من مواقف الصحابة رضي الله عنهم عمومًا في اتباع السنة

من مواقف الصحابة رضي الله عنهم عمومًا في اتباع السنة

في قصة كعب بن مالك والثلاثة الذين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، وهم: كعب بن مالك، ومرارة بن ربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي، أصدق معاني الطاعة من الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وسوف أذكر بعض تلك المواقف من هذه القصة رواها الإمام البخاري في "الصحيح" ، كتاب المغازي، باب حديث كعب بن مالك (7/767) ، "فتح" برقم (4218) . وهي:
الموقف الأول: قول كعب رضي الله عنه: ""ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، قال: فاجتنبنا الناس، أو قال: تغيروا لنا، حتى تنكرت لي في نفسي الأرض فما هي الأرض التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشبّ القوم وأجلدهم فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد ...."".
انظر رحمك الله إلى الطاعة التي لم يتخللها، لا محاباة ولا مداهنة، فخمسين ليلة لا يكلمهم أحد من الصحابة رضي الله عنهم لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الموقف الثاني موقف أبي قتادة رضي الله عنه :

يقول كعب رضي الله عنه: حتى إذا طال عليَّ من جفوة المسلمين مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إليَّ، فسلمتُ عليه فو الله ما ردّ عليَّ السلام، فقلت له: يا أبا قتادة نشدك بالله هل تعلمني أُحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم؟ فسكت، فعدت فناشدته فسكت، فعدت فناشدته، فقال: الله ورسوله أعلم ففاضت عيناي، فتوليت حتى تسورت الجدار ..."".
فلأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم هجر الصحابة رضي الله عنهم أبناء العمومة وأحب الناس إليهم.
فكعب رضي الله عنه يقول عن أبي قتادة: ""ابن عمي وأحب الناس إلي"" ومع ذلك حينما أتاه لم يردّ عليه السلام ولم يكلمه. لماذا؟؟ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندهم أحب من كل شيء من الوالد والولد ومن بني العم ومن جميع الناس .

وبذلك وصلوا إلى درجات الإيمان، لقوله صلى الله عليه وسلم: "" فو الذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من والده وولده""، أخرجه الإمام البخاري في "الصحيح" (1/74) "فتح" برقم (14) .
وفي رواية: ""من ماله وأهله والناس أجمعين"". أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح" كتاب الإيمان. والنسائي في "السنن" (8/115) برقم (5014).
[U1] الموقف الثالث: قول كعب رضي الله عنه: ""حتى إذا مضت أربعون من الخمسين واستلبث الوحي، إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك، فقلت: أطلقها، أم ماذا أفعل؟ قال: بل اعتزلها فلا تقربنَّها، وأرسل إلى صاحبَي بمثل ذلك: فقلت لامرأتي: إلحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر"".

إنّ كعبًا رضي الله عنه حينما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتزال زوجته استجاب على الفور. بل وأبلغ من ذلك أنه يسأل: ""أطلقها أم ماذا أفعل""، و لسان حاله يقول:: إن كان فراق الزوجة بطلاقها من أسباب رضى الله ورسله فإني على استعداد تام، ليحصل لي ما هو خير من ذلك، توبة الله ورضى رسوله صلى الله عليه وسلم وقد حصل له ذلك بفضل الله ثم بصدقه في طاعة الله ورسوله.
ولما نزل قول تعالى: {ولو أنـّا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو أخرجوا من دياركم ما فعلوه إلى قليل منهم{ سورة( النساء: 66).

قال أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لو فعل ربنا لفعلنا، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ""للإيمان أثبت في قلوب أهله من الجبال الرواسي""، أخرجه أبي حاتم. ذكر ذلك الحافظ ابن كثير.
وفي رواية: ""إن من أمتي لرجالاً الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي"". أخرجه الطبري في "جامع البيان" .