تخيلوا لو خلقنا الله تعالى بغير جلد؟

جسم بلا غلاف.. بلا مقاومة.. أعضاء غير محفوظة.. معرّضة للتلف والميكروبات.. وحرارة الشمس وأشعتها وبرودة الطقس وللغبار.. جسم بلا مستقبلات للإحساس بالحرارة والبرودة واللذة والألم والضغط.. يتبخّر منه الماء وتضيع منه الأعضاء!

انظروا لرقّة جلد الوجه والجفون ولغلظ جلد أخمص القدم
انظروا للبصمات
انظروا كيف حفظ الله تعالى أطراف الأصابع بالأظافر كما يحفظ الناس أطراف رباط الحذاء باللاصق

تصورا لو كانت جلودنا مشدودة ليس فيها مرونة.. مثل وجوه الممثلات اللواتي خضعن لعمليات شدّ الوجه!

لاهترأت الأقدام وعجزت الأصابع عن الطباعة على لوحة المفاتيح وعزف البيانو، ولعجز الوجه عن الابتسام والجبين عن التقطيب

وإذا رفعنا أيدينا تمزّق الإبط.. وإذا انحنينا لالتقاط شيء تمزّق أسفل الظهر.. وإذا ابتسمنا تمزّقت الشفاه!

اسألوا من أصيب يوماً بمرض جلدي كم هي أمراض قاسية ومذلّة.. تسبّب الألم والحكّة وحتى العقد النفسية والمشاكل الاجتماعية؛ مثل حبّ الشباب والإكزيما والفطريات والجرب وتساقط الشعر والبرص والجذام والبهاق والسرطان...

تأمّلوا كيف أمرنا الله تعالى بالاعتناء بالجلد: الوضوء خمس مرات في اليوم والاغتسال كل جمعة وأكل الزيت والادّهان به وجعل إزالة الشعر الزائد وقص الأظافر من سنن الفطرة وحرّم الوشم...

الجلد يشهد علينا يوم القيامة: ".. شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون 20 وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا .." فصلت

وبه يحسّ الكافر العذاب: " كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غيرها ليذوقوا العذاب" 56 النساء

وفيه يُرى نور المؤمن وخشوعه: " كتاباً متشابهاً مثاني تقشعرّ منه جلود الذين يخشون ربّهم ثمّ تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله"

انظروا كيف ربط الله تعالى بين الجلود والقلوب (تلين جلودهم وقلوبهم) جلودنا مرآة لقلوبنا، فيها يرى ذل المعصية وفيها يرى نور الخشوع وفيها ترى نضرة السعادة وسواد الكآبة، وتورّد الخجل وصفار المرض وزرقة البرد وحمرة الحر ونضارة الطفولة وترهل الزمان