

-
شبهة 16 : قال بعضهم الذي باشر أمر البناء – أي بناء المسجد النبوي من جديد - والتوسعة وإدخال القبر – أي القبر النبوي - في المسجد هو العالم الصالح الزاهد التابعي عمر بن عبد العزيز الذي لقبه أئمة الإسلام بخامس الخلفاء الراشدين وقد استشار الفقهاء العشرة في شأن بناء المسجد النبوي وتوسعته وكان حاضراً آل البيت والتابعين رضوان الله عليهم فهل رضوا بالشرك وخاصاً أن مع سيدنا النبي - صلى الله عليه وسلم - الأصحاب الفاروق والصديق رضوان الله عليهم أجمعين .
و قال بعضهم : هناك دليل على جواز الصلاة في المساجد التي بها أضرحة ،وهو إجماع الأمة الفعلي وإقرار علمائها صلاة المسلمين سلفا وخلفا في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمساجد التي بها أضرحة من غير نكير، وكذلك إقرار العلماء من لدن الفقهاء السبعة بالمدينة الذين وافقوا على إدخال الحجرة الشريفة المحتوية على القبور الثلاثة إلى المسجد النبوي، ولم يعترض منهم إلا سيدنا سعيد بن المسيب رضي الله عنه، ولم يكن اعتراضه ؛ لأنه يرى حرمة الصلاة في المساجد التي فيها قبور، إنما اعترض لأنه يريد أن تبقى حجرات النبي - صلى الله عليه وسلم - كما هي يطّلع عليها المسلمون؛ حتى يزهدوا في الدنيا، ويعلموا كيف كان يعيش نبيهم - صلى الله عليه وسلم -
و الجواب أدخلت حجرة عائشة - رضي الله عنها - والتي بها القبر في المسجد في أواخر القرن الأول في عهد خلافة الوليد بن عبد الملك عندما أراد توسعة المسجد النبوي فرأى إدخال حجرات أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم- إلى المسجد لتوسعة المسجد من جهاته الأربعة ،ولم يكن على بال الوليد أن إدخال حجرة عائشة في المسجد من جنس إدخال القبور في المساجد و لم يقصد من أمره التبرك بقبر النبي - صلى الله عليه وسلم- ، ولما وسع المسجد أدخلت حجرة عائشة فيه ، و ذلك سنة ثمان وثمانين من الهجرة .
ولاشك أن الوليد بن عبد الملك أخطأ في ذلك ،وكان بالإمكان أن يوسع المسجد من الجهات التي ليس بها حجرات أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم- أو على الأقل الجهات التي ليس فيها حجرة عائشة فيترك الجهة الشمالية الشرقية و يوسع من الجهة الشمالية الغربية و الجنوبية الشرقية و الجنوبية الغربية و لم يوافق أهل العلم في هذا العصر على أمر الوليد .
وقال ابن تيمية – رحمه الله - : ( وَالصَّلَاةُ فِي الْمَسَاجِدِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى الْقُبُورِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا مُطْلَقًا؛ بِخِلَافِ مَسْجِدِهِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ فِيهِ بِأَلْفِ صَلَاةٍ فَإِنَّهُ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى وَكَانَ حُرْمَتُهُ فِي حَيَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحَيَاةِ خُلَفَائِهِ الرَّاشِدِينَ قَبْلَ دُخُولِ الْحُجْرَةِ فِيهِ حِينَ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي فِيهِ وَالْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ وَالْعِبَادَةُ فِيهِ إذْ ذَاكَ أَفْضَلُ وَأَعْظَمُ مِمَّا بَقِيَ بَعْدَ إدْخَالِ الْحُجْرَةِ فِيهِ فَإِنَّهَا إنَّمَا أُدْخِلَتْ بَعْدَ انْقِرَاضِ عَصْرِ الصَّحَابَةِ فِي إمَارَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَهُوَ تَوَلَّى سَنَةَ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ مِنْ الْهِجْرَةِ النَّبَوِيَّةِ ) [1].
وقال ابن عبد الهادي - رحمه الله - : ( كان على عهد الخلفاء الراشدين والصحابة حجرته خارجة عن المسجد، ولم يكن بينهم وبينه إلا الجدار.
ثم إنه إنما أدخلت الحجرة في المسجد في خلافة الوليد بن عبد الملك بعد موت عامة الصحابة الذين كانوا بالمدينة، وكان من آخرهم موتاً جابر بن عبد الله وهو توفي في خلافة عبد الملك، فإنه توفي سنة ثمان وسبعين، والوليد تولي سنة ست وثمانين وتوفي سنة ست وتسعين فكان بناء المسجد وإدخال الحجرة فيه فيما بين ذلك.
وقد ذكر أبو زيد عمر بن شبة النميري في كتاب أخبار مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إشاخة وعمن حدثوا عنه أن عمر بن عبد العزيز لما كان نائباً للوليد على المدينة في سنة إحدى وتسعين هدم المسجد وبناه بالحجارة المنقوشة، وعمل سقفه بالساج وماء الذهب وهدم حجرات أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم - فأدخلها في المسجد وأدخل القبر فيه )[2]
و قال ابن الجوزي – رحمه الله - : ( وفيها – أي في سنة 88 هـ ) أمر الوليد عبد الملك بهدم مسجد رسول الله - صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ - وهدم بيوت أزواج رسول الله - صَلى اللهُ عَلَيه وَسَلَّمَ - وإدخالها في المسجد )[3].
و قال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْهُذَلِيُّ: رَأَيْتُ مَنَازِلَ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ حِينَ هَدَمَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فِي خِلافَةِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَزَادَهَا فِي الْمَسْجِدِ كَانَتْ بُيُوتًا بِاللَّبِنِ وَلَهَا حُجَرٌ مِنْ جَرِيدٍ مَطْرُورٍ بِالطِّينِ[4].
و عن مُعَاذ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَنْصَارِي قَالَ: سَمِعْتُ عَطَاءً الْخُرَاسَانِيَّ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ يَقُولُ: وَهُوَ فِيمَا بَيْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ: أَدْرَكْتُ حُجَرَ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ عَلَى أَبْوَابِهَا الْمُسُوحُ مِنْ شَعْرٍ أَسْوَدَ. فَحَضَرْتُ كِتَابَ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ يُقْرَأُ يَأْمُرُ بِإِدْخَالِ حُجَرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ. فَمَا رَأَيْتُ يَوْمًا أَكْثَرَ بَاكِيًا مِنْ ذَلِكَ الْيَوْمِ. قَالَ عَطَاءٌ: فَسَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ يَقُولُ يَوْمَئِذٍ: وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّهُمْ تَرَكُوهَا عَلَى حَالِهَا. يَنْشَأُ نَاشِئٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَيَقْدَمُ الْقَادِمُ مِنَ الأُفُقِ فَيَرَى مَا اكْتَفَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ فِي حَيَاتِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا يُزَهِّدُ النَّاسَ فِي التَّكَاثُرِ وَالتَّفَاخُرِ فِيهَا. يَعْنِي الدُّنْيَا[5] ،وفي هذا الأثر إنكار سعيد بن المسيب – رحمه الله - لأمر الوليد .
و سعيد بن المسيب – رحمه الله - هو أبو محمد القرشي المخزومي ، عالم أهل المدينة ، وسيد التابعين في زمانه و أحد الفقهاء السبعة الذين اتخذهم عمر بن عبد العزيز مستشارين له فيما يعرض عليه من أمور عندما كان وليا على المدينة .
و مما يدل على إنكار أهل العلم لأمر الوليد أيضا ما ذكره ابْنُ جرير أنه فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ - أي سنة ثمان و ثمانين من الهجرة - قَدِمَ كِتَابُ الْوَلِيدِ عَلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز يَأْمُرُهُ بِهَدْمِ الْمَسْجِدِ النَّبَوِيِّ وَإِضَافَةِ حُجَرِ أَزْوَاجِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَأَنَّ يُوَسِّعَهُ مِنْ قِبْلَتِهِ وَسَائِرِ نَوَاحِيهِ، حَتَّى يَكُونَ مِائَتَيْ ذِرَاعٍ فِي مِائَتَيْ ذِرَاعٍ، فَمَنْ باعك ملكه فاشتره مِنْهُ وَإِلَّا فَقَوِّمْهُ لَهُ قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ أهدمه وَادْفَعْ إِلَيْهِمْ أَثْمَانَ بُيُوتِهِمْ، فَإِنَّ لَكَ فِي ذَلِكَ سَلَفَ صِدْقٍ عُمَرَ وَعُثْمَانَ.
فَجَمَعَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وُجُوهَ النَّاسِ وَالْفُقَهَاءَ الْعَشَرَةَ وأهل المدينة وقرأ عليهم كتاب أمير المؤمنين الْوَلِيدِ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ وَقَالُوا: هَذِهِ حُجَرٌ قَصِيرَةُ السُّقُوفِ، وَسُقُوفُهَا مِنْ جَرِيدِ النَّخْلِ، وَحِيطَانُهَا مِنَ اللَّبِنِ، وَعَلَى أَبْوَابِهَا الْمُسُوحُ، وَتَرْكُهَا عَلَى حَالِهَا أَوْلَى لِيَنْظُرَ إِلَيْهَا الْحُجَّاجُ وَالزُّوَّارُ وَالْمُسَافِرُونَ، وَإِلَى بُيُوتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَنْتَفِعُوا بِذَلِكَ وَيَعْتَبِرُوا بِهِ، وَيَكُونَ ذَلِكَ أَدْعَى لَهُمْ إِلَى الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، فَلَا يُعَمِّرُونَ فِيهَا إِلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، وَهُوَ مَا يَسْتُرُ وَيُكِنُّ، وَيَعْرِفُونَ أَنَّ هَذَا الْبُنْيَانَ الْعَالِيَ إِنَّمَا هُوَ مِنْ أَفْعَالِ الْفَرَاعِنَةِ وَالْأَكَاسِرَةِ، وَكُلِّ طَوِيلِ الْأَمَلِ رَاغِبٍ فِي الدُّنْيَا وَفِي الْخُلُودِ فِيهَا.
فَعِنْدَ ذَلِكَ كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى الْوَلِيدِ بِمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْفُقَهَاءُ الْعَشَرَةُ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهُمْ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ يَأْمُرُهُ بِالْخَرَابِ وَبِنَاءِ الْمَسْجِدِ عَلَى مَا ذَكَرَ، وَأَنْ يُعَلِّيَ سُقُوفَهُ فَلَمْ يَجِدْ عُمَرُ بُدًّا مِنْ هَدْمِهَا، وَلَمَّا شَرَعُوا فِي الْهَدْمِ صَاحَ الْأَشْرَافُ وَوُجُوهُ النَّاسِ من بنى هاشم وغيرهم، وَتَبَاكَوْا مِثْلَ يَوْمِ مَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - ، وأجاب مَنْ لَهُ مِلْكٌ مُتَاخِمٌ لِلْمَسْجِدِ لِلْبَيْعِ فَاشْتَرَى مِنْهُمْ، وَشَرَعَ فِي بِنَائِهِ وَشَمَّرَ عَنْ إِزَارِهِ واجتهد في ذلك، وأرسل الوليد إليه فعولا كثيرة، فَأَدْخَلَ فِيهِ الْحُجْرَةَ النَّبَوِيَّةَ- حُجْرَةَ عَائِشَةَ- فَدَخَلَ الْقَبْرُ فِي الْمَسْجِدِ، وَكَانَتْ حَدَّهُ مِنَ الشَّرْقِ وَسَائِرُ حُجَرِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا أَمَرَ الْوَلِيدُ.
وَرُوِّينَا أَنَّهُمْ لَمَّا حَفَرُوا الْحَائِطَ الشَّرْقِيَّ مِنْ حُجْرَةِ عَائِشَةَ بَدَتْ لَهُمْ قَدَمٌ فَخَشُوا أَنْ تَكُونَ قَدَمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى تحققوا أنها قدم عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَ يُحْكَى أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ أَنْكَرَ إِدْخَالَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ فِي الْمَسْجِدِ - كَأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ الْقَبْرُ مَسْجِدًا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ[6]
و المتأمل في هذه القصة يجد أن العلماء أنكروا ما أراد الوليد فعله ،واعترضوا عليه بدليل أنه شق عليهم و أبدوا ما يدل على الرفض " هَذِهِ حُجَرٌ قَصِيرَةُ السُّقُوفِ، وَسُقُوفُهَا مِنْ جَرِيدِ النَّخْل ...." و هذا تعليل الرافض للأمر لا الموافق له أي كيف تهدم الحجرة ،وهي حجرة قَصِيرَةُ السُّقُوفِ، وَسُقُوفُهَا مِنْ جَرِيدِ النَّخْل .... ؟! ، ولم يعبأ الوليد بكلام الفقهاء و أمر بتنفيذ ما أراد لغلبة مصلحة التوسعة عن المصالح الأخرى عنده .
و عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز - رحمه الله - لمْ يَجِدْ بُدًّا مِنْ هَدْمِ المسجد أي لم يجد مفرا من هدم المسجد ، و الإنسان لا يفر إلا مما يسيئه و يكرهه و لا يريده وفي هذا إشارة إلى أن الأمر كان بخلاف ما أراد عمر بن عبد العزيز لكن فعل متأولا أنه من باب طاعة ولي الأمر – الخليفة الوليد - ، وكون عمر بن عبد العزيز يباشر أمر البناء و إدخال حجرة عائشة في المسجد فهذا ليس دليلا على رضاه و لا نصا في رضاه .
و مما يدل على أن عمر بن عبد العزيز – رحمه الله - تأول ما ذكره السمهودي من معارضة عروة بن الزبير لعمر بن عبد العزيز وإنكاره لإدخال حجرة عائشة في المسجد فذكر عن عروة قال : " نازلت عمر بن عبد العزيز في قبر النبي - صلى الله عليه وسلم - ألا يجعل في المسجد أشد المنازلة فأبى"، وقال: " كتاب أمير المؤمنين لا بد من إنفاذه "، قلت: "فإن كان ولا بد فاجعلوا له جؤجؤا " أي و هو الموضع المزور تشبه المثلث خلف الحجرة [7] فالشاهد قوله " كتاب أمير المؤمنين لا بد من إنفاذه " أي الأمر من باب طاعة ولي الأمر ،وليس استحسانا للأمر .
و عروة بن الزبير – رحمه الله - الذي لم يوافق على إدخال القبر النبوي في المسجد هو عالم المدينة أبو عبد الله القرشي الأسدي أحد الفقهاء السبعة ،و هو ابن حَوَاري رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن عمته صفية ، الزبير بن العوام .
و مما أثر عن عمر بن عبد العزيز في النهي عن اتخاذ القبور مساجد عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَكِيمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَقُولُ: آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: « قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى، اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ، لَا يَبْقَى أَوْ لَا يَجْتَمِعُ بِأَرْضِ الْعَرَبِ دِينَانِ »[8] .
وَلَمَّا شَرَعُوا فِي الْهَدْمِ صَاحَ الْأَشْرَافُ وَوُجُوهُ النَّاسِ من بنى هاشم وغيرهم، وَتَبَاكَوْا مِثْلَ يَوْمِ مَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم - و هذا فيه دليل أن من كان حاضرا في ذلك الوقت لم يعجبه الأمر و حزن على هدم الحجرات فهذا الأمر لم يوافق عليه لا العلماء و لا العوام لكن الأمر نفذ طاعة للخليفة ليس أكثر من ذلك .
و لا يقال : هم لم يوافقوا على الأمر ؛ لأنهم يريدون أن تبقى حجرات النبي - صلى الله عليه وسلم - كما هي يطّلع عليها المسلمون حتى يزهدوا في الدنيا ، ويعلموا كيف كان يعيش نبيهم - صلى الله عليه وسلم - ،و هذا ليس من أجل عدم اتخاذ القبور مساجد ، و ليس من أجل إدخال حجرة عائشة في المسجد ،والجواب العبرة بوجود الاعتراض لا بدليل الاعتراض أي لا يوجد إجماع تقريري على الأمر فمن يقول هناك إجماع من الناس والعلماء على الموافقة على ما أمر به الوليد فهو خاطئ فالعلماء اعترضوا والناس اعترضوا أي هناك من لم يوافق ولم يجز الأمر .
و لو كان الاعتراض على إدخال حجرة عائشة في المسجد هو هذا الاعتراض و حسب لكان له وجه إذ النصوص صريحة في النهي عن اتخاذ القبور مساجد أما إدخال بيت فيه قبر في مسجد من أجل مصلحة التوسعة ،و هناك العديد من الجدران تفصل بين البيت و المسجد فلا يوجد نص صريح في تحريمه و إن كان يمنع سدا للذريعة .
وما منع سدا للذريعة أبيح للمصلحة الراجحة إذا كانت المصلحة لا تتحقق إلا به ،و لكن يمكن أن تتحقق مصلحة التوسعة دون إدخال البيت النبوي في المسجد ،و أيضا إدخال حجرة عائشة في المسجد ، وهدم باقي حجرات النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سوف ينتج عنه ضياع مصلحة إطلاع الناس على هذه الحجرات النبوية للعبرة والزهد في نعيم الدنيا القليل ،وضياع مصلحة معرفة حال بيوت النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – .
وبون شاسع بين حال المساجد التي بها أضرحة و حال المسجد النبوي فالنصوص صريحة في تحريم الصلاة في المساجد التي بها أضرحة أما الصلاة في المسجد النبوي فمستحبة ، و قد احتاط من أدخل حجرة عائشة في المسجد أشد الاحتياط في فصل البيت عن المسجد بوضع أكثر من جدار للفصل بين المسجد و البيت فضلا عن القبر حتى لو أردنا فصل البيت عن المسجد دون المساس بجدار البيت الأول لاستطعنا ،واحتاط في جعل الجدار الثاني للبيت الذي به القبر على هيئة لا يستطيع أحد أن يستقبله و يستقبل القبلة في وقت واحد فقد بنى حول حجرة عائشة جداراً مخمس الأضلاع بصورة شكَّل معها في المؤخرة مثلثاً حتى لا تشبه الكعبة المشرفة في بنائها .
قال ابن حجر - رحمه الله - : ( لَمَّا وُسِّعَ الْمَسْجِدُ جُعِلَتْ حُجْرَتُهَا – أي حجرة عائشة - مُثَلَّثَةَ الشَّكْلِ مُحَدَّدَةً حَتَّى لَا يَتَأَتَّى لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ إِلَى جِهَةِ الْقَبْرِ مَعَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ )[9]
وقال النووي – رحمه الله - : ( قَالَ الْعُلَمَاءُ إِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ اتِّخَاذِ قَبْرِهِ وَقَبْرِ غَيْرِهِ مَسْجِدًا خَوْفًا مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي تَعْظِيمِهِ وَالِافْتِتَانِ بِهِ فَرُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ إِلَى الْكُفْرِ كَمَا جَرَى لِكَثِيرٍ مِنَ الْأُمَمِ الْخَالِيَةِ .
ولما احتاجت الصَّحَابَةُ - رِضْوانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ - وَالتَّابِعُونَ إِلَى الزِّيَادَةِ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ وَامْتَدَّتِ الزِّيَادَةُ إِلَى أَنْ دَخَلَتْ بُيُوتُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فِيهِ ، وَمِنْهَا حُجْرَةُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - مَدْفِنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَصَاحِبَيْهِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - بَنَوْا عَلَى الْقَبْرِ حِيطَانًا مُرْتَفِعَةً مُسْتَدِيرَةً حَوْلَهُ لِئَلَّا يَظْهَرَ فِي الْمَسْجِدِ فَيُصَلِّيَ إِلَيْهِ الْعَوَامُّ وَيُؤَدِّي الْمَحْذُورَ ثُمَّ بَنَوْا جِدَارَيْنِ مِنْ رُكْنَيِ الْقَبْرِ الشَّمَالِيَّيْنِ وَحَرَّفُوهُمَا حَتَّى الْتَقَيَا حَتَّى لَا يَتَمَكَّنَ أَحَدٌ مِنِ اسْتِقْبَالِ الْقَبْرِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الحديث ولولا ذَلِكَ لَأُبْرِزَ قَبْرُهُ غَيْرَ أَنَّهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخَذَ مَسْجِدًا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ )[10] .
و في عبارة النووي – رحمه الله - ما يوهم أن إدخال حجرة عائشة في المسجد كان في عصر الصحابة ،و المعروف في كتب التاريخ و السير أنه كان في زمن الوليد ،و قد يكون مراد النووي – رحمه الله - أن توسعة المسجد النبوي حدثت منذ زمن الصحابة و لاشك أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – قام بالتوسعة لكن لم يكن في هذه التوسعة إدخال الحجرات النبوية في المسجد ثم قام بالتوسعة عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ، و لم يكن في هذه التوسعة إدخال الحجرات النبوية في المسجد أيضا ،وفي عهد الوليد وسع المسجد النبوي ، وأدخلت الحجرات النبوية فيه و من ضمنها حجرة عائشة .
شبهة 17 : قال بعضهم : لو كان ما فعله الوليد خطاءا من إدخال حجرة عائشة – رضي الله عنها – في المسجد ،ولم يستطع أحد الإنكار عليه في زمنه فقد مات الوليد وبقيت حجرة عائشة في المسجد ،ولم تخرج منه ، و الجواب قد أنكر العلماء في عصر الوليد هذا الأمر حتى العوام لم يستحسنوا الأمر وحزنوا أشد الحزن على هذا الفعل لكن لم يكن لأحد سلطة لتغيير المنكر ، و لأن الأمر متعلق بحجرة عائشة التي تحوي قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – و أن الأمر بإخراجها من المسجد النبوي بعد أن كانت فيه زمن فيه مظنة السوء بفاعله و أنه أراد أمرا سيئا يضمره .
و مظنة امتهان قبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مرة تدخل الحجرة في المسجد و مرة تخرج الحجرة من المسجد ،و قد يظن أن هذا تلاعب بالحجرة النبوية ،وتصبح الحجرة النبوية ألعوبة في يد الأمراء هذا يدخلها المسجد و هذا يخرجها ثم يأتي أمير آخر يدخلها و يأتي آخر يخرجها وهكذا .
وقد يظن أن هذا تنقص من شخص النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وصاحبيه – رضي الله عنهما - وقد تحدث فتنة عظيمة بين الناس و يحدث قتال و خصومات .
وقد يتخذ أعداء الإسلام من هذا مدخلا لصد الناس عن الإسلام فيقولون مثلا : أرأيتم قبر نبيهم يتلاعبون به أو أرأيتم يتنقصون من نبيهم و صاحبي نبيهم .
و كل هذه الأسباب و غيرها تجعل النفس لا تطمئن لإخراج حجرة عائشة – رضي الله عنها – من المسجد النبوي سدا للفتن التي قد تحدث من هذا الأمر ،وألا يظن أن هذا الأمر فيه تنقص أو امتهان للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أو تلاعب بالحجرة النبوية الشريفة و لئلا يتخذ ذريعة لنيل من الإسلام ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح ،وهناك العديد من النصوص تدل على الأخذ بدليل سد الذريعة و منها :
عن عَائِشَةَ – رضي الله عنها -، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : « يَا عَائِشَةُ، لَوْلَا أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُو عَهْدٍ بِشِرْكٍ، لَهَدَمْتُ الْكَعْبَةَ، فَأَلْزَقْتُهَا بِالْأَرْضِ، وَجَعَلْتُ لَهَا بَابَيْنِ: بَابًا شَرْقِيًّا، وَبَابًا غَرْبِيًّا، وَزِدْتُ فِيهَا سِتَّةَ أَذْرُعٍ مِنَ الْحِجْرِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْهَا حَيْثُ بَنَتِ الْكَعْبَةَ »[11] .
و قد كانت المصلحة أن تكون الكعبة على قواعد إبراهيم – عليه السلام - وأن يكون باب الكعبة متاحاً ليدخل منه جميع الناس الغني منهم والفقير السيد و الرقيق ، ولكن هدم الكعبة لتبنى علي قواعد إبراهيم سينتج عنه مفسدة أعظم ،وهي حدوث فتنة لمن دخل في الإسلام منذ زمن يسير فسيقول حديث العهد بالإسلام : إن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يقدس الكعبة، وآباؤنا كانوا يقدسون الكعبة ، فيفتنون عن دينهم أو يظن من أسلم من قريش أن النبي - صلى الله عليه وسلم – هدم الكعبة وأعاد البناء من أجل أن يأخذ هذه المفخرة لنفسه ، فيكفرون مرة أخرى ،فترك النبي - صلى الله عليه وسلم – مصلحة هدم الكعبة و بناءها من جديد على قواعد إبراهيم – عليه السلام – لدرء مفسدة افتتان الناس بهدم الكعبة .
وقَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، قَالَ: كُنَّا فِي غَزَاةٍ - قَالَ سُفْيَانُ: مَرَّةً فِي جَيْشٍ - فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ، رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ الأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ المُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَسَمِعَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: «مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الأَنْصَارِ، فَقَالَ: «دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ» فَسَمِعَ بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَقَالَ: فَعَلُوهَا، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ، فَبَلَغَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا المُنَافِقِ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : «دَعْهُ، لاَ يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ »[12]
و قد كانت المصلحة أن يقتل هذا المنافق لكن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ترك قتله مع كونه مصلحة لئلا يكون ذلك ذريعة لتنفير الناس عنه ولئلا يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه ، فإن قول الناس أن محمدًا يقتل أصحابه يوجب النفور عن الإسلام ممن دخل فيه ومن لم يدخل فيه ، ومفسدة التنفير أكبر من مفسدة ترك قتل هذا المنافق ومصلحة التأليف أعظم من مصلحة القتل .
و تطمئن النفس إلى أن إبقاء حجرة عائشة – رضي الله عنها - في المسجد من جنس إبقاء الكعبة على ما هي عليه خوفا من الفتنة بين المسلمين و على المسلمين .
و القلب يجزم أن من حكم تقدير الله بأن تبقى حجرة عائشة – رضي الله عنها - في المسجد : حماية القبر الشريف من أن يصلى إليه أو عنده أو يصير وثنا يعبد من دون الله فأصبح قبر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في مأمن من الصلاة إليه أو عنده أو التمسح به فلا يمكن أن يتخذ قبره مسجدا و قد فصل بيته فضلا عن قبره عن الناس بثلاثة جدران فلا يمكن أن يباشر بالعبادة له من دون الله صيانة لقبره أن يُفعل عنده كما فعلت اليهود والنصارى عند قبور أنبيائهم .
شبهة 18 : قال بعضهم : مما يدل على جواز الصلاة عند القبور أن عُمَر بْن الخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – رأى أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – يُصَلِّي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: «القَبْرَ القَبْرَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالإِعَادَةِ»[13] و هذا دليل على أن الصلاة عند القبور صحيحة لأنه لم يأمره بالإعادة و أن الصلاة عند القبر جائزة ،والجواب هذا الحديث مما يستدل به على أن المستقر عند الصحابة عدم الصلاة عند القبور فلو كانت جائزة لتركه و شأنه .
و لو كانت الصلاة عند القبور مختلف فيها بين الصحابة أو يجهل حكمها أنس لقال لا تصل عند القبر فإن ذلك حرام فكون عمر يقول القبر القبر فهذا مشعر بأن المستقر عند الصحابة أن الصلاة عند القبور لا تجوز .
وهذا الحديث ليس فيه أن أنسا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – تحرى الصلاة عند القبر ،و لا أكمل الصلاة وهو عند القبر بل مشعر بأن أنسا لم يكن يعلم أنه يصلي عند قبر ، وعَنْ ثَابِتٍ الْبَنَانِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: رَآنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: وَأَنَا أُصَلِّي عِنْدَ قَبْرٍ، فَجَعَلَ يَقُولُ: «الْقَبْرُ» قَالَ: " - فَحَسِبْتُهُ يَقُولُ: الْقَمَرُ - " قَالَ: فَجَعَلْتُ أَرْفَعُ رَأْسِي إِلَى السَّمَاءِ فَأَنْظُرُ فَقَالَ: «إِنَّمَا أَقُولُ الْقَبْرُ لَا تُصَلِّ إِلَيْهِ». قَالَ ثَابِتٌ: فَكَانَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ يَأْخُذُ بِيَدِي إِذَا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فَيَتَنَحَّى عَنِ الْقُبُورِ [14].
عَنْ أَنَسٍ قَالَ : " قُمْتُ يَوْمًا أُصَلِّي وَبَيْنَ يَدِيَّ قَبْرٌ لَا أَشْعُرُ بِهِ فَنَادَانِي عُمَرُ: الْقَبْرَ الْقَبْرَ، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَعْنِي الْقَمَرَ، فَقَالَ لِي بَعْضُ مَنْ يَلِينِي: إِنَّمَا يَعْنِي الْقَبْرَ فَتَنَحَّيْتُ عَنْهُ "[15]
وكون عمر لم يأمره بالإعادة ؛ لأن أنسا عندما علم أن عمرا يقصد القبر تنحى عن القبر و هو في الصلاة فأكمل الصلاة وهو متنحي عن القبر ،وهو من جنس من يصلي في موضع نجاسة ،وهو لا يعلم فعندما يعلم يبتعد عن هذا الموضع و يكمل الصلاة ،وعندما صلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في نعل فيه خبث نبهه جبريل – عليه السلام – فخلع النعلين ،و أكمل الصلاة و لم يعد الصلاة
ويمكن أن يقال أنه من جنس من صلى لغير القبلة ناسيا فعندما يعرفه أحد يستدير ،ويبني على ما مضى من صلاته و لا يعيد الصلاة ،وعندما غيرت القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام و كان المسلمون يصلون فنادهم المنادى أن القبلة قد غيرت إلى الكعبة فاستداروا و أكملوا الصلاة ولم يعيدوها ولم يأمرهم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالإعادة .
[1] - مجموع الفتاوى لابن تيمية 27/348
[2] - الصارم المنكي لابن عبد الهادي ص 151
[3] - المنتظم في تاريخ الملوك لابن الجوزي 6/283
[4] - الطبقات الكبرى لابن سعد 8/133
[5] - الطبقات الكبرى لابن سعد 8/133
[6] - البداية و النهاية لابن كثير 9/74-75
[7] - خلاصة الوفا للسمهودي 2/129
[8] - رواه مالك في الموطأ رقم 3322 ،ورواه عبد الرزاق في مصنفه رقم 9987 ،والبيهقي في السنن الكبرى رقم 18750
[9] - فتح الباري لابن حجر 3/200
[10] - شرح النووي على صحيح مسلم 5/14
[11] - رواه مسلم في صحيحه رقم 1333
[12] - رواه البخاري في صحيحه رقم 4905 ، ورواه مسلم في صحيحه رقم 2584
[13] - رواه البخاري في صحيحه 1/93
[14] - رواه عبد الرزاق في مصنفه رقم 1581
[15] - رواه البيهقي في السنن الكبرى رقم 4277
طبيب
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة فداء الرسول في المنتدى منتدى دعم المسلمين الجدد والجاليات
مشاركات: 0
آخر مشاركة: 08-11-2013, 12:08 AM
-
بواسطة الريحانة في المنتدى شبهات حول السيرة والأحاديث والسنة
مشاركات: 26
آخر مشاركة: 03-05-2013, 10:41 AM
-
بواسطة الاشبيلي في المنتدى منتدى نصرانيات
مشاركات: 2
آخر مشاركة: 01-07-2009, 02:42 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات