إلى متى الغفلـــــة؟!


الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

أختي المسلمة:

يقول الله تعالى: (اقتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مَّعْرِضُونَ)،فالذي يتأمل أحوال الناس في هذا الزمان ، يرى تطابق الآية تماماً مع واقع كثير منهم، وذلك من خلال ما يرى من كثرة إعراضهم عن منهج الله تعالى، وغفلتهم عن الآخرة وعمّا خلقوا من أجله، وكأنهم لم يخلقوا للعبادة والتوحيد ، وإنما خلقوا للدنيا وشهواتها، حتى وصل الأمر بكثير منهم أن تركوا كثيراً من أوامر الله تعالى بسبب تحصيل هذه الفانية:(يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غافلون)
وللأسف فقد مات عند الكثيرين من هؤلاء الشعور بالذنب، ومات عندهم الشعور بالتقصير، بل ربما لم يرد على خاطرهم أنهم مقصرون في أمور دينهم، وأن هناك الألوف من المعاصي والذنوب التي يرتكبونها صباحاً ومساءً ،ويظنونها لا تضرهم شيئاً ،وهي في الواقع قد تكون سبباً لهلاكهم وخسارتهم ،كما قال صل الله عليه وسلم : ( إياكم ومحقرات الذنوب فإنها إذا اجتمعت على العبد أهلكته)
وإن العبد ليعجب والله أشد العجب ! ألم يمل أولئك هذه الحياة؟ ألم يسألوا أنفسهم: ثم ماذا في النهاية؟
ماذا بعد هذه الحياة التافهة المملوءة بالمعاصي والموبقات؟
هل غفل أولئك عمّا وراء ذلك ؟هل غفلوا عن الموت والحساب، والقبر والصراط والنار والعذاب، أهوال وأهوال، وأمور عصيبة تشيب منها مفارق الولدان، سيعانون هذه الصعاب ، وسيقفون موقف الحساب
أما والله لو علم الأنـــام ****** لما خلقوا لما غفلوا وناموا
لقد خلقوا لما لو أبصرته ****** عيون قلوبهم تاهوا وهاموا
ممات ثم قبر ثم حشـــــر ****** وتوبيخ وأهــــــوال عظام وأورثت الحسرات، متاع قليل ثم عذاب أليم ، فهل من عاقل يعتبر وبتدبر ويعمل لما خلق له، ويستعد لما أمامه.
أختي المسلمة : قفي مع هذه الكلمات ، وراجعي نفسك وحاسبيها، وانظري كيف أنت في هذه الحياة،هل أنت من أولئك اللاهين الغافلين أم لا ؟ هل تسيرين في الطريق الصحيح الموصل إلى رضوان الله تعالى وجنته، أم أنك تسيرين وفق رغباتك وشهواتك حتى ولو كان في ذلك شقاؤك وهلاكك؟
أختي المسلمة: إياك إياك أن تغتري بهذه الدنيا وتركني إليها،وتكون هي همك وغايتك، فإنك مهما عشت فيها ، ومهما تنعمت بها، فإنك سترحلين عنها لا محالة، فيا أسفاً لك أنك _أخيتي_ إذا جاءك الموت ولم تتوبي ، ويا حسرة لك إذا دعيت إلى التوبة ولم تجيبي ، فكوني يا أخت الإسلام عاقلة ، واعملي لما أنت عليه قادمة، فإن أمامك الموت سكراته،والقبر وظلماته، والحشر وشدائده وأهواله ، فكل هذه الأهوال ستواجهينها حتماً ، وستقفين بين يدي الله تعالى، وستسألين عن أعمالك كلها، وستقفين بين يدي الله تعالى ، وستسألين عن أعمالك كلها صغيرها وكبيرها (فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ *عما كانوا يعملون)
فبادري ما دمت في زمن الإمهال ، بالتوبة والإنابة والرجوع إلى الله تعالى، وتذكري أولئك الذين خرجوا من الدنيّا ، ماذا أخذوا معهم،لم يأخذوا معهم أي شيء، ولن ينفعهم شيء سوى عملهم الصالح ، وأنت يا أمة الله ستخرجين من هذه الدنيّا كما خرجوا، فاسألي نفسك: هل قدمت من العمل الصالح ما ينفعك في يوم الوقوف بين يدي الله تعالى؟
ألا فأنقذي نفسك من النار مادام الأمر بيدك قبل أن تقولي: (رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ)
وفقني الله وإياكن وجميع المسلمين لما يحب ويرضى، وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، إنه ولي ذلك والقادر عليه .
وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.