ثم يقولون هذا من عند الله ! ( 2-1 ) ( دعوى إستحالة التحريف )
رابعًا : إستحالة تحريف الكتاب المقدس !
من أغرب المقولات التي سمعتها في حياتي وصرت أضرب من العجب كفًا بكف كلما سمعتها هى : (إستحالة تحريف الكتاب المقدس ) ! , ولا أدرى أية أدلة استدل بها صاحب الدعوى لكي يجعل الأمر مستحيلاً , لكني أتفهم وجهة النظر التى تدعي هذا رغم أنه لا يوجد دليل استدل به صاحب الدعوى السالف ذكرها ( إستحالة تحريف الكتاب المقدس ) إلا ودحض هذا الدليل نفسه بنفسه !
ومن أهم هذه الأدلة التي يستدل بها أصحاب دعوى ( الإستحالة ) فلا تجد كتابًا يتحدث عن مصداقية الكتاب المقدس إلا وتجد فيه هذه الأدلة المزعومة , وهى قولهم : أين ومتى وكيف حُرف الكتاب المقدس ؟!
ونأخذ على سبيل المثال ما كتبه القمص/ يوحنا فوزي في كتابه ص 10:
يقول القمص / يوحنا فوزي : ( الإدعاء بتحريف الكتاب لا يستند إلى فاعل معين فمن هم الذين قاموا بالتحريف ؟ ، ولا يستند هذا الإدعاء إلى هدف معين فما هو القصد من التحريف ؟ , ولا يستند هذا الإدعاء إلى زمن محدد فمتى حدث هذا التحريف ؟ ، ولا يستند هذا الإدعاء إلى مكان معين فأين حدث هذا التحريف ؟ ، والنتيجة أن هذه التهمة تسقط من تلقاء نفسها مادام لا يسندها أى دليل ) .
أتعلمون من أشعل الفتيل ليحرق غيره فأحرق نفسه ؟ ، نعم هذا ما فعله القمص دون أن يدري , وأنا على يقين كامل أن القمص يعلم إجابة تلك الأسئلة !
إن أصحاب دعوى ( الإستحالة ) باستدلالهم بتلك الأسئلة على صحة كتابهم كالذي يلح سائلاً : من الذي قتل القتيل المراق دمه ؟ , فهل بعد هذا السؤال يتشكك أحد في أن جريمة القتل لم تقع ؟!
وهل إذا علمنا القاتل أو لم نعلمه أو هل إذا علمنا الهدف من وراء جريمة القتل أو لم نعلمه , فهل يلغي هذا المنطق جريمة القتل ذاتها ؟!
القتيل أمامنا وسواء عرفنا القاتل أم جهلناه فالجريمة ثابتة لا محالة ولا يمكن أن يشك أحد في ذلك .
مثال أخر للتوضيح : برج بيزا المائل ... هل جهلك أيها القمص بسبب ميله ومتى حدث هذا الميل ومن المسبب لهذا الميل , هل جهلك بكل هذا ينفى أنه مائل ؟!
نحن لا يعنينا تحديد الفاعل الذي حرف وكذلك زمن تحريفه , ولا يعنينا كذلك مكان تحريفه , لأن الجهل بكل ذلك لن ينفي حدوث التحريف .
ومن حقك الأن أن تسأل أيها القمص : كيف نعرف إذًا أن الكتاب محرف بدون معرفة الزمان والمكان والفاعل ؟!
والإجابة على ذلك في الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه , قال تعالى : {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً }النساء82.
هذه هى القاعدة الإلهية التي نستخدمها لمعرفة إذا كان الكتاب محل البحث من عند الله أم من تأليف البشر , بجانب قاعدة أخرى وهى معرفة سند هذا الكتاب كما سنبين إن شاء الله .
ولكن على كل حال فإننا لن نترك لهم منفذًا يلوذون منه إن شاء الله وسوف نجيب على أسئلتهم !
أولاً : من الذين قاموا بالتحريف ؟!
أود من أصحاب دعوى ( الإستحالة ) أن يفسروا لي كل هذه النصوص :
قال تعالى في أمهات الحقائق : " لِيَشْتَرُواْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً " البقرة 79 , ولكن أصحاب دعوى (الإستحالة) لا يقرون منهج غيرهم ولو كان منهج غيرهم له أصل وسند !
في معرض الكتاب بالقاهرة كنت أرى تزاحم جماهير النصارى على دور النشر المسيحية وكنت أبحث عن إحدى الترجمات الحديثة للكتاب المقدس ( كتاب الحياة- الطبعة السادسة عشر للعهد الجديد ), والمعروف أن ترجمة " كتاب الحياة " كتبت بلغة مبسطة ويسيرة نوعًا ما , ولذلك كان المسيحيون ينهالون على هذه الترجمة بعينها نظرًا لبساطة لغتها إلى حد كبير بالنسبة " للفانديك " التي بها ألغاز لغوية عجيبة , والعجيب في الأمر أن الأنبا شنودة قابل هذه الترجمة بإستياء شديد ( ترجمة " كتاب الحياة " ) كما صرح هو بذلك في المؤتمر الثقافي السنوي الخاص بالكتاب المقدس , والذي تحدث فيه تحت عنوان "الكتاب المقدس في مواجهة التحديات" , وقال أن هذه الترجمة بها العديد من الأخطاء , كما قال أنه يرفض اعتماد هذه الترجمة , وكان ثمن هذه الترجمة يبدأ من 6جنية مصري إلى 15 جنية بحسب الشكل والحجم . فتعجبت حينها كثيرًا , ولم أعلم ما هو الهدف من هذه الترجمة التي بالرغم من كثرة طلبها ورخص ثمنها إلا أنها قوبلت من العديد من علماء الكنيسة بالنقد اللازع وعلى رأسهم الأنبا شنودة نفسه!
ولكني علمت الهدف الحقيقي من وراء إصدار تلك الترجمات , بعد ما قرأت هذا البيان الصادر عن دار المشرق بلبنان بخصوص الترجمة الكاثوليكية اليسوعية على شبكة المعلومات الدولية :
( الكتاب الأسـاس في دار المشـرق هو الكتاب المقدّس (الببليا) في ترجمته العربيّة. صدرت هذه الترجمة أوّلاً في العام 1877 وقد نقّح عبارتها العربية الشيخ إبراهيم اليازجي ودخلت مذ ذاك في التراث العربيّ المسيحيّ من الباب الواسع . تمت مراجعة النصوص في ضوء العلم الحديث ونشرت الطبعة المجدّدة في العام 1988 وسرعان ما تعدّدت الطبعات فصدرت الطبعة السادسة في العام 2000 , بيع بين 1988 و 2000 أكثر من 60,000 نسخة ) ا.هـ .
وأضع هنا تسعيرة الكتاب المقدس في المكتبات المسيحية لعام 2005م ( الترجمات العربية فقط ) :
الفانديك 35 جنية مجلد متوسط
كتاب الحياة 15 جنية مجلد متوسط
أبو شواهد 48 جنية مجلد متوسط
الترجمة العربية المشتركة 60 جنية مجلد متوسط
الترجمة الكثوليكية اليسوعية 110جنية مجلد ضخم
الترجمة الدولية الحديثة 50 جنية مجلد متوسط (عربي – إنجليزي)
هذا بجانب الأحجام الصغيرة والتي تختلف أسعارها حسب الشكل والجودة , كما قام أصحاب دور النشر المسيحية بعمل كتيبات تحتوى على أسفار الكتاب المقدس ولكن منفردة وكذلك الأناجيل الأربعة !
فهل نتخيل ما هو حجم الإيرادات والمكاسب إذا أدخلنا في المعادلة التراجم المختلفة بشتى لغات العالم والتي تظهر في هذا الشكل البياني فيما بين عام 1800م إلى عام 1995م حيث وصل عدد اللغات التي ترجم إليها الكتاب المقدس في عام 1995 إلى 2.123 لغة !
وهل نتخيل حجم الإيرادات والمكاسب إذا أدخلنا في المعادلة التراجم المختلفة لنفس اللغة , فعلى سبيل المثال يوجد أكثر من حوالي 40 ترجمة للكتاب المقدس باللغة الإنجليزية فقط !
( نقلاً عن نشرة تنصيرية تحمل عنوان " كتاب لكل الناس " صدرت عام 1997م ص 12 ) .
المفضلات