مغالطات أكذوبة أن ظاهرة النفق الكمومي تدمر مبدأ السببية


















الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى أصحابه الغر الميامين ، و على من أتبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد :

فقد انتشر في عصرنا مرض الإلحاد ، وهو أحد الأمراض الفكرية الفتاكة إذ يفتك بالإيمان و يعمي الحواس عن أدلة وجود الخالق الرحمن ،و تجد المريض يجادل في البديهيات و يجمع بين النقيضين ويفرق بين المتماثلين ،ويجعل من الظن علما و من العلم جهلا و من الحق باطلا و من الباطل حقا .

ومن عوامل انتشار هذا المرض الجهل بالدين و ضعف العقيدة واليقين والاسترسال في الوساوس الكفرية والسماع والقراءة لشبهات أهل الإلحاد دون أن يكون لدى الإنسان علم شرعي مؤصل .

وشبهات أهل الإلحاد ما هي إلا أقوال بلا دليل وادعاءات بلا مستند ،ورغم ضعفها و بطلانها إلا أنها قد تؤثر في بعض المسلمين لقلة العلم وازدياد الجهل بالدين ولذلك كان لابد من كشف شبهات ومغالطات ودعاوي أهل الإلحاد شبهة تلو الأخرى و مغالطة تلو المغالطة ودعوى تلو الدعوى حتى لا ينخدع أحد بكلامهم وشبههم .

و في هذا المقال سنتناول بإذن الله إحدى الأكاذيب التي يرددها الملاحدة ،وهي أكذوبة أن ظاهرة النفق الكمومي تدمر السببية يقول أحد المروجين لهذه الأكذوبة :
( لنفرض أن لدينا كرة بينغ بونغ (كرة تنس طاولة) نرميها لتضرب بسطح طاولة خشبية. نحن نعرف من حياتنا أن هذه الكرة لن تعبر إلى الطرف الآخر من الطاولة إلّا إذا كسرت الطاولة واخترقتها إلى الطرف الآخر، وستبقى فوق الطاولة ترتد إلى الأعلى. هذا المشهد مختلف إذا كانت كرة تنس الطاولة التي نتكلم عنها هي جسيم أولي أو ذري كالإلكترون، فالإلكترون يملك ما يسمى تابع كثافة احتمالية يسمح له بالعبور عبر أي حاجز صلب أو حاجز طاقة أو أي نوع آخر. فمع أن الإلكترون موضوع فوق الحاجز، فهناك احتمال صغير أن يصبح الإلكترون في الطرف الآخر من الحاجز دون أي سبب على الإطلاق، والسبب الوحيد هو العشوائية التي تعيش فيها الجسيمات الأولية والتي هي نتيجة للطبيعة الموجية للجسيمات الذرية، أي أن الإلكترون يعبر الحاجز وكأن الحاجز غير موجود.
وليس فقط ذلك، فتخيل أنك وضعت تفاحة في علبة زجاجية مغلقة، فهذه التفاحة سبتقى في العلبة ولن تخرج منها إلا إذا أخرجها شخص ما وهذا ما نعرفه نحن بمبدأ السببية، فلكل فعل مسبب، لكن في حالة الجسيمات الأولية هذا غير صحيح، فهناك دوماً احتمال أن يخرج هذا الجسيم من العلبة دون أي سبب على الإطلاق.

هذا الكلام تم إثباته تجريبياً، فقد تم حبس إلكترون فيما يسمى “نقطة كوانتية” أو Quantum Dot، وفيها تمت دراسة خروج الإلكترون من “العلبة” المحبوس بها، وذلك يحدث دون أي سبب!

نعم عزيزي القارئ، مبدأ السببية غير مطلق وغير صحيح دوماً، فهناك أشياء في عالمنا تحدث دون أي سبب.

,نشوء هذا الكون أيضاً قد يكون قد حدث بدون سبب، فنشوء الكون تتم دراسته في ميكانيك الكم، والذي يدعم ظاهرة النفق والكثير من الظواهر التي تحدث دون سبب. ولذلك نشوء الكون من العدم فكرة مقبولة علمياً ).

وقد احتوى كلام هذا الملحد على العديد من المغالطات منها الطعن و التشكيك في مطلقية و كلية إحدى مبادئ العقل و إحدى البديهيات العقلية إذ من مبادئ العقل و من البديهيات العقلية مبدأ السببية فلكل ظاهرة سبب أو علة لوجودها ،وما من شيء حادث إلا كان لوجوده سبب يفسر وجوده [1] ،والعقل يدرك ذلك تلقائيا ،وبلا معونة الحس و التجربة كالتلازم والتلاحم بين وجود البناء ووجود الباني ،والجناية والجاني[2] .


[1] - انظر المعجم الفلسفي للدكتور جميل صليبا 1/649

[2] - مذاهب فلسفية وقاموس مصطلحات لمحمد جواد ص 169