بسم الله الرحمان الرحيم

الحمد لله رب العالمين

والصلاة على سيدنا محمد أشرف المرسلين وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين

علما أن الكتاب المقدس عندما نزل أو كتبه الكتاب لم يكن حينها شكل الأرض معروفا ولا أنها تسبح في الفضاء وتجري مثل جريان الشمس والقمر ، وكان الإعتقاد السائد حينها أن الأرض ثابتة ومستوية ، ولا يمكننا لوم الكتاب المقدس أو تكذيبه إذا لم يشر إلى مثل هذه الحقائق التي كانت غريبة على المجتمع آنذاك، أما إذا كان قد أشار إليها فسنعرف أنه كلام الله الحق ، وأما إذا أعطى لها وصفا خاطئا فلا يكون هذا الكتاب إلا من تأليف البشر .

أولا: هل الأرض حقا معلقة على لا شيء ؟

جاء في سفر أيوب 26: 7
(يَمُدُّ الشَّمَالَ عَلَى الْخَلاَءِ، وَيُعَلِّقُ الأَرْضَ عَلَى لاَ شَيْءٍ)

هذا الذي يعتبره الكثير من اليهود والنصارى إعجازا ، بل هو خطأ فادح في الوصف لم يلاحظوه لأنهم ذهبوا يتخافتون وراء الإعجاز ، فالأرض غير معلقة كما يزعمون ولكنها تسبح في الفضاء كما ذكر القرآن الكريم تماما ، فالشيء المعلق يوحي لنا دائما بسكونه وثباته ، أما السباحة أو الجريان فتوحيان دائما بالحركة ، إذن فالأرض تجري مثل جريان الشمس والقمر وهي ليست معلقة

وسنفترض جدلا أن الأرض معلقة على لا شيء .... ولكن قد نسي أصحاب هذا الإعجاز ما جاء في نفس السفر :
(الْمُزَعْزِعُ الأَرْضَ مِنْ مَقَرِّهَا، فَتَتَزَلْزَلُ أَعْمِدَتُهَا) أيوب 9 عدد 6

إذا كانت الأرض معلقة على لا شيء فما معنى "مقرها" وما حاجتها إلى أعمدتها ؟ أم أن أعمدتها تحطمت فأصبحت معلقة على لا شيء ؟

وجاء كذلك في نفس السفر:

(أعمِدَةُ السَّماءِ تَتزعزَعُ وترتَعِدُ عَجبًا مِنْ تَهديدِهِ' ) أيوب 26 عدد 11

وجاء كذلك في نفس السفر:
( ليمسك باكناف الارض فينفض الاشرار منها) أيوب 38 عدد 13

أي أن الأرض لها أكناف أو أركان ! وإذا افترضنا أنه كان يقصد الإمساك بسطح الأرض فسطح الأرض غير قابل للإمساك...وهذا طبعا يوحي بأن الأرض ثابتة ومستقرة على مقرها.

وجاء كذلك في نفس السفر الفصل
4/ الأصحاح الثامن والثلاثون:
*4 أين كنت حين أسست الأرض ؟ أخبر إن كان عندك فهم
*5 من وضع قياسها ؟ لأنك تعلم أو من مد عليها مطمارا (المطمار هو كتلة تعلق في خيط لقياس استقامة البناء)
*6 على أي شيء قرت قواعدها ؟ أو من وضع حجر زاويتها (SVD)

فهذا يوضح بما لا يدع أي مجال للشك بأن فكرة رباعية الأرض وقواعدها وأساساتها وأعمدتها المتصلة مع السماء كانت راسخة عند كتبة الكتاب المقدس فقد افتروا على الله كذبا وضلوا وأضلوا

ثانيا: هل حقا يذكر الكتاب المقدس أن الأرض كروية ؟

يستدل الكثير من النصارى بنص سفر اشعياء 40/22 من أجل اثبات اعجاز الكتاب المقدس في وصفه لكروية الأرض

يقول النص في نسخته العربية ((الجالس على كرة الارض)) اشعياء 40/22

ولكن فلنراجع النص الأصلي بالعبرية ثم مختلف الترجمات الأجنبية :

أولا جاء في النص العبري:

22. הישׁב על־חוג הארץ וישׁביה כחגבים הנוטה כדק שׁמים וימתחם כאהל לשׁבת׃

بمراجعة القاموس العبري نجد أن كلمة (חוג) تعني دائرة أو حلقة ولا تعني كرة

وكلمة كرة هي موجودة بالفعل في القاموس العبري وهي (כַּדּוּר) ، ولكن هذه الكلمة غير مستعملة في النص الأصلي.

الترجمة الإنجليزية:

It is he that sitteth upon the circle of the earth, and the inhabitants thereof are as grasshoppers; that stretcheth out the heavens as a curtain, and spreadeth them out as a tent to dwell in:
Isaiah 40:22
الترجمة الفرنسية

C`est lui qui est assis au-dessus du cercle de la terre, Et ceux qui l`habitent sont comme des sauterelles; Il étend les cieux comme une étoffe légère, Il les déploie comme une tente, pour en faire sa demeure.
ESAÏE 40:22

وخلاصة القول هو أن الترجمة العربية هي وحدها التي تذكر كلمة كرة بدل دائرة !!

وبالتالي فكلمة كرة هي مجرد خدعة من مترجمي العهد القديم المفلسين الذين أرادوا ايهام الناس بوجود إعجاز من أجل الإبقاء على ايمان النصارى ما أمكنهم ، ويمكنكم تصور حجم الإحباط الذي سيصيب بعض النصارى السدج الذين خُدعوا بهذا الإعجاز الوهمي من طرف أناس نصابين يتاجرون في الأديان ، فلو كان هؤلاء الناس أنفسهم يؤمنون بأن العهد القديم كلام الله ما تجرؤوا على تحريفه وهم يعلمون.

وقد وردت كلمة دائرة في أسفار ومواضع كثيرة على سبيل المثال:
(هذِهِ هِيَ الأَرْضُ الْبَاقِيَةُ: كُلُّ دَائِرَةِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَكُلُّ الْجَشُورِيِّينَ) سفر يشوع 13/2

(وَجَاءُوا إِلَى دَائِرَةِ الأُرْدُنِّ الَّتِي فِي أَرْضِ كَنْعَانَ) سفر يشوع 22/10

هل كان المقصود دائرة الفلسطينيين أم كرة الفلسطينيين ؟ دائرة الأردن أم كرة الأردن ؟

وجاء في سفر الأمثال:
(لَمَّا ثَبَّتَ السَّمَاوَاتِ كُنْتُ هُنَاكَ أَنَا. لَمَّا رَسَمَ دَائِرَةً عَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ) الامثال 8 عدد27

وهل رسم دائرة على وجه الغمر أم رسم كرة على وجه الغمر ؟؟

وحتى لا يقولوا أن اللغة العبرية القديمة لم تكن تفرق بين الكرة والدائرة (أي أنه إعجاز بنسبة 50% أو نصف إعجاز)
فالسفر نفسه كان يفرق بين الكرة والدائرة حيث ورد في نفس السفر في الاصحاح 22 عدد 18:

He will surely violently turn and toss thee like a ball into a large country: there shalt thou die, and there the chariots of thy glory shall be the shame of thy lord's house.
Isaiah 22/18
وبالنص العبري:
צָנוֹף יִצְנָפְךָ, צְנֵפָה, כַּדּוּר, אֶל-אֶרֶץ רַחֲבַת יָדָיִם; שָׁמָּה תָמוּת, וְשָׁמָּה מַרְכְּבוֹת כְּבוֹדֶךָ--קְלוֹן, בֵּית אֲדֹנֶיךָ.
الكلمة العبرية: (כַּדּוּר)تعني كرة

وبالتالي كاتب سفر اشعياء كان يفرق بين الكرة و الدائرة أو الحلقة .

والمصيبة هو أن نفس السفر صاحب الإعجاز الإصطناعي يذكر أن للأرض أربعة أطراف:
(وَيَضُمُّ مُشَتَّتِي يَهُوذَا مِنْ أَرْبَعَةِ أَطْرَافِ الأَرْضِ.) اشعياء 11/12

(فكيف يكون للكرة أربعة أطراف ؟؟ )

وجاء في نفس السفر:
(الجالس على (كرة!) الارض و سكانها كالجندب الذي ينشر السماوات كسرادق و يبسطها كخيمة للسكن) اشعياء 40/22

(أي أن السماوات عبارة عن سرادق متصلة مع الأرض لتشكل خيمة!!)

لذلك يبدو أنهم قد نسوا أن لهذه الكرة المزعومة أربعة أطراف وأن السماوات هي لها كسرادق (جدران) تجعلها مثل خيمة ، فأنى للشيء الكروي أن يكون له جدران و أعمدة وأساسات وأربعة أطراف أو أن يصبح مثل الخيمة !!

وللإشارة فهناك بعض النصارى يدافعون عن هذا الإعجاز الإصطناعي أو ما يسمى بالترجمة الذكية للكتاب المقدس فقال أحدهم: ((لو لم تكن كرة ما ذكر الجلوس عليها ، لأن الجلوس يكون غالبا على شيء ثلاثي الأبعاد ، فلا بد أن تكون هذه الدائرة هي دائرة ثلاثية الأبعاد أي كرة ....))

أولا : بالإمكان الجلوس على أي شيء سواء كان مسطحا أو مرتفعا

ثانيا: حتى نتمكن من الجلوس على شيء مرتفع يجب أن يكون هذا الشيء مستقرا على شيء ثابت ، فإذا كانوا يقصدون بهذه الترجمة الذكية أن المعنى هو "الجالس على الكرة الأرضية" فالكرة الأرضية تسبح في الفضاء وهي غير مستقرة على شيء ثابت فلا يمكن اتخاذها كمجلس يُجلس عليه

ثالثا : إله العهد القديم حسب وصف هذا الشخص يجلس مثل جلوس الإنسان ، فسبحان الله وتعالى علوا كبيرا عما يصفون.


فتبارك الله رب العالمين الذي أشار إشارة رائعة في كتابه العزيز أن الأرض تسبح في الفضاء وتجري مثل جريان الشمس والقمر ، وذلك في آيات الليل والنهار والشمس والقمر ، علما أن الليل والنهار ما هما إلا هذه الأرض التي نسكن عليها التي نصفها المظلم هو الليل ونصفها الآخر المضيء هو النهار

{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (الأنبياء)

والفلك في معاجم اللغة يعني الشكل الكروي أو الشكل الوعائي المستدير المرتفع عن الأرض .

ونستنتج كذلك من الآية الكريمة أن شكل الأرض لها نفس شكل الشمس والقمر.

آيات الليل والنهار والشمس والقمر:

{ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} (الأعراف)

{
وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} (إبراهيم)

{
وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} ( النحل)

{وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (الأنبياء)

{
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} (لقمان)

{
يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (فاطر)

{
لا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} (يس)

{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُسَمًّى أَلا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} (الزمر)

{
وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} (فصلت)

سبحان ربك رب العزة عما يصفون
وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين