كتب عمر القليوبي ومحمد رشيد (المصريون) : بتاريخ 17 - 7 - 2006

فيما يعد اعترافًا رسميًا من الدولة بالأنبا ماكس ميشيل الملقب بماكسيموس الأول، الذي نصَّب نفسه أسقفًا للأقباط الأرثوذكس في مصر والشرق الأوسط، وافقت مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية على إصدار بطاقة رقم قومي له يحمل فيها مسماه الوظيفي "رئيس أساقفة المجمع المقدس للأقباط الأرثوذكس في مصر والشرق الأوسط".
ومثلت تلك الخطوة - التي شكلت مفاجأة للمتابعين - دعمًا كبيرًا لماكسيموس في صراعه مع الكنيسة الأرثوذكسية التي يتزعمها البابا شنودة الثالث، من خلال استخدامه الوثيقة الرسمية المعتمدة من الدولة كمستند في الدعاوى القضائية المرفوعة ضده، حسبما رجحت مصادر مطلعة.
وأشارت إلى أن ماكسيموس استطاع الحصول على هذه الوثيقة الرسمية، بعد استيفائه جميع الأوراق الرسمية وتقدمه بأوراق لمصلحة الأحوال المدنية تحمل تصديق وزارة الخارجية المصرية على التأشيرات الأمريكية بإقامة هذه الكنيسة.
من جانبه،وفي رد فعل عنيف وغاضب حث المستشار نجيب جبرائيل محامي البابا شنودة على المطالبة محاكمة المسئولين بمصلحة الأحوال المدنية عن إصدار بطاقة الرقم القومي لماكسيموس، مؤكدًا أنه كان ينبغي عليهم العودة إلى الرئاسة الدينية للأقباط الأرثوذكس في مصر متمثلة في شخص البابا شنودة، الذي يعد الجهة الوحيدة المنوط بها رسامة الأساقفة على حسب رأيه ، خصوصًا أن الأنبا المنشق يستطيع أن يحتج بهذه البطاقة على عدم اعتراف الكنيسة بالبابا شنودة نفسه.
وأوضح جبرائيل أنه سيقوم برفع دعوى تزوير ضد ماكسيموس وما وصفهم المتورطين معه من مصلحة الأحوال المدنية، مطالبًا اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية بالتحقيق في هذه الواقعة.
وعلمت "المصريون " أن قلقا بدأ يسود الأوساط الدينية بالكنيسة خاصة بين الكهنة والقساوسة المقربين من البابا ومن الذين استفادوا من رئاسته للكنيسة عبر الثلاثين عاما الماضية، من أن يكون استخراج بطاقة رقم قومي لماكسيموس ، قد جاءت من قبل قوى داخل السلطة ترغب في تهميش دور البابا شنودة السياسي والديني وتخويفه من إمكانية عزله في أي وقت بتحريك ماكسيموس والذي بحوزته مستندات ووثائق يمكن استخدامها للاعتراف بشرعيته .
وأشارت المصادر إلى أن قوة البابا شنودة بعد ظهور ماكسيموس ليست هي بالتأكيد التي كان عليها قبل ظهوره ، وقالت إن اختلال ميزان القوى الذي كان لصالح الكنيسة طوال السنوات العشرة الأخيرة ، ربما يكون الآن قد تغير تماما لصالح السلطة ، بعد ظهور بوادر انشقاقات قد تتسع بمضي الوقت كلما ساءت حالة البابا الصحية ، لافتة إلى أن ما أسمتهم "خصوم" البابا كثيرون من رجال دين تم شلحهم بقرارات صدرت من البابا نفسه ، لاختلافهم معه في أسلوب إدارة الكنيسة دينيا وماليا ، مرجحة أن يشارك الخصوم في المستقبل القريب في قيادة وتحريك القوى المناوئة للبابا والتي ظلمت في عهد ، وهي الحالة ـ بحسب المصادر ـ التي ستعزز من حاجة البابا للسلطة لحمايته ، وهي المرحلة التي سيستغلها النظام لوضع حد للضغوط والابتزازات التي دأبت الكنيسة على الاعتماد عليها كلما تأزمت العلاقات بينهما .
وكان عدد من المفكرين الأقباط قد أكدوا في تصريحات سابقة لـ "المصريون" حق الأنبا ماكسيموس في تأسيس مجمع جديد للطائفة الأرثوذكسية في مصر، انطلاقا من مبدأ حرية العقيدة والرأي التي كفلها الدستور، ولأنه لم يصطدم مع تعاليم المسيحية رغم مخالفته لبعض مبادئ وتقاليد الكنيسة الأرثوذكسية المصرية.
ونفى الدكتور إكرام لمعي أستاذ علم مقارنة الأديان أن يكون ماكسيموس قد خالف العقيدة المسيحية بانشقاقه عن كنيسة البابا شنودة، وقال إنه سعى فقط لتشكيل طائفة أرثوذكسية جديدة في مصر عبر الكنيسة الأرثوذكسية في الولايات المتحدة، والتي ترتبط أصولها بالكنيسة الأرثوذكسية اليونانية.
وأكد أن من حق ماكسيموس تأسيس طائفة مسيحية في مصر على غرار طوائف السريان الأرثوذكس والأرمن الأرثوذكس وغيرها من الطوائف المسيحية الأخرى، لكنه قلل في ذات الوقت من قدرته على منافسة البابا شنودة عبر تأسيس مجمعه المقدس الجديد، مشيرًا إلى أن الكنيسة الأرثوذكسية مترسخة في جذور المجتمع المصري.
من جانبه، رأى الدكتور كمال زاخر المفكر القبطي أن وسائل الإعلام ضخمت هذا الحدث أكثر من اللازم، مؤكدًا أن من حق ماكسيموس تأسيس هذه الطائفة ومن حق أي شخص أن يعتقد ما يشاء ما دام لن يضر غيره.
أما المفكر والكاتب جمال أسعد فأكد أنه لا يرى مبررًا لهذا الهجوم على ماكسيموس، مشيرًا إلى أنه من حقه إقامة ما يشاء من طوائف في مصر مادام لم يخالف الإنجيل.
وأضاف قائلاً: مادام ماكسيموس قد حصل على ترخيص بفتح فرع للكنيسة الأرثوذكسية الأمريكية هنا في مصر فمن حقه ذلك ، مثلما فعلت الطائفتان الكاثوليكية والبروتستانتية اللتان جاءتا مع الحملتين الفرنسية والبريطانية على مصر.
وأشار إلى أن الأخطر في هذه القضية هو أن ماكسيموس يستند إلى نصوص دينية ولائحة 38 فيما يتعلق بآرائه في زواج الأساقفة والمطلقين من الأقباط، مؤكدًا أنه لم يخالف المسيحية ، إلا أنه رفض في الوقت ذاته الانضمام إلى كنيسته.

http://www.almesryoon.com/ShowDetail...D=21158&Page=1