رد بعض الاعتراضات

قد يعترض على العمل بخبر الواحد، بتوقف بعض الصحابة في العمل به، وطلبهم شاهداً أو يميناً.
والجواب عن ذلك: أن هذا كله لم يكن لأن الحديث خبر آحاد، وإنما لزيادة التثبت في الراوي والمروي، وشدة الحيطة في ذلك. فربما وقع لهم
الشك في الراوي، بأن كان غير حافظ أو غير ضابط، فطلبوا الشاهد أو اليمين لذلك.

وقد يعترض كذلك: بأن الصحابة لم يكثروا من رواية السنة وقصروا العلم على القرآن، والمشهور من الأحاديث واجتهدوا بالرأي بعد ذلك:
والجواب عن ذلك: أنهم ما تركوا الحديث الصحيح ولا لجأوا إلى الرأي.. وتشهد بذلك الوقائع الكثيرة عنهم، بل إن عمر بن الخطاب h كان يقول: "إياكم والرأي، فإن أصحاب الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يعوها، وتفلتت منهم أن يحفظوها، فقالوا في الدين برأيهم"([1]).

وأما ما جاء من الصحابة في الاجتهاد بالرأي، فإنه لم يكن إلا بعد البحث عن الحديث، فإذا لم يجدوه اجتهدوا برأيهم. فإذا جاءهم -بعد ذلك- حديث عن رسول الله g اتبعوه وتركوا الرأي. وعن عبدالله بن مسعود قال: "من عرض له منكم قضاء فليقضِ بما في كتاب الله، فإن لم يكن في كتاب الله فليقضِ بما قضى فيه نبيه g، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله، ولم يقضِ فيه نبيه g فليقض بما قضى به الصالحون، فإن جاء أمر ليس في كتاب الله، ولم يقضِ به نبيه g، ولم يقضِ به الصالحون، فليجتهد برأيه.([2]).