بسم الله الرحمن الرحيم



مشكلة من مشكلات الشباب الاسلام هي الاعداد العلمي والعقلي كل مشغول في الهوى

حتى يهوي به الزمان لدرك، نطلق هذه النقطة من باب اعداد الداعية



مقتبس من كتاب



مشكلات الشباب
الحلول المطروحة .. والحل الإسلامي
الدكتور عباس محجوب


[ 1 ] الإعداد العلمي والعقلي
يمثل العلم أبرز سمات هذا العصر الذي نعيش فيه، حيث إنّ العقل المدرب والموجّه هو الذي يملك القدرة على بناء الحضارة، وإقامة المصانع، وزيادة الإنتاج بل والتصدي لمشكلات الحياة ومعوقاتها، ولهذا كان من المهامّ الأساسية للتربية: العمل على إيجاد العقلية العلمية التي جاءت أولى آيات الوحي موجهة إلى وسيلتها، وهي: العلم المرتبط بمصدر المعرفة، وهو الله سبحانه وتعالى:
((اقرأْ باسمِ ربِّك الذي خلقَ. خلقَ الإنسان مِنْ علقٍ. أقرأ وربُّك الأكرم. الذي علَّم بالقلم. علَّم الإنسان ما لمْ يعْلم)) [العلق:1-5] لذلك اهتم المسلمون بالعلم باعتباره عبادة من العبادات التي يتقرّب بها المرء إلى الله، وبحثوا عنه في كل مكان، ولم يكن اهتمامهم بعلوم الدين فحسب، بل بكل علم عرفه الإنسان، ولم يحدد الدين رأيه فيه أو موقفه منه.
إنّ واجب التربية أن تعمل على امتلاك الشباب لناصية العلم حتى يعيش عصره، ويبني مستقبله في عالم يؤكّد كل يوم على مكانة العقل ووظيفته في بناء لحضارة وإسعاد البشرية.
وليس العلم الذي بنى به المسلمون حضارتهم هو العلم المعتمد على الحافظة والرواية كما يرى بعضهم، ولكنه العلم المحفوظ في الكتب، المسطر في كتاب الكون الذي حثَّ القرآن على النظر في آفاقه، والتفكر والتدبر في خلقه ودلالاته.
إنّ المسلمين في جذورهم الثقافية قد وحّدوا نظرتهم للعلوم، ووضعوا لأنفسهم مناهج كاملة للمعرفة والبحث، وإمعان النظر والتثبت، واستعمال السمع والبصر والعقل، وما هو من العلم الطبيعي التجريبي، وما هو من الإلهام من وراء الواقع المادي، وإذا كان العلم يعتمد على المشاهدة وما تدركه الحواس من ناحية، والتفكير والتأمل من ناحية ثانية فإن القرآن قد أصّل المنهج لذلك: ((إنّ السّمْع والبصر والفُؤاد كلُّ أولئك كان عنه مسؤولاً)) [الإسراء:36] وفتح أبواب البحث العلمي لتقدم البشرية ورخائها بعد أن حرّر العقول من الأوثان والخرافات، وآيات القرآن كما نعلم تدعو إلى إمعان الفكر والتدبر والنظر في ملكوت الله، وإحسان الاستفادة من السمع والبصر والعقل في التفكير والمشاهدة والتدبر. وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم تضع العقل في مكانه من الإجلال والتعظيم، الأمر الذي دفع المسلمين إلى الاجتهاد والقياس، ففي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم المشهور حينما بعث معاذ بن جبل وسأله عن الأمر لا يجده في كتاب الله ولا في سنة رسوله، فأجاب: "أجتهد رأيي ولا آلو" في هذا الحديث ارتفاع بشأن العقل والقياس فيما لم يرد فيه نص، وهو المبدأ الذي أصّله الرسول صلى الله عليه وسلم وأكّده الصحابة وأوصى به سيدنا عمر في رسالته المعروفة في القضاء لأبي موسى الأشعري "ولا يمنعنّك قضاء قضيته بالأمس، فراجعت فيه عقلك، وهديت فيه لرشدك أن ترجع إلى الحق، فإنّ الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل، الفهم.. الفهم، فيما تلجلج في صدرك مما ليس في كتاب ولا سنة، ثم اعرف الأمثال والأشباه، وقس الأمور بنظائرها، واجعل للمدعي حقاً غائباً أو بيّنة أمداً ينتهي إليه، فإن أحضر بينة أخذ حقه، وإلاّ وجّهت القضاء عليه؛ فإنّ ذلك أجلى للعمى وأبلغ للعذر"(1 ).
إنّ التقدم العلمي والمادي والحضاري قد تحقق للمسلمين في الماضي نتيجة المكانة التي أعطاها الإسلام للعلم، والبحث فيه وتوظيفه في الحياة، وتسخيره في سبر أغوار هذا الكون، وما سخر الله لعباده.