهم صحيح إذا قُُدِّر بقدره الشرعي ولم يُنتقل عنه إلى ما لم يأت به دليل.
ولهذا نقول: آيات الأنبياء والبراهين الدالة على صحة رسالاتهم وعلى أنهم مرسلون من عند الله وأنّ ما جاؤوا به حق، هذه كلها دليل صدقها في نفسها؛ لأنها شيء خارج عن قدرة الإنس والجن في ذلك الزمان جميعا، فكلّ معجزة، كلّ آية، كل برهان، اقترن بدعوى النبوة فهو خارج عن قدرة الإنس والجن جميعا، في النّبي محمد عليه الصلاة والسلام وفي جميع الأنبياء والمرسلين؛ لأنّنا نقول: إنَّ كل نبي يخاطب به؛ يعني يخاطب برسالته الإنس الذين بُعث فيهم وكذلك يخاطب برسالته من سمع برسالته من الجن، فلهذا يقع الإعجاز وتقع الحجة بأن تكون الآية والبرهان خارجا عن مقدور الإنس والجن جميعا.
وهذا هو في آيات وبراهين الأنبياء والمرسلين عليهم صلوات الله وسلامه، وكذلك في القرآن، فكلها آية وبرهان حجته في نفسه قاطع في نفسه لمعارضة المعترض.
وتدبّر هذا في جميع الآيات التي أوتيها الأنبياء والمرسلون عليهم صلوات الله وسلامه.
نكتفي بهذا. اقرأ
[الأسئــــلة]
س1/ ذكر سؤال، سؤال يرجع إلى شرح كشف الشبهات ذكرناه بتفصيلها: ما الفرق بين بلوغ الحجة وفهم الحجة.
س2/ هل القاعدة التي ذكرتم؛ وهي أن الاسم إذا كان منقسما فإنه لا يطلق على الله، فماذا يقال في اسم الباسط والقابض، فإن هذين الاسمين منقسمين فالبسط يكون للخير وقد أن يكون للشر، وكذلك القبض قد يكون للخير وقد يكون للشر؟
ج/هذا سؤال جيد، وجوابه راجع إلى معرفة أنّ الأسماء الحسنى منها ما لا يكون كمالا إلا مع قرينه، مثل الخافض الرافع، الرافع لما اقترن بالخافض صار كمالا، ومثل القابض الباسط، الله جل وعلا قال?وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ?[البقرة:245] القابض الباسط سبحانه وتعالى، الضار النافع جل وعلا، فثَم من الأسماء الحسنى ما لا يكون دالا على الكمال بمفرده، ولا يسوغ التعبيد له، مثل الضار هو من الأسماء الحسنى، ما نقول عبد الضار وأشباه ذلك، مثل المميت، المحيي المميت، ما نقول عبد المميت؛ لأن هذه الأسماء تطلق على وجه الكمال وتكون حسنى مع قرينتها، لهذا تجد أنها ملازمة للاسم القرين.
لهذا نقول الباسط صار كمالا بالقابض، فيطلق منفردا لأن كماله باسم الله القابض، والقابض أيضا هو كمال باسم الله الباسط لكنه لا يعبّد له كما يعبد للباسط، ومثله النافع والضار، الضار كماله بالنافع والنافع كماله بالضار، لأنه يدل على القهر والجبروت لله جل وعلا، وكذلك المحيي المميت. وهذا يأتينا عند قوله إن شاء الله (مُمِيتٌ بِلَا مَخَافَةٍ).
س3/ لماذا تقولون أنّ عقيدة أهل السنة والجماعة من عقيدة التابعين، ونجد كثيرا من التابعين قد غلط في الأسماء والصفات؟ وهل نقول عقيدة الصحابة ولا نقول عقيدة التابعين؟
ج/ أولا من حيث الأدب في السؤال ما يناسب بطالب العلم أن يسأل بقوله (لماذا تقولون؟) (لماذا) فيه منافاة لأدب المتعلم مع المعلم، هذه واحدة.
الثانية أن قوله (نجد كثيرا من التابعين قد غلط في الأسماء والصفات) التابعون إذا أراد بالذين غلطوا في الأسماء والصفات من أدركوا الصحابة، فليس هؤلاء من التابعين للصحابة بإحسان، لهذا قال جل وعلا ?وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ?[التوبة:100] فليس كل من تبع فجاء تابعا للصحابة يكون محمودا.
لهذا نقول: عقيدة الصحابة والتابعين. المراد بالتابعين الذين أثنى الله عليهم بأنهم تبعوهم بإحسان.
أما الذين تبعوا الصحابة زمانا وخالفوهم عقيدة، وابتدعوا في الأسماء والصفات أو في القدر أو في الإيمان، كالخوارج والمرجئة والقدرية وأشباه هؤلاء، هؤلاء لا يدخلون أصلا في كلامنا، خير الناس قرن النبي ( ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، المراد من كان منهم على الحق.
إنْ أراد السائل بعض الغلط المروي عن التابعين من أهل السنة؛ يعني ممن تبع الصحابة بإحسان، فإنه لا يقال: إنهم غلطوا في الأسماء والصفات، وإنما حصل بعض العبارات التي يُنازعون فيها؛ لأنهم اجتهدوا، لكن لا يقال إنهم غلطوا في ذلك، ولكن لهم اجتهدوا فينسب إليهم اجتهادهم ولا يعابون، لا يعتبرون غلطوا، ما فيه مسألة يقال غلطوا فيها في الصفات؛ التابعين بإحسان، ولا غلطوا في الأسماء؛ لأنه من غلط في هذا الأمر في أصل من أصول الصفات أو من الأسماء فإنه لا يكون من التابعين بإحسان.
س4/ ورد في الحديث «نعوذ بِوَجْهِك الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِك الْقَدِيمِ»؟
ج/ هذا معروف في البحث، السلطان هنا المقصود به الخَلق؛ يعني الملكوت أو يقصد به الصفة المتعلقة بذلك، وهذا فيه بحث زيادة على ما ذكرت، ولكن هذه الكلمة لا تعني أن القديم من أسماء الله جل وعلا، أو أنه من صفاته سبحانه؛ لأنه وُصف به سلطانه سبحانه «أَعُوذُ بِوَجْهِ الله الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ» سلطان الله القديم الذي هو صفة تدبيره سبحانه، وهذه ليست راجعة إلى الاسم القديم الذي يدل على الذات، كما هو معلوم أن الأسماء تدل على الذات وتدل على الصفات.
س5/ ما الفرق بين الصفات والأفعال في قولك باب الصفات أضيق من باب الأفعال؟
ج/ يعني قد يكون هناك أفعال تضاف إلى الله جل وعلا، ولا نشتقّ منها صفة نصف بها الرب جل وعلا، فباب الأفعال أضيق من باب الصفات،(15) فليس كل فعل أطلق أو أضيف إلى الله جل وعلا من فعله سبحانه نشتق منه صفة من الصفات، كذلك ليس كل ما جاز أن يُخبَر به عن الله جل وعلا جاز أن نجعله اسما له سبحانه، أو أن نجعله صفة له سبحانه، وكذلك ليس كل صفة له جل وعلا يجوز أن نشتق منها اسم، مثل مثلا الصُّنع الله جل وعلا قال في آخر سورة النمل ?صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ?[النمل:88] فالصنع هذا صفة ?صُنْعَ اللَّهِ?، ?صُنْعَ اللَّهِ? هذا صفة لكن لا يجوز أن نشتق منها الصانع، لأنه كما ذكرنا الشروط لا بد أن تكون:
أولا: جاءت في الكتاب والسنة.
والثاني: أن يكون يدعى بها، واسم صانع لا يدعى به الرب جل وعلا، لا نقول يا صانع اصنع لي كذا؛ لأنه لا يتوسل إلى الله به.
والثالث: أنه ليس مشتملا على مدح كامل مطلق غير مختص.
باب الأفعال مثل ?اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ?[البقرة:15]، ?وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ?، وهنا ?وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ?[الأنفال:30]، ?اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ? جاء إضافة الأفعال هذه إلى الله جل وعلا، ما نقول نشتق منها صفة فيوصف الله بالمكر ويوصف الله بالاستهزاء وأشباه ذلك، هذا غلط؛ لأن باب الأفعال كما ذكرنا أوسع من باب الصفات، وباب الصفات أضيق؛ لأن المكر منقسم ?وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ? جاء هنا إضافة ?يَمْكُرُ? إلى الله جل وعلا ?يَمْكُرُ اللَّهُ? لكن المكر صفة منقسمة إلى:
( المكر الذي هو بحق، وهو ما دلّ على كمال وقهر وجبروت وهو المكر بمن مكر به سبحانه، أو مكر بأوليائه، أو مكر بدينه، هذا مكر حق.
( وإلى مكر مذموم وهذا ما كان على غير وجه الحق.
فإذا كان كذلك، ما نقول أن من صفة الله الاستهزاء، كذلك الملل لا نقول من صفات الله الملل، وأشباه ذلك «إِنّ الله لاَ يَمَلّ حَتّى تَمَلّوا» أُطلق الفعل لكن لا نشتق منه الصفة؛ لأن الصفة منقسمة، وكذلك من الصفة إلى الاسم، وهذا فيه قواعد ذكرها ابن القيم رحمه الله في أول ”بدائع الفوائد“.
نقف عند هذا نسأل الله التوفيق والسداد...
??(??
[الأسئلـــة]
س1/ هل يوصف المخلوق بكونه خالقا للأشياء؟
ج/ الجواب: لا، خلْق الأشياء هذا مختص بالرب جل وعلا، فهو سبحانه وتعالى هو الذي يخلق الأشياء، أما أن يوصف بكونه خالقا، فنعم، لكن لا يقال خالق للأشياء، الأشياء بيد الله جل وعلا، لكن يخلق ما يناسب، كما قال سبحانه ?فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ?[المؤمنون:14]، ويُعنى بالخلق هنا التقدير أو التصوير أو ما يناسبه، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه البخاري وغيره «مَنْ أَظْلَمُ مِمّنْ ذَهَبَ يَخْلُقُ كَخَلْقِي؟ فَلْيَخْلُقوا حَبّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً» فأثبت لهم خلقا قال (يَخْلُقُ كَخَلْقِي)، ثم نفى عنهم خلقا فقال (فَلْيَخْلُقوا حَبّةً، أَوْ لِيَخْلُقُوا شَعِيرَةً)، فدلّ على أنّ المخلوق يخلق أشياء؛ بمعنى يصوّرها أو يقدّرها، أما برء الأشياء، أو برء الأمور؛ بمعنى إخراج الصور يعني فيها حياة فهذه لله جل وعلا، وأما تصنيع الجمادات فهذا نوع من الخلق؛ لأنه تقدير وتصوير.
س2/ يستدل أهل التعطيل والتجسيم بقوله ?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ?[الشورى:11] على باطلهم، وقد رد أهل السنة والجماعة بردود عليهم في ورود الكاف والمِثل في الآية، فما هو وجه استدلال المعطلة والمجسمة؟ وما هو الرد الصحيح والوجه الصحيح من ردود أهل السنة في زيادة الكاف؟
ج/ سبق أن ذكرناه أظن في الدرس الماضي، أو الذي قبله، في أول الدروس، أو عند قوله ولا يشبهه شيء أو (وَلا يُشْبِهُ الأنَامَ)، أو في أوله عند قوله (وَلا شيءَ مثْلُهُ) (18).
المقصود أن استدلال المبتدعة بقوله ?لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ? مصيرٌ منهم إلى أن المثلية هنا قد تكون ناقصة، فيكون هناك مطلق التشابه منفيا، وهذا فيكون مطلق التشابه منفيا، وقد ذكرنا لكم أنّ المراد هنا المماثلة والمماثلة منفية في كل حال، والمشابهة في الكيفية أو في كمال المعنى؛ يعني في المعنى المطلق أيضا منفي، وأما المشابهة في مطلق المعنى وهو أصله الذي حصل به الاشتراك فإن هذا ليس منفيا؛ لأن هذا أثبته الرب جل وعلا.
س3/ ما هو أفضل كتاب شرح الأسماء الحسنى واعتنى بمعناها؟
ج/ أحسن ما أُلف في ذلك فيما أعلم كتاب ”النهج الأسمى“ لأحد طلبة العلم في الكويت محمد الحمود، وهو من أنفع ما كُتب في ذلك، ويليه ما فرقه الشيخ عبد الرحمن بن سعدي في كتبه من معاني الأسماء و الصفات.
س4/ هل الله جل وعلا محتاج إلى عبادة العابد كما قال?وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56)مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ?[الذاريات:56-57]، فهو غير محتاج سبحانه للرَّزق ولا للإطعام لكن أثبت العبادة؟
ج/ ما أدري ما وجه السؤال.
?وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ? اللام هنا هذه لام (كي) لام الحكمة وليست لأجل الحاجة.
س5/ من صلى الصلاة وهو جنبا حياءً؟
ج/ من صلى الصلاة وهو جنبا غير متوضئ غير مغتسل، فيجب عليه الإعادة، يسأل أنه صلى بعض الصلوات وهو جنب واكتفى بالتيمم، السائل يعرف تفاصيل سؤاله، فيجب أن يعيد الصلوات جميعا، وأن يستغفر الله جل وعلا من كونه صلى صلاة بلا طهارة شرعية كاملة، والله جل وعلا أحق أن يُستحيى منه.
س6/ هل يقال: إن الصفات الذاتية راجعة إلى صفة الحياة، والصفات الفعلية راجعة إلى صفة القيومية؟
ج/ لا، لا يقال ذلك من مثل صفة الرحمة ذاتية باعتبار وفعلية أيضا، ولكنها راجعة هي أيضا لقيوميته، فهو سبحانه أقام خلقه على الرحمة.
س7/ كيف نعرف أن نفي صفة من صفات النقص تدل على الكمال المطلق؟
ج/ أي نفي جاء في الكتاب والسنة؛ نفي صفة عن الله جل وعلا فالمراد من هذا النفي إثبات كمال الضد؛ لأن النفي المجرد ليس مدحا وليس كمالا، نفي الصفة عن المتصف أو عن من يتصف بها أو عن من يقال أو تنسب إليه قد يكون لنقصه ولعجزه؛ لعدم علمه ولعدم قدرته.
فيقال مثلا فلان لا يسيء إلى أحد؛ لأجل أنّه ضعيف، حتى الكافر المشرك المعاند لا يسيء إليه لضعفه، ويقال فلان مثلا ليس كثير الكلام قد يكون لعجزه عن الكلام بما ينفع، ولهذا قال الشاعر في ذم قبيلة من القبائل:
قُبَيِّلَـة لا يخفـرون بذمـة ولا يظلمون الناس حبة خردل
(قبيلة لا يخفرون بذمة) لعجزهم.
و العرب كانت تفتخر بالاعتداء والقوة، وهو نفى عنهم صفة لأجل عجزهم عنه، وقال (ولا يظلمون الناس حبة خردل) لعجزهم ولهذا في وصف الرب جل وعلا إذا نفي... (19)
قوله ?لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ?[البقرة:255] لكمال حياته، لا لأرقه مثلا أو لاهتمامه بخلقه أو لعدم إرادة تركهم حتى لا يفسد الملك أو نحو ذلك، بل ?لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ? لكمال حياته، يتضمّن النفي إثبات كمال الصفة التي هي ضد ذلك، والنفي المحض -كما هو معروف وذكرناه لكم سابقا- ليس كمالا.
كذلك ?وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا?[مريم:64] لكمال علمه وإحاطته.
?لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ?[الإخلاص:3] لكمال غناه سبحانه وتعالى.
?وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ?[الإخلاص:4] لكمال أَحديته سبحانه، ?قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ?[الإخلاص:1]، وهكذا في غير ذلك من الصفات.
( الحقيقة الأخ يذكر مسألة يقول: إن الصوت غير واضح في المكبر، حبذا لو يشوف إخواننا المؤذن إما يغيرون هذا الجهاز أو يشوفولنا حل، حتى أنا إذا ارتحت في الإلقاء يكون الاستحضار أكثر.
س8/ بودي لو شرحت كتاب ”عقيدة السلف وأصحاب الحديث“ للصابوني فهو أجمع من شرح متن الطحاوية؛ لأنه حسب علمي لم يُشرح؟
ج/ لا، أظن عقيدة السلف وأصحاب الحديث للصابوني سبق أنه شرحه بعض المشايخ موجود مسجلا، وأما متن الطحاوية فإنه مرجِع، والاهتمام به منهجيا أولى من الاهتمام بعقيدة السلف وأهل الحديث للصابوني؛ لأننا نمشي على منهجية في قراءة الكتب، فالشرح يكون على كتاب له صلة بتكوين الطالب علميا.
وشرح الطحاوية مقصود أنه يشتمل على مسائل لم تذكر في الواسطية، يشتمل على مسائل لم تذكر في لمعة الاعتقاد ولا في الحموية، فهو مهم من هذه الجهة، إضافة إلى أن ثم استدراكات عليه، وهذا مما ينمي طالب العلم، ومشايخنا رحم الله الميت وحفظ الحي يعتنون بشرح الطحاوية لذلك قُرّر في جامعات المملكة.
س9/ ما حكم تعريف الاسم المضاف إلى الله جل وعلا مثل العبد اللطيف؟
ج/ هذا لا يجوز، هذا نبهنا مرارا أنه لا يجوز كتابة هذه، ولا نُطقها على هذا الشكل، كتابتها العبد اللطيف أو العبد الله، أو العبد العزيز، أو العبد الكريم بهذا الشكل، أن تكون العبد هكذا معرفة، واللطيف معرفة؛ لأن هذا يجعل اسم الله جل وعلا مشتبها أن يكون نعتا للعبد، هذا لا شك يجب دحضه ويجب رده، فتكتب آل منفصلة، ثم عبد اللطيف، حتى تقرأ: آل عبد اللطيف، آل عبد الكريم، آل عبد العزيز، آل عبد الله، آل عبد الوهاب، وهكذا في نظائرها.
فطلبة العلم ينبغي ينبهون على ذلك، وربما يجري تنبيه من الجهات الرسمية على هذا الأمر، أنّ هذا فيما يظهر لي أنه من المنكرات لأنه فيه امتهان لأسماء الله جل وعلا.
أسأل الله لي ولكم العافية. وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
??(??
[الأسئـلة]
فيه كثير من الإخوة سألني في المسائل التي كنا تكلمنا فيها الأسبوع الماضي كمسألة التسلسل؛ التسلسل الماضي والمستقبل وحلول الحوادث، وكلام الشارح أيضا في هذا الموضع، في هذا الموطن، والمسألة يعني شائكة؛ لكن ما ذكرته لك هو الحد الأدنى في فهمها، فينبغي أن لا تكثر من الخوض فيها لأنها عسرة بعض الشيء.
س1/ يقول: ما أفضل كتاب تكلم على القدر وتعريفه ومراتبه وجميع ما يتصل به؟
ج/ أفضل كتاب: شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل لابن القيم، ومن الكتب المعاصرة كتاب القدر للدكتور عبد الرحمن المحمود، كتاب قرّب فيه المسألة لطالب العلم فهو كتاب نافع في هذا الباب جدا.
س2/ ألا نستفيد من قوله سبحانه ?لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ?[الرعد:39-38]، ألا نستفيد منه تغيير الأجل لقوله سبحانه(يَمْحُوا)؟
ج/ لا، ?لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ? يعني ما في صحف الملائكة، أما الآجال فهي ثابتة.
س3/ لا يرد القدر إلا الدعاء؟.
ج/ هذا جاء في الحديث الذي رواه الحاكم وغيره، وهو حديث صحيح.
س4/ ذكرتم في الدرس السابق أن الخلق يشمل مراتب منها التقدير، فأرجو إيضاح هذه المرتبة بتفصيل أكثر؟
ج/ لعلك أرجع إليها لأنها تحتاج إلى تفصيل.
س5/ ذكرتم في الدرس السابق أن صفات الله سبحانه وتعالى متلازمة وله الكمال المطلق، معنى قولكم متلازمة؟ وهل تجوز العبارة (إن الله على ما يشاء قدير)؟.
ج/ أما كون الصفات متلازمة فنعم, الصفات بعضها ملازم للآخر، أو الصفة تدل على الصفة الأخرى بالتلازم؛ يعني لا يُتصور أن صفة الرحمة بلا صفة الحياة، ولا يُتصور أن هناك صفة قهر بلا صفة القدرة، ولا يُتصور أن هناك صفة علم بلا صفة إرادة، ولا أن هناك صفة كلام بلا صفة إرادة وملك وقوة.
إذن فصفات الله جل وعلا متلازمة، لهذا أهل العلم لما تكلموا على الأسماء الحسنى، قالوا: إن الاسم من أسماء الله الحسنى يدل على مسماه ومعناه جميعا بالمطابقة، ويدل على أحدهما بالتضمن، ويدل على الصفة الأخرى أو على الاسم الآخر باللزوم، كما هو معروف في موضعه.
قال هل تجوز العبارة (إن الله على ما يشاء قدير) كنا ذكرنا لكم تفصيلات الكلام عليها، (على ما يشاء قدير) هذه عبارة الأشاعرة وأشباههم؛ لأنهم علقوا القدرة قدرة الله جل وعلا بما يشاؤه، وأما ما لم يشأه فعندهم أن الله جل وعلا ليس بقادر عليه، هذا كلام الأشاعرة، المعتزلة علقوا القدرة بما هو مقدور له، وما لم يكن مقدورا له فليس بقادر عليه، عندهم أن ثَم أشياء ليست بمقدورة لله جل وعلا، فليس بقادر عليها، مثل الظلم، أصل الظلم هو ليس قادر عليه،لم؟ لأنه ليس ظالما فهو سبحانه ليس بمقدور له جل وعلا أن يظلم جل وعلا، وعندنا الله جل وعلا قادر على كل شيء، ما يشاؤه هو وما لم يشأه، والظلم لم يشأه سبحانه بل حرّمه على نفسه «إني حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا؛ فَلاَ تَظَالَمُوا.».
إذن هذه المسائل تعلق الصفات، يعني القدرة لها متعلَّق، العلم له متعلَّق -عند الطوائف جميعا- الكلام له متعلق، الرحمة لها متعلق، وهكذا فتعلق الصفات هذه تختلف فيها الفرق المختلفة، وهو معلوم في موضعه.
المقصود أن قول القائل إن الله على ما يشاء قدير هذا من البدع التي لا تجوز، وقائلها ينبه على مخالفته لما جاء في القرآن ?إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ?(30).
س6/ هل أوضحتم ثمرة الخلاف، المرتّبة الناتجة عن الاختلاف لكون الموت صفة وجودية أو عدمية؟
ج/ المقصود الكلام على هل الموت صفة وجودية أو صفة عدمية؟ هذا متعلق بحياة الروح والعذاب والنعيم، هذا الخلاف بين أهل السنة وبين الفلاسفة الذين يقولون إن الموت عدم أو الموت حياة، يعني هل أن الموت حياة جديدة أو هو عدم حياة وزوالها؟
الفلاسفة لهم مذهب في هذا، في أن الموت هنا موت البدن، الروح هذه تذهب إلى مكان لها ثم تعود في جسد جديد تناسبه، فعندهم الموت عدم الحياة انتهى.
عندنا لا، الروح كل روح مستقلة، روح المكلف هذه باقية، خُلقت للبقاء، فلا تنتقل من فلان إلى فلان كما هو قول الفلاسفة ومن شابههم، بعض من ينطق بهذه الكلمة يعني بأن الموت صفة أعدمية قد لا يستحضر أو قد لا يقول بهذا المذهب، لكن هو من أنشأ هذا الكلام ويقول بهذا المذهب من أن الأرواح محدودة والأجساد متعددة فالأرواح تتنقل فيها.
يعني مثلا عندهم نعيم الروح، كيف روح منعمة؟ يقول الروح تعذّب بمصيرها في جسد حياته شقاء، يعني الآن فلان مثلا- أعوذ بالله ما نريد أن نقلق أسماعكم بهذا الباطل نعوذ بالله منه - لكن ما من مسألة نتكلم عنها إلا ولها ثمرات، يعني في العقيدة ما فيه خلاف لا ثمرة له، خذها كلية.
س7/ كيف عرف ميل الإمام الطحاوي إلى مذهب الأشاعرة في مسألة اتصاف الله بصفاته.
ج/ لا، ليس في مسألة الصفات، مسألة التسلسل.
س8/ هل يصح أن يقال إن العلم بالله لا يكون إلا بالعلم النظري، لا العلم الضروري؟
ج/ يعني يصح مع أحد الاعتبارات، لكنه قد يصل العكس إلى أن يكون علمه بالله ضروريا لا يحتاج معه إلى استدلال، صار عنده واضحا عنده بحيث يحتاج منه إلى نظر، نظر واستقر الإيمان في قلبه واتضح له حتى صار عنده وجود الحق جل وعلا ضرورة لا يحتاج إلى استدلال، ?أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ?[إبراهيم:10] أصبح ضروريا؛ لأن الضروري هو ما لا يحتاج له إلى استدلال، والنظري الذي يحتاج في إثباته إلى نظر واستدلال.
س9/ ذكرت أن الروح لها صفة البقاء، فكيف نوفق بين هذا وبين المراد من المستثنى عند قوله تعالى ?إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ?[الزمر:68]، وهل معنى ذلك أن أرواحهم غير ميتة؟
ج/ لا، ما لها علاقة ?إِلَّا مَن شَاء اللَّهُ? في الاستثناء يعني أرواح الشهداء أو أشبه ذلك، الأرواح لا يحلها الموت، تجتمع في الصور فيُنفخ فيه فتعود إلى الأجساد.
س10/ هل الموت عرض أو عين؟ أو عرض يقلبه الله عينا؟
ج/ الموت صفة إذا سميت الصفات أعراضا فلا بأس، الموت حياة جديدة؛ حالة فيها حياة جديدة، يعني سمي الانتقال من الحياة الدنيا إلى الحياة البرزخية سمي موتا، هو انتقال إلى حياة جديدة، ?وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ?[آل عمران:169] وكذلك كل مؤمن حي عند ربه يرزق.
هل الموت عرض أو عين؟ أو عرض يقلبه الله عينا؟
في الآخرة يؤتى الموت على صفة كبش فيكون قد قلب إلى عين.
س11/ هل لابد أن يكون لله مخلوقات ليوصف بالخلق أو أنه يوصف بالخلق ولو لم يخلق شيئا أبدا؟
ج/ هذا سؤال في غير مكانه لأنه سبحانه وتعالى خالق وله مخلوقات، ولم يزل سبحانه وتعالى خالقا جل وعلا يعني هذه صفة ملازمة له سبحانه.
س12/ هل كان ابن حزم من أهل السنة والجماعة؟
ج/ لا، ابن حزم ليس سنيا بل له مذهب خاص.
ابن عبد الهادي وغيره يعتبرونه من الجهمية، طائفة تعتبره من الفلاسفة يعني خليط، هو العقيدة مخلّط لا يتبع مذهبا من المذاهب عنده تجهم، وعنده أشعريات، وعنده فلسفة يعني مختلط.
س13/ ما هو الرد على من استدل بحديث «إن أول شيء خلقه الله القلم» على عدم التسلسل في الماضي بالنسبة للمخلوقات؟
ج/ الأخ سألني قبل الصلاة أظن عن ذلك، وقلت أترك المسألة لوقت آخر، وحديث «إن أول شيء خلق الله القلم» هذا لفظ، واللفظ الآخر المعروف «إنّ أول ما خلق الله القلم» (أول) هنا بمعنى حين، إنه حين خلق الله القلم قال له أكتب، لماذا فسرنا بهذا التفسير؟ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص «قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة» هذا التقدير هل هو راجع إلى العلم علم الله؟ الجواب: لا؛ لأن علم الله ما يعلق بقبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، إذن يتعلق بالكتابة، كتب الله مقادير الخلائق قبل خلقها بخمسين ألف سنة، هذا الحديث «إن أول ما خلق الله القلم قال له أكتب» وفي رواية «فقال له أكتب» هنا يعني خلق القلم فأمره بالكتابة؛ يعني التقدير، فكتب ما هو كائن إلى قيام الساعة، فالمراد من الحديث أن الله جل وعلا خلق القلم فأمره بكتابة المقادير فوْر خلقه له، هذا الذي نفهمه مع حديث عبد الله بن عمرو بن العاص؛ لأن التقدير هناك لابد أن يكون للكتابة، والأولية هنا إن كانت أولية مطلقة قبل المخلوقات يعني وُجد قلم وليس ثم مخلوق البتة، فقوله «فقال له أكتب» تقتضي الترتيب «خلق فقال»وهذا يعني أنه هناك زمن طويل ما بين خلقه وما بين ابتداء الكتابة، وهذا يشوش على الموضوع.
إذن فهذا الحديث فُهم منه منع التسلسل في الماضي كما هو معلوم، وأن أول المخلوقات القلم وهذا عند المحققين كشيخ الإسلام وابن القيم الذين ضمّوا الأحاديث في هذا الباب وفهموها مع فهم صفات الله جل وعلا وما دل عليها من الآيات وكلام السلف، فهموا أن القلم في هذا الحديث أوليته هنا بالنسبة إلى الكتابة، فحين خُلق القلم كتب، «إن أول ما خلق الله القلم قال له أكتب» أو «فقال له أكتب» يعني حين خلق القلم قيل له أكتب فجرى بما هو كائن على قيام الساعة، فالحديث ليس في أولية المخلوقات، الأولية بالنسبة لغيرها وإنما هي من جهة التقدير والكتابة.
ولهذا تنازع العلماء مع ورود هذا الحديث، تنازعوا في أول هذه المخلوقات من هذا العالم المعلوم في الكتاب والسنة.
هل أول المخلوقات من هذا العالم المعلوم العرش أو القلم؟
والصواب أنّ العرش كان قبل لأنه في حديث عمرو بن العاص قال عليه الصلاة والسلام «قدر الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء» صار عندنا خلق للقلم، كتابة المقادير، وجود العرش على الماء، وهذا هو الذي عقده ابن القيم في النونية بقوله:
والناس مختلفون في القلم الذي كتب القضاء به من الديـان
هل كان قبل العرش أو بعده قولان عند أبى العلا الهمداني
والحق أن العرش قبـل لأنـه عند الكتابة كان ذا أركـان
والمسألة فيها بحث أطول من هذا نرجئه إلى وقته إن شاء الله تعالى.
وفقكم الله ونلتقي إن شاء الله على خير وتقوى.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
??(??
[الأسـئلة]
س1/ سؤال يكتب لثالث مرة، يقول: ورد عن الإمام أحمد أنه كان يترك السنة الراتبة، فإذا سئل عن ذلك قال اكتفينا بدرس أبي زرعة أو كلمة نحوها, -(اكتفينا عن الرواتب بمذاكرة العلم مع أبي زرعة) هذه كلمة الإمام أحمد- فهل ينطبق هذا على وضعنا في هذا المسجد؟
ج/ الجواب: لا، لا يُتصور في عالم أو في طالب علم أو في رجل صالح يرجو ما عند الله جل وعلا ويحب المصطفي ( أنه يترك النوافل، فمن ترك النوافل ردت شهادته كما قال أهل العلم، وإنما قد يترك العالم أو طالب العلم بعض النوافل لمصلحة راجحة؛ لأن النوافل نفعها قاصر، وقد ينشغل طالب العلم بما نفعه متعدٍ ويفوت وقته، فأبو زرعة من أهل الري فلما قدم بغداد تذاكر العلم مع أحمد ليلة كاملة حتى أصبح من بعد صلاة العشاء وفي النهار فترك الإمام أحمد الرواتب والوتر فيما يُذكر، وهذا لأجل أن مذاكرة العلم مع أبي زرعة هذا نفعها متعدٍ للأمة مصلحتها عامة في العلم وفي الإرشاد وفي نقد الأحاديث وفي تعليلها ونحو ذلك، والرواتب قاصرٌ نفعها على من أداها وأيضا مذاكرة أبي زرعة تفوت والرواتب يمكن أن يزيد من النوافل المطلقة في وقت لاحق ويأتيه الثواب.
يعني أنّ الأصل المتابعة في السنة، الأصل أداء هذه الرواتب، وقد يعرض لطالب العلم، قد يعرض للشيخ ما يرجحه من جهة أنه أفضل شرعا لا من جهة هواه أو من جهة رغبته، ومعلوم أن الرواتب أنها ليست مفروضة؛ لكن من جهة المصلحة التي يرجوها في تركها المصلحة المتعدية، فهذا يسوغ، لكن لا يكون ديدنا له ولا هديا له.
وهذه لها نظائر فبعضهم ترك قيام الليل لأجل التفكر، وبعضهم ترك بعض الصلوات لأجل التأليف يعني الرواتب لأجل التأليف، ونحو ذلك مما هو معلوم.
س2/ ما حكم تحية المسجد وماذا أفعل لو دخلت المسجد في وقت نهي؟
ج/ تحية المسجد سنة مؤكدة وليست بواجبة على الصحيح، وإذا دخلت المسجد وقت نهي فالعلماء اختلفوا في ذلك اختلافا كثيرا طويلا، والاختلاف من جهة الترجيح فيه صعوبة.
ومن أهل العلم قال النهي مقدم؛ النهي عن الصلاة في هذه الأوقات يعني أوقات النهي، وتحية المسجد سنة والنهي يدل على التحريم فلا تصلى وقت النهي، وهذا مذهب الإمام أحمد وجمع من أهل الحديث.
وآخرون من أهل العلم قالوا إن النهي عن الصلاة في وقت النهي هي الأوقات الخمسة المعروفة، ثلاثة أوقات مضيقة ووقتان واسعان، هذا لغير الصلوات ذوات السبب، أما إذا كانت الصلاة لها سبب مثل ركعتي الوضوء ومثل تحية المسجد والاستخارة وركعتي الطواف وركعتي الدخول في الإحرام عند من قال به ونحو ذلك، فإنّ هذا يعتبر من ذوات السبب فتُفعل وقت النهي، وهذا مذهب طائفة من أهل العلم منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وينصره طائفة من أهل العلم في هذا الزمن.
والشوكاني رحمه الله لما عرض إلى هذه المسالة ذهب مذهبا غريبا، هو أصولي وتعارضت عنده الأدلة؛ لأن الدليل الذي فيه الأمر بصلاة المسجد فيه الأمر بتحية المسجد هذا فيه عموم، فيه أنه إذا دخل في أي وقت فليركع ركعتين، والنهي عن الصلاة هذا فيه خصوص الأوقات ولكنه فيه عموم الصلوات، وذاك فيه عموم الأوقات وفيه خصوص الصلاة، فأي العمومين يُقضى به على الآخر وأي الخصوصين يُقضى به على الآخر؟ نظر فيه نظر أصولي ولم يترجح له شيء –في نيل الأوطار-، وقال: فإن قلتَ ما الذي تحصل لكَ في هذه المسألة المشكلة؟ قلتُ: تحصل لي أن لا تدخل المسجد وقت النهي، حتى لا تصلي تحية المسجد. يعني لا تدخل المسجد أصلا.
وهذا يبين لك أن المسألة مشكلة من جهة الترجيح لتعارض العمومين فيها والخصوصين، وإذا أعملنا القاعدة أن الاحتياط يقضي بالترك لأجل النهي، وأن درأ المفسدة مقدم وإذا اجتمع حاظر ومبيح فيقدم الحاظر ونحو ذلك من القواعد، فإنه يرجح بذلك عدم أداء الصلاة وقت النهي كما هو مذهب الإمام أحمد، ومن نظر أنها ذات سبب وأنّ النبي عليه الصلاة والسلام أمر الرجل الذي أتى وهو يخطب في الجمعة وقال له «أصليت ركعتين» فقال: لا, فقال «قم فصليهما», وأن ذلك كان وقت نهي, جعل ذلك من ذوات الأسباب.
وتبقى المسألة فيها هذه المذاهب.
س3/ ما رأيك يا شيخ في الإكثار من الأسئلة على الشيخ من باب الأخذ أكبر كمية من العلم، أي حرصا من الطالب؟
ج/ أولا العلم ليس بالسؤال، العلم بالتعلم، السؤال كاشف عما يشكل في العلم، وإذا كان طالب العلم يُكثر من السؤال لأخذ العلم فلن يحصّل علما؛ لأن الأسئلة لا يجمعها زمام، ومعلوم أنّ تقرير العلم من جهة الكتب غير الجواب على الأسئلة، وقد نأتي تقرر المسألة في كتاب ونفصل الكلام فيها ويأتي السؤال ويكون الجواب عليه مقتضبا أو يكون الجواب عليه له منحنى آخر.
فإذن العلم التأصيلي ليس بالأسئلة، هذا كأصل تأخذ معك، الأسئلة إنما تنفع لكشف ما يُشكل، شيء يشكل عليك في العلم تسأل عنه لكشفه، وأما إذا كان السؤال للتعلم فليس كذلك، فالعلم ليس بالسؤال وإنما يؤخذ العلم بالتعلم والسؤال مهم في كشف ما يشكل من العلم.
س4/ من الملحوظ قلة من يتصدى لتدريس علوم الآلة من أهل العلم فما هو السبب، وما هو الحل بالنسبة للطالب؟
ج/ علوم الآلة محدودة، ولا ينبغي للطالب أن يُكثر من علوم الآلة على حساب العلوم الأصلية؛ علوم الشريعة العقيدة، التوحيد، الفقه، الحديث، التفسير، هذه هي العلوم الأصلية التي ينبغي لطالب العلم أن يعتني بها، ويأخذ من علوم الآلة ما يحتاجه لفقه الكتاب والسنة، هذا هو الأصل الذي ينبغي لطالب العلم أن يتعاهده.
علوم الآلة طويلة عريضة ليس لها طرف، بحر لا ساحل له، وهي علوم اصطلاحية، والتحقيق فيها وفهمها يحتاج منك إلى وقت طويل وإلى أخذ عن عدد من العلماء؛ لأن استيعاب تلك العلوم متنوع، وعرض تلك العلوم أيضا متنوع، فمنهم من يعرضها بتوسط، ومنهم من يعرضها بطول، من أهل العلم من يعرضها لحاجة الطالب لما هو فوق حاجة الطالب إلى آخر ذلك، فلذلك أنت تأخذ منها ما ينفعك في فقه الكتاب والسنة، وخاصة النحو وأصول الفقه، النحو وأصول الفقه هذه ينبغي على كل طالب علم أن يعتني بهما، ولم أذكر أصول الحديث يعني المصطلح؛ لأن الغالب يهتم بالمصطلح، غالب من نرى من الإخوان الاهتمام بالمصطلح، لكنهم لا يهتمون بالنحو ولا بأصول الفقه، وهما علمان مهمان فالعلوم الثلاثة هذه: أصول الفقه، أصول الحديث، أصول العربية يعني النحو، هذه أهم علوم الآلة.
س5/ قد يوجد تقرير لبعض العلوم عند الأصاغر بما لا يجده المرء عند الأكابر، فيترك هؤلاء ويلزم هؤلاء لأخذ العلوم؟
ج/ الجواب: أن العلم يؤخذ ممن يفيد فيه، فقد يكون الصغير أكثر إفادة، لكن لا يترك طالب العلم أهل العلم الكبار لا يسألهم ولا يحضر دروسهم ولا يأخذ من هديهم ولا يحضر مجالسهم، هذا يعطي خللا في بِنية طالب العلم في نفسه، الذي ينبغي أن يأخذ العلم ممن يفيده، إذا كان طالب العلم الذي هو أقل في سنه أكثر إفادة للطالب فيأخذ منه، ولكن لا يترك أهل العلم الكبار والمشايخ.
وهنا مسألة ينبغي التنبيه عليها، وهي أنه ليس تقييم طالب العلم من جهة الفائدة الكبرى أو كَثرة الفوائد يكون بكثرة الكلام، قد يكون الشرح طويلا لكن الفائدة قليلة، مثل ما قال ابن رجب في كتابه ”فضل علم السلف على علم الخلف“ وهو كتاب مهم ومفيد جدا –فضل علم السلف على علم الخلف- قال: كلام السلف قليل كثير الفائدة، وكلام الخلف كثير قليل الفائدة. قد يكون المعلم الذي سماه الأخ السائل سماه من الأصاغر يعني ممن يصغر الكبار في سنه أو نحو ذلك قد يكون أكثر تفصيلا وأكثر معلومات لكن طريقته لا تفيد الطالب هذا لا يعني أنه أكثر إفادة، قد تكون المعلومات أكثر ولكن الإفادة أقل، قد يكون كلامه من جهة التفصيل ومن جهة الاستطراد أكثر ولكن إفادته أقل؛ لأن العالم يُربي طالب العلم في العلوم، يريبه شيئا فشيئا، يعطيه ما ينفعه وما يحتاجه في فهم المتن، في فهم الكتاب الذي يُقرأ عليه، وهذا لابد فيه من رعاية لهذا، ذكر العلماء في قوله تعالى ?وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ?[آل عمران:79]، أن الرباني هو الذي يربي الطلاب بصغار العلم قبل كباره يعني فيه تربية ?كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ? ففي تعليم الكتاب وفي الدرس يحتاج إلى تدرج.
فإذن ينبه الطالب لأن الأصاغر لا يعني كثرة كلامهم وكثرة تفصيلاتهم أنها أنفع، فقد تكون أنفع وقد لا تكون أنفع بحسب المنهجية والطريقة.
التعديل الأخير تم بواسطة ابو ياسمين دمياطى ; 31-12-2019 الساعة 11:40 PM
وأخيراً أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا العمل نافعاً، مباركاً، خالصاً لوجهه الكريم
وأن ينفعني به في حياتي وبعد مماتي، وأن ينفع به كل من انتهى إليه؛ فإنه خير مسؤول، وأكرم مأمول، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.
حياكم الله بموقع بداية الهداية الخطوة إلى طريق العلم الشرعي الصحيح
http://www.musacentral.com/
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 28-12-2019, 10:35 PM
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 27-12-2019, 02:38 PM
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 13-12-2019, 11:32 PM
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 24-05-2010, 07:00 PM
-
بواسطة ابو ياسمين دمياطى في المنتدى منتدى الصوتيات والمرئيات
مشاركات: 1
آخر مشاركة: 10-04-2010, 10:14 PM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات