هل حقًا أنشق القمر ؟!

فقالوا : من يشهد لمحمدٍ رسولِ الإسلامِ على معجزةِ انشقاقِ القمرِ غير القرآنِ والأحاديثِ ؟!
تعلقوا على ذلك بقوله تعالى : "اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2)" (القمر).

الرد على الشبهة

أولاً : إن المسلمين يكفيهم أن يأتي خبر انشقاق القمر في القرآنِ الكريمِ ، أو السنةِ المطهرةِ فهذه مسألة إيمانية ؛ لأنهم لم يروا بأنفسهم ذلك المشهد ، ولكنّ اللهَ I أخبر به في كتابِه المجيد قائلاً : ] اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ]1[ وَإِن يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ]2[ [ ( القمر).

جاء في التفسير الميسر : دنت القيامة ، وانفلق القمر فلقتين، حين سأل كفار "مكة" النبيَّ r أن يريهم آية، فدعا الله، فأراهم تلك الآية. وإن ير المشركون دليلاً وبرهانًا على صدقِ الرسولِ محمد r ، يُعرضوا عن الإيمان به وتصديقه مكذبين منكرين، ويقولوا بعد ظهور الدليل: هذا سحر باطل ذاهب مضمحل لا دوام له . أهـ

إذًا : هذا يكفي بالنسبةِ للمسلمِ - ولله الحمد -.

ثانيًا : إن الردَ على سؤالِهم الذي يقول : من يشهد لمحمدٍr على معجزةِ انشقاقِ القمرِ غير القرآنِ والأحاديثِ ؟! يكون على عدةِ أوجه :

الأول : أتساءل : هل كان النبيُّ r يقرأ القرآنَ أمامَ أصحابِهy فقط ، أم أمام المشركين أيضًا ؟

الجواب : قرأ أمامَ المشركين أيضًا .

إذًا : يبقى سؤال الذي يطرح نفسه هو: هل قال واحدٌ من المشركين لما سمع الآيةَ الكريمة : إن انشقاقَ القمر لم يحدث ؟!

الجواب : لم يقل أحدٌ بذلك قط ، بل قالوا لما رأوا انشقاق القمر: " هذا سِحْرٌ مُّسْتَمِرٌّ".

إذًا : المشركون أنفسهم في زمانِ النبيِّ r شهدوا له r بهذه المعجزة ، وبوقوعِها ؛ لكنهم يؤولونها بأنها سحٌر مستمرٌ ، ولم ينفوا الحادثةَ ؛ ثبت في صحيحِ البخاري3365 عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ t أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ r أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً ، فَأَرَاهُمْ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ.

وألخص القول : بالنسبة لمعجزةِ انشقاقِ القمر أتساءل : هل كان النبيُّ r يقرأ القرآنَ في مكانٍ سريٍّ لا يسمعه أحدٌ ، أم كان يقرأ على مسامعِ الكفارِ في صلاةِ الجمعة والعيدين ... ؟

الجواب : كان يقرأ على مسامعِ الكفار في صلاة الجمعة والعيدين... ومع ذلك لم يذكر التاريخُ أي اعتراض من أحدٍ على آيةِ انشقاقِ القمرِ!

الثاني : شهدت لمحمدٍ r على معجزةِ انشقاقِ القمر غير القرآنِ الكريمِ ، والأحاديثِ ، وكالة ناسا الفضائية ، وهذا الحدث مصوّر فيه بقايا آثار انشقاق القمر ، فموقع ناسا يثبت انشقاق القمر كما جاء الخبرُ في القرآنِ الكريم ، وأدعو المعترضين لزيارتِه ليشاهدوا بأنفسِهم في الموقع التالي :
http://apod.nasa.gov/apod/ap021029.html

وأنبه بأن موقع ناسا الأمريكي لم ولن يقل :إن القمر انشق كما جاء في القرآن الكريم ؛ وإنما ذكر لنا حقيقة حدثت مثل تشققات.... حتى لا يقل أحدٌ : إن وكالة ناسا قالت :إن القمرَ انشق كما قال القرآن ..وهذه من معجزات نبي الإسلام ... هذا لم يحدث ولن يحدث ....

الثالث : شهدت لمحمدٍ r على معجزةِ انشقاقِ القمرِ غير القرآنِ الكريمِ ، والأحاديث ؛ بعضُ المعابدِ الهنديةِ البوذية مكتوب عليها ( بُني في ليلةِ انشقاق القمر ) ،وفي المقالة الحادية عشـرة من تاريخ فرشتـه الهندي تصريح بحدوث هذه الحادثـة ، وأن أهل مليبار شاهدوا ذلك وأرخوا بعض الأبنيـة بتاريخها.
إن هناك ملكًا يدعي جاكرواني فرماس والرواية كما جاءت في أحد المخطوطات الهندية القديمة" شاهد ملك ما جبارً "مالابار" بالهند (جاكرواني فرماس) انشقاق القمر ؛ الذي وقع لمحمد r ، وعلم عند استفساره عن انشقاق القمر بأن هناك نبوة عن مجيء رسولٍ من جزيرة العرب، وحينها عين ابنه خليفة له ، وانطلق لملاقاته. وقد أعتنق الإسلام على يد النبيِّ r، وعندما عاد إلى وطنه – بناءً على توجيهات النبي r وتوفي في ميناء ظفار"
المخطوطة الهندية موجودة في مكتبة مكتب دائرة الهند بلندن التي تحمل رقم المرجع : عربي 2807 ، 152 إلى 173 وقد اقتبسها حميد الله في كتابه محمد رسول الله وقد ورد في السنة أن هناك ملك هندي جاء وأشهر إسلامه عند النبيِّ ثم عاد لموطنه؛ فِفي مستدرك الحاكم: "عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – قال: ثم أهدى ملك الهند إلى رسول الله r جرة فيها زنجبيل، فأطعم أصحابه قطعة قطعة، وأطعمني منها قطعة. قال الحاكم ولم أحفظ في أكل رسول الله r الزنجبيل سواه. مستدرك الحاكم ك/ الأطعمة ج4 ص150. وقد حفظت المراجع الإسلامية قصة هذا الصحابي الذي قدم من الهند، فذكره الإمام ابن حجر العسقلاني في الإصابة ، وفي لسان الميزان وقال: إن أسمه (سَرْبَانَك) وهذا هو الإسم الذي عرف به عند العرب هذه رواية وهي تبدو محكمه إلى حدٍ بعيدٍ . أهـ منقول من مقال.


ثالثًا : إن الأناجيلَ ذكرت أن الأرضَ كلها أظلمت لما كان يسوعُ على الصليبِ ... وأسألهم نفسَ سؤالِهم من يشهد ليسوع غير الأناجيلِ أن الأرضَ كلها أظلمت ثلاث ساعات من السادسةِ إلي التاسعةِ لما كان يسوعُ على الصليب ؛ المفترض أنه حدث عظيم لابد أن يكون الجميع بما فيهم اليهود قد رأوه ؟!

الجواب : لا أحد ذكر أن الأرضَ كلها أظلمت ثلاث ساعات لما كان يسوعُ على الصليب بزعم معتقدهم سوى الأناجيل فقط ؛ جاء ما سبق في الآتي :
1- إنجيل متى إصحاح 27 عدد45وَمِنَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى كُلِّ الأَرْضِ إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. 46وَنَحْوَ السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً: «إِيلِي، إِيلِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» أَيْ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟

2- إنجيل مرقس إصحاح 15 عدد 33وَلَمَّا كَانَتِ السَّاعَةُ السَّادِسَةُ، كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. 34وَفِي السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ صَرَخَ يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلاً:«إِلُوِي، إِلُوِي، لِمَا شَبَقْتَنِي؟» اَلَّذِي تَفْسِيرُهُ: إِلهِي، إِلهِي، لِمَاذَا تَرَكْتَنِي؟

1- إنجيل لوقا إصحاح 13 عدد 44وَكَانَ نَحْوُ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ، فَكَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا إِلَى السَّاعَةِ التَّاسِعَةِ. 45وَأَظْلَمَتِ الشَّمْسُ، وَانْشَقَّ حِجَابُ الْهَيْكَلِ مِنْ وَسْطِهِ. 46وَنَادَى يَسُوعُ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ وَقَالَ: «يَا أَبَتَاهُ، فِي يَدَيْكَ أَسْتَوْدِعُ رُوحِي». وَلَمَّا قَالَ هذَا أَسْلَمَ الرُّوحَ.

ثم إن الأعجب من ذلك : أن المعترضين يعترضون على معجزةِ انشقاقِ القمر، والكتاب المقدس شهد لمعجزةٍ مثلِها ؛ هي لما أوقف الربُّ القمرَ ، ودامت الشمسُ ليوشع يوم كامل حتى انتصر على أعدائه ! نجد ذلك في سفر يوشع إصحاح 10 عدد12حِينَئِذٍ كَلَّمَ يَشُوعُ الرَّبَّ، يَوْمَ أَسْلَمَ الرَّبُّ الأَمُورِيِّينَ أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَقَالَ أَمَامَ عُيُونِ إِسْرَائِيلَ: «يَا شَمْسُ دُومِي عَلَى جِبْعُونَ، وَيَا قَمَرُ عَلَى وَادِي أَيَّلُونَ». 13فَدَامَتِ الشَّمْسُ وَوَقَفَ الْقَمَرُ حَتَّى انْتَقَمَ الشَّعْبُ مِنْ أَعْدَائِهِ. أَلَيْسَ هذَا مَكْتُوبًا فِي سِفْرِ يَاشَرَ؟ فَوَقَفَتِ الشَّمْسُ فِي كَبِدِ السَّمَاءِ وَلَمْ تَعْجَلْ لِلْغُرُوبِ نَحْوَ يَوْمٍ كَامِل. 14وَلَمْ يَكُنْ مِثْلُ ذلِكَ الْيَوْمِ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ سَمِعَ فِيهِ الرَّبُّ صَوْتَ إِنْسَانٍ، لأَنَّ الرَّبَّ حَارَبَ عَنْ إِسْرَائِيلَ.


ملاحظات هامة ملخصها في الآتي :

1- بالنسبةِ لمعجزةِ انشقاقِ القمر لم يشاهدها كلُ الناسِ في كلِ البلادِ ؛ لأن الليلَ لا يسود في كلِ البلادِ في وقتٍ واحدٍ مثال : الليلُ عندنا في مصر الآن ، وفي أمريكا عندهم نهار الآن وهكذا ؛ أعنى :عندنا القمر الآن وفي الوقتِ ذاته عندهم الشمس ساطعة .....

2- إن النصَ المذكور في الأناجيل يقول: " كَانَتْ ظُلْمَةٌ عَلَى الأَرْضِ كُلِّهَا ".
إذًا : المفترض أن كلَ الناسِ في كل أنحاءِ الأرضِ رأوا هذه الظلمة فيشهدوا للأناجيل .... وهذا لم يحدث !

ثم إنني أتساءل : لما مات يسوع الإله على الصليبِ بحسبِ زعمِهم، و بعضهم(الارثوزوكس) يعتقد أن اللاهوت لم يفارق الناسوت لحظة واحدة ، من كان يدبر أمرَ السماوات والأرض في تلك الفترة بعد موتِ الإله ؟!

1- إن معجزة يوشع بن نون شهد لها نبيُّنا r ؛ ثبت ذلك في السلسلةِ الصحيحةِ للألبانيِّ - رحمه اللهُ - برقم 2226 عن أبي هريرة t قال r : " ما حُبست الشمسُ على بشرٍ قطٌ إلا على يوشع بنِ نون ليالي سار إلى بيتِ المقدس ".

كتبه / أكرم حسن مرسي ، نقلا عن كتابي رد السهام عن خير الانام