السلام عليكم ورحمة الله و بركاته

أشرع في عمل كتاب مختصر يضم المواضيع الآتية ويكون في حدود 100 إلى 150 صفحة بحيث يضم ملخص الإجابة بالأدلة و البراهين على الكثير من التساؤلات التي يثيرها المسلمون و النصارى.

حوار مع الآخر

مقدمة
بسم الله الرحمن و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين وعلى آله و من تبعه بإحسان إلى يوم الدين وبعد ,
لا تختلف أي من الديانات السماوية سواء اليهودية وما سبقها من دعوة الأنبياء أمثال نوح و إبراهيم وغيرهما عليهم جميعا" السلام أو المسيحية و انتهاء بالإسلام على وحدانية الله تعالى , و لم يأت أي نص من نصوص الكتب التي بين أيدينا (القرآن الكريم أو التوراة و الإنجيل "الطبعات الموجودة " ) ينافي هذا الاعتقاد .
و مع ذلك كثير من المناقشات و الحوارات التي تدور بين مسلمين و غيرهم يبدأها المسلم بعبارة الله واحد والطرف الغير مسلم يرد نعم أعرف ذلك , وهنا تضح إحدى مشاكل الحوار فأحدهما لا يعلم معنى الوحدانية التي يقصدها الآخر و الآخر لا يعلم ما يعتقده الأول , فالطرفان بعيدا عن بعضهما البعض وكل منهما قد أثرت فيه نشأته و ثقافته فكون كل منهما قناعة ذاتية لا يحيد عنها و لا يريد أن يختبر مدى مصداقيتها و يراجع معتقداتها من حين إلى آخر ليجدد إيمانه و يرسخ دعائمه.
لذلك راعيت في هذا الكتاب أن آتي بكل تعريف من أصحابه و من واقع نصوصه و تفاسيره حتى نكون أرضية مشتركة من لغة الحوار و مصطلحاته نستطيع أن نصل باستخدامها لنتيجة عقلانية سليمة عند مناقشة وجهات النظر المختلفة.
كما سأعرض بإذن الله تعالى في نهاية الكتاب الرد على بعض النقاط الصغيرة و التي غالبا" ما تأتيني من غير المسلمين و تبين اتساع هوة سوء الفهم بالرغم من صغر حجم المسألة أو الشبهة المثارة حول الإسلام.
وقد راعيت في هذا الكتاب يسر الأسلوب والاختصار قدر المستطاع.


-------------------------------------------------------------------------


فصول الكتاب .

1- مقدمة لا بد منها .
- هل الله موجود ؟
- لماذا خلقنا الله ؟
- هل نحن مسيرون أم مخيرون ؟
- ما معنى كلمة نصارى و ما معنى مسيحي ؟
2- التعريف بالنصرانية .
- النصرانية.
- الكتاب المقدس.
- الفرق النصرانية و تاريخ انشقاق الكنائس.
3-التعريف بالإسلام .
4- وحدانية الله تعالى و قضية الثالوث.
– معنى التوحيد.
– أدلة الوحدانية في العهد القديم والجديد.
– الثالوث من حيث :
النصوص الدالة عليه. تاريخ اعتماده . مطابقته للعقل. تفنيد أمثلة شرح الثالوث . أراء الآباء و علماء النصارى فيه .
– الرد على محاولات إثبات الثالوث من القرآن.
5- ألوهية السيد المسيح .
–الأدلة و الرد عليها.
– تاريخ اعتماد الألوهية.
– الرد على محاولات إثبات ألوهية السيد المسيح من القرآن!
6- ألوهية الروح القدس.
7- الكتاب المقدس .
- من هم كتبة الكتاب المقدس ؟
- الكتاب المقدس وتعارضه مع العلم و التاريخ.
– الكتاب المقدس و المحتوى الذي لا يليق ؟
_ القرآن يشهد للكتاب المقدس؟ أم يشهد عليه ؟؟
- الرد على سؤال النصارى من حرف الكتاب المقدس ؟ و أين ؟ ومتى ؟ و لماذا ؟ وكيف ؟.
8- مواضيع متنوعة .
– الفداء و الخلاص بين الإسلام و النصرانية.
– عصمة الأنبياء بين الإسلام و النصرانية.
– التشريع في النصرانية.
– التشابه بين النصرانية و البوذية.
– ظهور السيدة العذراء.
– وادي بكة في الكتاب المقدس.
– البشارة بالرسول عليه الصلاة و السلام في الكتاب المقدس.
9- الرد المختصر على أشهر الشبهات حول الإسلام.
(الإسلام و السيف- الجزية –زواج الرسول عليه الصلاة و السلام- الكعبة و الحجر الأسود-الحدود-- الناسخ و المنسوخ- غروب الشمس في عين حمئـة - مريم أخت هارون- تعدد الزوجات – الطلاق- وضع المرأة –زواج المتعة ).
10- فلنتبع شرع الله تعالى ؟؟


------------------------------------------------------------------------------

مقدمة لا بد منها.


الله.


الله ذلك الاسم الكريم هو اسم علم على الذات المقدسة التي نؤمن بهاونعبدها .
{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (24) سورة الحشر.
{هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (65) سورة غافر
فلأنه هو الوحيد الخالق الباريء فهو الوحيد المستحق للعبادة .

ولكن ما الدلائل على وجود الله تعالى ؟ و ما الذي يمنع من ان يكون الخلق قد جاء بالتطور أو بالصدفة أو بالطبيعة كما أدعى بعض الملحدين. ؟؟

لقد أوجد الله سبحانه وتعالى في هذا الكون أدلة تنطق بوحدانية الله ووجوده.
ولقد جعل الله الأداة الآولى لادراك وجوده هي العقل، فالعقل هو الذي يدرك وجود الله تعالى بالدليل العقلي الذي وضعه الخالق في الكون.
وسنسوق باختصار بعض الأدلة على وجود الله سبحانه و تعالى ربما تكون منفذا لمن يبحث عن المزيد من الضوء ممن وقعوا في شبهات يرفضونها بعقولهم و لكن لا يعرفون كيف يفندونها.


1-دليل الإبداع .
من المعروف أن الإنسان لم يخلق نفسه و لم يخلق الحيوانات أو النباتات أو الأرض التي يعيش عليها .
ولم يدع أي أحد أنه قادر على أن يخلق من العدم أو سبق له خلق مثل خلق الإنسان أو الحيوان.
وقد قرر القرآن الكريم هذا الدليل في الآية الكريمة
{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ} (36) سورة الطور
2- دليل العناية .
إن آثار صفات الله ومعالم بديع صنعه مبثوثة في كل ناحية من نواحي هذا الكون ، فكل ما في الكون من مخلوقات دليل مشاهد على الخالق -سبحانه- الذي خلقه وأحكمه وأبدعه.
وقد استدل أبو حنيفة رحمه الله بأدلة الكون في الآفاق والأنفس لمن حاوره من الزنادقة عندما سألوه عن وجود لله ، فقال : " دعوني فإني مفكر في أمر قد أخبرت عنه، ذكروا لي أن سفينة في البحر موقرة فيها أنواع من المتاجر ، وليس بها أحد يحرسها ، ولا يسوقها، وهي مع ذلك تذهب وتجيئ ، وتسير بنفسها ، وتخترق الأمواج العظام حتى تخلص منها ، وتسير حيث شاءت بنفسها من غير أن يسوقها أحد !" فقالوا : هذا شيء لا يقوله عاقل ! فقال : ويحكم!! هذه الموجودات بما فيها من العالم العلوي والسفلي، وما اشتملت عليه من الأشياء المحكمة ليس لها صانع ؟ فبهت القوم، ورجعوا إلى الحق، وأسلموا على يديه.

فالجاحد هو من يجد ثوبا" أنيقا" ولا يستدل من وجود الثوب أن هناك من صنعه !! بل يعزي الأمر إلى الصدفة التي تدخلت و جعلت طرف خيط يدخل من تلقاء نفسه في ثقب إبرة وتتحرك الإبرة حركات محسوبة لتنشيء الثوب بكل تفاصيله الجمالية الدقيقة.

وهو نفسه الذي يتخيل أن جسم الإنسان ووظائف الأعضاء الدقيقة التي تعمل في منظومة متكاملة هي من صنع المصادفة أو جاء نتيجة لنظرية التطور التي أتضح فشلها وتعارضها الصارخ مع العلم و التاريخ.

إن كل معطيات العلم الحديث تؤكد وجود خالق قادر مبدع و تلقي بنظريات الإلحاد بلا رجعة.
يقول الله تعالى
{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} (53) سورة فصلت
لقد زار الشيخ محمد الغزالي مصنعا" للسكر في صعيد مصر وأخذ جولة داخل العنابر التي تضم الغلايات ووحدات التجفيف وخطوط الإنتاج وغيرها من عنابر و أقسام, ثم توقف فجأة محدثا" نفسه قائلا" سبحان الخالق الذي أودع مثل هذا كله في بطن نحلة .!!

وكلما أتجه الباحث أو العالم لتحصيل العلم كلما إزداد يقينا بوجود الله سبحانه فكما كتب صاحب قذائف الحق أنه ذكر الصحافى الشهير " أنيس منصور " في السبعينات أن العالمة الإنجليزية الدكتورة " مرجريت برنبريدج " مديرة مرصد " جرنيتش " قد اكتشفت أبعد نجم فى هذا الكون، وقد سمى الفلكيون هذا النجم " كازار " وأطلقت عليه الدكتورة المكتشفة " كازار 172 " .
هذا الجسم يبعد عنا بمقدار 15600 مليون سنة ضوئية، والسنة الضوئية تساوى ( 365 يوماً × 24 ساعة × 60 دقيقة × 60 ثانية × 186000 ميل وهى سرعة الضوء فى الثانية الواحدة ) .
ورد هذا النبأ فى مجلة الطبيعة، ووصفت الدكتورة المكتشفة هذا النجم بأنه ساطع جداً .
ولهذه العالمة سبق فى ميدان الاكتشاف الفلكى إذ سجلت وجود نجم سماوى آخر فى أبريل سنة 1973.
ولما سئلت الدكتورة عن اتساع الكون الذى نعيش فى جانب محدود منه قالت : لا أحد يعرف . إن هذه هى حدود معرفتى بالقدر الذى تسمح به عدسة قطرها ( 120 ) بوصة، ولو كانت هناك عدسات أكبر أو أجهزة أقدر وأدق لاتسع أمامنا الكون، أكثر وأكثر .
سئلت : هل الله موجود ؟ وكان جوابها : من المؤكد أنه موجود !!
قيل لها : ولكن لماذا ؟ فأشارت إلى السماء وقالت : لهذا !!
ومن قبل ذلك بنصف قرن عندما أعلن " أينشتين " نظرية " النسبية " سأله بعض الناس : هل الله موجود ؟
وكان الرد : رياضياً موجود !!
وسئل : وكونياً ؟ قال : موجود !
قيل له : لماذا ؟ وكان الجواب : لهذا .. " وأشار إلى السماء " .
أقول ( الكلام للشيخ محمد الغزالي ) إن القرآن الكريم أكثر الحديث عن السماء، وهو يبنى الإيمان على التأمل فى الكون والنظر فى سعته ودقته وخصائص مادته واستقامة قوانينه " والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون " ( الذاريات : 51 ) " ولقد جعلنا فى السماء بروجاً وزيناها للناظرين " ( الحجر : 16 ) " وجعلنا السماء سقفاً محفوظاً وهم عن آياتها معرضون " ( الأنبياء : 32 ) ..(2)
وقد قال أحد العلماء سنفترض جدلا" أن الصدفة قد خلقت الرجل , فكيف أستطاعت الصدفة أن تخلق المرأة لتكون مناسبة كزوجة للرجل فتستمر بهما الحياة و تنشأ أجيال جديدة؟.
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم.

وقد ذكر الدكتور مصطفى محمود بكتابه ""الله "" بعض المشاهدات التي تدل على وجود خالق مبدع للعالم و ما يحويه من كائنات حيىة فكتب:
إن القطة العجماء تتبرز ثم لا تنصرف حتى تغطي برازها بالتراب .. فكيف عرفت معنى القبح و الجمال ...؟!
و الجمل الذي لا يضاجع انثاه إلا في خفاء و ستر .. بعيدا" عن العيون فإذا أطلت عين امتنع و توقف و نكس رأسه في الأرض . هل يعرف الحياء ؟.
وخلية النحل التي تحارب لآخر نحلة وتموت لآخر فرد في حربها مع الزنابير . من علمها الشجاعة و الفداء ؟!
و أفراد النحل الشغالة حينما تختار من بين يرقات الشغالة يرقة تحولها إلى ملكة بالغذاء الملكي و تنصبها حاكمة .. في حالة موت الملكة بدون و راثة . من أين عرفت دستور الحكم .؟؟
و البعوضة التي تجعل لبيضها الذي تضعه في المستنقعات أكياسا" للطفو يطفو بها على سطح الماء ... كم علمها قوانيم أرشميدس في الطفو. ؟؟!.
والأشجار الصحراوية التي تجعل لبذورها اجنحة تطير بها أميالا" بعيدة بحثا" عن فرص مواتية للإنبات من علمها ؟.
و الحباحب التي تضيء في الليل لتجذب البعوض لتأكله. من علمها هذه الحيلة ؟ .
والزنبور الذي يغرس إبرته في المركز العصبي للحشرة الضحية فيخدرها و يشل حركتها ثم يحملها إلى عشه ويضع عليها بيضة و احدة ..حتى إذا فقست خرج الفقس فوجد أكلة طازجة جاهزة !!.
من أين تعلم هذا الزنبور الجراحة و تشريح الجهاز العصبي ؟؟
ومن أين جاءت تلك المخلوقات بعلمها و دستورها إن لم يكن من خالقها ؟؟.


إن الدين يدعونا للتفكر في خلق الله تعالى و التفكر في خلق الله تعالى يؤدي بنا إلى الإيمان بقدرة و عظمة الخالق سبحانه و تعالى.

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} (164) سورة البقرة
{وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ} (81) سورة غافر.


ونختم هذ الباب بنقاش كان أحد طرفيه الشيخ عبد المجيد الزنداني من كتاب طريق الإيمان
مناقشة مع ملحد :
لقد دارت بيني وبين أحد السويسريين(كان يعمل مستشاراً في وزارة التربية والتعليم في اليمن من قبل اليونسكو عام 1969م( مناقشة، ضربت له فيها أمثلة كثيرة تدل على أن الخالق عليم، فلم يقتنع حتى ضربت له مثالاً بعمل الجهاز التنفسي .
فقلت : هل ملابس رواد الفضاء الذين خرجوا إلى خارج الغلاف الهوائي كملابسنا ؟
قال : لا .
قلت : لماذا ؟!
قال : لأنه يجب أن تتناسب ملابسهم مع البيئة التي سيخرجون إليها .
قلت : هل الذين صنعوا هذه الملابس المناسبة مع البيئة التي سيخرج إليها رواد الفضاء علماء أم جهلاء ؟!
قال : علماء .
قلت له: إذا قلت لك: إن صانع ملابس رواد الفضاء إسكافي ( صانع أحذية ) في صنعاء هل ستصدق ذلك ؟!
قال : لا أقبل منك ذلك .
قلت له : وأنت عندما كنت في بطن أمك قبل الولادة ستخرج إلى عالم جديد كما يخرج رائد الفضاء إلى عالم آخر. وأنت في داخل الرحم هل كان يوجد أوكسجين تتنفسه من أنفك ورئتيك ؟!
قال : لا .
قلت : فالذي خلقك داخل بطن أمك، وخلق لك جهازاً لا تحتاج إليه وأنت في رحم أمك عليم بأنك ستخرج إلى عالم فيه أوكسجين ، وأن هذا الأوكسجين يجب أن يدخل جسمك ويجب أن يطرد ثاني أكسيد الكربون ، فجهزك بجهاز يدخل الهواء الصالح ، ويخرج الهواء الفاسد، هل الذي فعل ذلك يعلم أم لا يعلم ؟ فسلم عند ذلك بأن خالق ذلك الجهاز لا بد أن يكون متصفاً بالعلم سبحانه وتعالى. وبعد مناقشات حول الإعجاز العلمي ومعجزات الرسول r قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا ًرسول الله . ( )

-------------------------------------


لماذا خلقنا ؟

العقل يدرك وجود الله تعالى بالدليل العقلي الذي وضعه الخالق في الكون. ويدرك أن خالق هذا الكون يتصف بصفات العلم و الحكمة. فيدرك أنه من غير المعقول أن الخالق قد خلقنا عبثا" أو بدون هدف محدد فهذا لا يليق بحكمته جل شأنه.
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} (116) سورة المؤمنون
ولكننا بالعقل لا نستطيع أن ندرك ماذا يريد الخالق منا، وكيف نعبده، وكيف نشكره؟
لذلك كان لا بد أن يرسل الله الرسل ليبلغونا عن الله، لماذا خلق الله هذا الكون؟ ولماذا خلقنا؟ وما هو منهج الحياة الذي رسمه لنا لتتبعه؟ وماذا أعد لنا من ثواب وعقاب؟.
{رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } (165) سورة النساء.

فجاء الرسل الذين أصطفاهم الله تعالى من بين خيرة خلقة وحفهم بالرعاية والعناية , جاءوا ومعهم المعجزات من الله التي تبين صدق رسالاتهم ودعواهم و جاء معهم المنهج الواجب علينا إتباعه.
فمن أطاع الله ورسله فله خير الجزاء و من تولى فله شر العقاب.

{وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (69) سورة النساء.

{وَمَن يَعْصِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ} (14) سورة النساء


قال رسول الله عليه الصلاة و السلام " كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى " قيل ومن يأبى ( أي يرفض ) يا رسول الله ؟ قال : " من أطاعني دخل الجنة و من عصاني فقد أبى" رواه البخاري.- الجامع الصحيح-7280 و الألباني- السلسلة الصحيحة 2044.

ولقد بين لنا الله حكمته من الخلق فقال تعالى
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} (27) سورة ص
وبين لنا سبب الخلق فقال
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (56) سورة الذاريات.
وأصل العبادة في اللغة : الطاعة والخضوع والتذلل . أما مفهوم العبادة في الشرع فمفهوم واسع شامل.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :

[ العبادة هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة فالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث والأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام والوفاء بالعهود والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد للكفار والمنافقين والإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل والمملوك من الآدميين والبهائم والدعاء والذكر والقراءة وأمثال ذلك من العبادة .
وكذلك حب الله ورسوله وخشية الله والإنابة إليه وإخلاص الدين له والصبر لحكمه والشكر لنعمه والرضى بقضائه والتوكل عليه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه وأمثال ذلك هي من العبادة لله ] العبودية ص 38 . والفتاوى 1060/36 .

---------------------------------------------------------


مسير أم مخير ؟

تساؤلات دائما ما تثار , هل الإنسان مسير أم مخير ؟ و إن كان الله قد كتب علينا أفعالنا فلما يحاسبنا ؟ و ما الفرق بين {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (30) سورة الإنسان و بين {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ......الآية } (29) سورة الكهف. فلمن المشيئة ؟
وكيف القول ان الله هو الذي يهدي و يضل فما ذنب من لم يهده الله ؟
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللّهُ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ } (4) سورة إبراهيم.


الله سبحانه و تعالى له نعوت الكمال و صفات الجلال والجمال فمن عداد ما ينبغي الإيمان به أن لله وحده صفات العلم الواسع.
وكل ما في الحياة من أحداث و مابعدها من ثواب أو عقاب لأي مننا قد أستوعبه العلم الإلهي .
{.. وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (61) سورة يونس

ولجهلنا بما سينتظرنا وجب علينا العبادة والعمل بما يرضي الله تعالى .
{وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (105) سورة التوبة
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} (97) سورة النحل
كتب ابن عثيمين رحمه الله في كتاب شرح الأصول الثلاثة
ولقد روى البخاري و مسلم و اللفظ للبخاري عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما منكم من أحد إلا قد كتب مقعده من النار أو من الجنة. " فقال رجل من القوم : ألا نتكل يارسول الله ؟ قال " لا اعملوا فكل ميسر , ثم قرأ {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى} " الآية .(5) سورة الليل . وفي لفظ لمسلم : " فكل ميسر لما خلق له" فأمر النبي صلى الله عليه و سلم بالعمل و نهى عن الإتكال على القدر.
البخاري – كتاب التفسير – و مسلم كتاب القدر-باب كيفية الخلق لآدم.

نحن مجبرون في هذا .
كل ما تم بدون إرادتنا فأننا مجبرون فيه مثل نوع الجنس ذكر أو أنثى , تاريخ الميلاد , مكان الميلاد , لون البشرة , الطول ,..............
ومن عدل الله سبحانه و تعالى أنه لن يحاسبنا بما لم يكن لنا فيه إختيار فلن يسال أحدنا لماذا جئت ذكر و يسأل الآخر لماذا بشرتك بيضاء ؟ و لن يحاسبنا الله تعالى على فعلةفعلها أبوينا أو على ما أكرهنا عليه

{مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (15) سورة الإسراء
{مَن كَفَرَ بِاللّهِ مِن بَعْدِ إيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (106) سورة النحل.

الله سبحانه و تعالى عادل و ليس بظلام للعبيد وهذه الآية يجب أن تكون مصباحا" لكل من يختلط عليه أمر ما
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} (46) سورة فصلت.ولكن ما التعارض في هذا ؟

يقول الله تعالى {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (30) سورة الإنسان
فهل هذا يعني أن إرادتنا و مشيئتنا ليست حرة ؟

يقول الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله- في شرح العقيدة الواسطية.( باختصار)
-أما المشيئة, فيجب أن نؤمن بأن مشيئة الله تعالى نافذة في كل شيء , و ان قدرته شاملة لكل شيء من أفعاله وأفعال المخلوقين.
-وأما كونها شاملة لأفعاله فالأمر فيها ظاهر.
- وأما كونها شاملة لأفعال المخلوقين , فإن الخلق كلهم ملك لله تعالى , و لا يكون في ملكه إلا ما يشاء.
والدليل قوله تعالى {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ } (118) سورة هودوهذه الآية تدل على أن أفعال العبد متعلقة بمشيئة الله .
وقال تعالى {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} (30) سورة الإنسانوهذه تدل على أن مشيئة العبد داخلة تحت مشيثئة الله تعالى وتابعة له.

فقد منحنا الله تعالى حق الأختيار فأعطانا المشيئة و القدرة على الأختيار ولكن هذا كله واقع تحت مشيئته و إرادته سبحانه و تعالى.
والكثير من الآيات توضح و تبين أن أختيار المرء للحق أو للباطل هو من اختياره هو مثل قول الله تعالى
{وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ... الآية } (29) سورة الكهف
{إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَاء اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا} (19) سورة المزمل
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ} (108) سورة يونس



ولو شاء الله لأخذ منا قدرتنا على الأختيارالتي أعطاها لنا وأجبرنا على أخذ إتجاه واحد كما في الآية الكريمة.
{وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} (99) سورة يونس.

ولكن ما معنى أن الله يهدي من يشاء ؟
نعود إلى القاعدة الرئيسية
{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} (46) سورة فصلت


قسم العلماء الهداية إلى نوعين

الأول هداية دليل و إرشاد بمعنى أن الله تعالى يبين الطرق ويدل عليه و على الإنسان الاختيار والعمل .
{وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } (17) سورة فصلت.
تفسير ابن كثير و مثله في الطبري و القرطبي و الجلالين
وَقَوْله عَزَّ وَجَلَّ " وَأَمَّا ثَمُود فَهَدَيْنَاهُمْ " قَالَ اِبْن عَبَّاس رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا وَأَبُو الْعَالِيَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَقَتَادَة وَالسُّدِّيّ وَابْن زَيْد : بَيَّنَّا لَهُمْ.

الثاني هداية زيادة وفضل و معونة.
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} (17) سورة محمد
إن الله تعالى يبين الطريق إلى صراطه المستقيم ، فمن يأخذ بهداية الدلالة يزده الله بهداية المعونة و الزيادة .
والاختيار بيد الإنسان كما جاء في الآيات الكريمة
{قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءكُمُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ} (108) سورة يونس
{مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً} (15) سورة الإسراء
{وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ} (92) سورة النمل

يقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه عقيدة المسلم
نحن نجد أن إطلاق المشيئة في آية تقيده اية آخرى يذكر فيها الاختيار الإنساني صريحا".
أي أن إضلال الله لشخص , معناه : إن هذا الشخص آثر الغي على الرشاد , فأقره الله على مراده, وتمم له ما ينبغي لنفسه..
{.. فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} (5) سورة الصف
و انظر إلى قيمة التنويه بالاتجاه البشري المعتاد.
{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا} (115) سورة النساء.
فهل بقى غموض في إطلاق المشيئة ؟ لا .
إن معنى قوله { يُضِلُّ مَن يَشَاء }لا يعدو قوله :
{.... وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ (26) {الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ} (27) سورة البقرة
وكذلك الحال في { َيَهْدِي من يشاء}
انظر إلى قيمة الإرادة الإنسانية في قول الحق وهو يتكلم عن إرادته
{ قُلْ إِنَّ اللّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ (27) الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (28) سورة الرعد .

فهو يهدي إليه من أناب و
{ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (51) سورة المائدة
{ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ} (28) سورة غافر

---------------------


معنى كلمة نصارى أو نصراني

في مختصر تفسير ابن كثير للصابوني (وبالمثل في الكثير من التفاسير) جاء الآتي في تفسير قول الله تعالى

{إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} (62) سورة البقرة

(النصارى وسموا بذلك لتناصرهم فيما بينهم، وقد يقال لهم أنصار أيضاً كما قال عيسى عليه السلام: {من أنصاري إلى الله؟ قال الحوارين نحن أنصار الله} وقيل إنهم إنما سموا بذلك من أجل أنّهم نزلوا أرضاً يقال لها ناصرة، قاله قتادة وروي عن ابن عباس أيضاً، واللّه أعلم.)

أما لو بحثنا في معاجم اللغة العربية عن كلمة نصارى فسنجد أنها تنسب إليهم نتيجة لبلد السيد المسيح.

مختار الصحاح للرازي
(و نَصْرَانُ بوزن نجران قرية بالشام تنسب إليها النَّصَارَى ويقال اسمها ناصِرَةُ و النَّصَارَى جمع نَصْرَانٍ و نَصْرَانَةٍ كالندامى جمع ندمان وندمانة ولم يستعمل نصران إلا بياء السبة و نَصَّرَهُ تَنْصِيراً جعله نَصْرَانِياً.)

ونفس النتيجة نحصل عليها بالبحث في القاموس المحيط—لفيروز آبادي.

ونجد ما يؤكد هذا المعنى في إنجيل مرقس 1:10 "9فِي تِلْكَ الأَيَّامِ جَاءَ يَسُوعُ مِنَ النَّاصِرَةِ بِمِنْطَقَةِ الْجَلِيلِ،"
يتضح مما سبق أن لقب نصارى أطلق عليهم لأنهم ناصروا بعضهم أو كانوا انصار الله أو نسبة إلى بلد السيد المسيح الناصرة.


ويخبرنا القرآن الكريم أنهم هم من أطلقوا على أنفسهم هذا الاسم
{وَمِنَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللّهُ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} (14) سورة المائدة

ولكن من أين جاء لفظ مسيحي ؟
حسب كتاب The sources of Christianity Page 15 " لم يسمح عيسى خلال حياته لأتباعه أن ينسبوا أنفسهم له , فكلمة مسيحي أو نصراني أو ما شابه كانت ممنوعة لأن عيسى كان يعد نفسه حلقة من أنبياء بني إسرائيل , و كانت شريعة موسي هي شريعته, ولم تظهر كلمة Christian مسيحي إلا في القرن الثالث في المجلس الذي عقد بمدينة نيس."

يقول الداعية الكبير أحمد ديدات رحمه الله في كتابه " محمد المثال الأسمى "

(إن الرجل الأبيض يصف نفسه بأنه مسيحي لأنه يعبد المسيح . وهو يسمي من يعبد " بوذا " " بالبوذي ".
فمن الجائزنسب اللقب إلى الإله مثل مسيحي أو بوذي.
أو إلى فكر ما مثل شيوعي أو قومي .
أو نسبة إلى شخص يعتنق فكرا" مثل ماركسي.
أو إلى البلد أو المنطقة التي تنتمي لفكر معين مثل رجل شرقي .

و لقد فضلت أن أقدم هذا التعريف بمعنى كلمة نصراني و معنى كلمة مسيحى و أبين خلو كلمة نصراني من أي معنى يسيء للآخر خلال الحوار معه , لأنني واجهت كثيرا" من يرفضون الحوار مع المسلمين لمجرد أنهم يدعوهم نصارى !! لذلك لزم التنويه .


في إنتظار أرائكم و اقتراحاتكم فهذه مسودة للكتاب بارك الله فيكم و جزاكم كل خير