فضيلة الشيخ السلام عليكم ورحمة الله :
نقابل في الجامعة زملاءنا من المسلمين والكفار فمتى يشرع لنا قول (السلام على من اتبع الهدى ) كما في قصة موسى وفرعون؟ عماد - بريطانبا

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..

ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين أنه لما كتب لِهِرَقل قال: مِن محمد عبد الله ورسـوله إلى هِرقل عَظيم الرُّوم، سَلام على مَن اتَّبع الهـدى. رواه البخاري ومسلم. وفي رواية للبـخاري: السَّلام على من اتَّبَع الْهُـدى ( البخاري 4278- مسلم 4707)

وقد أمر الله موسى وهارون عليهما السلام أن يقولا في حديثهما مع فرعون " قد جئناك بآية من ربك والسلام على من اتبع الهدى" على القول بأنها تحية من موسى وهارون عليهما السلام لفرعون ومن أهل العلم من قال
إنها ليست بتحية ومعناها من اتبع الهدى سلم من سخط الله عز وجل وعذابه ، بدليل أن ذلك ليس ابتداء خطاب ولقاء كما قال الزجاج.


وللمسألة أربع حالات :

1إن لقي مسلماً أو مجموعة من المسلمين أو كتب لهم فالمشروع في حقه هو السلام الشرعي المعهود (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته).

2إن لقي مجموعة فيها مسلمون وكفار أو كتب لهم فالمشروع في حقه أيضاً السلام الشرعي المعهود (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) ويقصد بذلك المسلمين ولا يشرع له قول: "السلام على من اتبع الهدى" كما يحصل لبعض الطلاب إذا حضر فوجد زملاءه في الكلية من المسلمين وغيرهم في مجلس واحد لثبوت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم. ففي البخاري ومسلم:(اليخاري 4566-مسلم4760) "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على قوم أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود فسلم عليهم".

قال ابن حجر رحمه الله (8/230) : "يؤخذ منه جواز السلام على المسلمين إذا كان معهم كفار وينوي حينئذ بالسلام المسلمين".

3 إذا لقي كافراً واحداً أو أكثر لم يشرع له إلقاء السلام عليهم لأن معنى السلام هو السلامة من أوصاب الدنيا وعذاب الآخرة فكأنك تدعو لهم وقد نهينا عن الاستغفار للمشركين.


والدليل على ذلك:

ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تبدؤا اليهود ولا النصارى بالسلام, فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه". (رواه مسلم 5789)
عن أبي بصرة رضي الله عنه أنه قال: "إنا مارون على يهود فلا تبدؤُهم بالسلام، فإذا سلموا عليكم فقولوا: وعليكم". (رواه أحمد بإسناد صحيح 45/209).


ملحوظة مهمة:
يجوز له أن يبتدئهم بتحية غير السلام على الصحيح من أقوال أهل العلم وهو اختيار ابن تيمية، والنهي الوارد إنما هو للسلام الذي يحمل في طياته دعاء بالسلامة والرحمة والبركة، فلا يناسب ابتداء الكافر به، وهذا غير موجود في غيره من التحايا.

وقد قال تعالى: "ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" ولا شك أن تحيتهم داخلة في حسن المعاملة والبر الذي لا ينهانا الله عنه بل هو من أعظم وسائل الدعوة إلى الله.

4إذا لقي كافراً أو أكثر أو كتب لهم والمقام مقام دعوة للإسلام وتبيين لحقائق الدين فيشرع له حينئذ قول (السلام على من اتبع الهدى ) كما ثبت ذلك في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لهرقل وكما في قول موسى وهارون

لفرعون وكأن فيها ترغيباً له في اتباع الهدى الذي في الكتاب أو المقالة والكلمة ... والله أعلم