بسم الله الرحمن الرحيم

هي شبهة قديمة تمت الاجابة عليها مئات المرات و اكل عيها الدهر وشرب و لكني احببت ان ارد عليها بالتفصيل لكثرة ما يقوم اعداء الدين من النصارى و الملاحدة بترديدها و هي شبهة سبايا اوطاس حيث يدعون زورا و بهتانا ان النبي صلى الله عليه وسلم سمح لاصحابه باغتصاب سبايا متزوجات و حاشا لرسول الله صلى الله عليه وسلم

و الرد على هذه الشبهة سيكون خلال النقاط التالية باذن الله :

1. اثبات ان السبي يفسخ عقد النكاح اذا سبيت المراة و لم يؤسر زوجها او لم يكن معها و انه يلزمها العدة بحيضة

2. بيان ان للملوكة حق العتق عن طريق المكاتبة و ذكر اقوال اهل العلم في حكم المكاتبة

3. بيان قول جمهور اهل العلم في ان سبايا اوطاس كن مسلمات و ان وطء الامة الغير مسلمة او الغير كتابية لا يجوز
.


اولا : انفساخ عقد النكاح بالسبي اذا وقع السبي للمراة وزوجها لم يكن معها في الاسر :
جاءت النصوص من الكتاب و السنة الصحيحة على ان المراة اذا سبيت بعيدا عن زوجها فان السبي يفسخ نكاحها من زوجها و ذكر ذلك اهل العلم بل مشت على ذلك العرب في اعرافها قبل الاسلام فيما روي

نقرا من تفسير البغوي الجزء الثاني ، سورة النساء
(( قال أبو سعيد الخدري : نزلت في نساء كن يهاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهن أزواج فيتزوجهن بعض المسلمين ، ثم قدم أزواجهن مهاجرين فنهى الله المسلمين عن نكاحهن ، ثم استثنى فقال : ( إلا ما ملكت أيمانكم ) يعني : السبايا اللواتي سبين ولهن أزواج في دار الحرب فيحل لمالكهن وطؤهن بعد الاستبراء ، لأن بالسبي يرتفع النكاح بينها وبين زوجها . ))

و نقرا من اجكام القران للجصاص الجزء الثالث سورة النساء :
(( قال أبو بكر : اتفق هؤلاء على أن المراد بقوله تعالى : والمحصنات من النساء ذوات الأزواج منهن وأن نكاحها حرام ما دامت ذات زوج ، واختلفوا في قوله تعالى : إلا ما ملكت أيمانكم فتأوله علي وابن عباس في رواية ، وعمر وعبد الرحمن بن عوف وابن عمر : أن الآية إنما وردت في ذوات الأزواج من السبايا أبيح وطؤهن بملك اليمين ، ووجب بحدوث السبي عليها دون زوجها وقوع الفرقة بينهما ؛ وكانوا يقولون : إن بيع الأمة لا يكون طلاقا ولا يبطل نكاحها . وتأوله ابن مسعود وأبي بن كعب وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وابن عباس في رواية عكرمة : أنه في جميع ذوات الأزواج من السبايا وغيرهم ؛ وكانوا يقولون : بيع الأمة طلاقها . وقد حدثنا محمد بن بكر قال : حدثنا أبو داود قال : حدثنا عبد الله بن عمر بن ميسرة قال : حدثنا يزيد بن زريع قال : حدثنا سعيد عن قتادة عن أبي الخليل عن أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشا إلى أوطاس ، فلقوا عدوا فقاتلوهم وظهروا عليهم فأصابوا منهم سبايا لهن أزواج من المشركين ، فكان المسلمون يتحرجون من غشيانهن ، فأنزل الله تعالى : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم أي هن لكم حلال إذا انقضت عدتهن . وقد ذكر أن أبا علقمة هذا رجل جليل من أهل العلم ، وقد روى عنه يعلى بن عطاء ، وروى هو هذا الحديث عن أبي سعيد ، وله أحاديث عن أبي هريرة وهذا حديث صحيح السند
قد أخبر فيه بسبب نزول الآية وأنها في السبايا ، وتأولها ابن مسعود ومن وافقه على جميع النساء ذوات الأزواج إذا ملكن حل وطؤهن لمالكهن ووقعت الفرقة بينهن وبين أزواجهن .
فإن قيل : أنتم لا تعتبرون السبب وإنما تراعون حكم اللفظ إن كان عاما فهو على عمومه حتى تقوم دلالة الخصوص فهلا اعتبرت ذلك في هذه الآية وجعلتها على العموم في سائر من يطرأ عليه الملك من النساء ذوات الأزواج فينتظم السبايا وغيرهن قيل له : الدلالة ظاهرة في الآية على خصوصها في السبابا ، وذلك لأنه قال : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم فلو كان حدوث الملك موجبا لإيقاع الفرقة لوجب أن تقع الفرقة بينها وبين زوجها إذا اشترتها امرأة أو أخوها من الرضاعة لحدوث الملك .....
ال أبو بكر : قد ثبت أن حدوث الملك غير موجب للفرقة بدلالة الأمة المبيعة والموروثة ، فوجب أن لا تقع الفرقة بالسبي نفسه ؛ لأنه ليس فيه أكثر من حدوث الملك . ودليل آخر ، وهو أن حدوث الرق عليها لا يمنع ابتداء العقد ، فلأن لا يمنع بقاءه أولى ؛ لأن البقاء هو آكد في ثبوت النكاح معه من الابتداء ألا ترى أنه قد يمنع الابتداء ما لا يمنع البقاء وهو حدوث العدة عليها من وطء بشبهة يمنع ابتداء العقد ولا يمنع بقاء العقد المتقدم ؟ فإن احتجوا بحديث أبي سعيد الخدري في قصة سبايا أوطاس وسبب نزول الآية عليها وهو قوله : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم لم يفرق بين من سبيت مع زوجها أو وحدها . قيل له : روى حماد قال : أخبرنا الحجاج عن سالم المكي عن محمد بن علي قال : " لما كان يوم أوطاس لحقت الرجال بالجبال وأخذت النساء ، فقال المسلمون : كيف نصنع ولهن أزواج ؟ فأنزل الله تعالى : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم فأخبر أن الرجال لحقوا بالجبال وأن السبايا كن منفردات عن الأزواج والآية فيهن نزلت . وأيضا لم يأسر النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة حنين من الرجال أحدا فيما نقل أهل المغازي ، وإنما كانوا من بين قتيل أو مهزوم . وسبى النساء ، ثم جاءه الرجال بعدما وضعت الحرب أوزارها فسألوه أن يمن عليهم بإطلاق سباياهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم وقال للناس : من رد عليهم فذاك ومن تمسك بشيء منهن فله خمس فرائض في كل رأس وأطلق الناس سباياهم ، فثبت بذلك أنه لم يكن مع السبايا أزواجهن . ))

و نقرا في تفسير البيضاوي الجزء الثاني سورة النساء :
(( والمحصنات من النساء ذوات الأزواج، أحصنهن التزويج أو الأزواج. وقرأ الكسائي بكسر الصاد في جميع القرآن لأنهن أحصن فروجهن. إلا ما ملكت أيمانكم يريد ما ملكت أيمانكم من اللاتي سبين ولهن أزواج كفار فهن حلال للسابين، والنكاح مرتفع بالسبي لقول أبي سعيد رضي الله تعالى عنه: أصبنا سبايا يوم أوطاس ولهن أزواج كفار، فكرهنا أن نقع عليهن فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم، فنزلت الآية فاستحللناهن. وإياه عنى الفرزدق بقوله:
وذات حليل أنكحتها رماحنا ... حلال لمن يبني بها لم تطلق ))

وقد ذهب جمع من اهل استنادا على حديث سبايا اوطاس لابي سعيد الخدري رضي الله عنه الى القول بان بيع الامة طلاقها (مع انه قد خالف هذا القول جمهور اهل العلم وخصصوا وقوع الطلاق او فسخ العقد في السبي فقط لا البيع)
:

نقرا من فتح الباري شرح صحيح البخاري كتاب الطلاق باب لا يكون بيع الامة طلاقا :
(( قال ابن بطال : اختلف السلف هل يكون بيع الأمة طلاقا ؟ فقال الجمهور : لا يكون بيعها طلاقا ، وروى عن ابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب ومن التابعين عن سعيد بن المسيب والحسن ومجاهد قالوا : يكون طلاقا وتمسكوا بظاهر قوله تعالى والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم وحجة الجمهور حديث الباب ، وهو أن بريرة عتقت فخيرت في زوجها ، فلو كان طلاقها يقع بمجرد البيع لم يكن للتخيير معنى . ومن حيث النظر أنه عقد على منفعة فلا يبطله بيع الرقبة كما في العين المؤجرة ، والآية نزلت في المسبيات فهن المراد بملك اليمين على ما ثبت في الصحيح من سبب نزولها اهـ ملخصا))

و مما يدل على ارتفاع النكاح ووقوع الفسخ او الطلاق على المسبية انه لا يجوز على سيدها ان يدخل عليها قبل ان تكمل المسبية عدتها فستبرا بحيضة ان كانت غير حامل اما الحامل فعدتها حتى تضع حملها و العدة هنا لا تخصص الا للمطلقة او الارملة او من فسخ عقدها فلا يمكن عقلا الجمع بين العدة و بقاء عقدة النكاح :

نقرا في سنن ابو داود كتاب النكاح باب وطء السبايا :
2157 حدثنا عمرو بن عون أخبرنا شريك عن قيس بن وهب عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري ورفعه أنه قال في سبايا أوطاس لا توطأ حامل حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة .

وحسن اسناد الحديث ابن حجر رحمه الله في التلخيص الحبير الجزء الاول كتاب الطهارة حيث قال :
((240 - ( 18 ) - حديث : { لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا حائل حتى تحيض } أحمد ، وأبو داود ، والحاكم ، من حديث أبي سعيد الخدري : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس : { لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة }وإسناده حسن))

وصحح اسناده الامام الالباني في صحيح و ضعيف سنن ابو داود الحديث رقم 2157 حيث قال :
((صحيح))

و حسنه شعيب الارنؤوط في تخريج مشكل الاثار الجزء الثالث الصفحة 377 حيث قال :
((اسناده حسن في الشواهد))

و نقرا من صحيح مسلم الجزء الثاني كتاب الرضاع باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء وإن كان لها زوج انفسخ نكاحها بالسبي
1456 حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري حدثنا يزيد بن زريع حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن صالح أبي الخليل عن أبي علقمة الهاشمي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بعث جيشا إلى أوطاس فلقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا فكأن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين فأنزل الله عز وجل في ذلك والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن .

و نقرا في سنن ابو داود كتاب النكاح باب في وطء السرايا
((2158 حدثنا النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحق حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق عن حنش الصنعاني عن رويفع بن ثابت الأنصاري قال قام فينا خطيبا قال أما إني لا أقول لكم إلا ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم حنين قال لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقي ماءه زرع غيره يعني إتيان الحبالى ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنما حتى يقسم))

حسنه الامام الالباني رحمه الله في صحيح و ضعيف سنن ابي داود رحمه الله الحديث رقم 2158 وقال :
((حسن ))

و قال شعيب الارنؤوط رحمه الله في تخريج سنن ابي داود رحمه الله الحديث رقم 2158:
((صحيح لغيره))

وروي في هذا الشان ان دريد بن الصمة لما راى هوازن تسوق نساءها و اطفالها معها للحرب نصح مالك بن عوف ان يرجعهم مخافة وقعوهم تحت السبي حالة الهزيمة فيفتضحوا حينها و هذا ان صح فانه دلالة على ان فسخ السبي للنكاح كان موجودا في عرف العرب قبل الاسلام ايضا فلم ياتي الاسلام بشيء تستبشعه العرب
.

نقرا من البداية و النهاية لابن كثير الجزء السابع في احداث سنة ثمان للهجرة :
(( قال ابن إسحاق ولما سمعت هوازن برسول الله صلى الله عليه وسلم وما فتح الله عليه من مكة جمعها ملكها مالك بن عوف النصري فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلها ، واجتمعت نصر ، وجشم كلها وسعد بن بكر وناس من بني هلال وهم قليل ، ولم يشهدها من قيس عيلان إلا هؤلاء ، وغاب عنها ولم يحضرها من هوازن كعب وكلاب ، ولم يشهدها منهم أحد له اسم ، وفي بني جشم دريد بن الصمة شيخ كبير ، ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه ومعرفته بالحرب ، وكان شيخا مجربا ، وفي ثقيف سيدان لهم ، وفي الأحلاف قارب بن الأسود بن مسعود بن معتب وفي بني مالك ذو الخمار سبيع بن الحارث وأخوه أحمر بن الحارث وجماع أمر الناس إلى مالك بن عوف النصري فلما أجمع السير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حط مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم ، فلما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس وفيهم دريد بن الصمة في شجار له يقاد به ، فلما نزل قال بأي واد أنتم؟ قالوا : بأوطاس . قال نعم مجال الخيل ، لا حزن ضرس ، ولا سهل دهس ، ما لي أسمع رغاء البعير ، ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ، ويعار الشاء؟! قالوا : ساق مالك بن عوف مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم . قال : أين مالك؟ قالوا : هذا مالك . ودعي له . قال : يا مالك إنك قد أصبحت رئيس قومك ، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام ، ما لي أسمع رغاء البعير ، ونهاق الحمير ، وبكاء الصغير ، ويعار الشاء؟ قال : سقت مع الناس أبناءهم ونساءهم وأموالهم . قال : ولم؟ قال : أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم . قال : فأنقض به . ثم قال : راعي ضأن والله ، هل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه ، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك ))

ثانيا : بيان ان للعبد و الامة حق المكاتبة و ذهب بعض اهل العلم الى وجوبه :
قال تعالى في سورة النور : ((والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ))

و المكاتبة هنا هو ان يكاتب المملوك او المملوكة سيده لعتقه مقابل مبلغ مالي معين وقد ذهب بعض اهل العلم كعطاء و الضحاك و عمرو بن دينار رحمهم الله و في رواية عن احمد رحمه الله ان المكاتبة واجبة ان اراد المملوك او المملوكة العتق و ممن راى الوجود عمر بن الخطاب رضي الله عنه :

نقرا من تفسير الطبري رحمه الله الجزء التاسع عشر سورة النور :
((وقوله : ( والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم ) يقول جل ثناؤه : والذين يلتمسون المكاتبة منكم من مماليككم ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) ، واختلف أهل العلم في وجه مكاتبة الرجل عبده ، الذي قد علم فيه خيرا ، وهل قوله : ( فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا ) على وجه الفرض ، أم هو على وجه الندب؟ فقال بعضهم : فرض على الرجل أن يكاتب عبده الذي قد علم فيه خيرا ، إذا سأله العبد ذلك .
ذكر من قال ذلك :
حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : قلت لعطاء : أواجب علي إذا علمت مالا أن أكاتبه؟ قال : ما أراه إلا واجبا ، وقالها عمرو بن دينار ، قال : قلت لعطاء : أتأثره عن أحد؟ قال : لا .
حدثنا محمد بن بشار ، قال : ثنا محمد بن بكر ، قال : ثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك أن سيرين أراد أن يكاتبه ، فتلكأ عليه ، فقال له عمر : لتكاتبنه . ))

و صحح اسناده ابن كثير رحمه الله في تفسيره الجزء السادس سورة النور :
(( وقال ابن جرير : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن أنس بن مالك : أن سيرين أراد أن يكاتبه ، فتلكأ عليه ، فقال له عمر : لتكاتبنه . إسناد صحيح .
وقال سعيد بن منصور : حدثنا هشيم بن جويبر ، عن الضحاك قال : هي عزمة . ))

و نقرا من المغني لابن قدامة الجزء العاشر كتاب المكاتب :
(( 8692 ) فصل : إذا سأل العبد سيده مكاتبته ، استحب له إجابته ، إذا علم فيه خيرا ، ولم يجب ذلك . في ظاهر المذهب . وهو قول عامة أهل العلم ، منهم الحسن ، والشعبي ، ومالك ، والثوري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي . وعن أحمد ، أنها واجبة ، إذا دعا العبد المكتسب الصدوق سيده إليها ، فعليه إجابته . وهو قول عطاء ، والضحاك ، وعمرو بن دينار ، وداود . وقال إسحاق : أخشى أن يأثم إن لم يفعل ، ولا يجبر عليه . ووجه ذلك قول الله تعالى : { فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } . وظاهر الأمر الوجوب . وروي أن سيرين أبا محمد بن سيرين ، كان عبدا لأنس بن مالك ، فسأله أن يكاتبه ، فأبى ، فأخبر سيرين عمر بن الخطاب بذلك ، فرفع الدرة على أنس ، وقرأ عليه : { والذين يبتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } . فكاتبه أنس .
ولنا ، أنه إعتاق بعوض ، فلم يجب ، كالاستسعاء ، والآية محمولة على الندب ، وقول عمر رضي الله عنه ، يخالف فعل أنس . ولا خلاف بينهم في أن من لا خير فيه لا تجب إجابته . قال أحمد : الخير صدق ، وصلاح ، ووفاء بمال الكتابة ، ونحو هذا قال إبراهيم ، وعمرو بن دينار ، وغيرهما ، وعبارتهم في ذلك مختلفة ، قال ابن عباس : غنى ، وإعطاء للمال . وقال مجاهد : غنى ، وأداء . وقال النخعي : صدق ، ووفاء . وقال عمرو بن دينار : مال ، وصلاح . وقال الشافعي : قوة على الكسب ، وأمانة . وهل تكره كتابة من لا كسب له أو لا ؟ قال القاضي : ظاهر كلام أحمد كراهيته . وكان ابن عمر رضي الله عنه يكرهه . وهو قول مسروق ، والأوزاعي .
وعن أحمد ، رواية أخرى ، أنه لا يكره . ولم يكرهه الشافعي ، وإسحاق ، وابن المنذر ، وطائفة من أهل العلم ; { لأن جويرية بنت الحارث ، كاتبها ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري ، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها ، فأدى عنها كتابتها ، وتزوجها . }))

و ممن ذهب الى وجوبها على السيد الامام الطبري رحمه الله في تفسيره الجزء التاسع عشر سورة النور :
((وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب ، قول من قال : واجب على سيد العبد أن يكاتبه إذا علم فيه خيرا ، وسأله العبد الكتابة ، وذلك أن ظاهر قوله : ( فكاتبوهم ) ظاهر أمر ، وأمر الله فرض الانتهاء إليه ، ما لم يكن دليل من كتاب أو سنة ، على أنه ندب ، لما قد بينا من العلة في كتابنا المسمى " البيان عن أصول الأحكام " .
وأما الخير الذي أمر الله تعالى ذكره عباده بكتابة عبيدهم إذا علموه فيهم ، فهو القدرة على الاحتراف والكسب لأداء ما كوتبوا عليه . ))

و نقرا في تفسير التحرير و التنوير لابن عاشور الجزء التاسع عشر سورة النور :
(( وكانت الكتابة معروفة من عهد الجاهلية ولكنها كانت على خيار السيد فجاءت هذه الآية تأمر السادة بذلك إن رغبه العبد أو لحثه على ذلك على اختلاف بين الأيمة في محمل الأمر من قوله تعالى : ( فكاتبوهم ) . فعن عمر بن الخطاب ومسروق وعمرو بن دينار وابن عباس والضحاك وعطاء وعكرمة والظاهرية أن الكتابة واجبة على السيد إذا علم خيرا في عبده ، وقد وكله الله في ذلك إلى علمه ودينه ، واختاره الطبري وهو الراجح ; لأنه يجمع بين مقصد الشريعة وبين حفظ حق السادة في أموالهم ، فإذا عرض العبد اشتراء نفسه من سيده وجب عليه إجابته . وقد هم عمر بن الخطاب أن يضرب أنس بن مالك بالدرة لما سأله سيرين عبده أن يكاتبه فأبى أنس . وذهب الجمهور إلى حمل الأمر على الندب . ))

فان قيل : كيف اذا لم يكن للعبد او الامة المال الكافي ليحرز به عتقه ، نقول : قد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على مساعدة المملوك الذي يريد ان يكاتب نفسه من سيده بالتصدق عليه .

نقرا من سنن الترمذي االجزء الرابع كتاب فضائل الجهاد باب ما جاء في المجاهد والناكح والمكاتب وعون الله إياهم
1655 حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة حق على الله عونهم المجاهد في سبيل الله والمكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف قال أبو عيسى هذا حديث حسن .

حسنه الامام الالباني في صحيح و ضعيف سنن الترمذي الحديث رقم 1655 :
((حسن))


ثالثا : ذهاب جمهور اهل العلم على ان المسبية الغير مسلمة و الغير كتابية لا يجوز وطئها و ان سبايا اوطاس اسلمن
:

نقرا في المغني لابن قدامة الجزء السابع كتاب النكاح :
(( لفصل الثاني : أن من حرم نكاح حرائرهم من المجوسيات ، وسائر الكوافر سوى أهل الكتاب ، لا يباح وطء الإماء منهن بملك اليمين . في قول أكثر أهل العلم ، منهم ; مرة الهمداني ، والزهري ، وسعيد بن جبير ، والأوزاعي ، والثوري ، وأبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي . وقال ابن عبد البر : على هذا جماعة فقهاء الأمصار ، وجمهور العلماء ، وما خالفه فشذوذ لا يعد خلافا . ولم يبلغنا إباحة ذلك إلا عن طاوس ، ووجه قوله عموم قوله تعالى { : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } . والآية الأخرى . وروى أبو سعيد ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث يوم حنين بعثا قبل أوطاس ، فأصابوا لهم سبايا ، فكأن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن ، من أجل أزواجهن من المشركين ، فأنزل الله عز وجل في ذلك { : والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم } . قال : فهن لهم حلال إذا انقضت عدتهن . } وعنه { ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس : لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة } . رواهما أبو داود . وهو حديث صحيح . وهم عبدة أوثان .
وهذا ظاهر في إباحتهن ، ولأن الصحابة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر سباياهم من كفار العرب ، وهم عبدة أوثان ، فلم يكونوا يرون تحريمهن لذلك ، ولا نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم تحريمهن ، ولا أمر الصحابة باجتنابهن ، وقد دفع أبو بكر إلى سلمة بن الأكوع امرأة من بعض السبي ، نفلها إياه ، وأخذ عمر وابنه من سبي هوازن ، وكذلك غيرهما من الصحابة ، والحنفية أم محمد ابن الحنفية من سبي بني حنيفة ، وقد أخذ الصحابة سبايا فارس ، وهم مجوس ، فلم يبلغنا أنهم اجتنبوهن ، وهذا ظاهر في إباحتهن ، لولا اتفاق أهل العلم على خلافه .
وقد أجبت عن حديث أبي سعيد بأجوبة ، منها أنه يحتمل أنهن أسلمن ، كذلك روي عن أحمد أنه سأله محمد بن الحكم قال : قلت لأبي عبد الله : هوازن أليس كانوا عبدة أوثان ؟ قال : لا أدري كانوا أسلموا أو لا . وقال ابن عبد البر : إباحة وطئهن منسوخة بقوله تعالى { : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن } . ( 5399 ) ))

و ممن ايد هذا القول الامام الطبري رحمه الله في تفسيره الجزء الثامن سورة النساء :
(( ] فإن اعتل معتل منهم بحديث أبي سعيد الخدري أن هذه الآية نزلت في سبايا أوطاس قيل له : إن سبايا أوطاس لم يوطأن بالملك والسباء دون الإسلام . وذلك أنهن كن مشركات من عبدة الأوثان ، وقد قامت الحجة بأن نساء عبدة الأوثان لا يحللن بالملك دون الإسلام ، وأنهن إذا أسلمن فرق الإسلام بينهن وبين الأزواج ، سبايا كن أو مهاجرات . غير أنهن إذا كن سبايا ، حللن إذا هن أسلمن بالاستبراء . فلا حجة لمحتج في أن المحصنات اللاتي عناهن بقوله : والمحصنات من النساء - ذوات الأزواج من السبايا دون غيرهن ، بخبر أبي سعيد الخدري أن ذلك نزل في سبايا أوطاس . لأنه وإن كان فيهن نزل ، فلم ينزل في إباحة وطئهن بالسباء خاصة ، دون غيره من المعاني التي ذكرنا . مع أن الآية تنزل في معنى ، فتعم ما نزلت به فيه وغيره ، فيلزم حكمها جميع ما عمته ، لما قد بينا من القول في العموم والخصوص في كتابنا " كتاب البيان عن أصول الأحكام " . ))

وفي هذا بيان ان فسخ العقد لم يقع فقط بالسبي و لكنه وقع بالاسلام ايضا اذ ان المسلمة لا تكون ابدا تحت عصمة كافر و هذا هو قول جمهور اهل العلم و الاحتجاج بسبي بني حنيفة و سبايا اوطاس مردود باحتمالية اسلامهن فلا حجة اذا للملحد او النصراني بعد كل هذه الحجج التي قدمناها
.

هذا وصلى الله على سيدنا محمد و على اله وصحبه وسلم