وجُمع الشّمس والقمر
قال الله تعالى :
" وجُمع الشّمس والقمر يقول الإنسان يومئذ أين المفر " ( القيامة 9 )
عندما يجمع الله عزّ وجلّ يوم القيامة الشّمس كنجم والقمر ككوكب فهذا شأنه وهذا ملكه ، والله سبحانه وتعالى يتصرّف قي ملكه ، ولا يحقّ لأحد أن يتدخّل في ملك الله تعالى ، وهذا الأمر لا علاقة للإنسان به ، إذاً ما هو الأمر الذي يهم الإنسان ؟ لا شك أنّه سرّ وجوده على الأرض وهو الأب والأم ، قال الله تعالى :
" وقضى ربّك ألّا تعبدوا إلّا إيّاه وبالوالدين إحسانا " ( الإسراء 23 )
وفي سورة يوسف نرى كيف أدرك النّبي يوسف عليه السلام وفهم المقصود بالشّمس والقمر أنّه الأب والأم ، قال الله تعالى :
" إذ قال يوسف لأبيه ياأبت إنّي رأيت أحد عشر كوكباً والشّمس والقمر رأيتهم لي ساجدين " ( يوسف 4 )
إن أعظم ما يتمتّع به الإنسان يوم القيامة عندما يجتمع بأمّه وأبيه ، والجنّة تحت أقدام الأمّهات ، وأروع ما تتمتّع به الأم المؤمنة أن ترى أولادها كما هو الحال مع أمّ موسى عليه السلام . قال الله تعالى :
" فرجعناك إلى أمّك كي تقرّ عينها ولا تحزن " ( طه 40 )
وأجمل شيء للإنسان المؤمن في الآخرة أن يجتمع بأولاده ، قال الله تعالى :
" والذين آمنوا واتّبعتهم ذريّتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريّتهم " ( الطور 20 )
لذلك نرى في القرآن الكريم الآيات الكثيرة ، وفي السنّة المطهّرة الأحاديث العديدة التي تهتم بالأيتام ، قال الله تعالى :
" إنّ الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنّما يأكلون في بطونهم ناراً " ( النّساء 10 )
وهكذا نرى بلاغة القرآن الكريم وعظمته عندما يربط بين الشّمس والقمر في السّماء مع الأم والأب على الأرض ، أو بين عبادته والوالدين ، ونرى تلك البلاغة العظيمة في أموال اليتامى وفي قضيّة الميزان في السّماء وعلى الأرض . وغيرها ......
"والسّماء رفعها ووضع الميزان ألّا تطغوا في الميزان " ( الرحمن 7 - 8 )
وفي الختام يمكن القول أنّه عندما عجز العرب أصحاب البلاغة والفصاحة أن يـأتوا بمثل هذا القرآن - والله الذي لا شريك له - كان الحق معهم .
من كتاب "خواطر علمية من كتاب الله تعالى"
لمؤلفه محمد صفوح الموصللي
دمشق