وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ(48)

( وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً )

يوجد في الدنيا تكتُّلات، فهناك جماعات، وهناك إنسان له أتباع، وله مكانة، وسيطرة، وغني كبير، وقوي يحتل منصباً رفيعاً بإمكانه أن يفعل كل شيء، هذا في الدنيا ؛ ولكن في الآخرة:

﴿ لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً )
----------------------

أدلة من القرآن الكريم والسُّنة الشريفة أنه لا تجزى نفس عن نفس شيئاً:

يقول الله عزَّ وجل :

﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ (19) ﴾
( سورة الزمر )

يا محمد يا سيد الخلق:

﴿ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) ﴾
( سورة الزمر )


(( يا عباس عم رسول الله، يا فاطمة بنت محمد، أنقذا نفسيكما من النار، أنا لا أغني عنكما من الله شيئاً ))
[ مسلم عن أبي هريرة ]

(( لا يأتيني الناس بأعمالهم وتأتوني بأنسابكم ))
[ أحمد عن أبي هريرة]

(( من يبطئ به عمله لم يسرع به نسبه ))
[ أحمد عن أبي هريرة]


لو أنك استطعت أن تستخلص، أو أن تأخذ من فم رسول الله وهو سيِّد الخلق وحبيب الحق فتوى لصالحك أو حكماً ولم تكن محقاً فإنك لا تنجو من عذاب الله:

(( لعلَّ أحدكم ألحن بحجَّته من الآخر فإذا قضيت له بشيء فإنما أقضي له بقطعةٍ من النار ))
[الجامع لأحكام القرآن عن أم سلمة ]
--------------------------------------------

قد تقف البنت أمام ربها يوم القيامة تقول:
يا رب لا أدخل النار حتى أُدخل أبي قبلي .
فالإنسان قبل أن يفعل شيئاً، وقبل أن يتجاوز، وقبل أن يطغى، وقبل أن يبغي على أخيه المؤمن، وأن يكذب، وأن يغتاب، قبل أن يطعن، وأن يتهم، قبل أن يقلِّل من قيمة إنسان، وأن يضخِّم إنساناً آخر يجب أن يسأل نفسه:
ماذا سأجيب الله يوم القيامة لو سُئلت لمَ فعلت هذا ؟

----------------

﴿ وَاتَّقُوا يَوْماً لَا تَجْزِي نَفْسٌ )

نكرة، أي أية نفسٍ كائنةً من كانت:
﴿ لَا تَجْزِي نَفْسٌ )

أي نفسٍ كائنةً من كانت ولو كانت نفس رسول الله:

﴿ أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنقِذُ مَنْ فِي النَّارِ(19) ﴾.
( سورة الزمر )
-----------------------------

وقال:
﴿ لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ )

هذه النفس التي استحقَّت العذاب مهما كانت مكانتها في الدنيا كبيرة:

﴿ إِذَا وَقَعَتْ الْوَاقِعَةُ(1)لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ(2)خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ(3) ﴾
( سورة الواقعة )


كل المقاييس تُبدَّل، وسائل التقييم كلها تتبدَّل، الناس في الدنيا يعظمون الغني، ويعظِّمون القوي، أما في الآخرة فالذي استقام على أمر الله، والذي أحسن إلى خلق الله هو الذي يحتل مكانةً رفيعةً عند الله يوم القيامة .
-------------------------

الآية التالية من أدق آيات العدل :

هذه الآية أيها الأخوة من أدق آيات العَدل:

﴿ وَاتَّقُوا يَوْماً لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً )

مهما كنت، ومهما توسَّطت، لا تستطيع نفسٌ أن تفعل نفعاً مع نفسٍ أُخرى، أي كما قال الله عزَّ وجل :

﴿ قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً(21)﴾
( سورة الجن)

الأبلغ من ذلك:

﴿ قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلَا ضَرّاً ﴾
( سورة الأعراف الآية: 188 )

لذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام يوم القيامة:

((إنهم مني فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول سحقا سحقاً ))
[الجامع لأحكام القرآن عن سهل بن سعد رضي الله عنه ]


موسوعة النابلسى
-----------------