إسناده بعض الأحداث لأناسٍ في موطن، ثم إسناده نفس الأحداث لغيرهم من الأشخاص في موطن آخر. ومن ذلك قوله: قال الملأ من قوم فرعون إن هذا لساحرٌ عليم قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (الأعراف 7:109).

ولكنه يقول على لسان فرعون نفسه في نفس الموقف: قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ

هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (الشعراء 26: 34).

كذلك نجد في قصة إبراهيم أن البشرى بالغلام كانت لامرأته: "وَلَقَدْ جَاءَتْ

رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ … وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ" (هود 11: 69).

بينما نجد أن البشرى لإبراهيم نفسه "وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَماً قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ قَالُوا لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ" (الحِجْر 15: 51-53).

"هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ … فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلِيمٍ" (الذاريات

51: 24-28).

الجواب:

- فرعون أم ملئه ؟

لا يوجد ما يمنع أن يقول كل منهم ذلك، بل في تكرار قول الملأ الحرفي لما قال فرعون دليل طاعتهم الشديدة له، حتى بألفاظه حرفياً. وهذا أبلغ في بيان عِظَم إيمان سحرة فرعون ـ رضي الله عنهم ـ، فمَن كان في مجتمعٍ يتصف بالولاء المطلق لفرعون، ما الذي دفعه إلى الإيمان بالله جل جلاله، والاستشهاد في سبيله بلا نفع دنيوي ؟

وفيه تبكيت للملأ بكونهم مجرد أبواق، مقلدين إمعات يكررون كلام فرعون بلا فكر وروية..

وإشارة إلى صعوبة مهمة سيدنا موسى عليه السلام وحاجته إلى وجود سيدنا هارون عليه السلام وزيراً مسانداً له في دعوته لفرعون وملئه.

- البشرى لإبراهيم أم لزوجته؟

اختلف التعبير باختلاف المقام، وهذا طبيعي غير مستغرَب.. بل المستغرَب التكرار الحرفي.

من الطبيعي أن يجلس الضيوف مع سيدنا إبراهيم عليه السلام في البداية دون وجود زوجه. ولهذا فزوجه لم تحضر البشارة الأولى، فلما حضرت عندما أدخلت الطعام بشروها.

أي أن سيدنا إبراهيم عليه السلام سمع البشارة مرتين، مرة لوحده ومرة مع زوجه. أما زوجه فسمعتها مرة واحدة.

كأن يأتيك ضيف ويبشرك.. ثم يدخل أخوك ويبشره أمامك.