لا شك ان الذي يموت منتحرا هو مرتكب كبيرة من الكبائر كما ذكر الذهبي رحمه الله في كتاب الكبائر ؛ ومرتكب الكبيرة هو في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه ، فلو عذبه الله فهذا من عدله ، ولو عفا عنه فهذا من رحمته..
وانتقل بحضرتك الى أن قاتل نفسه ينقسم الى قسمين :
الاول: هو قتل نفسه معترضا على قدر الله ويشعر ان الله ظلمه ،وهذا ينطبق عليه قول النبي الكريم :مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ شَرِبَ سَمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا.
نلاحظ : مخلد فيها ابدا.
وقد بوب مسلم لهذا الحديث بابا بعنوان :بَاب غِلَظِ تَحْرِيمِ قَتْلِ الْإِنْسَانِ نَفْسَهُ وَأَنَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِشَيْءٍ عُذِّبَ بِهِ فِي النَّارِ وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ.
دل الحديث على انه من فعل ذلك لن يخرج من النار.

واما الثاني : فهو الذي يقتل نفسه وليس معترضا على قضاء الله ، لكنه خشي ان يفتن في دينه بين يدي عدوه ، فأجاز بعض العلماء ذلك ؛لعموم قوله :وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ
وقال تعالى عن مريم لما تمنت الموت خوفا على دينها عند فتنتها : قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا.
وقد أجاز الكثيرون من الفقهاء العمليات الجهادية التي يفعلها الفلسطنيون في اسرائيل : لعموم قوله :وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ
يشري أي يبيع، وانا مع الاخير ، انها علمليات استهادية و وليست انتحارية....

إذًا : هناك فارق بين من يقتل نفسه ساخطا على قدر الله وقدره ، ومن يقتل نفسه حزنا على حبيب ولا يدري أن هذا محض اعتراض على قدر الله ، وهناك فرق بين من يقتل نفسه خوفا من الفتن عند الاسر، وهناك فرق بين من يبيع نفسه لنصرة دين الله ،فالاول هو كافر بالله ، واما الباقي فتنفعه لا اله الا الله