المبحث الثالث (3-9-4) :- الذين تم استبعادهم وفصلهم هم من بنى اسرائيل الذين تشبهوا باليونانيين ولم يختنوا أي أن أصلهم من بنى اسرائيل

نقرأ ما يقوله كاتب الرسالة فى وصف من يخاطبهم :-
1 :21 و انتم الذين كنتم قبلا (( اجنبيين و اعداء في الفكر )) في الاعمال الشريرة قد صالحكم الان

هذه الجملة سبق وأن تم استخدامها فى رسالة أفسس وكانت بها (أجنبيين عن رعوية اسرائيل ) (أفسس 2 :12 )

والكلمة اليونانية التي تم ترجمتها (أجنبيين) هي :-
ἀπηλλοτριωμένοι


فهي طبقا لـــ Strong's Concordance بمعنى :-estrange, alienate

وطبقا لـــ NASB Translation بمعنى :-alienated , excluded

أي أنها بمعنى اقصاء أو استبعاد

أي أنه يتكلم الى أشخاص تم استبعادهم عن بنى اسرائيل
وهذا يعنى أنه كانوا قبل ذلك جزء من بنى اسرائيل ولكن تم استبعادهم
كما يوضح أنهم كانوا أعداء فى الفكر

وبالفعل فان بنى اسرائيل انقسموا الى فئتان:-

الفئة الأولى :-
كان يكثر وجودها فى الشتات فى العالم وكانوا متشبهين باليونانيين وأسلوب حياتهم وبأفكارهم الوثنية التي مزجوها مع معتقداتهم اليهودية

ولذلك فهو يشير الى من يخاطبهم فى كولوسي وهم يهود الشتات قائلا :-
3 :5 فاميتوا اعضاءكم التي على الارض الزنى النجاسة الهوى الشهوة الردية الطمع الذي هو عبادة الاوثان
3 :6 الامور التي من اجلها ياتي غضب الله على ابناء المعصية
3 :7 الذين بينهم انتم ايضا سلكتم قبلا حين كنتم تعيشون فيها

فبنى اسرائيل فى الشتات الذين عاشوا بين الأمم الوثنية وقلدوهم هم المقصودين فى تلك النصوص

والفئة الثانية :-
كان أغلبها فى فلسطين وكان هؤلاء متمسكين بالختان والشريعة ويتعاملون بتعالى على الطرف الأخر

للمزيد راجع الفرق بين اليهودي واليوناني فى هذا الرابط :-


لذلك هم كانوا بالفعل أعداء فى الفكر

لقد كان يتكلم عن المشتتين فى العالم
ونجد أن انجيل يوحنا أشار الى ذلك فى :-
11 :50 و لا تفكرون انه خير لنا ان يموت انسان واحد عن الشعب (( و لا تهلك الامة كلها ))
11 :51 و لم يقل هذا من نفسه بل اذ كان رئيسا للكهنة في تلك السنة تنبا ان يسوع مزمع ان يموت عن الامة
11 :52 و ليس عن الامة فقط بل (( ليجمع ابناء الله المتفرقين الى واحد ))

النص فى انجيل يوحنا يتكلم عن عن رئيس كهنة اليهود الذى يريد أن يبرر محاولات اليهود قتل المسيح عليه الصلاة والسلام وذلك حتى لا يغضب الرومان على اليهود فى فلسطين ويهلكونهم فيكون المسيح عليه الصلاة والسلام بدلا عن هلاك الأمة

ثم يضيف كاتب الانجيل :-
أن
ذلك ليس عن الأمة فقط وكان يقصد ما ذكره بالتفصيل فى العددين السابقين (( وهو حتى لا تهلك الأمة فقط على أيدي الرومان ))
ولكن حتى يتم تجميعهم أيضا بعد أن تشتتوا فى العالم (أي متفرقين) واختلفت لغاتهم واسلوب حياتهم فتشبه البعض منهم باليونانيين وانفصلوا عن باقي بنى اسرائيل فى فلسطين فهو يتمنى أنه يجمعهم فكريا وعقائديا مرة أخرى

فالكلمة اليونانية والتي تم ترجمتها (متفرقين ) هي :- διεσκορπισμένα


وهى طبقا لقاموس سترونج تأتى بمعنى :- I scatter, winnow, disperse, waste.

أي مفتت ومبعثر ومشتت وضياع وهى نفسها من تم استخدامها فى سفر أعمال الرسل (أعمال 5 :37)
بمعنى تشتت بنى اسرائيل أي ضياعهم فى العالم


فهو يتكلم عن أشخاص هم فى نظر الكاتب أبناء الله المشتتين الضائعين فى العالم ، بينما الأمم كانوا فى ذلك الوقت وثنيين وليسوا أبناء الله ولا يمكن وصفهم بذلك مع وثنيتهم
وكان هذا هو ما يشير اليه سفر هوشع الذى كان يتكلم عن تجميع بنى اسرائيل الى واحد مرة أخرى بعد تصالحهم مع الله عز وجل وغفرانه لخطاياهم (راجع المبحث السادس - الفصل الثالث - الباب الثالث ) ، (راجع ثالثا - الباب الخامس)

فرؤية بنى اسرائيل فى ذلك الوقت هو أمنيتهم بأن يتم تجميعهم واستحالة أن يفكر اسرائيلي فى تجميع الأمم
و لكن كان يفكر فى تجميع بنى اسرائيل المشتتين فهذا كان الأولى بالنسبة له