المبحث الرابع (4-5-4):- علماء المسيحية يقرون بأن أغلب الأصحاحات موجهة الى اليهود


1- من تفاسير علماء المسيحية فان تلك الأصحاحات هي للرد على اليهود


عرفنا أن الاصحاح الأول كان لكافة فئات بنى اسرائيل ، وأن الاصحاحان الثاني والثالث كان لليهود (راجع الفقرة 4 من المبحث الثالث من هذا الفصل) وهذا باعتراف علماء المسيحية

حيث يقول القس أنطونيوس فكرى :-

(هذا الإصحاح يحدثنا عن أن اليهود كانوا يدينون الأمم
ويقول أيضا :-
هذا الإصحاح موجه حقًا لليهودي


ويقول أيضا :-
لِذلِكَ: عائدة علي ما فات. فبولس الرسول هنا يكلم اليهود الذين يدينون الأمم علي أعمالهم، بينما هم يعملون نفس الأعمال، بالرغم من معرفتهم بالناموس.)
انتهى



وهاهم علماء المسيحية يقرون أن الأصحاحات من 4 الى 11 أيضا موجهة الى اليهود

فنقرأ من تفسير القس أنطونيوس فكرى :-

(في الإصحاحات (4-5-6-7-8-9-10-11) يرد الرسول علي آراء اليهود ومعتقداتهم ويفند حججهم، فهم يفتخرون ببنوتهم الجسدية لإبراهيم، وبأن لهم الناموس والشريعة، وأنهم هم الشعب المختار، شعب الله المختار)
انتهى


وأيضا نقرأ اقرار علماء المسيحية بأن الاصحاح 14 كان موجه الى اليهود المتنصرين وليس الى الأمم

فنقرأ من تفسير القس أنطونيوس فكرى :-

(يري القديس ذهبي الفم أن بولس هنا يعالج مشكلة قامت بين اليهود المتنصرين بعضهم البعض، إذ كان البعض يخشي لئلا في أكلهم اللحوم يأكلون لحم الخنزير أو الجمل وهم لا يدرون، فيكونوا كاسرين للناموس … الخ )
انتهى
وسوف نجد نفس الكلام فى تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي


والأكيد أن كاتب الرسالة كان يقصد هنا الصراع بين الاسرائيلي المتمسك بالشريعة وبين الاسرائيلي اليوناني المرتد عن الشريعة حيث كان الصراع بين الفئتين والذى نقرأه بوضوح فى سفري المكابيين الأول والثاني

فاذا كان أغلب الأصحاحات موجهة أصلا الى اليهود باعتراف علماء المسيحية فكيف يتخيل أحدهم أن الرسالة كانت موجهة أيضا لغير اليهود فهذا مستحيل لأن الرسالة كانت وحدة واحدة أما التقسيم الى أصحاحات فكان هذا فى التراجم لتسهيل الفهم

فنقرأ من موقع الأنبا تكلا :-
(أما تقسيم الأسفار إلى أصحاحات وآيات، فقد أدخل على التراجم لتسهيل الفهم، فلم تكن أسفار الكتاب المقدس مقسمة إلى أصحاحات ولا أعداد بل كان كل سفر منها متصلًا من أوله إلى آخره، ولم يكن في كل هذه الأسفار علامات فاصلة بين الجمل كالنقطة بل كانت الكلمات ملتصقة ببعضها حتى كان السطر منها ككلمة واحدة )
انتهى


اذا كانت الرسالة وحدة واحدة ، وذكر كاتب الرسالة أنه يكلم عارفين بالناموس (رومية 7 :1)
ويذكر أن من يخاطبهم لهم ايمان أي أنهم يهود من قبل أن يذهب اليهم بولس ويكرز بينهم (رومية 1 :8 ، 1 :10) ، ويقر علماء المسيحية بأن أجزاء كبيرة من الرسالة موجهة الى اليهود
فكيف يعتقد أحدهم بعد ذلك أن تلك الرسالة كانت موجهة الى أمميين أيضا ؟؟!!!!!!!!!!

هذا مستحيل أما النصوص التي تزعم مخاطبته الى الأمم وخاصة فى الاصحاح 11 فهي نصوص محرفة وزائفة لأنه كما سيتضح من باقي الأدلة أنه لم يكن هناك أمم فى روما أمنوا أصلا حتى يحدثهم


2- كاتب الرسالة وهو يتحدث عن سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام ويقول أنه أب جميعنا لأنه الأب البيولوجي لمن يوجه اليهم حديثه وهم بنى اسرائيل


نجد أن كاتب الرسالة فى الاصحاح الرابع يقول (أبانا ابراهيم) فهو كان يقصد الأبوة الحقيقية وليس الأبوة الروحية ، لأنه كان يتحدث الى بنى اسرائيل فاليهود كانوا يتفاخرون ببنوتهم لسيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام (يوحنا 8: 33)


أ- الغرض من أقواله هذه الجمع بين اليهود المتمسكين بالشريعة وبين المرتدين عنها أي تجميع بنى اسرائيل الذين تشتتوا بين الأمم

والدليل على ذلك هو هذا النص :-
4 :16 لهذا هو من الايمان كي يكون على سبيل النعمة (( ليكون الوعد وطيدا لجميع النسل )) ليس لمن هو من الناموس فقط بل ايضا (( لمن هو من ايمان ابراهيم الذي هو اب لجميعنا ))

والمقصود هو :-
من هو من الناموس = الاسرائيلي الذى تمسك بالناموس ويطبقه فى حياته ليكون الوعد وطيدا لجميع النسل = جميع نسل سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام من حفيده سيدنا يعقوب عليه الصلاة والسلام والذى يشمل الاسرائيلي المتمسك بالشريعة و الاسرائيلي الذى ارتد عنها

أي يكون الوعد لجميع هذا النسل عندما يؤمنوا ايمان سيدنا ابراهيم عليه الصلاة والسلام سواء كانوا ممن يطبقون الناموس أو ممن ارتدوا عنه (والفئتان من بنى اسرائيل) وهو أباهم جميعا بالحقيقة

فكان الغرض من أقواله هذه تجميع بنى اسرائيل الذين تشتتوا بين الأمم وانقسموا وتحزبوا وكان لكل حزب منهم فكر واعتقاد مختلف وأصبحوا تابعين للأمم التي يعيشون فيها


ب- كاتب الرسالة يقول أن (الاسرائيليين لهم الآباء ) وهذا يؤكد أنه يقصد الأبوة والبنوة الحقيقية وليس الروحية :-


نقرأ من رسالة رومية :-
9 :3 فاني كنت اود لو اكون انا نفسي محروما من المسيح (( لاجل اخوتي انسبائي حسب الجسد ))
9 :4 الذين هم اسرائيليون و لهم التبني و المجد و العهود و الاشتراع و العبادة و المواعيد
9 :5 و لهم الاباء و منهم المسيح حسب الجسد الكائن على الكل الها مباركا الى الابد امين

الاسرائيليين لهم الآباء أي أنه يقصد الأبوة الحقيقية وهذا كان دائما مقصده فى جميع رسائله وهو يريد أن يقول أن من سيؤمن من بنى اسرائيل سيكون هو الاسرائيلي وله الموعد

فنقرأ من تفسير القس أنطونيوس فكرى :-
(والمواعيد= هم نالوا وعودًا كثيرة مثل ميراث أرض كنعان، والوعد بميلاد إسحق، وكلها مواعيد مفرحة. وأهم وعد حصل عليه اليهود هو أن المسيح يأتي منهم، لذلك فمن يؤمن منهم بالمسيح هو الذي يظل إسرائيلي حقًا، ومن يرفض المسيح فهو ليس إسرائيلي بالحقيقة، لذلك قال المسيح عن نثنائيل أنه إسرائيلي حقا لا غش فيه حين أتي إليه ثم آمن به يو 47:1 فما كان يميز اليهود أنهم أولاد وعد، فإذا رفضوا الموعود به يصيروا هم مرفوضين.)
انتهى