المبحث السابع (7-3-2) :- الاصحاح 18 يوضح أن اليهود كانوا يطلقون على اليونانيين الحقيقيين مسمى الأمم ، وأن اليونانيين فى العهد الجديد كانت بمعنى بنى اسرائيل فى الشتات المتأثرين بالثقافة اليونانية

نقرأ من سفر أعمال الرسل (ترجمة الفانديك) :-

18 :1 و بعد هذا مضى بولس من اثينا (( و جاء الى كورنثوس ))
ثم نقرأ :-
18 :4 و كان يحاج في المجمع كل سبت ((و يقنع يهودا و يونانيين ))
18 :5 و لما انحدر سيلا و تيموثاوس من مكدونية كان بولس منحصرا بالروح (( و هو يشهد لليهود )) بالمسيح يسوع
18 :6 و اذ كانوا يقاومون و يجدفون نفض ثيابه و قال لهم دمكم على رؤوسكم انا بريء(( من الان اذهب الى الامم ))

اذا كان (اليونانيين ) هنا بمعنى الوثنين (الأمميين) فى كورنثوس وكان بولس يقنعهم ويبشر بينهم
فكيف يقول بولس بعد ذلك (من الأن أذهب الى الأمم ) ؟؟؟!!
فتلك الجملة تعنى أنه لم يبشر بين الوثنيين قبل ذلك ولا حتى فى كورنثوس

فنقرأ الترجمات المختلفة لهذا النص :-
الترجمة المشتركة :-
اع-18-6: ولكنهم كانوا يعارضون ويشتمون. فنفض ثوبه وقال لهم: دمكم على رؤوسكم، أنا بريء منكم. ((سأذهب بعد اليوم إلى غيركم من الشعوب)).

ومن ترجمة الأخبار السارة :-
18 :6 ولكنهم كانوا يعارضون ويشتمون. فنفض ثوبه وقال لهم: ((دمكم على رؤوسكم، أنا بريء منكم. سأذهب بعد اليوم إلى غيركم من الشعوب)).

ترجمة كتاب الحياة :-
اع-18-6: ولكنهم عارضوا شهادته وأخذوا يجدفون. فما كان منه إلا أن نفض ثوبه وقاللهم: «دمكم على رؤوسكم. أنا بريء! (((ومنذ الآن أتوجه لتبشير غير اليهود)))».

مع ملاحظة أن الكلمة اليونانية المستخدمة فى هذا النص هي هلنين

وهى نفسها الصيغة التي زعم بعض علماء المسيحية أنها دلالة على الناطقين باليونانية من غير اليهود أي أمميين

ولكن نلاحظ الآتي :-

1- فى العدد (4) يقول أنه (أي بولس) كان يقنع يهود ويونانيين (طبقا للقواميس المسيحية أي أنهم وثنين أو ناطقين باليونانية من غير اليهود أي أمميين)

2- ثم فى العدد (6) يقول أن بولس قال لهم (من الأن أذهب الى الأمم ) مما يعنى أنه قبل كلامه هذا لم يكن يكرز بين الأمم ولم يكن يقنعهم3- الكلمة اليونانية المستخدمة والتي تم ترجمتها (منذ الأن) هي () :-

و طبقا Strong's Exhaustive Concordance تعنى :-

henceforth, hereafter, now

أي بمعنى :- من الأن فصاعدا ، الأن

وهذا يعنى أنه لم يبشر بين الأمم قبل ذلك مطلقا
فمن غير الطبيعي أن يأخذ القرار بالبشارة بين الأمميين فى بلدة ما وينفذه بالفعل ثم عندما يذهب الى بلدة أخرى يلغى القرار السابق الذى اتخذه و يذهب الى اليهود فقط وعندما يرفضونه يضطر أن يذهب الى الأمميين فى تلك البلدة أيضا بناء على رفض اليهود فيها

ألم يكن قد أخذ القرار المسبق ونفذه بأن البشارة أصبحت للأمم
فلماذا يحتاج عندما يذهب الى بلدة أخرى أن يرجع عن قراره السابق حتى يرفضه يهود تلك البلدة ؟؟؟!!!!!!!!!!
فهذا أمر غير منطقي ولا يتوافق مع هذا النصفطالما أخذ القرار أن البشارة أصبحت للجميع فسيكون بشارته للجميع فى كل وقت وكل مكان وليس فقط عندما يرفضه اليهود فى بلد ما

الا اذا كانت الحقيقة أنه لم يبشر بين الأمم قبل الاصحاح 18 على الأقل ، وجميع النصوص التي تزعم أنه كان يبشر بينهم هي فى الحقيقة نصوص محرفة

وهذا يعنى :-
أن اليونانيين هنا بمعنى اليهود ذو الثقافة اليونانية واللغة اليونانية
أي أن لوقا عندما كان يذكر (هلنيين ) فكان دائما يقصد اليهود ذو الثقافة اليونانية
الذين لا يعرفون الآرامية أو العبرية ولا يتكلمون الا اليونانية فقط ولم يعنى الأمميين من الجنسيات المختلفة

فمن موقع الأنبا تكلا نقرأ أن :-
(لأن اللغة اليونانية كانت شائعة بين يهود الشتات)
انتهى


وكانت كلمة (اليهود ) فى العدد (4) قد جاءت بمعناها الخاص أي المتدينون المتمسكون بالشريعة أما عندما جاءت فى العدد (5) فكانت بمعناها العام سواء المتدينون أو المتشبهين باليونانيين الحقيقيين أي الذى يشمل اليهود واليونانيين وهما فئتان من بنى اسرائيل
(للمزيد عن المعنى العام والخاص لكلمة اليهود راجع الفصل الثاني - الباب الثاني )


وهذا النص هو دليل على :-
أ- أن اليهود أطلقوا على اليونانيين الحقيقيين مسمى الأمم ، فكورنثوس هي مدينة فى بلاد اليونان وفى نفس الوقت نرى بولس يشير الى أهلها الأصليين بأنهم (الأمم) فى(أعمال 14 :2 ، 18 :6)



ب- وهذا يؤكد على أن مدلول كلمة (يونانيين ) على أنه مسمى للوثنيين لم يكن موجودا فى
عصر كتاب العهد الجديد وأنه بالفعل مدلول وفهم نشأ متأخر فى القرن الرابع الميلادي

ج- أن اليهود أطلقوا على الاسرائيليين المتأثرين بالثقافة اليونانية (الهيلنية ) مسمى هلنين
بصيغة (اغريقيين ، وبالترجمات العربية يونانيين)


د- ان رحلات بولس قبل (أعمال 18 :6) على الأقل كانت موجهة الى بنى اسرائيل وليس
الى الأمم وان النصوص التي تدعى عكس ذلك كانت نصوص محرفة


وعندما نتابع ان شاء الله باقي الأبواب وخاصة تحليل الرسائل المنسوبة الى بولس والتي زعموا أنها كانت موجهة الى الأمم بينما هي كانت موجهة الى بنى اسرائيل فقط
سوف نكتشف مدى التحريف والتزييف فى النصوص لايهام القارئ أن التلاميذ بشروا بين الأمميين (الوثنيين)، هذا التحريف الذى نتج عنه العديد من التناقضات
وسنكتشف أيضا مدى تزيف التفاسير وذلك لحل اشكاليات التناقضات فى النصوص
ولكن فى الحقيقة تلك التفاسير زادت النصوص تناقضات