ما المقصود بتوحيد الإلوهية وتوحيد الربوبية ؟

الجواب:


إن هذا التقسيم جاء نتيجة التتبع والاستقراء من الكتاب والسنة، وقد ساعد المسلم على فهم عقيدته وبيان إيمانه ومن خلالها يتعرف معرفة صحيحة على توحيد الإلوهية أو الإلهية ، ويتجنب الشرك ، ويتعرف على تعريف الربوبية فيتوكل على الله حق توكله...

أولًا: توحيد الربوبية :هو الإقرار بأن الله الخالق الرازق المدبر لجميع من في الكون ...
والعرب قبل الإسلام كانوا يؤمنون بتوحيد الربوبية ، ولا يؤمنون بتوحيد الإلوهية ، فكانوا يعتقدون أن الله هو من يرزقهم ، وهو يحيهم ويميتهم وهو الخالق لكل شيء ، قال I حاكيا عنهم : " وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ (87) " ( الزخرف).
ومن هنا نتعلم من الله هو خالق الخلق و مدبر الأمر، ولا تخفى عليه خافية لا في السماء ولا في الأرض ، فعلى المسلم أن يستعين ويستغيث ويستعيذ بلله، ويتوكل على الله في كل حوائجه...

ثانيًا: توحيد الإلوهية: هو إفراد الله بالعبادة واجتناب الشرك به والكفر بما يُعبد من دون الله وهذا معنى لا إله إلا الله أي لا معبود بحق إلا الله .
ففيها نفي وفيها إثبات ، فالنفي لا إله يستحق أن يُعبد ، والإثبات هو الله الذي له وحده العبادة والطاعة...
وكما سبق أن ذكرت أن الله هو الخالق الرزاق المدبر فهو يستحق بذلك العبادة ، ومن لم يفعل ذلك فلا يستحق أن يُعبد ، وبالتالي فتوحيد الإلوهية هو حق على كل إنسان أن يؤمن بالله وحده ولا يشرك به أحدًا مثل شجر أو حجر أو شيخ أو ولي أو حيوان .....
وكان توحيد الإلوهية هو دعوة كل الأنبياء ؛قالI:" وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36) " (النحل).
وكما ذكرتُ أن العرب كانوا يرفضون توحيد الإلوهية ، فهم يعرفون جيدًا معنى لا اله إلا الله ، والتي هي لا معبود بحق إلا الله ، فكانوا يشركون بالله عن طريق الأصنام بدعوى أنها تقربهم إلى الله ؛قالIعنهم : " مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ (3) " (الزمر).
فالمشركون قديما يعرفون جيدا معنى لا اله إلا الله ولكنهم لم يؤمنوا بها وأما معظم المسلمين اليوم يقولون لا اله إلا الله ولا يعرفون معناها ومقتضاها....
فكلمة التوحيد يلزمها العلم بها ، واليقين والقبول والخضوع والإخلاص والمحبة....
وجد جعل الله I الإشراك به من اكبر نواقض التوحيد ومن اكبر الكبائر التي لا يغفر الله لصاحبها إذا مات ولم يتب ، فمن مات على شركه دخل النار ومن مات موحدًا على شهادة التوحيد دخل الجنة ؛قال I : " إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ (72) " (المائدة).
وقال r: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله وجبت له الجنة ". رواه الإمام احمد في مسنده برقم 22087
تعليق شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح وهذا إسناد حسن.

فمظاهر الإشراك بالله منتشرة وكثيرة منها :
1- الاستغاثة بغير الله :
إننا نرى اليوم من الشيعة الأمامية من يستغيث بالحسين وعلي ، قائلين يا علي أنقذنا .....
وهذا هو شرك الجاهلية والكفر بالكلية ، قالI: "إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (14) " (فاطر).
2- النذر والذبح لغير الله:
من الناس من ينذر نذره لغير الله، ويذبح لغير الله ، كأن يقول أمام ضريح الحسين مثلًا ،
يا حسين لو نجح ابني هذا العام سوف اذبح ذبيحة وأوزعها على الفقراء ، وهذا أيضا شرك ، فالذبح لا يكون إلا لله ، قال I : " فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) " (الكوثر).
وقال I : " قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) " ( الأنعام).
3- التوكل على غير الله :
كأن يقول شخص للآخر اعتمدت عليك وحدك وهو مقر بذلك ، وهذا شرك ؛ يقولI: "وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) " (المائدة)

وقال I : " وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (122) " (آل عمران).
ومن تمام التوكل على الله عدم الطيرة (التشاؤم) فقد قالr: " الطِّيَرَةُ شِرْكٌ وَمَا مِنَّا إِلَّا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ". رواه الإمام احمد في مسنده برقم3687
تعليق شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح.

4-الخوف والرجاء لغير الله :
فالمسلم لا يرجوا إلا الله ولا يخاف إلا الله ، فمن خاف من البشر أكثر من الله ففي إيمانه علل..قال I : "فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175) " (آل عمران). والمعنى :إن كنتم مؤمنين حقًا فلا تخافوا أحداً إلا الله وحده.
فالمسلم يكون بين الخوف والرجاء مع الله يرجو رحمته ويخشى عذابه...

5- الاستعانة بغير الله:
وهي من نواقض التوحيد ، قالI:" اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) " (الأعراف)
وقال I:" إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) " (الفاتحة).
وقال r: " وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ".رواه الترمذي برقم 2440 وقال هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.،


6-الاستعاذة بغير الله :
ومنها عدم الامتناع بالله والالتجاء إليه ، ومن كمال الإيمان الاستعاذة بالله ،
قالI: " وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ (97) " (المؤمنون).
وقال I عن موسى : و"َقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (27) " (غافر).

وصدق الله لما قال : " إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) " (لقمان).

كما أن الشرك على نوعين : شرك اكبر ، وهو ما قد سبق بيانه ، وشرك أصغر وهو الرياء كأن يعمل العبد عمله ليس لله I بل من أجل أن يراه الآخرين ويثنون عليه خيرا ، وقد جاء الوعيد بشان ذلك في عدة مواضع من كتاب الله ومن سنة رسوله r.

كتبه / أكرم حسن مرسي
باحث في مقارنة الاديان