"ستصدمين إذا فهمت"!

طال الحديث مع القس الذي خاض في عدة جوانب محاولا إقناعنا بوجهة نظره أو زرع الشك لدينا اتجاه الإسلام على الأقل من خلال الاستعانة بآيات من الكتاب المقدس الذي قال أن كل ما جاء فيه منزل من عند الله، ولعل أكثر نقطة أثارت استغرابنا واستغرقنا فيها وقتا طويلا نوعا ما محاولين الحصول على تفسير لها بحسب المعتقد النصراني هي قضية التوحيد التي حاول القس التهرب من شرحها قائلا "ستصدمين إذا فهمت" فالمسيحيون يعتقدون أن الله تعإلى قد تجسّد في شخص سيدنا عيسى عليه السلام بعد أن تخلى عن ألوهيته وعاش كبشر وسط الناس ليهزم الشيطان ويخلص البشر ثم مات على الصليب ودفن لثلاثة أيام ليمحو الخطيئة ويغفر للموتى ثم عاد وصعد إلى السماء.
فاجأنا هذا التفسير غير أننا أبدينا اقتناعنا إلى حد ما لنمر إلى موضوع آخر تعلق بوضع المسيحين في الجزائر لنكتشف أن القس نفسه قد كان مسلما وتنصر وعمره 16 سنة أي أنه لايزال قاصرا بعد أن مر بمرحلة كان خلالها ملحدا، وروى لنا قصة تنصره قائلا أنه قد توقف عن أداء الصلاة وعمره 13 سنة ودخل في دوامة البحث عن طريق الحق إلى أن صار ملحدا، والتقى في تلك الفترة بصديق له بدأ يحدثه عن السيد المسيح وعن النصرانية فاستهوته الأفكار وقرر خوض التجربة متوجها بالدعاء إلى الله أن يشرح قلبه ويريه الطريق الصحيح، ليتأكد بعد أيام أن النصرانية هي السبيل إلى الخلاص، وينطلق في رحلة البحث عن خبايا هذه الديانة فكانت أول خطوة هي التنقل من منطقة القبائل إلى الجزائر العاصمة ليلتحق بالكنيسة السبتية أين تلقى دروسا حول النصرانية لمدة ثلاثة أشهر عمّد بعدها وعين بعد مدة قسا في نفس الكنيسة التي تلقى فيها أول دروسه حول الإنجيل وهو اليوم يتابع دراسته للديانة المسيحية في إحدى جامعات لبنان التي تضم فرعا للكنيسة السبتية.
تطرق القس وهو يروي لنا قصة تنصره إلى ما أسماه اضطهاد المجتمع للمسيحيين الجزائريين مؤكدا أنه تعرض لضغط كبير من محيطه العائلي وزملائه في العمل حتى أن أحدّهم هدده بالقتل أمام الملأ –على حد قوله-، وشعرنا وكأن القس يحاول تحضيرنا لمرحلة مقبلة قد تستدعي منا الكثير من الصبر والقوة في حال آمنا باليسوع ربا حيث راح يسألنا عن الوضع العائلي وعن رد فعل الأسرة إذا توقفنا عن أداء بعض الفرائض كالصلاة مثلا فاضطررنا إلى رسم الصورة التي كان ينتظرها منا وهي الضغط والتعنيف والاضطهاد من أجل معرفة الدور الذي تلعبه الكنيسة في مثل هذه الحالات غير أن القس تهرب من الحديث عن هذا الموضوع ولكن بعد إصرار منا قال أنه لا يستطيع أن يعدنا بشيء مؤكدا أن الكنيسة تستطيع التدخل في بعض الحالات التي تكون فيها حياة المنصّر في خطر أو حين يلجأ إليها البعض لمساعدتها ليترك الباب مفتوحا أمام احتمالات أخرى قد تستدعي تدخل الكنيسة بمختلف السبل والوسائل.
بعد حديث تجاوز الساعتين أخبرنا القس بضرورة مغادرتنا نظرا لتأخر الوقت فسألنا إن كنا نرغب في الحصول على نسخة من الإنجيل، ردينا بالإيجاب فتوجه القس إلى الجهة الثانية للكنيسة غاب لبرهة ثم عاد حاملا نسخة من الكتاب المقدس وكتابا آخر تحت عنوان "طريق الحياة" وراح ينصحنا بضرورة قراءة الكتاب المقدس الذي حدد لنا فيه جزءا معينا لقراءته يتعلق بالعهد الجديد أي حياة عيسى عليه السلام ويضم هذا الجزء أربعة أناجيل متى ومرقس ولوقا ويوحنا، كما نصحنا بالتوجه بالدعاء إلى الله ليهدينا إلى طريق الحق والخلاص وهو من سيوجهنا إلى النصرانية التي ننال بها الحياة الأبدية، ودّعنا القس بعد أن اتفقنا معه على تحديد مواعيد في وقت لاحق من أجل دراسة الإنجيل بمعدل حصتين في الأسبوع مؤكدا أنه من سيشرف على تعليمنا كافة مبادئ النصرانية وشرح الكتاب المقدس بالتفصيل مع الإجابة على كافة تساؤلاتنا وذلك خلال ساعات الدراسة.