أولا : من هو أوسابيوس القيصرى ؟

سير القديسين والشهداء في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية
"انظروا إلى نهاية سيرتهم؛ فتمثلوا بإيمانهم" (عب7:13)


المؤرخ أوسابيوس القيصري



وُلد أوسابيوس بامفيليوس Eusebius Pamphili في فلسطين حوالي عام 265 م، وقد لُقب باسم معلمة "بامفيليوس" الذي استشهد عام 308 م، وحسبه أباه الروحي.
يعرف هذا الأب بلقب "أب التاريخ الكنسي"، فقد سجل لنا كتابًا عن "التاريخ الكنسي"، قدم لنا فيه قائمة بأهم الكتّاب المسيحيين وكتاباتهم. وبالرغم مما حوى مقتطفات من كتب فقدت تمامًا، وقدم لنا أسماء كتب لا نعرف عنها شيئًا حتى الآن.
أبوه الروحي الشهيد بامفيليوس خلق فيه تعلقًا بالعلامة أوريجينوس الإسكندري، الذي افتتح مدرسته الشهيرة بقيصرية فلسطين وأقام بها مكتبة ضخمة انتفع بها أوسابيوس نفسه في كتاباته.
إذ استشهد أبوه الروحي هرب هو من الاضطهاد إلى صور، ومنها على مصر في برية طيبة، حيث أُلقيّ القبض عليه وسجن لمدة عدة أشهر.
اختير عام 313 أسقفًا على قيصرية، وكان له دور رئيسي في الصراعات الأريوسية فقد أراد أن يقيم سلامًا بين الفريقين على حساب العقيدة، لهذا أخذ ببعض الاتجاهات الأريوسية، وحُسب "نصف أريوسي"، أما بالنسبة للقديس البابا أثناسيوس فلم يكن بالمعين له، بل على العكس كان معينًا لأصحاب الفكر الشبه أريوسي، ويعلل البعض اتجاهه هذا إلى تخوفه المبالغ فيه من الانحراف إلى السابليه (أتباع سابليوس القائلين بأن الله أقنوم واحد ظهر تارة بكونه الآب وأخرى قام بدور الابن وثالثة بدور الروح القدس).
في مجمع نيقية المسكوني عام 325 لم يكن يميل إلى القانون النيقوي لكنه وقّع عليه دون قبول داخلي، وقد انحاز إلى الطرف الأريوسي بعد انفضاض المجمع. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء). في سنة 330 م عزل الأسقف أوستاثيوس الإنطاكي في مجمع إنطاكية الأريوسي؛ وفي سنة 335 م حضر مجمع صور بعد تدشين كنيسة القيامة بأورشليم، الذي قرر عزل البابا أثناسيوس عن كرسيه، وقد طعن البابا في أحقية أوسابيوس في رئاسة المجمع وفي قراره، لكن الإمبراطور ـ خلال الوشايات ـ صدق على القرار ونفاه إلى تريف.
كتاباته:


لعل سر شهرته في كل العالم المسيحي ترجع إلى كتابه "التاريخ الكنسي"، الذي يضم عشرة كتب تحوي تاريخ الكنيسة من تجسد ربنا يسوع المسيح إلى عام 323 م، مقدمًا لنا شرحًا وافيًا عن التلاميذ وعن الأعمال الكرازية والاضطهادات والهرطقات.
بجانب هذا الكتاب له مجموعة من الكتب التاريخية مثل تاريخ العالم منذ الخليقة، وحياة قسطنطين بكونه أول إمبراطور مسيحي في الدولة الرومانية وشهداء فلسطين، وحياة أبيه الروحي بامفيليوس.
يعتبر أيضًا من المدافعين المسيحيين في الفترة المتأخرة، إذ له عدة كتب دفاعية. كما أن له كتبًا عقيدية وتفسيرية وعظات ورسائل.

فباختصار أوسابيوس كان أحد الأساقفة و يعد أب للتاريخ الكنسي و لكنه كان يميل للأريوسية و غير مقتنع بقانون الإيمان النيقاوى

و الآن لنرى تعاليم أوسابيوس القيصرى عن الروح القدس و عقيدته

نقرأ من كتاب
المجامع المسكونية و الهرطقات
للأنبا بيشوى

على الرابط :
http://st-takla.org/Coptic-History/C...ma3.html#_ftn2
المجامع المسكونية والهرطقات - الأنبا بيشوي

15- دور يوسابيوس القيصرى المؤرخ قبل مجمع القسطنطينية




لا نغفل في سرد هذه الحقبة دور Eusebius Pamphili يوسابيوس القيصرى المؤرخ الشهير أسقف قيصرية (ولد 264م- توفى340م) الذي كان عضوًا في جماعة النصف أريوسيين، وواحد من المتحمسين لأوريجانوس. لقد كان غير دقيق في تعبيراته اللاهوتية، حتى أنه يمكن بسهولة وضعه ضمن المتقدمين في الهرطقة الأريوسية. وقد كتب نفس المفاهيم التي أوردناها عن تعليم أوريجانوس بشأن الروح القدس.
كان يوسابيوس يؤمن ويعلِّم بأن الروح القدس هو ثالث في الكرامة والمجد وفي الدرجة أيضًا أى في الجوهر. فكان يصف الروح القدس بأنه يستقبل نوره من الكلمة، كالقمر في فلك اللاهوت وأنه يستمد كل كيانه وصفاته من الابن. وبذلك كان يحسبه أنه ليس إلهًا ولا حتى بمستوى الابن، أى ليس غير مخلوق، وكونه لا يستمد أصله من الآب كالابن فيتحتم أن يكون واحدًا من الأشياء التي خلقت بواسطة الابن، وبالنص الحرفى يقول:
Oute qeoV oute uioV epi mh ek tou patroV omoiwV tw uiw kai auto thn genesin eilhfen en de ti twn dia tou uiou genomenwn[1]
ثم يعود يوسابيوس ويستدرك هذا الشطط، لعله يعيد للروح القدس شيئًا من هيبته الإنجيلية فيقول: وبالرغم من أنه مخلوق إلا أنه أعلى وأفضل جميع المخلوقات.. لكن أى كرامة لمخلوق!؟
كما يتبين من أقوال يوسابيوس هذا، أن انبثاق الروح القدس مرتبط فقط بإرساليته، أى كحدث زمنى. فمثلًا حينما قال السيد المسيح "متى جاء المعزى الذي سأرسله أنا إليكم من الآب روح الحق الذي من عند الآب ينبثق" (يو 15: 26). اعتبر يوسابيوس أن الروح القدس انبثق لكى يرسله الابن، أى أنه انبثق في الزمان وأرسل، وبهذا ألغى أزليته. وليت المدافعون عن أوريجانوس يدرسون كتابات يوسابيوس القيصرى المؤرخ وهو من أكبر المدافعين عن أوريجانوس ليكتشفوا خطأ دفاعهم.[2]
حاولت هنا أن أقدم عرض تاريخى عن الأحداث التي سبقت ظهور هرطقة مقدونيوس وأتباعه، والتي أدت إليها، والتداعيات التي أوصلتنا إلى مجمع القسطنطينية.
[1] Euseb. De Eccl. Theol. III. 6.