يتهم أعداء الإسلام المغرضون النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنه يأمر نساءه بالتعري، وأنه كان ينام على أفخاذ أزواجه وهن في حال الحيض، ويستدلون على ذلك بما أورده أبو داود في سننه (ج 1 ص 343 برقم 236): [حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ - يَعْنِي ابْنَ عُمَرَ بْنِ غَانِمٍ - عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ - يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ - عَنْ عُمَارَةَ بْنِ غُرَابٍ قَالَ: إِنَّ عَمَّةً لَهُ حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا سَأَلَتْ عَائِشَةَ قَالَتْ: إِحْدَانَا تَحِيضُ وَلَيْسَ لَهَا وَلِزَوْجِهَا إِلا فِرَاشٌ وَاحِدٌ، قَالَتْ: أُخْبِرُكِ بِمَا صَنَعَ رَسُولُ - اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ فَمَضَى إِلَى مَسْجِدِهِ - قَالَ أَبُو دَاوُد: تَعْنِي مَسْجِدَ بَيْتِهِ - فَلَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى غَلَبَتْنِي عَيْنِي، وَأَوْجَعَهُ الْبَرْدُ فَقَالَ: "ادْنِي مِنِّي"، فَقُلْتُ: إِنِّي حَائِضٌ، فَقَالَ: "وَإِنْ، اكْشِفِي عَنْ فَخِذَيْكِ"، فَكَشَفْتُ فَخِذَيَّ؛ فَوَضَعَ خَدَّهُ وَصَدْرَهُ عَلَى فَخِذِي، وَحَنَيْتُ عَلَيْهِ حَتَّى دَفِئَ وَنَامَ] وأورده البيهقي في سننه (ج 1 ص 313)، والبخاري في "الأدب المفرد" (ج1 ص 187 برقم120).
وفي هذا تجن واضح وعدم فهم فما يدعيه هؤلاء لا شبهة فيه بالتعري، فليس على المرء جناح أن يأمر زوجته بالكشف عن فخذيها، أو أن يستدفئ بجسدها في أيام الشتاء طالما أن ذلك يحدث في خلوة بينهما، وليس عليهما رقيب إلا الله تعالى.


وإن هؤلاء المغرضين أنفسهم لو تعرض أحدهم للبرد وكان معه جماعة من الناس، فإنه سيسارع بالالتصاق بمن حوله - رجالاً كانوا أم نساءً - حتى ينقذ نفسه ويحفظ حياته، ويذهب عنه الشعور بالبرد القارص، وبالتالي فإن ما يتهمون الرسول - صلى الله عليه وسلم - أمر طبيعي يمكن أن يحدث من أي إنسان.


ونتساءل: من أمر بإذاعة ما حدث بين النبي وزوجه عائشة؟! ألم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟ ولماذا أمر بإذاعته على الناس جميعًا؟ لا يوجد أي سبب إلا التشريع للأمة فيما يحدث بين الزوج وزوجه، في مثل هذا الأمر وكل أمر من الأمور بين الزوجين.

الخطأ الذي يقع فيه أعداء الدين دائمًا أنهم ينسون أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت حياته الدين وكان خلقه القرآن، وأنه ما عاش لنفسه قط، وإنما كان يذيع كل أقواله وأفعاله ليكون أسوة حسنة يتأسى بها المسلمون.


إن الذي دفع هؤلاء إلى الاعتراض هو أنهم يعتبرون المرأة الحائض نجسًا يجب البعد عنه، وينظرون إليها حال حيضها نظرة ازدراء واحتقار شديدين، وهذه نظرة شاذة، وتصور متطرف لوضع المرأة الحائض مما يجعلها - في نظرهم - كالقاذورات التي تنجس كل ما تمسه، وهذا ليس من شريعة الإسلام الوسطية العادلة؛ فالمرأة الحائض إن كانت لا يمكنها الصلاة أو الصيام، إلا أنها لا تُنجس زوجها إذا ما مسته، ولا ينظر الإسلام إليها في حيضها بهذا الازدراء الذي ينظر به غير المسلمين.


وكان اليهود والمجوس والعرب في الجاهلية قد شددوا في وجوب اعتزال المرأة في المأكل والمشرب والفراش عند حيضها، واعتبروا أن من مسها كان نجسًا، وقد ورد عن أنس: [أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا، وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ؛ فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) [البقرة: 222] إِلَى آخِرِ الآيَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اصْنَعُوا كُلَّ شَيْءٍ إِلا النِّكَاحَ"] [صحيح مسلم، ج2 ص 167 برقم 455].

المصدر: بوابة القاهرة الإخبارية
http://www.cairoportal.com/suspicion...untruths/19962