لباس التقوى خير !
عندما ينتحر الحماس ؛ تصغر الاهتماماتُ ، فيصبح هَمُّه ما يلبس ، فمن أجله ينفقُ الأموالَ الطائلةَ ويقضى الأوقاتِ الغاليةَ ، حتى كأنه في كلِّ يوم عروس !
عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" تعِسَ عبدُ الدِّينارِ والدِّينارِ والقطِيفةِ والخميصةِ ، وإن أُعطيَ رضيَ وإن لم يُعطَ لم يَرضَ "
يقف أمام المرآة أكثر مما يقف بين يدي مولاه في الصلاة .
يتسخ ثوبه فتثور ثائرته ، وتتسخ صحيفة أعماله بتفريطه في كل ساعة ولا يتأثر أو يتحسَّر .
أصلح الظاهر وأفسد الباطن .
قال أبو الدرداء ـ رضي الله عنه : ألا رُبَّ منعمٍ لنفسه وهو لها جِدُّ مُهين ! ألا ربَّ مُبيضٍ لثيابه ، وهو لدينه مُدَنِّس !
عن أبي أمامة الحارثي ـ  ـ قال : قال رسول الله ـ : " البذاذةُ من الإيمان " يعني ؛ التقشُّف ورثاثة الهيئة للتواضع وترك التبجح به .
وعن عبد الله بن شقيق ؛ قال : كان رجل من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عاملاً بمصر ، فأتاه رجل من أصحابه ، وهو شَعِثُ الرأس مُشْعان ـ ثائر الرأس ـ قال : ما لي أراك مشعاناً وأنت أمير ؟! قال : كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ ينهانا عن الإرفاه . قلنا : وما الإرفاه ؟ قال : الترجُّل كل يوم .
وعن معاذ بن أنس : قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" من تَرَكَ اللباسَ تواضعاً لله وهو يقدر عليه ؛ دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق ، حتى يخيِّرَه من أيِّ حلل الإيمان شاء يلبسها "
وعن معاذ بن جبل ـ رضي الله عنه ـ أنَّ رسولَ الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمَّا بعثَ به إلى أهلِ اليَمنِ ، قال له :" إيَّاك والتَّنَعُّمَ ؛ فإنَّ عبادَ الله ليسُوا بالمتَنَعِّمينَ "
مجاهدٌ فوق الموائد !
عندما ينتحر الحماس ؛ يغدو همُّه بطنَه ، ماذا يأكلُ ويشرب !
يقطع الأكيال الطويلة لتتبُّعِ المطاعمِ الجديدة ، يعرفُ عن المطاعمِ مالا يعرفُ عن المساجد ، ومن كانت هِمَّتُه ما يُدخِلُه في بطنه ويأكله ، فقيمته ما يُخرجه .
وأنتَ إذا أعطيتَ بطنَك سُؤلَهُ وفرجَك نالا مُنتهى الذمِّ أجمعاً
قال مالك بن دينار : بئس العبدُ عبدٌ همّهُ هواهُ وبطنُهُ .
وقال صفوان بن سليم : ليأتينَّ على الناس زمانٌ تكون هِمَّةُ أحدِهم فيه بطنُه ، ودينُهُ هواهُ .
الأمم تتكالب على أمَّتنا كما تكالَبُ الأكَلَةُ على قصعتها لتأكلَها من أطرافها ، وهمه ؛ ماذا أكلنا بالأمس ؟ وماذا نأكل غداً ؟!
[ ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل فسوف يعلمون ]
إنَّ للحربِ رجالاً خُلقوا ورجالاً لقصعةٍ وثريدِ
قال الحسن البصري ـ رحمه الله : لقد أدركت أقواماً ، إن الرجل منهم ليأتي عليه سبعون سنة ، ما اشتهى على أهله شهوةَ طعامٍ قط .
والبعض منَّا ربما يطلِّق زوجته من أجل طعام !
عن المقدام بن معد يكرب ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم :" ما ملأ آدميٌّ وعاءً شرَّاً من بطنه ، بحسب ابن آدم أكلاتٍ يُقمن صُلبه ، فإن كان لا محالةَ ؛ فثُلثٌ لطعامه ، وثُلثٌ لشرابه ، وثُلثٌ لنَفَسه "
دَعِ المكارمَ لا ترحل لبُغيتها واقعد فإنَّك أنتَ الطَّاعمُ الكاسي
عن أبي جُحَيفَةَ ـ رضي الله عنه ـ قال : أكلتُ ثَريدَةً مِن خُبزٍ ولَحمٍ ، ثُمَّ أتيتُ النبيَّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فجعلتُ أتَجَشَّأُ . فقال :" يا هذا ! كُفَّ مِن جُشائِكَ ، فإنَّ أكثرَ الناسِ شِبَعاً في الدنيا ؛ أكثَرُهُم جُوعاً يومَ القيامَةِ "