ليبرالي:

عندما تبحث عن الحقيقة تجرد من تأثير الآخرين (علماء وغيرهم) دون تبعية وتنفيذ لأجندة غيرك، بل أبحث عن الحقيقة بنفسك. لا تؤجر عقلك لغيرك وكن سيد نفسك. فقد وهبك الله عقلا تميز به الخطأ من الصواب . لا تنظر بعيون غير عينيك. فكر بعقلك ولا تدع الآخرين يفكرون عنك. انتفض ووضح شخصيتك أكثر ولا تترك الآخرين يحركوك كما أرادوا. اعتمد على نفسك في تقدير الأمور فقد يكون رأيك اصح منهم.



(د. محمد الحميد):

العقل وحده لايمكن أن يصل إلى مراد الله وحكمه. ولهذا أرسل الله الرسل وأنزل الكتب لتقام حجة الله على خلقه , ولو كان الإنسان بعقله يمكن أن يصل إلى غاية الخلق وأن يصل إلى حكم الله لما أنزل الله كتبه وأرسل الله رسله , ولوكان كذلك لوكل الناس إلى عقولهم , ولجعل العقل بذاته كافياً أن يكون حجة عليهم يوم القيامة ..

وبذلك نعلم أنه لا يمكن للناس أن يعرفوا حكم الله وغاية خلقهم إلا بإرسال الرسل وإنزال الكتب .
قال الله تعالى : ( لقد بعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه .. ) الآية
وقال الله تعالى : ( رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ) الآية



ليبرالي:
أنا أؤمن بالوحي المنزل من الله ولكن في تأويل وتفسير معنى هذا الوحي لا داعي أن نرجع إلى العلماء ونؤجر عقولنا لأفكارهم بل نعتمد على أنفسنا فليس لأحد سلطة على أحد، ، وليس هناك من يتوسط بيننا وبين الله، كل البشر سواسية في التوسط وخير من تتوسطه عند خالقك نفسك. الرجوع لعلماء الدين يوهم أن من نطلق عليه هذه الصفة قد تمكن من المعنى الذي أراده الخالق عز وجل، وحاز مرتبة تفوق مرتبة النبوة لأنه أصبح مصدراً للمعنى لا يعلى عليه، إننا نرفض احتكار المعنى ونرفض مقام الوصاية المطلقة عليه. إذن المشكلة في احتكار المعنى والتصور بأن من حقنا أن نفرض المعنى الذي فهمناه على غيرنا طواعية أو قهراً.


(د. محمد الحميد):

أولاً : قال الله تعالى : ( فسأل به خبيراً ):
ومما تتفق به العقول الصحيحة الكاملة على الأخذ برأي أهل الخبرة والأمانة , وأن مخالفة أهل الخبرة والأمانة مما تفق به العقول الصحيحة على نقصان العقل فيه ..

وقد أمرنا الله في كتابه بسؤال أهل العلم فقال : ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) , فدل على أن سؤال أهل العلم والأخذ برأيهم مما تدعو إليه العقول الكبيرة , وأن عدم سؤالهم دليل على نقصان العقل لأنه خالف أمر الله في كتابه العزيز ..


ثانيا ً : أنه ليس من العقل أن يطالب كل إنسان بأن يكون طبيبا ومهندسا وسياسيا وحدادا وبنّاء وعالم اقتصاد وعالم اجتماع وعالم شرع في نفس الوقت.هذا لايقول به عاقل. وبذلك نعلم أن من دعى إلى ترك سؤال أهل العلم فهو صاحب عقل ضعيف , فإن لم يكن ذا عقل ضعيف , فهو صاحب هوى يريد مخالفة أحكام الإسلام واتباع هواه متخذاً زخرف القول وبهرجه لخداع الناس بمصداقية توجهه هذا بإعلان التمرد على العلماء والتحريض على عصيانهم وطاعة الهوى أو الاتكاء على علم ناقص أو رأي فاسد .

والعلم ليس حكراً على فئة معينة بل هو متاح للجميع فمن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين ولكن بشرط أن يكون فعلاً فقيهاً وعالماً بالحلال والحرام , وأن يحقق عبودية الخشية من الله فلا يتبع الهوى , فيضل عن سبيل الله .والعالم بالشريعة كحال العالم بالطب أو الهندسة , فكما أن الطبيب أو المهندس لا يعترف بهما حتى يحصلا العلم الكثير والخبرة الكافية , فكذلك الحال بالنسبة للعالم .



(أبو محمد ):

تقول : لا داعي لأن نرجع إلى العلماء ونؤجر عقولنا لأفكارهم بل نعتمد على أنفسنا

وهل ستقول أيضا في العلاج لا نرجع للأطباء ونؤجر عقولنا وأبداننا لأفكارهم بل نعتمد على أنفسنا!! وفي الهندسة كذلك ، وبقية العلوم والصنائع !! وهل يقول بهذا عاقل ؟

ومع هذا يمكن لأي شخص أن يعتمد على نفسه إذا تم الالتزام بلوازم ذلك ..

إذاً ما هي الحقوق التي لو التزمنا بها صار لنا الحق في الاعتماد على أنفسنا والاستقلال بعقولنا من غير الرجوع والاستفتاء ؟

الجواب :
إنه نفس الأمر الذي به تملك الثقة بنفسك في عدم الرجوع للطبيب والمهندس وغيره! وهو أن تكون منهم ، أن تنال ما نالوه من العلم ..

ولو قام الجاهل بالطب بتقديم عقله لأزهق الأرواح ولأتلف المهندس الأموال وهكذا..

وفي العلم الشرعي أيضاً لا يتلاعب بالدين ؟ ولهو أشد خطراً من إزهاق الأرواح والأموال..

فمن أراد الاعتماد على نفسه فليخض الطريق الذي خاضه من استحق أن يكون عالماً في فنه ..

ولا يقول قائل : القراءة تكفي ..
فإن القارئ في الطب مهما برع فلن يصل لأن يكون محل ثقة ..
وكذلك الحال في علم الشرع ..

فلئن كان الطبيب ينفق من عمره قرابة العشر سنوات من العلم والعمل قبل أن يفتي في مجاله. ومع ذلك لن تجد قط أخصائي العيون يفتي لك في الأسنان ، والباطني في العظام ! فلا يزال علمه محدود ..

فما بالك بعلوم الشرع والتي تُفنى فيها الأعمار ، ويظل المجتهد يلازم دروس العلم والعلماء ممن قبله ويتعلم القواعد والمتون منذ نشوء أظفاره إلى انحناء ظهره .. ولا يزال مع ذلك لا يتطرق فيما لا يحسن من الفنون التي لم يتقنها ، ولا يفتي فيها ..

ولذلك فقد اتفقت العقلاء على اختلاف أفكارهم وعقائدهم وألوانهم وأجناسهم وعصورهم أن لكل فن أهله ، وأن من دخل في غير فنه أتى بالعجائب كما قال الحافظ ابن حجر


وكما يشترط في أصحاب العلوم الدنيوية الأمانة، فعلوم الشرع تفتقر بجانب الأساسيات والقواعد إلى الخوف من الله ، الورع والتقى ....


(البرنسيسة):

إن ما ينادون به من ترك الرجوع للعلماء والاعتماد على النفس في معرفة الأمور الدينية والمزاعم بعدم التحجير على العقول أمر في غاية الخطورة . فكيف ننكر إذن على الفئة الضالة ما وقعوا فيه من أخطاء عظيمة في التكفير وغيره، وكذلك مسألة الخروج للجهاد فبناء على كلامهم ليس من حق احد أن يمنعهم فلهم حرية الاختيار بأن يذهبوا أن رأوا ذلك. وهذا كله لا يقبلونه ولا يرضونه
لكن هم يريدون الفساد و يريدون نشره فقط. اللهم أحفظ بلادنا وأهلها من كل مكروه.



ليبرالي:
إذن أنتم تدعون إلى الغلو في العلماء, وطاعتهم طاعة عمياء مطلقة! هل هذا من الإسلام ؟



(د. محمد الحميد):

ليس في الإسلام تبعية عمياء ولا انقياد وطاعة مطلقة للعلماء , وإنما نطالب العالم أياً كانت منزلته بالدليل من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس .

إذا تبين لنا أن العالم خالف الدليل تركنا قوله, بل لايجوز لنا اتباع قوله إذا علمنا مخالفته للدليل , وأما إذا كان قوله موافقاً للدليل , فإن نعمل بقوله ليس لأنه قوله ولكن لأنه وافق شرع الله ووافق الحق , فمدار الاتباع عندنا هو الدليل ونحن لانعرف الحق بالرجال ولكن نعرف الرجال بالحق.

المنهج السليم هو أن تبحث عن العالم الرباني والذي يتصف بصفة رسوخ العلم والخشية من الله ومتابعة الدليل ومخالفة الهوى , فليس كل عالم يستفتى ويؤخذ منه ..

وهذا مثل حالك إذا أصبت بمرض فإنك تبحث عن أعلم الأطباء وأكثرهم أمانة , وكذلك الأمر في سائر الأمور والأعمال .. فتبحث عن أمهر الحدادين والبنائين وأكثرهم أمانة , لأن من كانت حالته بهذه المنزلة كان أقرب لتحقيق المقصود والهدف المنشود ..


(الإسلام سؤال وجواب: ) "واتباع العلماء ليست تبعية مطلقة تضفي على المتبوع صفة العصمة والقداسة وحق التشريع والتصرف في دين الله – كما وقع في ذلك اليهود والنصارى والرافضة وغلاة الصوفية والباطنية – فإن ذلك خروج عن الدين ، واتخاذ للأنداد والشركاء والأرباب من دون الله ، والله سبحانه وتعالى يقول : ( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) التوبة/31

والمقصود من لزوم اتباع فتاوى العلماء هو الوصول إلى تعلم الحكم الشرعي من طريق المتخصصين الذين درسوا قواعد الشريعة وأصولها وبلغوا الأهلية فيها بالعلم المبني على الدليل ، وليس بالقداسة الممنوحة باسم الرب أو باسم الولاية ونحو ذلك من الأباطيل." إنتهى



ليبرالي:
أنت تقولون أنه يجب التأكد من أن قول العالم موافق للدليل من الكتاب والسنة فإذا كان مخالفا تركتم قوله وهذا ما نريده وهو أن نعتمد على أنفسنا في إتباع الدليل وليس الرجوع إلى العلماء



(د. محمد الحميد):


(الإسلام سؤال وجواب: ) "الناس من حيث الاجتهاد والتقليد - على قسمين:
الأول : علماء مجتهدون في الشريعة ، بلغوا من العلم والمعرفة حدًّا ملكوا به أدوات الاجتهاد والاستنباط ، فهؤلاء فرضهم اتباع الحق الذي يرونه بدليله .
والقسم الثاني - وهو السواد الأعظم من الناس - : من لم يتخصص بدراسة العلوم الشرعية أو لم يبلغ فيها درجة الاجتهاد وأهلية الفتوى : من عامة الناس أو المثقفين والمتخصصين في العلوم الأخرى .
فهؤلاء فرضهم – الشرعي والطبيعي – سؤال أهل العلم ، والأخذ عنهم ، لقوله تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ). إنتهى


وإذا اختلف العلماء فما موقف المسلم ؟


إذا كان المسلم عنده من العلم ما يستطيع به أن يقارن بين أقوال العلماء بالأدلة ، والترجيح بينها ، ومعرفة الأصح والأرجح وجب عليه ذلك ..

وأما إذا كان المسلم ليس عنده من العلم ما يستطيع به الترجيح بين أقوال العلماء ، فهذا عليه أن يتصرف مع هذين القولين كما يكون تصرفه عند اختلاف الطبيبين أو المشيرين . فيأخذ بقول الأوثق والأعلم. والإنسان إذا أصيب بمرض فإنه يبحث عن أوثق وأعلم الأطباء ويبذل الغالي والنفيس للوصول للرأي الصواب؛ وأمور الدين أولى بالحرص من أمور الدنيا .


ولمزيد تفصيل :

ماذا أفعل عند اختلاف العلماء ومن أتبع ؟




ليبرالي:
ألا تعلمون أن جميع من تعتبرونهم من الفرق الضالة من قبوريين وصوفيين وشيعة يرجعون كما تقولون إلى علماء يثقون في دينهم وعلمهم !! إذن فمنهجكم لا يعتمد عليه



(أبو محمد ):

كيف نعرف الحق مع تعدد الفرق وكل يدعي وصلاً بليلى ؟
أن الجواب يكمن في قولنا :

من وافق الحق فهو على الحق ..

وعليه فإن المتشتت بين علماء الفرق عليه أن يعرض أقوال العلماء على الكتاب والسنة فمن وافقت فتواه الأصول فهو الملتزم بها ، ومن خالف وكثر منه الخلاف إلى أصولٍ غيرها كالمشايخ والرجال والعقول فقد خالف القواعد والأصول الشرعية.

إن من يستحق أن تضع فيه ثقتك في البحث عن الحقيقة هو من توفرت فيه مقومات الثقة البشرية من : الصدق والأمانة والخبرة والعلم. وهذا ما اجتمع عليه العقلاء بغير تواطؤ ولا توافق .

ثم لا ينبغي الانجرار خلف كل مقاله بل لا بد للباحث أن يأخذ من هذا الموثوق به العلم المراد التحقيق في شأنه، ومن ثم تأتي المطالبة بالتدليل على مقاله ، وربطه بالحقائق المسلمة كالكتاب والسنة إن كان المراد مسألة شرعية عند المنتسبة لأهل الإسلام أو قواعد العلم المراد التحقيق في شأنه.

وهنا ينتج لنا حالان :

إما أن تكون وافقت الحقائق مقاله فلقد أصيب المراد .

وإما أن نجد أنه قد خالفت الحقائق مقاله أو اشتبه أو وقع ثمة اعتراضات ... فعليه أن لا يقتصر على هذا العالم بل هنا تأتي الخطوة الأخرى وهي البحث عن شخص آخر توفرت فيه تلك المقومات ليعود فيكرر ما ذكر في الأول.

وهكذا حتى يصل للقناعة والتي يكون وصل إليها بنفسه من مقارنة أقوال العلماء وعرضها على الحقائق المسلمة.



ليبرالي:
في مسائل العبادات والمعاملات والعقوبات والراجح والمرجوح غيرها من المسائل من الواضح أنك يجب أن تسأل الخبير العالم ولا تسأل غيره ولكن في النوازل الجديدة من العادات الاجتماعية لا أثق برأي العالم كثيرا ... لأنه يعتمد على تقديره الشخصي ... بدليل تغير كثير من التقديرات (مسألة تحريم الدش ومسألة النقاب .... )


(أبو محمد ):

مسألة : إتباع العلماء يقتصر على العبادات لا النوازل !

قائل هذه المقالة لا زال يسبح في ظلمات الجهل والعناد ، ولقد بينا من قبل أن لكل فن أهله وأنه لا ينبغي عند ذوي العقول السوية تعدي العاقل على فن لا يحسنه، والمتحدث هنا أُراه يتغابى .. وما سقناه من الدلالات الواضحة توضح عقلياً لكل مدعى بتقديم العقل على وجوب رجوع أهل كل فن لاختصاصييه وقد فرغ منه ولله الحمد ..

فنعود لنناقش هنا ما أضافوه من شبه فنقول :

ما هي النازلة المقصودة بحديثكم عنها ؟ أهي نازلة شرعية أم طبية أم اجتماعية أم سياسية ؟

فمن أجاب يجيب على نفسه إذ قد تم تقرير أن لكل فن أهله، ولا تخلو هذه النازلة من حالين :

- إما أن تكون نازلة خاصة بفن من هذه الفنون فلا يقدم فيها غير رأي أهل فنها .

-وإما أن تكون فيها تداخل واشتراك بين فنين فأكثر فيحتاج معه رأي أكثر من مختص ، وحديثنا فيما إذا كانت مما تحتاج إلى رأي شرعي، وفي هذه الحال الرجوع لا يمكن أن يكون لغير أهل الفن ، فأنت ستستشير في نازلتك من ناحيتها الشرعية فهل تطلب مهندساً أم عالماً شرعياً ؟


(د. محمد الحميد):

الرجوع إلى العالم في النوازل ألزم من غيرها وهي أخطر من غيرها، لأنها تحتاج إلى اجتهاد والاجتهاد لا يصل إلى منزلته إلا القلة من العلماء، فهم الذين يعرفون إنزال الحكم الشرعي على الواقع، وليس من هب ودب من الناس.
قال الله تعالى : " وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً " (النساء: 83)

والسبب في طرحهم لهذه الشبهة أن هذا المفكر في حياته الاجتماعية لا تعجبه فتاوى العلماء ولا توافق هواه والحياة التي يريد أن يعيشها فلم يتبعها ولم يرفع بها رأساً، ولذلك أخرج هذه القاعدة الذهبية التي ليس عليها دليل إلا الأمثلة أو الفتاوى التي لم يتوافق هواه معها واستثناء العادات الاجتماعية عن الفتوى هو نوع من معاني العلمانية والتي تفصل الدين عن واقع الحياة، فالدين في المسجد وحلق العلم وأمور العبادة ولا دخل له في الحياة الاجتماعية ولا الاقتصادية .. إلخ

" قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " (الأنعام : 162)



ليبرالي:
كثير من العلماء لديهم ضعف فهم بالواقع ...وإن كان لديهم قوة علم بالدليل



(أبو محمد ):


إذن الحل هو إمدادهم بمن يفهم الواقع كمستشار لهم ينبههم لما قد يخفى عليهم من غير فنهم لكي يصلوا بتطبيق علمهم وقواعدهم على النازلة إلى الفتوى الشرعية المناسبة ؟ وهذا هو الحل البديهي لسليمي العقل والفطر ، وليس الحل أن يترك رأي العالم ويفتي فيها المفكر؛ وأنى له أولويات وآليات الفتوى ؟..

هذه هي المصيبة .. نحكم جاهل بالشرع في الشرع وجاهل بالطب في الطب ... نعم فقد وسد الأمر لغير أهله فإلى الله المشتكى ..

ثم نرجع لنسأل : لماذا يقال العلماء لا يفهمون فقه الواقع ؟ وما هو أصلاً هذا العلم والفن الرفيع المستوى الذي أجلبتم علينا فيه بعددكم وعتادكم ؟

فقه الواقع إن كان هو الفقه بملابسات القضية المراد الحكم فيها وهذا هو المراد منه أصلاً .. فالعلماء أهله ولهم أفهم بواقعهم وما يحتاجون إليه في دينهم .. وإن جهل العالم أمر متعلق بفتواه فإنه يسارع في استشارة من يعرف عنده العلم والخبرة سواء أكان طبيباً أو غيره كما تجدهم يردون في أحكام الصيام لمن به علة مرضية إلى استشارة الطبيب الأمين الحاذق ، فلا يفتي العالم في أمر لم يحط بجوانبه فكما أنه يرجع للأدلة من الكتاب والسنة والآثار وفقه المذاهب وكتب الأصول والتفسير فيما يتعلق بفتواه فهو أعرف من يجب الرجوع إليه في النوازل الاجتماعية والسياسية

ثم من تظنون العلماء ؟ العالم اليوم أعرف بواقعه من أكثر المتحذلقين بفقه الواقع لكثرة القضايا التي تعرض عليه من المستفتين في مختلف دول العالم غير معرفتهم بأحوال الدول وأمورها وسياستها فالله المستعان ، وبعض أهل العلم في زمننا خريجي كليات الطب واللغات وغيرها فمهلاً مهلاً ..

أما الانشغال بتحصيل مالا يفيد المسلم في دينه من أخبار السياسة والاقتصاد وغيرها فلها أهلها الذين ينفعون دينهم من تخصصهم إذا احتيج إليهم ، وكل يخدم دينه من جهته وتخصصه ، وهؤلاء إذا احتاجهم العالم بالشرع في استشارة فإنهم ينفعونه كما ذكرنا، وبالطبع المستشار مؤتمن فلا يؤخذ إلا بمن يوثق في دينه أما فقيه الواقع المخالف لدينه في نفسه فهذا ليس بأهل أن يكون مستشاراً فكيف بالإفتاء ..