المبحث الثالث (3-3-2) :- الهيلنيين الذين كان يتم التبشير بينهم فى العهد الجديد ليسوا وثنيين
تزعم بعض المواقع المسيحية أن كلمة (هيلنيين) وفى الترجمات العربية (اليونانيين ) المقصود منها (الوثنيين)
وهذا مستحيل لأن :-
1- دلالة كلمة (هيلنيين) أنهم وثنيين فى المطلق لم تكن عند اليهود
أ- فالموسوعة اليهودية أوضحت أن كلمة (Hellen) كان يهود الشتات يطلقونها على أنفسهم :-
Greek Versions of the Bible.:-
The Jews called themselves Palestinians in religion, but Hellenes in language (Philo, "De Congressu Quærendæ Erud." § 8)
فكيف يطلقونها على أنفسهم وفى نفس الوقت تكون دلالة مطلقة على وثنيين ؟؟!!!!!!!
هذا مستحيل
ب- لا يمكن أن يستخدم اليهود كلمة يوناني لتكون دلالة على الوثني أو الأخر نظرا لوجود اسرائيليين يونانيين متأثرين بالثقافة اليونانية وحصلوا على الجنسية (المعاملة) الهيلينية (اليونانية) بالفعل :-
مفهوم يوناني على أنه وثنى أو من الغرباء عن بنى اسرائيل لم يكن موجود فى زمان كتاب العهد الجديد نظرا لوجود اسرائيليين يونانيين متأثرين بالثقافة اليونانية وحصلوا على الجنسية (المعاملة) الهيلينية (اليونانية) بالفعل ، فهم ليسوا وثنيين وليسوا غرباء
فعندما يقول اليهودي على شخص انه اسكندري (أعمال 6 :9 ، 18 :24 ) أو قبرسي (أعمال4 :36 ) فهو لا يقصد غريب أو وثنى بهذا الوصف
لأنه كان هناك اسرائيليين اسكندريين وقبرسيين وهكذا فى جميع شتات اليهود فى ذلك الزمانلذلك كان اليهودي يستخدم كلمة (الأمم) ليفهم أنه يتكلم عن الغرباء ولا يستخدم جنسية بلد ما ليفهم ذلك لأن هناك اسرائيليين حصلوا على هذه الجنسية وهذا الموطن
أما الفهم على أن وصف شخص بأنه يوناني يعنى أنه وثنى بدأ عندما اختفت فئة الاسرائيليين اليونانيين بعد القرن الثاني الميلادي وذلك بدخول تلك الفئة الى المسيحية وتغير اسمهم الى مسيحيين (كما أوضحت فى المبحث الثاني من الفصل الثالث- الباب الثاني فى الحديث عن اليهودية الهلينستية )
وأصبح بعد القرن الثاني الميلادي الأمر منحصرا بين يهود ، ومسيحيين ، ووثنيين تغلب على ثقافتهم الثقافة الهيلينية فأطلق المسيحيين على الوثنيين مسمى يونانيين أو هيلنيين
ج - فى رسالة الى غلاطية بولس يصف تيطس بعد ايمانه بأنه يوناني ، وهذا يعنى استحالة أن يكون هناك أي دلالة وثنية للكلمة :-
نقرأ من رسالة الى غلاطية :-
2 :3 لكن لم يضطر و لا تيطس الذي كان معي (( و هو يوناني )) ان يختتن
كاتب الرسالة يصف تيطس بعد ايمانه بأنه يوناني والكلمة طبقا للطبعات اليونانية هي (هيلين)
وهذا يعنى استحالة أن يكون لتلك الكلمة فى ذلك الزمان أي دلالة وثنية والا ما كان وصفه هذا الوصف ، فلا يمكن أن يظل يصفه بالوثنية
2-هذه الدلالة على أنهم وثنيين لم تحدث الا فى القرن الرابع الميلادي على يد الامبراطور الروماني ثيودوسيوس الأول الذى حكم فى الفترة من 379 الى 395 ميلادي
أي أن هذه الدلالة لم تكن موجودة فى زمان كتبة العهد الجديد فى القرن الأول الميلادي
والدليل على ذلك :-
The term "Hellene" became applied to the followers of the polytheistic ("pagan") religion after the establishment of Christianity by Theodosius I.
وأيضا نقرأ :-
In the final years of the fourth century AD, Emperor Theodosius I [379-395] made Christianity the sole state religion after subduing the rebellion of an "Hellene" usurper, a westerner named Eugenius. After Theodosius' critical decision, fewer and fewer people were willing to call themselves "Hellenes." For centuries more, the word "Hellene" remained in bad repute, associated with outlawed religious ideas and disloyalty to the state. Greek speakers found the identity of "Romaioi" in place of "Hellene" to be a safe refuge in changing times.
3- اليونانيين الحقيقيين لم يفهموا الترجمة السبعينية ولم يفهموا عبارات اليهود ، ولكن الترجمة السبعينية كانت موجهة الى الاسرائيلي المتهلهن
بالرغم من ترجمة الكتاب المقدس الى اليونانية وهى الترجمة السبعينية للعهد القديم الا أنه كان موجه الى اليهود الذين يعيشون فى الشتات ، بينما اليونانيين الحقيقيين لم يفهموا يونانية الكتاب المقدس بسبب وجود عبارات ومصطلحات عبرية به لا يعرفوها ولا يفهموها
فنقرأ من الموسوعة اليهودية :-
The real Hellenes, however, could not understand the Greek of this Bible, for it was intermixed with many Hebrew expressions, and entirely new meanings were at times given to Greek phrases
4- دلالة الأخر عند بنى اسرائيل كانت بكلمة (الأمم ) وليس اليونانيين
أ- العهد الجديد يصف الأخر المختلف عن بنى اسرائيل بكلمة (الأمم) :-
عندما يتحدث سفر أعمال الرسل عن من ليسوا من بنى اسرائيل وعن الوثنيين فقد كان يتكلم عنهم أنهم (أمميين ) أو (الأمم) وكان هذا هو عادة اليهود فى التكلم عن الغرباء الذين لا ينتمون الى بنى اسرائيل فكانوا يطلقون عليهم (أمميين)
فنقرأ :-
سفر أعمال الرسل 14: 2
وَلكِنَّ الْيَهُودَ غَيْرَ الْمُؤْمِنِينَ غَرُّوا وَأَفْسَدُوا ((نُفُوسَ الأُمَمِ ))عَلَى الإِخْوَةِ.
سفر أعمال الرسل 14: 5
فَلَمَّا حَصَلَ مِنَ الأُمَمِ وَالْيَهُودِ مَعَ رُؤَسَائِهِمْ هُجُومٌ لِيَبْغُوا عَلَيْهِمَا وَيَرْجُمُوهُمَا،
لم يقل اليونانيين واليهود ولكنه قال الأمم واليهودلأن اليونانيين لا تعنى بالنسبة له الأمم ولكن هم اسرائيليين تأثروا بالثقافة اليونانية
سفر أعمال الرسل 15: 19
لِذلِكَ أَنَا أَرَى أَنْ لاَ يُثَقَّلَ عَلَى الرَّاجِعِينَ إِلَى اللهِ مِنَ الأُمَمِ،
وأيضا من إنجيل متى 10: 5:-
هؤُلاَءِ الاثْنَا عَشَرَ أَرْسَلَهُمْ يَسُوعُ وَأَوْصَاهُمْ قَائِلاً: «إِلَى طَرِيقِ أُمَمٍ لاَ تَمْضُوا، وَإِلَى مَدِينَةٍ لِلسَّامِرِيِّينَ لاَ تَدْخُلُوا.
أي أنه لم يصف الوثنيين باليونانيين ولكنه كان يصفهم (بالأمم )
وهذا يعنى أن وصف اليونانيين كان عند لوقا وكتبة العهد الجديد دلالة أخرى غير الوثنيين
ب- الموسوعة اليهودية توضح أن اليهود كانوا يطلقون على غيرهم كلمة (أمم) :-
من الموسوعة اليهودية نعرف أن اليهود كانوا يطلقون على غير اليهودي كلمة (أممي أو أممية أو أمم ( (ethnn) أو GENTILE
أي أنه ليس من بنى اسرائيل ويكون وثنى
فنقرأ :-
A word of Latin origin (from "gens"; "gentilis"), designating a people not Jewish
أي أن فى الموسوعة اليهودية توضح أن اليهود كانوا يصفون الوثني الذى ليس من بنى اسرائيل بأنه (أممي )وليس بأنه (يوناني ) لذلك يكون من الغريب أن يستخدم بولس كلمة (يونانيين) ويكون يقصد بذلك الوثنيينوأيضا من المستحيل أن يتكلم لوقا عن اليونانيين ويكون يقصد الوثنيين فى حين أنه هو نفسه استخدم كلمة (الأمم) للتعبير عن الوثنيين
ج- من قاموس سترونج نعرف أن غير اليهودي والوثني هو (الأمم) :-
( (ethnn)
أن معناها هو غير اليهودي (أي الأجنبي) أو الوثني (GENTILE)
أي أن الوثنيين عند اليهود وفى بداية المسيحية (أي فى زمن كتابة العهد الجديد) كان يتم اطلاق مسمى (أممي أو أممية أو أمم)
وهذا يعنى أن فى سفر أعمال الرسل عندما كان يقصد التكلم عن من هم ليسوا من بنى اسرائيل فهو يطلق عليهم كلمة أمم أو أممية وليس يوناني
فنجد الاشارة الى شخص ليس من بنى اسرائيل ووصفه بالأممي فى (أعمال 14: 2 ، 14: 5 ، 15: 19)
5- اليهود فى ذلك العصر كانوا يسمون أبناءهم أسماء يونانية أي ليس معنى أن الاسم يوناني يكون صاحبه يوناني بالفعل
ونعرف من الموسوعة اليهودية أن اليهود فى عصر كتابة العهد الجديد كانوا يسمون أبناءهم بأسماء يونانية
فنقرأ :-
Among the names in the Talmud there is a considerable proportion of Greek ones
6- من انجيل يوحنا اليونانيون صعدوا ليسجدوا فى العيد أي أنهم من بنى اسرائيل ، فيهود ذلك الزمان من المستحيل أن يسمحوا بشخص وثنى بدخول الهيكل
فى انجيل يوحنا :-
12 :20 و كان اناس (( يونانيون )) من الذين صعدوا ليسجدوا في العيد
والكلمة اليونانية المستخدمة هي() أي هلنين وذلك فى جميع الطبعات
فذهاب اليونانيين الى أورشليم بالتحديد للسجود يعنى ذهابهم للعبادة و الصلاة فى جبل الهيكل (هيكل سليمان أو هيكل صهيون )فالكلمة اليونانية لكلمة (يصعد هي :-) أي يصعد جبل أو يرتفع جبل
فمن قاموس سترونج نقرأ تعريف للكلمة :- I go up, mount, ascend
وكان اليهود يصعدون الى جبل الهيكل (هيكل سليمان أو هيكل صهيون ) للصلاةففى تاريخ اليهود أن هذا الهيكل كان مقام على تلةفطبقا للمؤرخ اليهودي يوسيفوس فلافيوس فان جبل صهيون كان مقام على تلة
فنقرأ من موسوعة ويكيبيديا:-
Josephus described Mount Zion as a hill across the valley to the west.[9] Thus, the western hill extending south of the Old City came to be known as Mount Zion
يعنى المقصود من انجيل يوحنا أن هؤلاء اليونانيين ذهبوا ليسجدوا ويتعبدوا فى الهيكلوالأكيد أن هؤلاء اليونانيين كانوا من اليهود المتكلمين اللغة اليونانية وهم مختونين
لا يمكن أن يذهب وثنى ويسافر كل هذه المسافة من أجل أن يسجد فى مكان وتوقيت لا يعنيه فى دينه :-
هؤلاء كانوا من بنى اسرائيل ولا يمكن أن يكونوا غير ذلك
لأنه يقول (صعدوا ليسجدوا ) فى العيد
والعيد المقصود هو عيد الفصح الخاص باليهود (يوحنا 12 :1 )
ولا يمكن أن يذهب الوثني ويسافر ليسجد فى عيد خاص باليهود فى أورشليم
فمن تفسير القمص تادرس يعقوب نقرأ :-
(يرى البعض أنهم يهود، تشتتوا وارتبطوا بالثقافة الهيلينية، لهذا دُعوا يونانيين ……..ويرى آخرون أنهم أمميون، ففي العصور المتأخرة سمح اليهود لبعض الأمم الأتقياء أن يأتوا إلى الهيكل في العيد )
انتهى
بالطبع لا أتفق مع من قالوا أنهم كانوا أمميون وكانوا أتقياء ولكنى أردت توضيح أن هناك متخصصون مسيحيون يقولون أن هؤلاء كانوا اسرائيليين
فهم دعوا يونانيين (الكلمة هيلنيين ) لأنهم من بنى اسرائيل و جنسيتهم يونانية مثل ما ذكر سفر أعمال الرسل (جنسيات لبنى اسرائيل قيروانين وفرتيون وغيره )(أعمال 2 :9 )
(وفى المبحث الرابع ان شاء الله سوف أوضح بالتفصيل أنهم ليسوا أتقياء من الأمم وليسوا دخلاء)
المفضلات