البشارة السادسة بشارات سفر المزاميرالجزء الثاني من مزمور 72
كتبه/ مسلم عبد الله أبو عمر
رأينا فى الجزء السابق كيف تحل الكنيسة مشاكل نصوص الكتاب المقدس وذلك في سياق حديثنا عن تفسير القس أنطونيوس للمزمور 72. والآن نعود لنفس هذه النصوص لنرى بالأدلة كيف أنها تنطبق على النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم.
( 7 يشرق في ايامه الصديق وكثرة السلام الى ان يضمحل القمر 8 ويملك من البحر الى البحر ومن النهر الى اقاصي الارض 9 امامه تجثو اهل البرية واعداؤه يلحسون التراب 10 ملوك ترشيش والجزائر يرسلون تقدمة ملوك شبا وسبا يقدمون هدية 11 ويسجد له كل الملوك كل الامم تتعبد له 12 لانه ينجي الفقير المستغيث والمسكين اذ لا معين له 13 يشفق على المسكين والبائس ويخلص انفس الفقراء 14 من الظلم والخطف يفدي انفسهم ويكرم دمهم في عينيه 15 ويعيش ويعطيه من ذهب شبا ويصلي لاجله دائما اليوم كله يباركه ) (المزمور 72)
إن النبي محمد صلى الله عليه وسلم لما إنتشرت دعوته حل السلام فى كل جنبات شبة الجزيرة ومن حولها فيما بعد, ويكفى أن تحية الاسلام هى :السلام عليكم.
وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ‏”لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم” (رواه مسلم كتاب الايمان من حديث أبى هريرة رضى الله عنه)
ومعلوم أن النبى صلى الله عليه وسلم ملك من البحر إلى البحر , من الخليج العربى إلى البحر الأحمر وهذا فى وقته هو صلى الله عليه وسلم وتحققت النبوءة واكتملت وقت الخلفاء الراشدين , وملك المسلمون من النهر بل وما وراء النهر إلى المحيط حيث كان هو أقصى الارض وقتها, وقد إنتصر على جميع أعدائه فى كل معاركه التى خاضها بمن معه من الصحابة عليهم الرضوان وكانوا قلة فى العدد وأجد فى عبارة : وأعدائه يلحسون التراب ما حدث مع اليهود فى غزوة بنى قريظة الشهيرة التى ذاق اليهود فيها المٌر وتم قتل كل من نبت فيه شعر جزاءً من الله على ما فعلوه بالمسلمين من غدر ونقض للعهد (طبيعة اليهود) وتم تنفيذ الحكم فيهم , إلا النساء ما عدا إمرأة واحدة قتلت بجريمة فعلتها (كانت قد قتلت خلاد بن سويد رضي الله عنه ) فكان قتلها قصاصاً وما عدا رفاعة استوهبته سلمى بنت قيس فأسلم وله صحبة‏.
وقال وقتها عدو الله وزعيم يهود بنى قريظة حيى بن أخطب لما سيق للقتل قائلاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم: “أما والله ما لمت نفسى فى معاداتك , ولكن من يٌغالب الله يٌغلب, ثم أقبل على الناس قائلاً: لابأس بأمر الله ,كتاب وقدر وملحمة كتبها الله على بنى اسرائيل ,ثم جلس فضربت عنقه.” (الرحيق المختوم ص 279 و280)
بل العجيب (وهو الشاهد) أن اليهود تم قتلهم بحفر خنادق لهم يوضعون فيها:
وحفرت لهم خنادق في سوق المدينة، ثم أمر بهم، فجعل يذهب بهم إلى الخنادق أرسالاً أرسالاً، وتضرب في تلك الخنادق أعناقهم‏” (المصدرالسابق )
الله أكبر , فكانوا بالفعل يلحسون التراب كما أشار النص.
هذا مثال لهزيمة أعدائة شر هزيمة, (وليراجع من يريد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم لاسيما بدر الكبرى 2هجرياً عندما انتصر المسلمون بقيادة النبي صلى الله عليه وسلم وكان عددهم 314 على جيش مكة المجهز وكان عدده 1000 من خيرة فرسان مكة وقتها!! بل وتم أسر كثير من المشركين يومها! فليراجع من لديه بقية باقية من عقل وضمير غزوات النبي عليه السلام فهى والله كافية وحدها ليعرف من خلالها الحق )
وقد قدم ملوك وسلاطين الهدايا للرسول صلى الله عليه وسلم, فالمقوقس عظيم القبط مثلاً عندما بعث النبى صلى الله عليه وسلم برسالة له يٌخبره فيها بأنه النبى الخاتم وعليه إتباعه هو وشعبه وإلا سيهلكه الله فى الاخرة وسيكون عليه إثم شعبه أيضاً, قبل المقوقس رسالته وعلم ما فيها ورد قائلاً:
وقد علمت أن نبياً بقى وكنت اظن أنه بالشام”
وأهدى إليه جاريتين كانا لهما مكان عظيم عند القبط وكسوة وبغلة (نفس المصدر ص 307).
وآمن بدعوته ملوك مثل النجاشى أصحمه وكان نصرانياً يحكم بلاد الحبشة تحت إمرة هرقل وعندما جاءه صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم مٌهاجرين فارين بدينهم من تعذيب قريش لهم وقرأ ما جاء به جعفر بن عبد المطلب بن عم النبى صلى الله عليه وسلم فبكى وأسلم لتوه وبعث للرسول صلى الله عليه وسلم برسالة جاء فيها (المصدر السابق ص 309):
“بسم الله الرحمن الرحيم. إلى محمد رسول الله من النجاشى أصحمه, سلام عليك يا نبى الله من الله ورحمة الله وبركاته, الله الذى لا إله إلا هو, أما بعد:
فقد بلغنى كتابك يارسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى, فورب السماء والأرض إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت تٌفروقاً (قِمَع التمرة), إنه كما قلت, وقد عرفنا ما بعثت به إلينا, وقد قرينا ابن عمك وأصحابك,فأشهد أنك رسول الله صادقاً مٌصدقاً , وقد بايعتك وبايعت ابن عمك, وأسلمت على يديه لله رب العالمين”
وكاد هرقل نفسه أن يؤمن لولا خوفه على ملكه وقال فى حديث أبى سفيان الذى تقدم من قبل:
وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أكن أعلم أنه منكم (أى من العرب)
وقد أرسل هرقل ملك الروم أحدى أكبر الممالك فى التاريخ كله وقتها إلى رسول الله بهدية مع الصحابى دحية بن خليفة الكلبى كانت مال وكسوة.
ومثله حدث مع ملك البحرين المنذر بن ساوى الذى آمن وأسلم لله وأبقاه الرسول صلى الله عليه وسلم حاكماً على شعبه, وفى هذا دليلاً على أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يريد حكماً ولا ولاية ولكن فقط أن يحكم الناس من يشهد أن الله واحد أحد وأن النبى محمد صلى الله عليه وسلم هو النبى الخاتم ويقيم بالأرض شعائر الله, وهو الهدف من الفتوحات الاسلامية كلها , فالحاكمية لله ولايٌعقل أن أدعو الناس إلى الله ثم أتركهم تحت قيادة حاكم كافر ينسيهم بالقهر والقوة ما سمعوه من الحق, فالقتال إنما لمن أراد إخفاء الحق عن شعبه وهو كافر لا يحق له أن يحكم أرض الله إلا بشرع الله وهذة هى رحمة الله ,أن يٌرسل من ينقِذَنى من قهر الحكام وظلم الملوك ويٌقدم لى كلمة الحق ولكن بعد ذلك لى الحرية : فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
ولكن إبتدأ كيف لى أن اعرف الحق والحاكم والملك ظالم يٌخفيه عنى؟ كيف لى ان أعرف بخبر النبى الخاتم؟
لذا كانت الرسائل والفتوحات فيما بعد والحمد لله رب العالمين وانتشرت الدعوة شرقاً وغرباً كما جاء بالتمام فى النصوص السابقة من المزمور وكانت دولة الاسلام من الصين والهند شرقاً حتى المغرب غرباً ومن اوروبا وإسبانيا شمالاً حتى بلاد الحبشة وما حولها جنوباً.
فهل الله يترك الناس تضل هكذا؟
ولماذا (على الأقل) ينصره الله على أعدائه حتى بعد مماته؟
إنه والله رسول الله حقاً وصدقاً ومن كان له أذنان للسمع فليسمع.
وأما إشفاقه على الفقير فيكفينا فيه أن نقول:
أنه فى دين الله الاسلام ركناً خاصاً فرضاً على كل غنى أن يفعله وهو الزكاة التى يٌخرج فيها القادر مقداراً من ماله كل عام للفقير (2.5%, وبالمناسبة هى نسبة تٌماثل عشرة أضعاف أى جزية أٌخذت من أهل الكتاب وهى نسبة مٌتغيرة حسب مقدار ما يمتلكه المسلم من مال بينما نسبة الجزية ثابتة لا تتغير حتى لو كان دافعها أغنى أهل الأرض وكانت تبلغ دينارين فى السنة, هل يعقل أن يبيع إنساناً ما دينه من أجل دينارين فى السنة ثم يذهب ليدفع عشرة أضعاف وأكثر من هذا المبلغ زكاةً!! للأسف هذا قاله كهنة الكنيسة لأتباعهم وهم صغار! فشبوا عليه كأنه كلام مقدس لايمكن مخالفته ,ولا حول ولا قوة إلا بالله.)
كما لا يعرف التاريخ كله مٌحَرراً للعبيد والرقيق كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم الذى قضى بشريعته الكاملة الخاتمة على الرق , حتى عاد به مرة أخرة عٌباد الصليب فى حروبهم الاستعمارية وفى نشرهِم لدينِهم بقوة السيف فى امريكا اللاتينية حيث كانوا يخطفون الناس من بلاد افريقيا ثم يبيعونهم رقيقاً للسفر لغزو الامريكتين ومنهم كان اللون الاسود لسكان الامريكيتين, فالاسلام قضى على الرق والكنيسة بارشاد من الروح القدس أرجعته مرة أخرى للحياة!!
(يراجع فى ذلك الكتاب المهم والخطير:المسيحية والسيف وثائق إبادة هنود القارة الأمريكية على أيدى المسيحيين الأسبان – رواية شاهد عيان:تأليف/المطران برتولومى دى لاس كازاس, ترجمة: د. سميرة عزمى الزين-منشورات المعهد الدولى للدراسات الإنسانية وهذا رابط لتحميل الكتاب الكترونياً: http://www.al-maktabeh.com/a/index.htm)
وسفر المزامير كما ذكرنا فيه اشارات كثيرة حول النبى الموعود به وكلها من هذا القبيل وقد تقدم ذكر بيت الرب الذى سيكون فى رؤوس التلال والذى سيسعى إليه الناس من كل مكان وهو وادى بكة , ولا تعرف البشرية وداى أسمه بكة إلا الذى فى مكة بيت الله الحرام ولا نَعرف أٌناساً يذهبون إليه من كل مكان إلا حٌجاج بيت الله الحرام , ولكن ما ذكرناه هنا كأمثلة فقط فيه الكفاية إن شاء الله.
إلى هنا أكتفي فى بحثي هذا بما قدمته من أدلة أٌلزم بها القوم الحٌجة بفضل الله بأن يٌقروا بنبوة النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم , بعد أن رأينا أكثر من نبؤة وبشارة من كتابهم هم بنصوص واضحة لاتزال موجودة عندهم بالرغم من تحريفهم لكتابهم. وليس علينا هداهم كما قال عزوجل :
{ لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ } (البقرة : 272)
وإن كنا نسأل الله لهم الهداية والتوبة , فالله عزوجل يقول :
{ إِن تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي مَن يُضِلُّ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ } (النحل : 37)
ومثلهم كمثل الذى اتبع هواه وعبد غير الله الواحد, فضل وأضل معه غيره ممن تبعه, يقول ربنا تبارك وتعالى :
{ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً } (الفرقان : 43)
وإن أصر القوم على الاستمرار فى الباطل وغواية الأخرين , فحسبهم قول الحق تبارك وتعالى :
{ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } (القصص : 50)

هذا فما أصبت فيه من الحق فمن الله عزوجل وحده لاشريك له, وما أخطأت فيه فمن نفسي ومن الشيطان ,والله ورسوله والمؤمنون منه براء .
ولأخوانى المسلمين أذكرنفسي وأذكركم بقول الحق عزوجل :
{ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } (هود : 112)
{ وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً } (الكهف : 28)
وصلى الله على محمد وعلى اله وصحبه أجمعين وسلم تسليماً كثيراً .




يتبع إن شاء الله خاتمة البحثوجزاكم الله خيراً